[email protected]
بقلم/ حسين بَقَيرة - برمنغهام
قال تعالى: "الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف" (صدق الله العظيم، سورة قريش، الآية 4).
جاء الأمن من الخوف في الآية مقترنًا بإطعام من الجوع لإبراز أهميته القصوى؛ فلا يمكن العيش دون أمن وغذاء، كما لا يمكن للإنسان أن يتذوق طعم الحياة بدون الأمان، تمامًا كما يحتاج للطعام ليقيه من الجوع.
تقاعس المجتمع الدولي بشكل كبير في حماية المدنيين العزل في السودان عمومًا، ودارفور خاصةً، ومدينة الفاشر المحاصرة من قبل مليشيا الجنجويد لأكثر من ثلاثة أشهر بصورة اخص، يُعد بمثابة إعطاء الضوء الأخضر لمليشيا الدعم السريع الإرهابية للاستمرار في ارتكاب المزيد من الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب والإبادة الجماعية ضد المواطنين السودانيين. ما حدث في مدينة الجنينة، حيث دفن الناس وهم أحياء، يتكرر الآن في الفاشر. القصف المتعمد على الأحياء المكتظة بالسكان، والأسواق، والمستشفيات، والمناطق الحيوية أدى إلى تدمير كل شيء، ما لم يتحرك المجتمع الدولي عاجلا، سيؤدي هذا التواطؤ الدولي حتمًا إلى إبادة ما تبقى من الشعب السوداني في الفاشر ومدن أخرى، إضافة إلى النازحين في الأرياف والجبال والوديان الذين يبحثون عن الأمان في مناطق خالية من الحياة والخدمات.
بهذا، يكون المجتمع الدولي، ممثلًا في أمريكا والمملكة المتحدة والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، قد شرعن قصف المدنيين بطريقة غير مباشرة بفشله الذريع في وقف هذه الانتهاكات الشنيعة.
الشعب الدارفوري بأكمله يرى أن ما يجري في أروقة المجتمع الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية هو تماطل متعمد يمنح المليشيا المزيد من الوقت لاستمرار جرائمها ضد الشعب السوداني. هذا التقاعس يعكس فشل وعجز المجتمع الدولي في الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين. ويرى الشعب الدارفوري أن المجتمع الإقليمي والدولي يستغل هذه الحرب اللعينة لتنفيذ أجنداته دون أي وازع إنساني. إنها معركة مؤجلة ضد السودان وشعبه، ويبدو أن الوقت قد حان لتنفيذها عبر مليشيا الدعم السريع وكفيلها الإماراتي.
إن المسرحية المتوقعة لمفاوضات جنيف في 14/08/2024، التي دعت لها الولايات المتحدة الأميركية، تسعى لمساواة مليشيا الدعم السريع الإرهابية بالقوات المسلحة السودانية بطريقة مستفزة ومهينة لشعبنا العظيم. فبدلاً من دعوة الحكومة السودانية، اختزلوا الحكومة السودانية في الجيش بطريقة مخلة ومقصودة. الدعوة للتفاوض هي كلمة حق أريد بها باطل، بهدف خلق فتنة بين شرفاء الشعب السوداني.
إذا كان المجتمع الدولي جادًا في البحث عن الحلول ووقف معاناة الشعب المغلوب على أمره، فما الذي يمنعه من تسمية أطراف التفاوض في مفاوضات جنيف المقبلة بأنها: حكومة السودان، حركات الكفاح المسلح، المقاومة الشعبية من جانب، ومليشيا الدعم السريع من جانب آخر؟ بمان المليشيا الدعم السريع الأرهابية ليست لها مكانة مستقبلية في السودان ، لما لا يكون التفاوض علي استسلام مليشيا فقط؟من الواضح أن الولايات المتحدة الأميركية تسعى لخلق فتنة بين الشرفاء من أبناء الوطن من حركات الكفاح المسلح، المقاومة الشعبية، والقوات المسلحة الذين يحمون الشعب السوداني من براثن الجنجويد وأعوانهم.
الحكومة السودانية قامت باختيار أنبل الوطنيين ليرأس وفد التفاوض مع الأمريكيين في جدة بشأن تحديد الأولويات والتحضير لمفاوضات جنيف. في حينه، ظهر على الساحة من خانوا شعوبهم من قبل وأصبحوا أبواقًا للجنجويد والدول الأجنبية، أمثال مبارك الفاضل وخالد سلك وغيرهم، الذين أبدوا انزعاجهم من اختيار الوفد برئاسة محمد بشير أبو نمو، وزير المعادن بالحكومة القومية، ناسين أو متناسين أن الوزير يمثل الحكومة السودانية. خلل النخب النيلية يتمثل في عدم قدرتهم على تجاوز محطاتهم القديمة، على الرغم من أن الضحايا قد تجاوزوها وأثبتوا للعالم أن قادة حركات الكفاح المسلحة أكثر وطنية ونضجًا سياسيًا من الأحزاب التقليدية الموروثة بعلاتها الشنيعة التي أقعدت السودان وجعلته في تراجع مستمر حتى أوصلتنا إلى عهد الإبادة الجماعية.
كثير من العوائق والعراقيل التي يتعرض لها الشعب السوداني تأتي من الدول الإقليمية، مثل الحكومة التشادية. فالرئيس محمد إدريس ديبي، الذي يلعب دورًا مخزيًا ضد من ساعدوا والده الرئيس الراحل إدريس ديبي إبان ثورته. هذا الابن، الذي ورث الحكم من والده الشهيد، أصبح يقدس كرسي السلطة، وفي سبيل ذلك لا يبالي حتى لو أفنى العالم بأجمعه.
الشعب التشادي لم ولن ينسى ما قام به الدارفوريون من أعمال جليلة تجاه دولة تشاد، كما أن الدارفوريين لن ينسوا أدوار محمد كاكا المذلة الداعمة لمليشيات الدعم السريع المأجورة تنفيذًا لرغبات دويلة الإمارات العربية المتحدة. المؤكد أن كل من شارك في هذه الجرائم سيحاسب عاجلًا أم آجلًا، والتاريخ لا يرحم. نراه قريبًا، ويرونه بعيدًا.
تحية الصمود والتقدير لأبناء وبنات السودان الشرفاء المناضلين في الصفوف الأمامية من القوات المسلحة السودانية، والقوة المشتركة، وقوات القشن، وقوات ارت ارت، والمقاومة الشعبية الذين سطروا أروع البطولات في معركة مدينة الفاشر يوم السبت 10/08/2024، وجعلوا مليشيا الدعم السريع الإرهابية تجرجر أذيال الهزيمة.
رحم الله شهداءنا، والشفاء العاجل لجرحانا، والنصر حليفنا بإذن الله.
الشعب الدارفوري قال كلمته، ورسالته واضحة البيان خلال معركة الفاشر الكبرى تجاه ما يسمى بمفاوضات جنيف والمؤامرات المحاكة ضد السودان. على المجتمع الدولي الكف عن شرعنة الإبادة الجماعية بمساعدة الجنجويد في إبادة الشعب السوداني. واجب الضمير الإنساني يتطلب من الجميع، بما فيهم الدول النافذة، الوقوف مع الشعب السوداني الأعزل في فك حصار مدينة الفاشر والتخلص من إرهاب مليشيا الجنجويد، وذلك بإدراج قوات الدعم السريع ضمن المنظمات الإرهابية وإجبارها على الخروج من منازل المواطنين ووقف قصفها المتعمد لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. أكاد أجزم أنه إذا أرادت الحكومة الأمريكية وقف المأساة في السودان، لكان بإمكانها فعل ذلك خلال ساعات معدودة، ولكن ما خفي كان أعظم. ما لا يعلمه الأمريكيون: أن إرادة الشعوب لا تُقهر، وذاكرة الأمم الصادقة لا تنسى، والنصر آتٍ ولو كره الكارهون.
بقلم/ حسين بَقَيرة
بريطانيا - برمنغهام
الاثنين الموافق 12/08/2024
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: ملیشیا الدعم السریع الحکومة السودانیة المجتمع الدولی الشعب السودانی
إقرأ أيضاً:
الاتحاد الإفريقي يحذر من تقسيم السودان ويرفض الاعتراف بالحكومة الموازية لـالدعم السريع
رفض الاتحاد الإفريقي الاعتراف بالحكومة الموازية التي أعلنتها قوات الدعم السريع في السودان، محذرا من خطر تقسيم البلاد وتداعيات ذلك على جهود السلام، وداعيا المجتمع الدولي إلى عدم التعامل مع الكيان الجديد. اعلان
دعا الاتحاد الإفريقي إلى عدم الاعتراف بالحكومة الموازية التي أعلنتها قوات الدعم السريع في السودان، محذرًا من تداعيات هذه الخطوة على وحدة البلاد وجهود السلام الجارية، في وقت تتصاعد فيه الأزمة الإنسانية نتيجة الحرب المستمرة منذ أكثر من عام.
تحذير من تقسيم السودانوفي بيان له، دعا مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي "جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الإفريقي والمجتمع الدولي إلى رفض تقسيم السودان وعدم الاعتراف بما يُسمى الحكومة الموازية" التي شكلتها قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو المدعو "حميدتي".
وأكد البيان أن هذه الخطوة "ستكون لها عواقب وخيمة على جهود السلام ومستقبل السودان"، منددا مجددا بـ"جميع أشكال التدخل الخارجي التي تؤجج النزاع السوداني، في انتهاك صارخ" لقرارات الأمم المتحدة.
حكومة موازية وسط رفض محلي ودوليوأعلنت قوات الدعم السريع يوم السبت 26 تموز/يوليو تشكيل حكومة موازية تتألف من 15 عضوا، يرأسها حميدتي، ويتولى عبد العزيز الحلو، زعيم "الحركة الشعبية لتحرير السودان"، منصب نائب رئيس المجلس الرئاسي. كما تم تعيين محمد حسن التعايشي رئيسا للوزراء، والإعلان عن حكام للأقاليم، وذلك خلال مؤتمر صحفي عقد في مدينة نيالا، كبرى مدن إقليم دارفور.
وكان حميدتي قد أعلن في نيسان/أبريل الماضي، في الذكرى الثانية للحرب الأهلية، نيته تشكيل "حكومة السلام والوحدة"، مؤكدا أن التحالف الجديد يمثل "الوجه الحقيقي للسودان"، مع وعود بإصدار عملة ووثائق هوية جديدة، واستعادة الحياة الاقتصادية.
وقد أعربت الأمم المتحدة في حينه عن قلقها العميق من خطر "تفكك السودان"، محذّرة من أن مثل هذه الخطوات ستؤدي إلى تصعيد إضافي في النزاع وترسيخ الأزمة.
Related 30 قتيلاً بينهم نساء وأطفال.. اتهامات لقوات الدعم السريع بتنفيذ هجوم على مدنيين في السودان11 قتيلًا في هجوم دموي لقوات الدعم السريع بشمال كردفانعبر تذاكر مجانية.. مبادرة مصرية لإعادة اللاجئين السودانيين من القاهرة إلى الخرطوم اتهامات لـ"الدعم السريع" باستهداف المدنيينوقبل أيام، اتهمت مجموعة "محامو الطوارئ" السودانية، المعنية بتوثيق الانتهاكات خلال الحرب المستعرة في البلاد، قوات الدعم السريع بارتكاب مجزرة راح ضحيتها 30 مدنياً على الأقل، بينهم نساء وأطفال، خلال هجوم استمر يومين على قرية بريما رشيد بولاية غرب كردفان.
وذكرت المجموعة، في بيان صدر الجمعة 25 تموز/يوليو، أن الهجوم وقع يومي الأربعاء والخميس واستهدف القرية الواقعة قرب مدينة النهود، وهي منطقة استراتيجية لطالما شكلت نقطة عبور للجيش السوداني في إرسال التعزيزات نحو الغرب. وأسفر اليوم الأول من الهجوم عن مقتل ثلاثة مدنيين، بينما ارتفع عدد الضحايا في اليوم التالي إلى 27.
وأكد البيان أن "من بين القتلى نساء وأطفال، ما يجعل من الهجوم جريمة ترقى إلى انتهاك جسيم لقواعد القانون الدولي، لاسيما من حيث الاستهداف المتعمد والعشوائي للمدنيين".
وفي تطور خطير، اتهمت المجموعة قوات الدعم السريع باقتحام عدد من المنشآت الطبية في النهود، بينها مستشفى البشير والمستشفى التعليمي ومركز الدكتور سليمان الطبي، ووصفت ذلك بأنه "انتهاك صارخ لحرمة المرافق الطبية".
ولم تصدر قوات الدعم السريع حتى الآن أي تعليق رسمي على تلك الاتهامات.
انقسام ميداني يعمق الأزمة الإنسانيةوتخوض قوات الدعم السريع منذ 15 نيسان/أبريل 2023 حربا دامية ضد الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان، أسفرت عن مقتل عشرات آلاف الأشخاص وتشريد أكثر من 13 مليون نازح ولاجئ، بحسب الأمم المتحدة. وتسيطر قوات الجيش على مناطق الشمال والشرق والوسط، بينما تفرض قوات الدعم السريع سيطرتها على معظم إقليم دارفور وأجزاء من كردفان.
في ظل هذا الانقسام، تعاني البلاد التي يبلغ عدد سكانها نحو 50 مليون نسمة من أزمة إنسانية غير مسبوقة، تتفاقم مع انتشار المجاعة وصعوبة وصول المساعدات.
13 وفاة بسبب الجوع في دارفوروفي مؤشر على عمق الكارثة الإنسانية، أعلنت مجموعة "شبكة أطباء السودان" أمس الثلاثاء عن وفاة 13 طفلا في مخيم لقاوة بشرق دارفور خلال الشهر الماضي بسبب سوء التغذية. ويأوي المخيم أكثر من 7000 نازح، معظمهم من النساء والأطفال، ويعاني من نقص حاد في الغذاء.
ودعت المجموعة المجتمع الدولي ومنظمات الإغاثة إلى زيادة الدعم الإنساني العاجل، محذرة من تفاقم الوضع في ظل تزايد معدلات الجوع بين الأطفال. كما ناشدت منظمات الإغاثة الأطراف المتحاربة السماح بدخول المزيد من المساعدات إلى مناطق النزاع.
أزمة إنسانية خطيرةوبحسب تقييمات الأمم المتحدة، يعيش السودان واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، في ظل تعقيدات أمنية وسياسية تحول دون الوصول الآمن للمساعدات. ومع تزايد المبادرات المنفردة لتقاسم السلطة، تبدو البلاد مهددة بتفكك فعلي، في غياب تسوية شاملة للنزاع بين الجيش وقوات الدعم السريع.
من جهة أخرى، قالت المنظمة الدولية للهجرة إنه "رغم احتدام الصراع في السودان ظهرت بؤر من الأمان النسبي خلال الأشهر الأربعة الماضية، مما دفع أكثر من 1.3 مليون نازح للعودة إلى ديارهم، لتقييم الوضع الراهن قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلدهم نهائيا".
وأضاف المدير الإقليمي للمنظمة الدولية للهجرة عثمان بلبيسي أن "أغلبية العائدين توجهت إلى ولاية الجزيرة، بنسبة 71% تقريبا، ثم إلى سنار بنسبة 13%، والخرطوم بنسبة 8%".
وتوقع بلبيسي عودة "نحو 2.1 مليون نازح إلى الخرطوم بحلول نهاية هذا العام، لكن هذا يعتمد على عوامل عديدة، ولا سيما الوضع الأمني والقدرة على استعادة الخدمات في الوقت المناسب".
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة