مصر والرؤية الأمنية في حرب السودان
تاريخ النشر: 21st, August 2024 GMT
زين العابدين صالح عبد الرحمن
أن العلاقة السودانية المصرية: علاقة إستراتيجية منذ أن نال السودان الاستقلال في الأول من يناير 1956م، و رغم أن العلاقة في مسيرتها التاريخية تأخذ مستويات مختلفة صعودا و هبوطا، و لكن الجانبان ينظران لها من الجوانب الأمنية و الاقتصادية و مياه النيل بأنها علاقة لا فكاكا منها.
تعرضت العلاقة بين السودان و مصر إلي هزة كبيرة، بعد انعقاد المؤتمر الشعبي العربي و الإسلامي في الخرطوم في 25 إبريل 1991م، و تخوفت مصر من تسرب الجماعات الإسلامية المتطرفة و خاصة العناصر المصرية عبر حدودها الجنوبية مع السودان، و كانت الخرطوم تعتقد أن المؤسسات المصرية " جامعة القاهرة فرع الخرطوم – البعثة التعليمية المصرية – المركز التجاري المصري – نادي ناصر – بعثة الري المصري" هي مراكز مراقبة و جمع معلومات تديرها المخابرات المصرية، لذلك أسرعت بمصادرتها و إغلاق بعضها.. و كذلك مصر حاصرت حركة المجموعة الأمنية التي كان في سفارة السودان في مصر.. ثم جاءت محاولة إغتيال الرئيس المصري حسني مبارك في أديس أبابا و التي كان وراءها كما ذكر الدكتور الترابي شخصيا في حوار أحمد منصور معه في قناة الجزيرة، على عثمان محمد طه و الدكتور نافع على نافع الذي كان يشغل رئيس جهاز الأمن و المخابرات في ذلك الوقت.. و أذكر أن لجنة التنسيق العليا " للتجمع الوطني الديمقراطي" كانت طالبة من مصر السماح لها بعمل إذاعي على موجة قصيرةزز ثم صفحة في إحدى الجرائد المصرية الحكومية " الإهرام – الجمهورية – أخبار اليوم" و اعتقدت المعارضة لقد جاء الوقت الذي سوف توافق السلطات المصرية على الطلب.. و لكن رفضت مصر ..
سألت محمد الحسن عبد الله يسن الذي كان يشغل رئيس اللجنة التنسيقية العليا للتجمع عن سبب رفض المصريين.. ٌقال أنهم قالوا له أن مصر إذا وافق على " الإذاعة و صفحة في جريدة حكومية" هذه بمثابة إعلان حرب و لا نريد أن تتطور العلاقة إلي ذلك.. و عندما حضر سيد احمد الحسين نائيب الأمين العام للحزب الاتحادي الديمقراطي للقاهرة أنزيل في فندق " المريدين" شارع صلاح سالم مدينة نصر. و بعد اسبوع من حضوره اتصل بي سيد احمد في السابعة صباحا و قال إلي أنا نقلت من فندق مريدين إلي هيلتون رمسيس وسط البلد بالقرب من ماسبيرو و أريدك أن تحضر إلي في التاسعة صباحا دون أن تخطر أي شخص بمكاني، ذهبت إليه في الموعد المضروب وجدت معه اللواء أحمد رجب المسؤول عن الملف السوداني في المخابرات، و كان الحديث يدور حول قضية التصعيد بين القاهرة و الخرطوم.. كانت رؤية أحمد رجب التي كررها عدة مرات، أن السودان يمثل لمصر أهم ركيزة في إستراتيجية أمنها، نحن لا نريد أن نتدخل في الصراع السياسي الدائر في السودان هذه مسألة تهم الأخوة و الأحزاب في السودان، لكن في الجانب الأمني و يتعلق بوحدة السودان؛ من باب النصيحة أنني بسمع بعض القيادات تدعوا إلي الكفاح المسلح لإسقاط النظام، و إذا وافقتوا علي ذلك، سوف تشكل خطرا كبيرا على مستقبل السودان.. و سمعت نفس الحديث بعد سنة من اللواء عمر قناوي وكيل وزارة المخابرات المصرية و اللواء محمود عبد الخالق مسؤول الملف السوداني في المخابرات في بيت محمد الحسن عبد الله يسن و مجموعة من القيادات الاتحادية..
في بداية 1997م اتذكر جاءت القاهرة في طريقها للخرطوم مساعدة لوزيرة الخارجية الأمريكية مادلين أولبرايت للشؤون الأفريقية في عهد الرئيس بيل كلينتون، قالت في تصريح لها أن زيارة الخرطوم يجب أن تمر بالقاهرة. و قالت أن المصريين يحبذوا أن تؤخذ أي معلومات عن السودان من بنك المعلومات في القاهرة.. هذا القول كان يغضب قيادات المؤتمر الوطني.. و أتذكر في أول زيارة إلي الخرطوم 2007م بعد 18عاما غياب عنها. أصر على الصديق الراحل الدكتور تاج الدين السنوسي أن أزوره في مركزه " أفاق" في حي أركويت، و هو مركز يهتم بالقضايا و العلاقات السياسية الدولية، و تعرضنا في النقاش كيف استطاع السودانيين أن تكون لهم علاقة مباشة مع واشنطن دون المرور على القاهرة.. و دخل علينا شخص عرفني به الدكتور تاج الدين أنه اللواء معاش حسب الله عمر كان يشغل مسؤول الشئون الخارجية في جهاز الأمن و المخابرات، و قال كان مكتبه في باريس.. قال حسب الله أنهم استطاعوا أن يفتحوا خطا ساخنا مباشرة مع واشنطن دون المرور على أي عاصمة..
أن التقاء وفد الحكومة السودانية مع المبعوث الأمريكي في القاهرة، هذه مربوطة بزيارة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين للقاهرة في المساعي التي يقوم بها مع مصر لوقف إطلاق نار في غزه.. و في نفس الوقت يلتقي بالمبعوث بيرييلو، و ربما يلتقي بالوفد السوداني للإجابة على أي تساؤلات يمكن أن تطرح.. القضية الأخرى أن الأمريكيين يعتبرون مصر تلعب دورا مهما في عملية التوافق بين الأطراف.. رغم أن مصر لها موقف معلن على لسان رئيسها عبد الفتاح السيسي في المؤتمر الإسلامي أن تكون المنطقة خالية من الميليشيات.. القضية الأخرى أن مصر بحكم إستراتيجيتها الأمنية لا توافق أي تدخل خارجي في السودان، و تعتبر الجيش يمثل العمود الفقري للسودان و الذي يحفظ وحدة البلاد و يجب الوقوف إلي جانبه.. لكنها في ذات الوقت لا تتدخل في خيارات الشعب السوداني في النظام الذي يريده تطبيقه... نسأل الله حسن البصيرة...
zainsalih@hotmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: فی السودان
إقرأ أيضاً:
السودان.. ألفان و729 إصابة بالكوليرا بينها 172 وفاة خلال أسبوع
الخرطوم - أعلنت وزارة الصحة السودانية، الثلاثاء، عن تسجيل ألفين و729 حالة إصابة بالكوليرا، بينها 172 وفاة في عدد من ولايات البلاد خلال الأيام السبعة الماضية.
وأفادت الوزارة في بيان، بـ"تصاعد الإصابات بالكوليرا بعدد من الولايات وبلغت 2729 إصابة خلال أسبوع بينها 172 حالة وفاة".
وأوضحت أن "90 بالمئة من الإصابات الجديدة بولايات الخرطوم والجزيرة (وسط) وشمال كردفان (جنوب) وسنار (جنوب شرق) والنيل الأبيض (جنوب) ونهر النيل (شمال)".
من جانبها، قالت منظمة "أطباء بلا حدود"، إن الكوليرا "تنتشر بصورة كبيرة في ولاية الخرطوم، وتعمل المنظمة عن كثب مع وزارة الصحة لتعزيز جهودها والاستجابة لتفشي المرض".
وتحدثت المنظمة الدولية في بيان، عن وجود "13 وحدة لعلاج الكوليرا تعمل في ولاية الخرطوم، وتدعم المنظّمة 7 منها لضمان عملها بكامل طاقتها وإمكانية توسيع قدراتها تبعاً للاحتياجات".
وناشدت المنظمة الجهات المانحة والأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية "للارتقاء بجهود تعزيز المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية في الخرطوم على وجه السرعة للحد من تفشي المرض".
والسبت، أعلنت وزارة الصحة السودانية، أن متوسط حالات الإصابة بالكوليرا في ولاية الخرطوم بحدود 600 إلى 700 حالة أسبوعيا خلال الأسابيع الأربعة الماضية.
بينما بلغ عدد الإصابات بالكوليرا 60 ألفا و993 بينها ألف و632 حالة وفاة، وفق آخر إخصائية حكومية صدرت في 6 مايو/ أيار الجاري.
وفي 12 أغسطس/ آب 2024، أعلنت السلطات السودانية الكوليرا وباءً في البلاد، لكنه شهد تراجعا منذ فبراير/ شباط 2025 قبل أن يعاود مرة أخرى جراء استعمال مياه الشرب الملوثة بسبب توقف محطات رئيسية للمياه بعدة مناطق، وفق مراقبين.
وتتزامن الكوارث الصحية بالبلاد هذه الأيام مع معاناة انقطاع المياه والكهرباء بأنحاء واسعة من البلاد جراء استمرار حرب متواصلة منذ منتصف أبريل/ نيسان 2023 بين الجيش و"الدعم السريع" خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 15 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية، بينما قدر بحث لجامعات أمريكية عدد القتلى بنحو 130 ألفا.