أكد اللواء دكتور محمد الغبارى، الخبير الاستراتيجى، أن مصر تتبع حسابات استراتيجية دقيقة فى تحركاتها لإحلال الأمن والاستقرار فى الشرق الأوسط، ولا تندفع لاستخدام خاطئ لقوتها الرشيدة، مشدداً على أن القاهرة هى أكبر داعم للقضية الفلسطينية. وأضاف «الغبارى»، فى حوار لـ«الوطن»، أن وجود القوات الإسرائيلية على الحدود المصرية مخالف لاتفاقية السلام الموقّعة بين الدولتين.

. وإلى نص الحوار:

كيف ترى الدعم المصرى للأشقاء الفلسطينيين؟

- الدعم المصرى للفلسطينيين قوى وراسخ منذ بداية مخطط تجميع اليهود فى الأراضى الفلسطينية عام 1882، وهو ما تزامن مع الاحتلال البريطانى لمصر، وواصلت مصر دعمها للأشقاء فى مختلف المراحل، رغم احتلالها، وكانت أكثر دولة شاركت فى حرب 1948، رغم محدودية قدرات الجيش المصرى من حيث العدد والعتاد وقتها، ثم واصلت مصر دعم منظمة التحرير الفلسطينية بقيادة ياسر عرفات، كما طالبت مصر خلال مفاوضات السلام مع إسرائيل بإعطاء الفلسطينيين حقوقهم فى الضفة الغربية وقطاع غزة، لكن السلطة الفلسطينية رفضت المشاركة فى مؤتمر «مينا هاوس» لإحلال السلام، حتى بدأ أساس الانقسام الفلسطينى بعد الدخول فى «اتفاقية أوسلو» بعد مفاوضات سرية مع الجانب الفلسطينى، ما منح إسرائيل القدرة على مواصلة مخططاتها لتغيير شكل الضفة الغربية والقدس، لتحاول مصر إنهاء محاولات الانقسام عبر أكثر من 20 جلسة مباحثات لجمع الفصائل الفلسطينية معاً، لكن الاحتلال يعمل دوماً على تكريس الانقسام.

ما هدف «تل أبيب» من استمرار الحرب على غزة؟

- بداية فإن إسرائيل ليس لها مطامع دينية لاحتلال قطاع غزة، لأنها ليست فى خريطة الملك داوود التى يسعون لامتداد الدولة الإسرائيلية فيها، ولكن رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو يسعى للقضاء على القدرة العسكرية لحركة حماس بالكامل، لتكون حركة سياسية، ليست لها مخالب، واستمرار سيطرتها على غزة لتكريس الانقسام الفلسطينى، فضلاً عن محاولات تهجير الفلسطينيين لخارج أراضيهم.

 «القاهرة» لا تتنازل عن شروطها في «مفاوضات السلام» بما يشمل تسليم معبر رفح للسلطة الفلسطينية

كيف رأيت المواقف المصرية الأخيرة فى المفاوضات لإحلال السلام؟

- هى مواقف محمودة لتقريب وجهات النظر بين الأطراف كافة، ومصر لا تتنازل عن شروطها، ومن بينها تسليم معبر رفح البرى للسلطة الفلسطينية، وانسحاب إسرائيل من الأراضى التى احتلتها فى قطاع غزة، مع منح الأشقاء الفلسطينيين الحكم الذاتى للضفة الغربية وقطاع غزة، ووجود ممر آمن بينهما، وبعدما شرحت مصر الموقف للعالم، بدأت دول العالم وشعوبها تنادى بحل الدولتين، باعتباره الحل الأمثل للقضية الفلسطينية، لكن إسرائيل ترفض إقامة دولة فلسطينية مستقلة، ويساعدها على ذلك الانقسام الفلسطينى؛ فحركتا فتح وحماس و13 منظمة أخرى فى حالة «انشقاق»، وهو ما تسعى مصر لحله، من أجل توحيد الجبهة الداخلية الفلسطينية، وتقوية موقفها فى إقامة دولة مستقلة.

ماذا عن ممر «فيلادلفى»؟

- هو يُعرف بالأصل فى مصر بـ«طريق الدوريات» ما بين الحدود المصرية والفلسطينية، وكان يؤمّنه حرس الحدود الإسرائيلى فى وقت سابق، والشرطة المصرية من جهتنا؛ فبموجب اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل يقع هذا الطريق فى المنطقة د، والتى يحظر وجود أسلحة ثقيلة فيها، ويتم جمع المخالفات من حيث عدد القوات وحجمها، وتتباحث أجهزة الاتصال المصرية والإسرائيلية فيها، لكن الأمر لا يزال فى نطاق «المخالفة»، ولم يصل لمرحلة اختراق اتفاقية السلام.

وماذا يعنى مفهوم الاختراق؟

- الاختراق يعنى تهديد حدود الدولة المصرية، وهو أمر لم تقم به إسرائيل، وتدّعى إسرائيل أن احتلالها لهذا المحور ومعبر رفح لمنع وصول أسلحة لحركة حماس من مصر، وهو اتهام باطل بعد تدمير مصر للأنفاق الحدودية فى السنوات السابقة، وإبعاد السكان عن الحدود لمسافة من 3 إلى 4 كيلومترات، وتقاوم إسرائيل تسليم معبر رفح للسلطة الفلسطينية، وتريد إخلاء رفح من الفلسطينيين.

ما رأيك فى الجهود المصرية لدعم الأشقاء؟

- مصر تبذل أقصى جهد لها فى هذا الموضوع، لكن هناك تعنت إسرائيلى، مع غياب الضغط الدولى عليها.

كيف ترى خطورة دعم المتشددين لـ«نتنياهو»؟

- رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو يسعى لمحاولة البقاء فى السلطة بعد انتهاء الحرب، عبر إرضاء المتشددين الدينيين فى إسرائيل، وتدمير الأراضى الفلسطينية، كتكفير عن ذنب سلطات بلاده فى عملية «7 أكتوبر»؛ فعقيدة المتشددين فى إسرائيل قائمة على العنف والقتل والدمار للغير، ويحظى بتأييد واسع منهم.

دعم لا محدود

 الدولة المصرية تولى الأشقاء الفلسطينيين دعماً غير محدود على كافة الأصعدة، فالدولة تدعم الأشقاء على محور تخفيف المعاناة الإنسانية، عبر استقبال وإيصال المساعدات لأهالى قطاع غزة بكافة الوسائل الممكنة، سواء برية أو عبر الإسقاط الجوى، كما استقبلت مصر أعداداً من الجرحى للعلاج فى مستشفياتها، وتعمل على دفع المفاوضات قدماً، بالتنسيق مع كافة الأطراف الفاعلة. ودور مصر ليس مستجداً، ولكن تقدم دوماً دعماً غير محدود للأشقاء سواء فى فلسطين أو مختلف الدول العربية، والأفريقية، على مر التاريخ والعصور، فى مختلف الأزمات.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: منع تصفية القضية

إقرأ أيضاً:

أيمن العشري: موقف مصر تجاه القضية الفلسطينية ثابت وشريف ونابع من قراءة دقيقة لأوضاع المنطقة

أكد أيمن العشري رئيس الغرفة التجارية بالقاهرة، أن كلمة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي بشأن تطورات الأوضاع في قطاع غزة، عكست مجددًا رسوخ وثبات الموقف المصري حيال القضية الفلسطينية، رغم ما تمر به المنطقة من تحديات متشابكة على المستويين الإقليمي والدولي.

وأشار «العشري» إلى أن موقف مصر الشريف تجاه القضية الفلسطينية ليس وليد اللحظة، وإنما يستند إلى قراءة دقيقة ومتأنية لخريطة الصراع في المنطقة، وإيمان عميق بأن القضية الفلسطينية تمثل جوهر الصراع العربي - الإسرائيلي، وأن أي محاولات لتجاوزها أو تصفيتها تمثل تهديدًا مباشرًا لأمن واستقرار الشرق الأوسط برمّته، مضيفا أن الدولة المصرية تظل الحارس الأول للحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني، وتقف بكل قوة وحزم ضد محاولات فرض حلول مجتزأة أو مخططات تهجير قسري، ومؤكداً «القاهرة» تؤمن بضرورة دعم حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة باعتبار ذلك ضمان السلام والتعايش الآمن بين شعوب المنطقة، فالتصعيد والعنف والدمار سيؤدون لمزيد من المخاطر ويدفع الشرق الأوسط نحو الهاوية.

ونوّه «العشري» إلى أن التحركات المصرية، تحت قيادة الرئيس السيسي، تجمع بين العمل السياسي والدبلوماسي الرصين، والجهد الإنساني الفاعل، مشيدًا بدعوة الرئيس السيسي إلى المجتمع الدولي، وخاصة الولايات المتحدة والدول العربية، إلى تحمل مسؤولياتهم تجاه وقف الحرب، ورفع المعاناة عن المدنيين، وإدخال المساعدات الإنسانية العاجلة، مؤكدًا أن نداء الرئيس للرئيس الأمريكي جاء نابعًا من شعور عميق بالمسؤولية الإنسانية والتاريخية تجاه الشعب الفلسطيني.

وأوضح أن مصر تواصل جهودها الحثيثة على المستويين الإنساني والدبلوماسي، من خلال قوافل الإغاثة الكبرى التي تشمل الغذاء والدواء والكساء، وكذلك عبر المشاركة الفاعلة في المحافل الدولية، لوقف العدوان وفتح ممرات إنسانية آمنة، مشيرًا إلى مشاركة وزير الخارجية والهجرة د.بدر عبد العاطي في مؤتمر الأمم المتحدة رفيع المستوى في نيويورك، ضمن تحرك دبلوماسي مصري مكثف يستهدف التوصل إلى تسوية عادلة وشاملة.

وأكد «العشري» أن الدولة المصرية أثبتت التزامها العميق بدعم الشعب الفلسطينى، فالموقف المصري الثابت والحازم هو الضمانة الرئيسية لعدم تصفية القضية الفلسطينية، وأن مصر لم ولنتدَّخر جهدًا في العمل لحماية الشعب الفلسطيني من ويلات الحرب والاحتلال، معتبرًا أن مصر ستبقى دومًا صوت العقل والتوازن في إقليم يموج بالأزمات، والدرع العربي المنيع في مواجهة المخاطر الوجودية التي تهدد أمتنا.

مقالات مشابهة

  • المرر يترأس وفد الإمارات في المؤتمر الدولي للتسوية السلمية للقضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين
  • عاصم الجزار: الدولة المصرية صمام أمان للقضية الفلسطينية
  • الخارجية الفلسطينية: إسرائيل مهددة بعزلة دولية .. ونرفض تهجير الفلسطينيين
  • مؤتمر حل الدولتين: زخم واسع وتوافق دولي على تسوية "عادلة" للقضية الفلسطينية
  • مؤتمر أممي بشأن التسوية السلمية للقضية الفلسطينية وتطبيق حل الدولتين
  • وزير الخارجية يلقي كلمة المملكة في المؤتمر الدولي رفيع المستوى حول التسوية السلمية للقضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين
  • صحفي: مصر داعم أساسي للقضية الفلسطينية
  • 80 % من مساعدات القطاع مصرية.. خبير: كلمة الرئيس السيسي بشأن غزة دقيقة
  • أيمن العشري: موقف مصر تجاه القضية الفلسطينية ثابت وشريف ونابع من قراءة دقيقة لأوضاع المنطقة
  • الأمم المتحدة: سنكثف جهودنا للوصول إلى أكبر عدد من الفلسطينيين في غزة