سودانايل:
2025-07-28@18:37:17 GMT

الشرعية والديمقراطية صراع غياب الفكر

تاريخ النشر: 8th, September 2024 GMT

أن شرعية أي نظام سياسي يستمدها من قبول و مشاركة أكبر قطاع اجتماعي في السلطة، هذه المشاركة الواسعة هي التي تحدد اتجاهات النظام القائم، و مادام هناك قبول بالمشاركة الواسعة، تأتي عملية تنظيم تداول السلطة بالطرق السلمية لكي يحافظ النظام على القبول الاجتماعي و توسيع دائرة المشاركة، و تبدأ بانتخابات منتظمة بمواقيت محددة لمجالس الأحياء لأنها تعتبر القاعدة الأساسية للنظام، من خلال المشاركة الواسعة للجماهير في انتخابات، و انتخابات الأحياء هي الأصل لأن التنافس و الدعاية و الالتزام بقوانين العمل هي التي ترسخ ثقافة الديمقراطية في المجتمع، ثم تتصاعد الانتخابات "الأحياء و المحليات و الولايات و المركز" و كلما تقدمت الانتخابات درجة تقل دائرة المشاركة ما بين انتخابات الأحياء و المركز.

. و جميعها تشارك فيها الجماهير و يشتد التنافس بين المرشحين.. هذا التنافس لابد أن يكون محكوما بقوانين، لذلك تطر السلطة إلي صناعة دستور مقبول من قبل أغلبية الشعب، و تتفرع منه القوانين و اللوائح التي تضبط العملية السياسية، و تحفظ للمجتمع أمنه، و استقراره السياسي و الاجتماعي.. الديمقراطية فكر و فعل و احترام لللأخر.
أن عملية التغيير السياسي، خاصة من نظام شمولي إلي نظام ديمقراطي، لا تعتمد على الشعارات التي درجت الأحزاب على إطلاقها، فقط لكي ترددها الجماهير دون منتج على الواقع.. لابد للجماهير أن تستوعب عملية التغيير، و مطلوباتها، و الثقافة التي تحكمها.. و كان على الأحزاب السياسية أن تقوم بهذا الدور لتثقيف الجماهير، و اتضح من خلال التجربة أن فاقد الشيء لا يعطيه، و لابد أن تدرك الجماهير أن هناك فرقا نوعيا و ثقافيا بين النظام الشمولي و الديمقراطي.. و أن الرأي الأخر يمثل حجر الزاوية في النظام الديمقراطي، و ليس كل من يخالفك الرآي هو عدو يجب إقصائه.. و قبول و احترام الرآي الأخر هو الذي يفسح الطريق للحوار بين تيارات الفكر المختلفة، و في نفس الوقت يقلل فرص بروز العنف في المجتمع بكل أنواعه.. لكن مشكلة السياسة الأن، أصبحت الأحزاب نفسها في تعاملاتها و خطاباتها و ممارساتها تنتج ثقافة شمولية، و تعتقد أنها تمارس الديمقراطية.. أن فرض الشروط على الآخرين و دعوات الإقصاء و مواجهة الرأي الأخر بتوصيفات عدائية كلها تنتمي للثقافة الشمولية.. قال تعالى عن رؤية فرعون في علاقته مع قومه " قال فرعون ما أريكم إلا ما أرى و ما أهديكم إلا سبيل الرشاد" هي رؤية الديكتاتور..
أن الأحزاب التي تحاول أن تفرض ثقافة الأستاذية على الآخرين، هي أحزاب لن تكون مفيدة لعملية التحول الديمقراطي في البلاد، فالديمقراطية تشيد قواعدها في المجتمع من خلال الحوارات التي بين المختلفين في الرآي، لآن الحوار يهدئ النفوس و يعيد بناء الثقة بين الكل، و تتحول إلي ممارسة دائمة، بمعنى أصح تنتج الثقافة الديمقراطية، و من خلال الممارسة تتحول لسلوك تلقائي يمارسه أي فرد في المجتمع... و كما يقول جورج طرابيشي في كتابه " ثقافة الديمقراطية" يقول ( أن الديمقراطية في العالم العربي هي موضع طلب أيديولوجي شديد، و لكن بدون عرض على صعيد الواقع الفعلي، و بدون تأسيس نظري على صعيد المفهوم) و هذا بالفعل الذي يعاني منه السودان، أن الأحزاب السياسية السودانية جميعها دون استثناء غير منتجة للفكر و لا منتجة للثقافة الديمقراطية، بل تتعامل بالثقافة الشمولية باعتبار أنها ثقافة ديمقراطية، إذا كانت الأحزاب جميعها ترفع شعار الديمقراطية و تمارس غيرها داخل تنظيماتها، بالضرورة تشكل عقبة في نمو و تطور الديمقراطية في البلاد، حتى خطابها يصبح مغايرا لشعاراتها، وأي أختلاف في الرآي يحصل الانقسام ..
معلوم أن الديمقراطية أدواتها الأحزاب السياسية، و منظمات المجتمع المدني و في نفس الوقت الأحزاب نفسها تعتبر هي معامل لإنتاج الثقافة الديمقراطية، و إذا رجعنا إلي الأحزاب الكبيرة منها، و التي يجب أن تكون سندا لعملية التحول الديمقراطي نجدها لا تملك الأدوات الفاعلة التي تساعد على بناء صروح الديمقراطية " الاتحادي – الأمة – الإسلاميين – الشيوعي" الحزب الاتحادي أصبح أحزاب متعددة " الاتحادي الديمقراطي – ألاتحادي الأصل – الوطني الاتحادي – الحركة الاتحادية – التجمع الاتحادي و غيرها" حزب الأمة " الأمة القومي – مبارك المهدي – عبد الله مسار – و غيرهم" الإسلاميين " المؤتمر الشعبي السنوسي – المؤتمر الشعبي على الحاج – المؤتمر الوطني – الإصلاح الآن – حركة المستقبل – الإصلاح و التنمية – الأخوان المسلمين – انصار السنة" و الحزب الشيوعي " الحزب الشيوعي – حركة حق – حشود و غيرها" كل هذه التقسيمات و التفرعات نتجت بسبب رئيس هو انعدام الممارسة الديمقراطية داخل الآربعة أحزاب الكبيرة، و ليس هناك أي أمل أن ترجع تلك التفرعات إلي الأصل، لآن الاصل نفسه يعاني من إشكاليات فكرية و تنظيمية و حتى قيادات تكون مقبولة تلتف حول المجموعات المختلفة مرة أخرى.
هناك بالفعل معضلة أساسية في قضية الديمقراطية في السودان، و لابد التعامل معها بوعي سياسي ينطلق من أفكار و ليس شعارات، و كما ذكرت كثيرا؛ ليس تعدد الشعارات دلالة على القناعة بالديمقراطية، و لكن دلالة على غياب العناصر التي تشتغل بالفكر، الإزمة الحقيقة أزمة فكرية داخل الأحزاب.. و كما يقول المفكر البناني على حرب في كتابه " اوهام النخبة" يقول ( فمن لا ينتج معرفة بالمجتمع لا يستطيع المساهمة في تغييره، و من لا يبدع فكرا هو اعجز من أن يؤثر في مجرى الأحداث، و تطور الأفكار، هذا هو المأزق الذي يمسك بخناق المثقف العربي) أن أحزابنا لا تنتج معرفة و لا ثقافة ديمقراطية، و الشعارات التي ترفعها هي هزيمة لها، و تفضح تواضع قدرات قياداتها.. فالجماهير تدفع مهرا غاليا للتغيير، و لكنها لا تحظى بتغيير يعبر عن تلك التضحيات التي دفعتها.. نسأل الله حسن البصيرة..

[email protected]  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: ثقافة الدیمقراطیة الدیمقراطیة فی فی المجتمع من خلال

إقرأ أيضاً:

شروط الانضمام لـ لجان الفتوى الشرعية طبقا للقانون

يرغب العديد من رجال الدين وغيرهم الكثير، معرفة الاشتراطات التي حددها القانون للانضمام للجان المشتركة للفتوى .


في هذا الصدد، حدد قانون تنظيم الفتوى عدة اشتراطات للانضمام للجان الفتوي ، حيث نصت المادة 4 من القانون، على إنشاء لجان مشتركة داخل وزارة الأوقاف، تضم ممثلين عن الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية ووزارة الأوقاف، برئاسة ممثل الأزهر، وذلك بقرار من الوزير المختص بشؤون الأوقاف.

ويشترط فيمن يلتحق بهذه اللجان أو يستمر بها، توافر معايير صارمة تضعها هيئة كبار العلماء بالأزهر بالتنسيق مع دار الإفتاء، من أبرزها: ألا يقل عمر المتقدم عن ثلاثين عامًا، وأن يكون خريجًا من الكليات الشرعية بجامعة الأزهر، وألا يكون قد صدر ضده حكم بعقوبة تأديبية، وأن يكون محمود السيرة وحسن السمعة، وله إنتاج علمي منشور في أحد المذاهب الفقهية.

دار الإفتاء: الحشيش محرم شرعًا لما فيه من ضرر بالعقل والنفس والبدنبعد إثارة الجدل.. دار الإفتاء المصرية تؤكد حرمة مخدر الحشيشهل يجوز قول "سيدنا الحسين" ؟.. دار الإفتاء تجيبما هي الغيبة المحرمة شرعا؟.. دار الإفتاء توضح الحقائقدار الإفتاء : السبت أول أيام شهر صفر

 بالإضافة إلى اجتيازه برامج تدريب معتمدة من هيئة كبار العلماء.

ويمنح هيئة كبار العلماء صلاحية وضع شروط منح الترخيص بالإفتاء، ومدته وأنواعه، وتنظيم حالات تقييده أو إلغائه، مشددة على أن الترخيص لا يُعد تصريحًا بالإفتاء عبر الوسائل الإعلامية أو الإلكترونية، إلا بنص صريح بذلك، ويتم تحديد مقار عمل هذه اللجان بالتنسيق بين الجهات الثلاث، في إطار ضبط الفتوى ومنع الفوضى الفكرية.

تجدر الاشارة الى أن قانون الفتوى الشرعية يستهدف  مواجهة الفتاوى التي تصدر بغير ضابط أو إطار قانوني ، والذي يفتح الباب أمام غير المؤهلين لاقتحام هذا المجال الدقيق، مما قد يؤدي إلى نشر فتاوى مغلوطة أو متشددة أو متساهلة، تهدد أمن المجتمع الفكري وتضر بمصالحه العليا. و تأتي أهمية وجود قانون يضبط عملية الإفتاء، ليحدد الجهة المختصة، ويرسم آليات إصدار الفتوى، ويضع الضوابط والمعايير اللازمة لضمان صدور الفتوى عن أهلية علمية معترف بها، مع الالتزام بثوابت الشريعة ومقاصدها. و

طباعة شارك قانون تنظيم الفتوى الازهر الشريف الفتاوى لجان الفتوى مجلس النواب

مقالات مشابهة

  • الرئيس السيسي يوجه بتطوير آليات مكافحة الفكر المتطرف وترسيخ الوعي
  • حين تمنح المفردات الشرعية: تنبيه للإعلاميين السودانيين
  • مدير أوقاف الفيوم: لا تهاون في الانضباط بالمساجد ومواجهة الفكر المتطرف أولوية دعوية
  • نائبة حزب الشعوب الديمقراطي ترفض اسم “تركيا خالية من الإرهاب” وتطالب بحل ديمقراطي
  • الجيل الديمقراطي: تحويل مصر لمصنع عالمي هدف استراتيجي ندعمه منذ ربع قرن
  • “الاتحادي الديمقراطي” يصف حكومة “تأسيس” بالآتي….
  • انهيار اقتصادي وشيك في اليمن بعد فشل سياسات العليمي ... وحلفاء الشرعية يتفرجون
  • رئيس اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب محمد طه الأحمد لـ سانا: تم خلال اللقاء مع السيد الرئيس أحمد الشرع أمس، إطلاعه على أهم التعديلات التي أُقرت على النظام الانتخابي المؤقت لمجلس الشعب، بعد الجولات واللقاءات التي قامت بها اللجنة مع شرائح المجتمع السوري
  • شروط الانضمام لـ لجان الفتوى الشرعية طبقا للقانون
  • عمرو نبيل: حل الأحزاب غير الممثلة برلمانيًا خطر على الديمقراطية ويضر بالتعددية السياسية