حزب الفلول: ثورة ديسمبر ثورة صبيانية مدفوعة بالعمالة..!
تاريخ النشر: 12th, August 2024 GMT
ما كان أغنانا عن التعرّض لما تقوله "سناء حمد" لولا أن ما تقوله هو من صميم قناعة الفلول وأهداف حزبهم وحركتهم الإظلامية ورؤيتهم الحقيقية للأمور والأحوال..! فهي عندهم في موقع القيادة؛ وإلا لما أرسلوها "هي بالذات" لتستجوب جنرالات الجيش وقادته..وما أسرع أن هرع إليها الجنرالات واحداً بعد الآخر.. خائفين مذعورين و"مُهطعين مُقنعي رؤوسهم لا يرتدُّ إليهم طرفُهم وأفئدتُهم هواء" وهم خانعون في انحناء واستخذاء.
ولكن ما نقلته وسائط الإعلام من منشور كتبته هذه المرأة يدخل في باب (الخطيئة الكبرى)..! كما يكشف من جانب آخر عن الأسباب الحقيقية لهذه الحرب الملعونة التي حاولوا الالتفاف على دوافعها وأغراضها منذ أن بدءوا إشعالها..فهذه المرأة ترى كما ذكر منشورها أن ثورة ديسمبر (ثورة صبيانية دافعها الوحيد هو التشفي والعمالة واستدراج للشعب ليقطع شجرة المؤتمر الوطني التي أظلت الشعب وأطعمته حتى اشتد عوده)...!
من يصدق أن هذه المرأة قالت هذا الذي قالته عن ثورة ديسمبر..؟! وعن الجميل الذي أسدته جماعة الإنقاذ و"شجرتهم الملعونة" التي أطعمت الشعب السوداني (الجاحد) حتى أشتد عوده..؟!!
إذن هذا هو رأي الفلول في ثورة ديسمبر.. إنها ثورة صبيانية..! ولا حول ولا قوة الا بالله..!! ثورة ديسمبر العظمى التي قامت من صميم هذا الشعب في كل مدن السودان وقراه، والتي بذل فيها الشعب بشبابه وكهوله ونسائه ورجاله وشبابه وأطفاله دماءهم الذكية قرباناً للحرية والعدالة والسلام؛ وواجه فيها أبناء وبنات الشعب بأياديهم العارية آليات الرعب والموت ومجنزرات ودبابات وتاتشرات القهر والظلام وقابلوا بصدورهم العارية الحديد والسلاح والدانات والمتفجرات والمدافع كانت "ثورة صبيانية مدفوعة بالعمالة وبالتشفي من المؤتمر الوطني (الذي اطعم الشعب وسقاه)..!
هل هناك خطيئة اكبر من هذا الذي قالته هذه المرأة وهي تقوم بكل هذا التزييف المفضوح الأرعن..؟! وهي تعلن بكل ما في الدنيا من بجاحة عن استهانتها واستخفافها بأرواح شهداء الثورة الأبرار ودمائهم الذكية..وتهبط إلى هذا الدرك من الإسفاف لتهزأ من كل هذه التضحيات الجسيمة الغالية والذود بالأرواح من فتية في عمر الورود وريعان الشباب وتصف ثورتهم بأنها "ثورة صبيانية" استدرجت الشعب ليثور على مؤتمرها الوطني..وما مؤتمرها الوطني..إلا المعقل الأبرز في عالم الإجرام والخراب والفساد والفجور..!.
ثورة ديسمبر العظمى المباركة التي أشاد بذكرها العالمين ثورة صبيانية ووهذه المرأة تقول إنها (خسارة دفع ثمنها الشعب بافتقاده للمؤتمر الوطني..البدر الذي غاب في الليلة الظلماء)..!
ثم تمضي هذه المرأة في التغزل بـ(شجرة المؤتمر الوطني) وهي لا تدري أن الضمير الوطني والوجدان الشعبي لا يرى في مؤتمرها الوطني غير أنه منذ إطلالته القبيحة (السنيحة) على الحياة السودانية لم يكن غير (نذير شؤم) جاء بالفساد والدماء والخراب..وأن شجرته شجرة ملعونة (تخرج من أصل الجحيم) بطلعها الذي ( كأنه رءوس الشياطين)...!
ثم تمضي هذه المرأة للتهديد بعودة فلولها ومؤتمرها خصيم الوطنية وتقول حرفياً: (سيعود البدر ليذيق الناس ظلمات غيابه).,..! ورغم الأسلوب الركيك عن (البدر الذي يعذّب الناس ويذيقهم الظلمات) بدلاً من أن يبددها..إلا أنها تنطق بلسان وأحلام الفلول في العودة للبطش بالشعب..لأنه ثار على نظامهم الفاسد..! هل هناك تهديد أصرح من هذا في أنهم سيعودون ليذيقوا الناس العذاب..!
ألا تزال هذه المرأة تنتظر رأي الناس في حزبها وجماعتها بعد ثورة ديسمبر العظمى التي اختبأت هي وجماعتها خلالها في الجحور وبعضهم حمل ساقيه هارباً إلى الخارج ليلحق بما نهبه من مال..؟!
هذه المرأة كل خوفها وخشيتها من الثورة التي تدعو إلى تحقيق الحرية وإقامة موازين العدالة والمساواة وحكم القانون..! وهي تعبّر تعبيراً صادقاً عن موقف الفلول الذي يرى أن المشكلة ليست في الدعم السريع ولا في تشريد الناس وخراب الوطن وتهديم آخر جدار فيه...ولكن المشكلة كل المشكلة في الثورة والحكم المدني والعدالة وملاحقة المفسدين والقتلة وانتهاء عهود التمكين الذي يأتي بالمحاسيب والقرابات والأصهار والعاهات إلى مناصب الدولة العليا والاستوزار؛ وليس بمعايير الكفاءة والفرص المتساوية..وحيث تجري الأمور في الظلام تحت شجرة الفساد العجفاء..!
هذا هو ذات المنطق الذي بدر من هذه المرأة عندما قالت إن التفاوض مع الدعم السريع تؤكده (نصوص الدين القطعية) ولكن مفاوضة المدنيين لم ترد (لا في الكتاب ولا السنّة).. الله لا كسّبكم..!
مرتضى الغالي
murtadamore@yahoo.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: ثورة دیسمبر هذه المرأة
إقرأ أيضاً:
بعض الناس أغنياء جدا: هل حان وقت وضع سقف للثروة؟
في عالم يزداد فيه عدد الفقراء، تتسارع وتيرة تراكم الثروة لدى فئة صغيرة من البشر، في ما بات يعرف "بالثراء الفاحش". هذا المصطلح لم يعد مجرد وصف للنجاح المادي، بل تحول إلى تحد أخلاقي وسياسي واجتماعي عميق، وهي الفكرة التي ينطلق منها الفيلسوف السياسي الهولندي ديك تيمر في طرحه الجذري. يتساءل تيمر: "الجميع يريد حل مشكلة الفقر، ولكن هل يمكن أن تشكل الثروة مشكلة أيضا؟ وهل ينبغي وضع (عتبة للثروة) كما يوجد خط للفقر؟".
في أطروحته وكتاباته، يجادل ديك تيمر بقوة لمصلحة ضرورة تقييد الثروة، مؤكدا أن "ما لا يدركه كثيرون هو أن الثراء الفاحش مشكلة تتطلب مواجهة واضحة وحلولا جذرية، يجب أن يكون في مقدمتها فرض حد أقصى للثروة".
يشغل ديك تيمر منصب أستاذ مساعد في الفلسفة الأخلاقية والسياسية بجامعة دورتموند التقنية في ألمانيا. ترتكز أبحاثه على مفاهيم العدالة التوزيعية، وأخلاقيات الاقتصاد، وتغير المناخ، والمسؤولية الأخلاقية تجاه الأجيال القادمة. يحمل تيمر شهادتي بكالوريوس وماجستير في الفلسفة، بالإضافة إلى بكالوريوس في الدراسات الدينية واللاهوت من جامعة أوتريخت بهولندا، قبل أن ينال درجة الدكتوراه عن أطروحته "العتبات والحدود في نظريات العدالة التوزيعية" تحت إشراف الفيلسوفة إنغريد روبينز، كما عمل أستاذا زائرا في العديد من الجامعات الهولندية.
إعلانفي مايو/أيار المنصرم، صدر كتابه الأول بعنوان "بعض الناس أغنياء جدا" الذي يبحث في المعنى الحقيقي للمساواة وكيفية تحقيقها، وهو يعكف حاليا على إعداد كتابه الثاني عن ضريبة الميراث، الموضوع الذي يرى تيمر أنه يجمع كل أسئلة الفلسفة الكبرى. في كتابه، يفند تيمر الأفكار الراسخة حول فاعلية الأسواق وقدسية الملكية الخاصة، ويطرح رؤية جديدة للمساواة تتجاوز الأرقام، مركزا على الأبعاد الأخلاقية والاجتماعية للتفاوتات الاقتصادية.
لتوضيح حجم الفجوة، تستشهد الصحفية الهولندية كارولين كرايفانغر، عبر منصة "Scientias" العلمية، بأرقام صادمة؛ فقد بلغت ثروة جيف بيزوس، مؤسس أمازون، ما يقرب من 200 مليار دولار. ولتقريب هذه الصورة، فإن هذا المبلغ يعادل ما يمكن أن يجنيه شخص يتقاضى 250 ألف دولار يوميا منذ ميلاد المسيح! ولم تزد الجائحة عام 2020 الأثرياء إلا ثراء، إذ أضاف أغنى 500 شخص في العالم ما مجموعه 1.8 تريليون دولار إلى ثرواتهم، لتبلغ ثروتهم الإجمالية 7.6 تريليونات دولار. في المقابل، يعيش أكثر من 800 مليون شخص على أقل من دولارين في اليوم.
أين تكمن المشكلة؟يقر تيمر أن عدم المساواة بحد ذاته ليس بالضرورة ظالما، إذ يمكن تبريره أحيانا بالموهبة أو الكفاءة. لكن المشكلة تبدأ، من وجهة نظره، حين ينقطع الرابط بين الجهد والمكافأة، وتصبح الفجوة بين الأغنياء والفقراء بهذا الحجم الهائل، فتتحول إلى قضية أخلاقية تهدد تماسك المجتمعات.
يحذر تيمر من التأثير السياسي غير المتكافئ الذي يمارسه الأثرياء، مشيرا إلى تبرعاتهم بملايين اليوروهات للأحزاب السياسية، مما يجعل النفوذ السياسي في أيدي القلة، وهو ما يتنافى جوهريا مع مبادئ الديمقراطية التي تقوم على المساواة في الصوت والتأثير.
في أطروحته، يدعو تيمر إلى فرض حد أقصى للثروة، ليس فقط لضبط التفاوت، بل لإعادة استثمار هذه الأموال في خدمات حيوية للمجتمع مثل الرعاية الصحية، والتعليم، والبنية التحتية. كذلك يربط بين أسلوب حياة فاحشي الثراء وتأثيره المدمر على البيئة، إذ يسهمون بشكل غير متناسب في الانبعاثات الكربونية، مما يجعل فرض ضرائب بيئية عليهم ضرورة إضافية.
إعلانلكن، هل يوجد دعم اجتماعي لمثل هذه الدعوات؟ يستشعر تيمر حماسة متزايدة في المجتمع للانتقادات الموجهة للشركات المتعددة الجنسيات، لكنه يلمس ترددا في الوقت ذاته، ويظهر ذلك في الانبهار بسباق الفضاء الذي يشارك فيه جيف بيزوس.
كما أن فكرة تحديد سقف للثروة تثير أسئلة عملية كثيرة: هل يكون الحد 10 ملايين؟ أم 100 مليون؟ وأين يقع الخط الفاصل الذي تتحول عنده الثروة من إنجاز فردي إلى مشكلة عامة؟
يبدو المجتمع نفسه منقسما. ففي هولندا، أظهرت دراسة أن 80% من الناس لا يرون ضرورة لفرض حد للثروة، لكن هذه النسبة تتغير بشكل لافت عندما يطرح السؤال بصيغة مختلفة: "هل تفضل أن تذهب الأموال إلى الأثرياء أم إلى الخدمات العامة؟"، حينها فقط يميل كثيرون إلى الخيار الثاني.
في نقاشاته العامة، مثلما حدث على منصة "باك هاوس دي زفايخر"، يوسع تيمر من نطاق تحليله، مؤكدا أن اللامساواة هي المشكلة الرئيسية التي تواجه مجتمعات مثل هولندا، حيث تفاقمت الفجوة بين الأغنياء والفقراء لتشمل كل جوانب الحياة، من التعليم إلى السكن، ومن سوق العمل إلى الرعاية الصحية.
ولا يقتصر الأمر على الحدود الوطنية؛ فعلى مستوى العالم، يمتلك الرجال 105 تريليونات دولار أكثر من النساء، أي ما يقرب من 4 أضعاف حجم الاقتصاد الأميركي. كذلك تهدد الحروب حياة الفئات الأكثر ضعفا، بينما يعيش مئات الملايين في فقر مدقع، ولا يحصل مليار طفل على أحد احتياجاتهم الأساسية من غذاء أو رعاية طبية أو تعليم.
هذه الفجوة دفعت الفيلسوف تيد هوندريش إلى القول: "لو زارت كائنات فضائية كوكبنا، لاعتقدت أن هناك أنواعا مختلفة من البشر". ويظهر ذلك في تفاوت متوسط العمر المتوقع الذي يقارب 30 عاما بين دول مثل نيجيريا وتشاد (53 عاما) ودول مثل هولندا (82 عاما).
إعلانبالإضافة إلى ذلك، فإن هذا التفاوت يتجاوز جيلنا الحالي، فالخيارات التي نتخذها الآن، من تغير المناخ إلى الاستقرار الاقتصادي والسياسي ومستوى المعاشات التقاعدية، تشكل العالم الذي ستعيش فيه الأجيال القادمة، فالقوة في أيدينا، لا في أيديهم.
ورغم أن الوعي يتزايد بخطورة تركيز الثروة في أيدي القلة، فإن الإجراءات الفعلية لا تزال محدودة. يشير تيمر إلى أن الطريق نحو تقنين حد للثروة لا يزال طويلا ومملوءا بالعقبات السياسية والاجتماعية، لكنه يؤمن أن خوض هذه المعركة أصبح ضرورة حتمية للحفاظ على العدالة، والاستقرار، ومستقبل الديمقراطية.