شدد العاهل المغربي الملك محمد السادس على أن إعادة إحياء الاتحاد المغاربي تمر بالضرورة عبر تطبيع العلاقات بين المغرب والجزائر، مجددًا الدعوة لفتح صفحة جديدة بين البلدين الجارين، ومؤكدًا استعداده الدائم لحوار صريح ومسؤول.

الملك قال بصريح العبارة في خطاب سياسي رفيع بمناسبة عيد العرش، إن “الاتحاد المغاربي لن يكون بدون انخراط المغرب والجزائر، مع باقي الدول الشقيقة”، مبرزًا إيمانه الراسخ بوحدة شعوب المنطقة، وقدرتها على تجاوز “الوضع المؤسف” الراهن، عبر التعاون وتغليب المصالح الاستراتيجية على الخلافات الظرفية.



مد اليد للجزائر.. والتزام بالحوار
أكد الملك، في خطابه الذي ألقاه مساء الثلاثاء 29 يوليوز 2025، أن موقفه تجاه الجزائر لم يتغير، قائلًا: “الشعب الجزائري شعب شقيق، تجمعه بالشعب المغربي علاقات إنسانية وتاريخية عريقة، وتربطهما أواصر اللغة والدين والجغرافيا والمصير المشترك”.

وأضاف: “حرصت دوماً على مد اليد لأشقائي في الجزائر، ومستعدون لحوار صريح ومسؤول، أخوي وصادق، حول مختلف القضايا العالقة بين البلدين”.

قضية الصحراء.. دعم دولي متزايد لمبادرة الحكم الذاتي
وفي الشق المرتبط بنزاع الصحراء، أعرب الملك عن اعتزازه بما وصفه بـ”الدعم الدولي المتزايد” لمبادرة الحكم الذاتي المغربية، مشيدًا على وجه الخصوص بموقفي المملكة المتحدة والبرتغال، اللذين اعتبر أنهما يكرّسان مواقف داعمة لـ”سيادة المغرب على صحرائه”.

وأشار الملك إلى أن المغرب، رغم ذلك، لا يزال حريصًا على إيجاد “حل توافقي لا غالب فيه ولا مغلوب، يحفظ ماء وجه جميع الأطراف”.



في تفاعل مباشر مع الخطاب الملكي، أصدر المنتدى المغاربي للحوار بيانًا ثمّن فيه مضامين خطاب العرش، معتبرًا أنه يحمل “روحًا واقعية وانفتاحًا مسؤولًا”، ويدشّن فرصة تاريخية لترميم العلاقة بين المغرب والجزائر، وبعث مشروع الاتحاد المغاربي من جديد.

وقال البيان، الذي أرسل نسخة منه ل- "عربي٢١" إن المنتدى تابع “باهتمام بالغ” ما جاء في خطاب العاهل المغربي، وخاصة دعوته إلى “فتح صفحة جديدة في العلاقات مع الجزائر”، مشيدًا بتجديد مد اليد و”تغليب منطق الحكمة والتكامل”، وفق تعبيره.

وأكد المنتدى أن وحدة شعوب المغرب الكبير لم تعد مجرد خيار سياسي، بل “ضرورة استراتيجية لمواجهة التحديات التنموية والأمنية”، داعيًا إلى استثمار هذه اللحظة السياسية.

وأعلن المنتدى في بيانه: دعوة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى التجاوب الإيجابي مع المبادرة الملكية، وبناء مستقبل مشترك على أسس الثقة والاحترام المتبادل. ومناشدة النخب المغاربية، من سياسيين ومثقفين ومجتمع مدني، إلى الانخراط الفاعل في دينامية التقارب والمصالحة، بما يخدم تطلعات شعوب المنطقة نحو الاستقرار والازدهار، وتجديد التزام المنتدى بدعم المبادرات الرامية إلى بعث الاتحاد المغاربي، باعتباره مشروعًا للسلم والتنمية والتكامل.

وختم المنتدى بيانه برسالة رمزية قوية، مفادها أن “القطيعة والانغلاق لا يمكن أن يكونا قدَر شعوبنا”، وأن “الزمن المغاربي قد حان”، وأن “المصالحة التاريخية هي السبيل إلى مستقبل أكثر إشراقًا وكرامة لجميع مواطني المنطقة”.

كرونولوجيا القطيعة بين المغرب والجزائر
رغم الروابط التاريخية والجغرافية التي تجمع المغرب والجزائر، فإن العلاقات بين البلدين ظلت متوترة لعقود، وشهدت محطات مفصلية عمّقت الانقسام، وصولًا إلى القطيعة الرسمية عام 2021:

1975 بداية الشرخ: مع انسحاب إسبانيا من الصحراء الغربية، دعم الجزائر لجبهة البوليساريو مقابل المسيرة الخضراء المغربية، فجّر أولى بوادر النزاع الحاد.

- 1994 إغلاق الحدود: عقب تفجيرات مراكش التي اتهم المغرب فيها عناصر جزائرية، فرض تأشيرات فردّت الجزائر بإغلاق الحدود البرية، في قرار لا يزال قائمًا حتى اليوم.

- 2004–2011 محاولات تطبيع خجولة، لكنها لم تثمر إعادة بناء الثقة، وبقيت العلاقات في وضع هشّ.

2014–2020 تصعيد إعلامي واستخباراتي متبادل، وسط اتهامات بالتدخل ودعم الانفصال.

أواخر 2020 – المغرب يحصل على اعتراف أمريكي بسيادته على الصحراء، ويطبع العلاقات مع إسرائيل، ما فاقم التوتر مع الجزائر.

24 أغسطس 2021 الجزائر تعلن قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب، متهمة الرباط بـ”أعمال عدائية”، بينما اكتفى المغرب بالتعبير عن “الأسف”، داعيًا إلى تغليب منطق الحوار.

منذ ذلك الحين، بقي الوضع على حاله، وسط مبادرات متفرقة من الرباط لمد الجسور، دون استجابة رسمية من الجزائر حتى الآن.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية المغربي محمد السادس الجزائر تبون الصحراء الغربية المغرب الصحراء الغربية الجزائر محمد السادس تبون المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الاتحاد المغاربی المغرب والجزائر

إقرأ أيضاً:

الجزائر ولبنان..علاقات تاريخية متجذرة

تربط الجزائر ولبنان علاقات تاريخية متجذرة قائمة على أسس التعاون والتضامن في ظل الإرادة المشتركة التي تحدو قائدي البلدين في الارتقاء بها إلى آفاق أوسع وإضفاء المزيد من الزخم والحركية على التعاون الثنائي في شتى المجالات.

وتعزيزا لهذا المسعى،تأتي الزيارة الرسمية التي يقوم بها،اليوم الثلاثاء، رئيس جمهورية لبنان الشقيقة، جوزيف عون، الى الجزائر،والتي تشكل فرصة سانحة لبحث سبل ووسائل تعزيز التعاون الثنائي والتطرق الى القضايا الاقليمية والدولية الراهنة.

وعبر كافة المراحل الصعبة التي مر بها هذا البلد الشقيق خلال السنوات الماضية، كانت الجزائر حاضرة بقوة من خلال دعمها الثابت والمتواصل، حيث أعربت في أكثر من مناسبة عن وقوفها إلى جانبه من أجل بلوغ مرحلة جديدة على درب تعزيز الاستقرار والسلم وتحقيق النمو الاقتصادي.

وفي هذا المنحى، كان رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، قد دعا، في كلمة وجهها إلى القمة العربية ببغداد شهر ماي الماضي. الدول العربية إلى “قدر أكبر من التضامن مع الأشقاء في لبنان”،معتبرا أن “وحدة وسيادة وسلامة هذا البلد تظل جزءا لا يتجزأ من مسألة الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط برمتها”.

وضمن هذا المسعى، أعربت الجزائر دوما عن استعدادها لمرافقة الجهود الرامية إلى إضفاء المزيد من الزخم على التعاون الثنائي مع لبنان، وهو ما أبرزه رئيس الجمهورية في رسالة تهنئة بعث بها إلى نظيره اللبناني، جوزيف عون، بمناسبة انتخابه رئيسا للبلاد مطلع العام الجاري، حيث أكد له “استعداده الكامل للعمل سويا على الارتقاء بالعلاقات التاريخية بين البلدين”.

وفي إطار زيارة رسمية قام بها إلى لبنان شهرجانفي  الماضي، بصفته مبعوثا خاصا لرئيس الجمهورية، قال وزير الدولة وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج والشؤون الإفريقية، أحمد عطاف، عقب استقباله من قبل الرئيس اللبناني، أن الجزائر “ستظل واقفة بثبات إلى جانب لبنان في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخه لتقوية مؤسساته وإنعاش اقتصاده واستتباب الأمن فيه”.

وأكد عطاف وجود توافق حول “ضرورة إعادة تحريك العلاقات الثنائية وإعطائها حركية جديدة ومضمونا أوسع”.

من جانبه، أكد الرئيس اللبناني على أهمية تفعيل العلاقات بين البلدين وعزمه على تطويرها في كافة المجالات.

كما أعرب بذات المناسبة عن تقديره للدعم الذي يلقاه لبنان من رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، مشيدا بمواقف الجزائر الداعمة للبنان في مجلس الأمن الدولي، لا سيما خلال العدوان الصهيوني الذي تعرض له نهاية السنة الماضية.

وقد لقيت مواقف الجزائر المتضامنة مع الشعب اللبناني الشقيق ترحيبا واسعا من قبل الأوساط السياسية والإعلامية والشعبية في هذا البلد، خاصة عقب قرار رئيس الجمهورية تزويد لبنان “بشكل فوري” بكميات من الفيول لتشغيل محطات توليد الطاقة الكهربائية.

كما أرسلت الجزائر سنة 2020 أزيد من 200 طن من المساعدات إلى لبنان، مرفقة بطاقم طبي ومختصين في تسيير الكوارث، وذلك إثر الانفجار الذي وقع بميناء بيروت.مخلفا قتلى وجرحى، علاوة على مساعدتها له خلال الأزمة الصحية (كوفيد- 19).

وفي بادرة تؤكد متانة العلاقات التاريخية والأخوية بين البلدين وتجسد الإرادة السياسية في فتح آفاق جديدة وواعدة للارتقاء بمستوى التعاون الاقتصادي, قرر رئيس الجمهورية سنة 2023 استئناف الرحلات الجوية بين الجزائر وبيروت.

بدورها، تعمل المجموعة البرلمانية للصداقة الجزائرية-اللبنانية، منذ تنصيبها سنة 2022, على تعميق التعاون البرلماني وتوسيع أطره ليشمل مختلف المجالات، وكذا إعطاء دفع أكبر للتعاون المثمر بين البلدين والرفع من حجم التبادل التجاري وإنشاء شراكة استراتيجية في عدة قطاعات، لا سيما من خلال تفعيل مجلس رجال الأعمال الجزائري-اللبناني

مقالات مشابهة

  • بالفيديو.. العاهل المغربي يكرم "لبؤات الأطلس"
  • الملك محمد السادس يستقبل لاعبات المنتخب المغربي وجياني إنفانتينو رئيس "فيفا" خلال الاستقبال الملكي بالمضيق
  • محمد السادس يمدّ يده للجزائر.. ملك المغرب يدعو لحوار صريح ومسؤول ويجدد موقفه من ملف الصحراء
  • من المغرب إلى الجزائر: رسالة ملكية غير متوقعة
  • ملك المغرب يؤكد استعداده لـحوار صريح وأخوي مع الجزائر
  • خطاب العرش..الملك: حرصت دوما على مد اليد لأشقائنا في الجزائر وحرصنا على إيجاد حل توافقي لا غالب فيه ولا مغلوب
  • الجزائر ولبنان..علاقات تاريخية متجذرة
  • الباعور يستقبل السفير الموريتاني الجديد ويؤكد الحرص على تعزيز العلاقات الثنائية
  • وزير الشئون النيابية: العلاقات بين مصر والسعودية تاريخية تستند إلى الأخوة والمصير المشترك