أمريكا وامتثالها لمنظمة التجارة العالمية
تاريخ النشر: 14th, August 2023 GMT
تشو شيوان
تحكُم التجارة العالمية قواعد واتفاقيات ونظم تم الاتفاق عليها بين دول العالم تحت مظلة منظمة التجارة العالمية، وذلك بهدف تسهيل عمليات التبادل التجاري بين دول العالم كافة وأيضًا وضع شكل معين يحكم هذه التجارة والامتثال لهذه القواعد بات شكلًا أو محورًا مُهمًا في علاقات الدول ببعضها البعض، ولهذا سوف أتناول من خلال هذا المقال مدى امتثال الولايات المتحدة الأمريكية لمنظمة التجارة العالمية، وهل فعلًا تمتثل لقوانين منظمة التجارة العالمية أم لا؟
الإجابة ليست رأيي الشخصي، إنما هو طرح موضوعي بالحجة والدليل.
للأسف، إجراءات السياسة الأمريكية تقوِّض قواعد التجارة متعددة الأطراف؛ حيث تفرض عقوبات أحادية على العديد من دول العالم، وتُقحِم السياسة في العلاقات التجارية، كما إنها تتلاعب من خلال استخدام المعايير المزدوجة في السياسات الصناعية، وإعاقة سلاسل الصناعة والإمداد العالمية.
أيضًا تخترق الولايات المتحدة الأمريكية قوانين منظمة التجارة العالمية من خلال ما يُعرف بالحواجز التعريفية وغير التعريفية، والإعانات الصناعية، والإعانات الزراعية والمعالجات التجارية، والمعايير واللوائح التكنولوجية، وتجارة الخدمات وحقوق الملكية الفكرية. والولايات المتحدة لم تُنفِّذ أحكام منظمة التجارة العالمية بشكل انتقائي وحسب؛ بل منعت تعيينات أعضاء هيئة الاستئناف الجُدُد، ما أدى إلى توقف هيئة الاستئناف عن أداء عملها "توقفًا تامًا". ومثل هذه الأمور قد تغيب عن عناوين الأخبار العالمية في تناولها لما تقوم به الولايات المُتحدة من خروقات في أنظمة التجارة العالمية.
الولايات المتحدة الأمريكية لديها تاريخ طويل من اتخاذ إجراءات أحادية ضد أعضاء آخرين بمنظمة التجارة العالمية تحت ذريعة ما يسمى "الأمن القومي" و"حقوق الإنسان"، وأيضًا خروقات واضحة فيما يتعلَّق بالنقل القسري للتكنولوجيا وللشركات التكنولوجية ومُحاربة كل تكنولوجيا ليست أمريكية، كما أجبرت دولًا أخرى على الالتزام بسياساتها الدبلوماسية ومطالبها غير المشروعة، والجميع على علم بما حدث مع شركة هواوي الصينية وإجبار الشركات الأمريكية على عدم التعاون معها، وأيضًا بعض الإجراءات لتعقيد عمليات تصنيع الرقائق الإلكترونية وحصرها داخل الشركات الأمريكية أو في الدول المتعاونة معها.
وإضافة إلى هذا، نفّذت الولايات المُتحدة سياسات إعانات حصرية وتمييزية، وعرقلت التنمية الصناعية في الدول الأخرى بوسائل من بينها الرقابة على الصادرات، كما حفزت فك الارتباط وتفكيك سلاسل الصناعة والإمداد، وحاولت الانتفاع من إجراءات التعريفات الأحادية لفرض استعادة السلاسل الصناعية من الدول الأخرى إليها، وأسست سلاسل صناعة وإمداد ترتكز حول الولايات المتحدة من خلال إعانات كبيرة، وكل هذا مُخالف قوانين منظمة التجارة العالمية.
وبصفتها أكبر اقتصاد في العالم ومؤسِسًا مهمًا لنظام التجارة متعدد الأطراف ومستفيدًا رئيسيًا منه، يتعين على الولايات المتحدة أن تجعل نفسها مثالًا جيدًا من خلال الالتزام بالقواعد، والوفاء بالتزاماتها كدولة عظمى؛ بدلًا من استغلال هذه القوة لخرق القوانين والأنظمة، كما يتعين عليها دعم سلطة وفعّالية نظام التجارة متعدد الأطراف والعمل على تعزيز الامتثال لقواعده.
في المقابل، فإن الصين- ثاني أكبر اقتصاد في العالم- ستحافظ- كما تفعل دائمًا- على اتصال وتعاون وثيقين مع جميع الأطراف، كما أوضحت وزارة التجارة الصينية، وستُشارك بشكل كامل وعميق في إصلاح منظمة التجارة العالمية، وستعمل مع الأطراف كافةً على تعزيز نظام التجارة متعدد الأطراف من أجل القيام بدور أكبر في الحوكمة الاقتصادية العالمية.
إنَّ العالم في أمسِّ الحاجة لأن يتعاون ويكاتف من أجل تعزيز التبادل التجاري بين الدول وتعزيز مفاهيم التجارة الحرة وفقًا لقوانين دولية وتجارية ثابتة ومحددة، لكن أن تستغل بعض الدول- مثل الولايات المتحدة- سلطتها وقوتها لخرق القواعد، فهذا يتسبب في إعاقة الفرص، وخصوصًا للدول النامية.. ومن ثمَّ يجب العمل بشكل إيجابي من قبل الولايات المتحدة الأمريكية مع دول العالم ومع الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية لتعزيز الشراكات والانفتاح، لما في ذلك من تقارب للمصالح لجميع الدول بما فيها الولايات المتحدة نفسها، وهذا ما تريده الصين وتريد تعميقه في أسس وقواعد التجارة العالمية.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
ناشطون يصبغون نافورة في باريس باللون الأحمر تنديداً ﺑ«حمام الدم» في غزة
صبغ ناشطون فرنسيون نافورة في باريس باللون الأحمر، الأربعاء، رمزا لما وصفوه بـ«حمام الدم» الذي يتعرض له الفلسطينيون في غزة، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».
وسكب ناشطون من منظمة «أوكسفام» و«منظمة العفو الدولية» صبغة في نافورة الأبرياء في قلب العاصمة الفرنسية، بينما رفع آخرون لافتات كتب عليها «أوقفوا إطلاق النار» و«غزة: أوقفوا حمام الدم».
وقال الناشطون ومن بينهم الفرع الفرنسي لمنظمة «غرينبيس» في بيان مشترك: «تهدف هذه العملية إلى إدانة بطء استجابة فرنسا لحالة طوارئ إنسانية بالغة الخطورة يواجهها سكان غزة اليوم».
ورأت الوزيرة السابقة سيسيل دوفلو وهي المديرة التنفيذية لمنظمة «أوكسفام - فرنسا» أنه «لا يمكن لفرنسا أن تكتفي بالإدانات اللفظية».
ودانت كليمانس لاغواردات التي ساعدت في تنسيق الاستجابة الإنسانية لمنظمة «أوكسفام» في غزة، الحصار الإسرائيلي للقطاع المحاصر.
وصرحت لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «يحتاج سكان غزة إلى كل شيء، إنها مسألة بقاء».
وأكد فرنسوا جوليار رئيس منظمة «غرينبيس - فرنسا»: «هناك إبادة جماعية مستمرة، والتقاعس السياسي يصبح نوعا من التواطؤ في هذه الإبادة الجماعية».
وأضاف: «ندعو (الرئيس) إيمانويل ماكرون إلى التصرف بشجاعة ووضوح وعزم لوضع حد لسفك الدماء هذا».
وحض النشطاء الدول «ذات النفوذ على إسرائيل» على الضغط من أجل وقف فوري ودائم لإطلاق النار، وفرض حظر على توريد الأسلحة إلى إسرائيل، ومراجعة اتفاقية التعاون بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، واتخاذ تدابير أخرى.
وخلّف هجوم «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 على جنوب إسرائيل 1218 قتيلا، معظمهم من المدنيين، وفقا لتعداد «وكالة الصحافة الفرنسية» استنادا إلى الأرقام الرسمية. كذلك، تم خلال الهجوم خطف 251 رهينة، لا يزال 57 منهم في غزة، بينهم 34 قالت إسرائيل إنهم قضوا، و20 «على قيد الحياة بالتأكيد»، وفقا لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
في المقابل، قتل أكثر من 54056 فلسطينيا، معظمهم من المدنيين، وفقاً لبيانات وزارة الصحة التابعة لحركة «حماس»، والتي تعتبرها الأمم المتحدة موثوقة.
ويفتقر سكان القطاع المحاصر منذ أكثر من 19 شهرا، إلى كل شيء - الغذاء والماء والوقود والدواء - بعد أكثر من شهرين من قرار إسرائيل وقف دخول المساعدات الإنسانية كليا الذي رفعته جزئيا الاثنين الماضي.