أبوظبي – الوطن:
أكدت ندوة علمية بمركز تريندز للبحوث والاستشارات أهمية التعاون الفكري والثقافي بين الصين والدول العربية، في إطار تعزيز التفاهم المشترك وتحقيق التنمية، مؤكدةً أهمية التواصل الثقافي، وبناء منصات بحثية وتعاون مستدام يُمكّن من استشراف حلول مستقبلية لتحديات مشتركة بين الجانبين.
جاء ذلك في الندوة التي نظمها مركز تريندز للبحوث والاستشارات بالتعاون مع معهد دراسات تاريخ ووثائق الحزب الشيوعي الصيني، ومجموعة بيت الحكمة للثقافة تحت عنوان “مستقبل التعاون بين مراكز الفكر الصينية والعربية في العصر الجديد”،وذلك بمقره في أبوظبي، بهدف تعزيز الشراكات البحثية وتطوير التعاون الاستراتيجي بين الصين والدول العربية.


حضر الندوة وفد صيني رفيع المستوى برئاسة معالي سون دونغ شنغ، نائب رئيس معهد تاريخ ووثائق الحزب الشيوعي الصيني، وسعادة السفير الصيني لدى دولة الإمارات تشانغ إي مينغ، إضافة إلى عدد من الباحثين والخبراء من الجانبين.
وفي كلمته الترحيبية، عبّر الدكتور محمد عبداللـه العلي، الرئيس التنفيذي لمركز تريندز للبحوث والاستشارات، عن اعتزاز المركز باستضافة هذه الفعالية التي تركز على تعزيز التعاون بين المؤسسات الفكرية والبحثية الصينية والعربية، وتبادل الأفكار بما يخدم التنمية المشتركة ويعزز استقرار المجتمعات.
وشدد الدكتور محمد العلي على أهمية التعاون بين مراكز الفكر، مشيراً إلى أن “تريندز” يسعى منذ انطلاقته إلى تعميق هذه الروابط، وقد نجح في إقامة شراكات بحثية واسعة النطاق تغطي مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك الصين.
وأشار إلى نجاح مركز “تريندز” في تنظيم “قمة تريندز الأولى لمراكز الفكر في دول البريكس” في موسكو، والتي بحثت دور المؤسسات البحثية والإعلامية في تطوير السياسات وتعزيز القوة الناعمة لدول البريكس.
ولفت الدكتور محمد العلي إلى أن مركز تريندز يولي أهمية كبيرة لتعزيز التعاون مع المراكز الصينية، حيث أقام أنشطة بحثية مشتركة مع السفارة الصينية لدى دولة الإمارات ومجموعة الصين للإعلام، وشارك في “معرض بكين الدولي للكتاب 2024″، وافتتح مكتباً افتراضياً في الصين لتعزيز التعاون البحثي والفكري بين الجانبين.
وأكد أن التعاون بين مراكز الفكر أصبح ضرورة ملحة في ظل التحديات العالمية المتزايدة ،حيث يمكن لهذه المراكز من خلال تبادل الأفكار والرؤى أن تسهم في صياغة استراتيجيات شاملة لمواجهة هذه التحديات.

نموذج عالمي
بدوره أكد معالي سون دونغ شنغ، نائب رئيس معهد تاريخ ووثائق الحزب التابع للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، في كلمته بالندوة على أهمية تعزيز التعاون بين الصين والدول العربية لتحقيق التحديث المشترك وبناء “مجتمع ذي مصير مشترك”. وأشار إلى المبادئ الخمسة للتحديث الصيني التي طرحها الرئيس شي جين بينغ، ومنها أهمية القيادة الشاملة للحزب، والالتزام بالاشتراكية ذات الخصائص الصينية، والتركيز على التنمية المرتكزة على الشعب.
وأبرز سون دونغ شنغ ضرورة تعميق الإصلاح والانفتاح، وتطوير “روح النضال”، حيث يشمل التحديث الصيني تحقيق الرخاء المشترك والتوافق بين الحضارتين المادية والمعنوية. وأشاد بالدور الإيجابي لمبادرات الصين مثل “الحزام والطريق”، والتعاون في مجالات متعددة مثل الاقتصاد، والطاقة، والتكنولوجيا، مما يُعزز التعاون مع الدول العربية. وأضاف أن التعاون الصيني العربي يشكل نموذجاً عالمياً للتنمية السلمية والتفاهم المتبادل، معبراً عن أمله في استمرار هذه الشراكة لخلق مستقبل أفضل للجميع.

تحديث متوازن
من جانبه أعرب سعادة السفير الصيني لدى دولة الإمارات تشانغ إي مينغعن سعادته بالحضور، مشيداً بالعلاقة العميقة بين الصين والإمارات، مؤكداً أن الصين تواصل جهودها نحو تحقيق “التحديث الصيني النمط”، الذي يسعى لتعزيز التوازن الدولي وإطلاق مكاسب تنموية جديدة تعود بالنفع على العالم بأسره. كما أشار السفير إلى أهمية التعاون الصيني العربي، لا سيما في ضوء توقيع الصين وثائق تعاون ضمن مبادرة “الحزام والطريق” مع 22 دولة عربية، ومشاريع البنية التحتية التي تعود بالفائدة على ما يقارب ملياري شخص.

البحث العلمي أداة قوية
وفي مداخلة لها أمام الندوة.. تطرقت الباحثة موزة المرزوقي، رئيسة قسم الدراسات الاقتصادية بمركز “تريندز”، إلى آفاق التعاون بين الصين والعالم العربي في مجالات التكنولوجيا والطاقة المتجددة والبيئة، مشيرة إلى أن التعاون البحثي والفكري بين الطرفين يشكل أداة قوية لدعم استراتيجيات التحديث والتنمية المستدامة. كما تحدثت عن دور مراكز الفكر في إقامة شراكات تهدف إلى استكشاف حلول للتحديات البيئية مثل التصحر وندرة المياه، وتطوير استراتيجيات لمدن مستدامة تتكامل فيها الطاقة المتجددة والمساحات الخضراء.

مرجع أساسي للتنمية
بدورها سلطت الأستاذة هوه نا، مديرة القسم العربي بإدارة البحوث السادسة بمعهد تاريخ ووثائق الحزب، الضوء على “أهمية التحديث الصيني النمط كمرجع أساسي للدول النامية”، مشيرة إلى إسهام الصين في تحقيق التنمية والسلام من خلال مبادراتها العالمية، ودعمها للدول العربية في رسم مسارات مستقلة للتنمية. وأكدت هوه نا على أن التحديث الصيني النمط هو مسار للتنمية السلمية، حيث يهدف إلى التشارك والنفع المتبادل، ويعزّز رؤية حضارية تقوم على المساواة والحوار.

توصيات الندوة
وفي ختام الندوة ألقى الدكتور أحمد السعيد، الرئيس التنفيذي لمجموعة بيت الحكمة للثقافة، توصيات المجموعة، والتي تتلخص في ضرورة إصدار نشرات ودراسات دورية باللغتين العربية والصينية، تركز على موضوعات التحديث والعصرنة ومواجهة التحديات العالمية، مع التركيز على دور الصين في التنمية العالمية وازدهار المجتمعات، وتعزيز التأهيل اللغوي والبحثي، من خلال العمل على توفير برامج تأهيل لغوية متخصّصة تشمل دورات ميدانية لتطوير مهارات الباحثين العرب باللغة الصينية، وكذلك تعزيز تعليم اللغة العربية للباحثين الصينيين، وذلك بهدف سد الفجوة اللغوية وتمكين الباحثين من العمل والتواصل بشكلٍ مباشر وتبادل الأفكار بفعالية.
ومن التوصيات أيضاً تنظيم مؤتمر سنوي دوري لمراكز الفكر الصينية والعربية، يُقام بشكلٍ دوري في إحدى العواصم العربية وفي العاصمة الصينية بكين بالتناوب لمناقشة المستجدات والتطورات في مجالات التعاون، واستعراض أطر جديدة للشراكة المستدامة بين الجانبين، بما يسهم في بناء علاقات أعمق وأقوى. وتشجيع التعاون الأكاديمي المباشر بين الجامعات الصينية والعربية في الدراسات المشتركة حول الثقافة والدراسات الإقليمية الخاصة بالجانبين، دون الاعتماد على أطراف وسيطة، وإبراز عظمة العلاقات الصينية العربية من خلال إعداد دراسات وأبحاث مشتركة تُبرز عمق العلاقة التاريخية والثقافية بين الحضارتين الصينية والعربية، وإطلاق مبادرات للاستدامة والتنمية خاصة في مجالات الطاقة المتجددة والبيئة والابتكار الزراعي، حيث يمكن للصين أن تشارك خبراتها في الطاقة الشمسية والري المستدام، مما يسهم في معالجة تحديات التصحر ونقص المياه التي تواجه المنطقة العربية.


المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

بمناسبة اليوم العالمي للقياس.. ندوة علمية لهيئة المواصفات والمقاييس السورية في جامعة دمشق

دمشق-سانا

بمناسبة اليوم العالمي للقياس “المترولوجيا”، نظمت هيئة المواصفات والمقاييس السورية اليوم، ندوة علمية بالتعاون مع جامعة دمشق والجمعية العلمية السورية للجودة تحت عنوان “150 عاماً على اتفاقية المتر: القياسات لجميع الأوقات لجميع الناس”، وذلك في قاعة رضا سعيد للمؤتمرات بجامعة دمشق.

وفي كلمة له خلال الافتتاح أكد معاون وزير الاقتصاد والصناعة المهندس باسل عبد الحنان أن سوريا تستعيد اليوم مكانتها من جديد وتبني اقتصاداً جديداً على قاعدة المعرفة والدقة والعدالة، للنهوض بالإنتاج وضمان حقوق الناس، مشيراً إلى أن القياس يعتبر جزءا لا يتجزأ من عملية إعادة الإعمار والثقة بين كل من المواطن والدولة، والمنتج والمستهلك، وسوريا والعالم، مبيناً أنه عندما تكون المقاييس صحيحة يكون السوق منصفاً والمنافسة نزيهة، والمستهلك محمياً.

ولفت المهندس عبد الحنان إلى جهود الوزارة في تطوير البنية التحتية للقياس والمعايرة، وتحديث التشريعات لتتوافق مع المعايير الدولية وتشجيع الاستثمار في القطاعات الإنتاجية، وتعزيز ثقافة القياس في التعليم المهني، والمنشآت الصغيرة والمتوسطة، لرفع مستوى المنتج السوري وإعادته إلى الأسواق الخارجية بثقة.

بدورها، أوضحت مديرة هيئة المواصفات والمقاييس العربية السورية الكيميائية إيمان الصالح أن الندوة تهدف إلى تسليط الضوء على أهمية المترولوجيا في حياتنا اليومية، ودعم التقدم الصناعي التكنولوجي والاقتصادي على مستوى العالم، لافتة إلى ضرورة تطبيقها لضمان حقوق المواطنين وصحتهم وسلامة بيئتهم من خلال استخدام أدوات وأجهزة قياس مضبوطة ومعايرة.

من جهته رئيس الجمعية العلمية السورية للجودة المهندس عامر البسيط بين أن القياس والجودة، عنصران أساسيان لضمان التنمية المستدامة وتعزيز الثقة في المنتجات والخدمات، مشيراً إلى أهمية نشر ثقافة الجودة في المجتمع لضمان نجاح الصناعات ورضا المستهلك، وتعزيز القدرة التنافسية للقطاعات الصناعية والخدمية.

كما ركزت مديرة مديرية المواصفات والمقاييس العربية السورية الفيزيائية رزان شيخ الجبل في محاضرة لها على دور المترولوجيا في دعم الاقتصاد الوطني، وتسهيل التجارة بين الدول، وتحقيق التقدم العلمي، ورفع مستوى جودة المنتجات الصناعية، وحماية البيئة وإرضاء حاجات المستهلك.

بينما تناولت محاضرة عضو مجلس إدارة الجمعية العلمية السورية للجودة المهندس هاني العلي عرضاً لاتفاقية “المتر” التي تهدف إلى توحيد أنظمة القياس في العالم، وكيفية حماية المترولوجيا للعالم من الغش، فهي تدخل في كل تفاصيل الحياة سواء في المنتج المحلي أو عمليات الدفع الإلكتروني والخدمات التي يقدمها القطاع الصناعي.

بدوره ممثل الجمعية العلمية السورية للجودة المهندس مازن الراشد أكد خلال محاضرته أهمية القياس والمعايرة في حياتنا اليومية والمهنية والتنمية المستدامة ودورهما في دعم البنية التحتية للجودة من خلال ضبط التجهيزات التي تستخدم في البيئة والطب والهندسة.

وفي محاور أخرى ناقش الحضور أهمية القياس في رفع جودة القطاع الصحي، واستعراض تجربة إحدى الشركات الصناعية في مجال القياس.

يذكر أن اتفاقية “المتر” هي معاهدة دولية وقعت في العاصمة الفرنسية باريس في 20 أيار 1875 م من قبل ممثلي 17 دولة، بهدف تنسيق المقاييس الدولية، وتنظيم وتطوير النظام المتري في العالم.

وتحتفل الدول باليوم العالمي للقياس في العشرين من أيار من كل عام في ذكرى توقيع هذه الاتفاقية التي باتت تضم حاليا أكثر من 100 دولة بينها سوريا.

تابعوا أخبار سانا على 

مقالات مشابهة

  • “من الحرية إلى الإعمار”.. ندوة علمية لجامعتي دمشق وغازي عينتاب ‏الإسلامية التركية للعلوم والتكنولوجيا
  • منتدى الاقتصاد السوري الأردني يبرز آفاقا جديدة للتعاون بعد رفع العقوبات
  • “بين الأشهر والأشطر”… مؤتمر “EATN” يعيد تعريف دور الطبيب في العصر الحديث
  • بعد عقدين من زوال النظام السابق.. ندوة تناقش حقوق الكورد الفيليين المسلوبة
  • أهمية بحر الصين الجنوبي في الصراع الأمريكي الصيني (1-3)
  • بمناسبة اليوم العالمي للقياس.. ندوة علمية لهيئة المواصفات والمقاييس السورية في جامعة دمشق
  • لجنة السنة بالأزهر تناقش جهود إطلاق موسوعة علمية ضخمة للشروح الحديثية
  • منتدى الأعمال العُماني البرازيلي يفتح آفاقا جديدة للتعاون الاقتصادي والاستثماري
  • الصحة النفسية والإدمان… ندوة علمية في جامعة حمص
  • البيان المشترك لقمة مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ورابطة دول جنوب شرق آسيا (الآسيان) و الصين