القوى والواجهات المدنية للنظام العسكري في السودان (2019-2024): قراءة في معالم المشهد السياسي
تاريخ النشر: 27th, August 2024 GMT
د. عبد المنعم مختار
استاذ جامعي متخصص في السياسات الصحية القائمة على الأدلة
تم إعداد هذا المقال بمساعدة فعالة من برنامج الذكاء الاصطناعي Chat GPT4
منذ أبريل 2019، دخل السودان مرحلة جديدة من الحكم العسكري الذي ارتدى في بعض الأحيان قناع الواجهة المدنية، وفي أحيان أخرى كانت القيادة المدنية فعلية ولكنها محدودة النفوذ.
#### 1. **الحكومة الانتقالية ذات الطابع المدني**
في محاولة لتهدئة المجتمع الدولي والحصول على الدعم المالي، قام الجيش بتشكيل حكومة انتقالية بقيادة مدنية. وعلى الرغم من أن هذه الحكومة بدت في الظاهر مدنية، إلا أنها كانت في الواقع تحت سيطرة الجيش بشكل كبير. فقد كان الجيش يحتفظ بالسلطة الفعلية في القرارات الرئيسية والسياسات الكبرى، بينما كان المدنيون يشاركون في الحكومة بنفوذ محدود. هذا الوضع خلق حالة من الغموض حول من يتحكم فعليًا في السودان، مما أدى إلى تصاعد الاضطرابات والاحتجاجات الشعبية.
#### 2. **الدور المحوري للمجلس السيادي**
تم تشكيل المجلس السيادي ليكون الهيئة الرمزية العليا للحكم في السودان خلال الفترة الانتقالية. هذا المجلس ضم ممثلين من العسكريين والمدنيين، لكن مع مرور الوقت، اتضح أن المجلس كان أقوى أجهزة الحكم، وأصبح يعمل كأداة بيد الجيش للسيطرة على السلطة. فقد كان العسكريون يحتفظون بالكلمة الأخيرة في القرارات المهمة، مما جعل المدنيين في المجلس مجرد واجهة لتحسين صورة النظام.
#### 3. **التحالفات الهشة مع القوى المدنية**
بعد انقلاب أكتوبر 2021، أصبح من الضروري للنظام العسكري تأمين نوع من الشرعية على الصعيدين المحلي والدولي. لتحقيق هذا الهدف، لجأ النظام إلى تشكيل تحالفات هشة مع بعض القوى التقليدية التي شملت إدارات أهلية وزعامات قبلية وشيوخ طرق صوفية، بالإضافة إلى بعض القوى المدنية الحديثة التي غالبًا ما كانت تتكون من أحزاب سياسية صغيرة، وأيضًا بعض الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق جوبا للسلام. كانت هذه القوى والحركات، بسبب ضعفها وسعيها للحصول على دور في المشهد السياسي، عرضة للاستقطاب من قبل النظام العسكري. ومع ذلك، كانت هذه التحالفات سطحية في جوهرها، حيث ظلت القوات المسلحة تتحكم في زمام الأمور، بينما كانت هذه القوى المدنية والحركات المسلحة تلعب دورًا محدودًا وواجهات لا تأثير لها على القرارات الاستراتيجية الحقيقية.
#### 4. **التلاعب بالمطالب الشعبية**
اعتمد النظام العسكري على استغلال المطالب الشعبية لتحقيق مكاسب سياسية على المدى القصير. في حين كانت الجماهير تطالب بالتحول الديمقراطي وتحسين الأوضاع المعيشية، قدم الجيش وعودًا فارغة بتحقيق هذه المطالب من خلال الواجهات المدنية التي أنشأها. ولكن في الحقيقة، كانت هذه الوعود تهدف إلى كسب الوقت واحتواء الاحتجاجات دون نية حقيقية لإجراء أي إصلاحات جوهرية. هذا الأسلوب من التلاعب بالمطالب الشعبية ساهم في تعميق الفجوة بين الجيش والشعب، مما زاد من حدة التوتر والصراع في البلاد.
#### 5. **تهيئة الأجواء للحرب الأهلية**
أدت السياسات العسكرية التي تم تنفيذها تحت غطاء الواجهات المدنية إلى تأجيج الصراعات الداخلية، حيث شعرت العديد من الفصائل بأنها مستبعدة من العملية السياسية وأن مصالحها قد تم تهميشها. هذا الشعور بالإقصاء، بالإضافة إلى الفشل المستمر في تحقيق توافق وطني حقيقي، أدى إلى تصاعد التوترات بين مختلف الأطراف، مما خلق بيئة ملائمة لانفجار الوضع إلى حرب أهلية في أبريل 2023. هذه الحرب كانت النتيجة الحتمية لسلسلة من السياسات الفاشلة التي اتبعتها القيادة العسكرية في محاولتها للاحتفاظ بالسلطة بأي ثمن عبر استخدام الواجهات المدنية كستار.
### الخلاصة
من الضروري الإقرار بأن الفترة الانتقالية التي تلت ثورة ديسمبر 2018 في السودان، رغم مزاعم القيادة المدنية، كانت في جوهرها فترة حكم عسكري بدرجة كبيرة. استخدم الجيش القوى والواجهات المدنية لإضفاء شرعية على حكمه، دون أن يمنح تلك القوى والواجهات أي نفوذ حقيقي في اتخاذ القرارات الكبيرة. هذه الديناميكية بين القوى العسكرية والمدنية، ومحاولات الجيش المستمرة للسيطرة على المشهد السياسي عبر تلك الواجهات، كانت السبب الرئيسي في تعقيد الأزمة السياسية في السودان، وهيأت الظروف لاندلاع الحرب الأهلية الأخيرة.
moniem.mukhtar@googlemail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: القوى المدنیة فی السودان کانت هذه
إقرأ أيضاً:
الجيش السوداني يتهم قوات خليفة حفتر بمهاجمة مواقع حدودية
اتهم الجيش السوداني قوات تابعة لخليفة بمهاجمة مواقع حدودية سودانية ومساندة الدعم السريع اليوم الثلاثاء.
وقال الجيش في بيان "هاجمت اليوم مليشيا آل دقلو الإرهابية مسنودة بقوات خليفة حفتر الليبية ( كتيبة السلفية) نقاطنا الحدودية في المثلث الحدودي بين السودان ومصر وليبيا بغرض الاستيلاء على المنطقة"، والتي تقع إلى الشمال من مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، إحدى أهم خطوط المواجهة في الحرب.
وأضاف الجيش السوداني في بيانه "سندافع عن بلدنا وسيادتنا الوطنية وسننتصر مهما بلغ حجم التآمر والعدوان المدعوم من دولة الإمارات العربية المتحدة ومليشياتها بالمنطقة".
وتعد هذه المرة الأولى التي يتهم فيها الجيش السوداني قوات اللواء خليفة حفتر بالضلوع المباشر في الحرب الدائرة منذ عامين بينه وبين قوات الدعم السريع شبه العسكرية.
ومطلع العام الجاري، قال ياسر العطا، عضو مجلس السيادة ومساعد قائد الجيش السوداني، إن 25 بالمئة من قوات الدعم السريع هم من ليبياتحت قيادة خليفة حفتر، والمرتزقة من التشاد، وبعض الإثيوبيين، وأفراد من كولومبيا وأفريقيا الوسطى، وبقايا فاغنر، ومقاتلين من سوريا، بينما 65 بالمئة من القوة المتبقية من أبناء جنوب السودان، للأسف، في حين أن 5% فقط هم من الجنجويد الأصليين كقادة لبعض المجموعات.
وأشار العطا من مدينة بوط بولاية النيل الأزرق إلى أنهم تحدثوا مع المسؤولين في جنوب السودان خلال سنتين من الحرب حول هذا الموضوع، ولكن لم يتم اتخاذ أي إجراء، حتى على مستوى الإعلام، لتجريم مثل هذه الأفعال.
وأضاف أنه كان بالإمكان القول في الإعلام إن جنوب السودان يشن حربا ضدهم.
وفي وقت سابق، أكد رئيس جيش تحرير السودان، مني اركومناوي، أن الدعم الأجنبي يتواصل عبر محور ليبيا، ويدخل تعزيزات جديدة بقوة قوامها 400 آلية عسكرية متنوعة عن طريق ليبيا إلى دارفور الآن، حسب قوله.
وسبق أن تحدثت تقارير أن كتيبة طارق بن زياد التابعة لصدام حفتر قد توجهت مؤخراً نحو “معطن السارة”؛ لتأمين المنطقة، وحماية الطرق المؤدية إلى السودان، بما في ذلك إمدادات الأسلحة والوقود التي تنطلق من ميناء طبرق وتصل إلى السودان.
وشهدت الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، التي اتهمها الجيش أيضا بالضلوع في الهجوم، تدخل العديد من الدول بينما لم تنجح المحاولات الدولية بعد في إحلال السلام.
وفي بداية الحرب اتهم السودان حفتر بمساندة قوات الدعم السريع عبر مدها بالأسلحة، واتهم الإمارات، حليفة قائد قوات شرق ليبيا، بدعمها أيضا، عبر وسائل منها غارات جوية مباشرة بطائرات مسيرة الشهر الماضي. وتنفي الإمارات تلك المزاعم.