أبواب العدل تظل مفتوحة أمام كل الاتجاهات
تاريخ النشر: 4th, November 2024 GMT
خالد بن أحمد الأغبري
الأحداث المتلاحقة في عالمنا المضطرب تثير الكثير من التساؤلات والقلق، وتنذر بمستقبل غامض ومظلم يهدد بالمزيد من التحديات المؤثرة سلبا على أمن واستقرار المنطقة، وعندما تكون العنصرية والعنجهية والفوضى سلاحا خبيثا في أيدٍ حقودة وماكرة موجهاً لفئة من الناس لا لأي جرم ارتكبته، عدا أنها تطالب بحقوقها المشروعة، وتجاهد من أجل تحرير أراضيها المغتصبة من قبل الكيان المحتل الغاشم والمحاط بتلك الهالة الداعمة للإجرام والمجرمين.
وهذا يخالف المبادئ الإنسانية التي تحكم قواعد المجتمعات وهي تقدس وتلتزم بأحكام شريعة الله ومنهجه الكريم؛ وذلك دون غيرها من الفئات التي تثير الجدل في نواياها وقبيح أفعالها وحقدها المتأصل ضد البشرية، بالإضافة إلى نشر الفساد والمفسدين والخونة المارقين من خلال المزيد من التطرف والاحتلال الهمجي والفوضى السلبية والعنجهية القائمة على العنف المتأصل في مكوناتها ونظرتها الشاملة والحاقدة التي تتناغم وتتفاعل مع البيئة السيئة المحيطة بها وتنمّي قدراتها وأفكارها بطرق مأساوية وغير مألوفة وغير عادلة وليست بآمنة بقدر ما يحاك من وراء الكواليس من خطط وبرامج واستراتيجيات، وذلك ضمن المنهجية العرقية والعنصرية التي تستمد قواها من خلال غياب نظم الحياة الفاضلة والمتزنة التي تمجّد حقوق الإنسان وتعظم أخلاقياته على نحو يمدها بالقوة والأمن والأمان في مجمل توجهاتها الفكرية والثقافية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية.
ومع فقدان ذلك أو الإخلال بمقوماته، فإن الحياة تبقى على صفيح ساخن وملتهب له عواقب وخيمة تدعو إلى الحذر والتصدي لما يحاك ضد الآمنين الذين يستظلون ويدينون دين الحق ويدْعُون إلى التسامح والتعايش والوئام تحتّ مظلة طاعة الله والعمل بما يحقق العدل والمساواة للبشرية جمعاء.
إن إستمرار الصهاينة في إشعال فتيل الحرب وتوسيع رقعته ليشمل الدول المجاورة من أجل أن تتولى هي قيادة الإرهاب والعبث بحقوق الناس والعمل على شرعنة شريعة الغاب وبث روح الفتنة ومساراتها اللا أخلاقية وذلك في ضوء الأحداث الممنهجة والملتهبة في أجواء المنطقة وتخطيطهم نحو تغيير الحقائق التاريخية وتوسيع خارطة مستقبل دولتهم القائمة على البلطجية والاحتلال غير المشروع الذي يهدد المجتمعات بتغيير أوضاعهم وجغرافية دولهم ليصبحوا جزءاً من هذا الكيان الغاصب لا قدَّر الله، إضافة إلى تصفية كل من يقف أمامهم لإيقاف هذا الزحف الصهيوني الذي يتمدد بسبب انبطاح البعض الذين فقدوا بوصلة شريعة خالقهم جلت قدرته، وأصبحوا تائهون بسيرون في طريق معاكس ليرتموا في أحضان عدوهم ويعملون من أجل تحقيق مصالحه وتنفيذ توجيهاته سراً وعلانية معتقدين في أنفسهم بأن حماية أشخاصهم هي جزء من منظومة أصحاب القبة الحديدية التي يدينون لها بالولاء والطاعة.
إن إصرار الصهاينة على موقفهم واستمرارهم في الحرب والقتل والدمار والتسويف والمماطلة وعدم قبولهم بأية تسوية أو حلول عادلة، لن يأتي هذا التوجه السلبي بخير لأي طرف كان، وإنما يأتي بالمزيد من الدمار وإزهاق الأرواح وتعطيل المصالح العامة والخاصة وتعطيل القوى الفاعلة وترسيخ مبدأ الحقد والكراهية، وفي آخر المطاف لا شك أنَّ الغلبة ستكون لله ولعباده المؤمنين، "إِن يَنصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ" نسأل الله العافية والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخره، وعلى الجانب الآخر هناك من يحاول تلميع صورته الملطخة بدماء الأبرياء من خلال ظهوره بمظهر الوسيط المحايد لكي يخفي وجهه الحقيقي عمّا تقوم به تلك العصابة المارقة من مجازر وانتهاكات صارخة بحق شعوب المنطقة، وهذا الدور الذي يمثله ذلك الطرف على خشبة مسرح الجريمة هو وسيلة من الوسائل التكتيكية التي تظهره تلك الأطراف وتداعب به مشاعر المجاهدين وذلك عندما ترى إسرائيل نفسها على مقربة من الفشل والهزيمة في مواجهة المقاومة الفلسطينية الصامدة، فتدخل هي بصورة مباشرة متقمصة دور الوسيط المحايد وذلك من أجل تخفيف الضغط الموجه إلى إسرائيل والذي يقلق هذه الأطراف ويزعجها بحيث تمنحها الوقت المناسب لبناء قدراتها العسكرية والأمنية واللوجستية من أجل تحقيق أهدافها والعمل على تطوير آليات العنف والجريمة لخلق المزيد من الفوضى وانتهاك حقوق شعوب المنطقة والاستمرار في الغطرسة والعمل على إضاعة حقوق الآخرين والذين يعانون الأمرين ممن فقدوا المبادئ الإنسانية الفاضلة وتجردوا من كل القيم الأخلاقية في صورة تشكلها تلك النفوس المريضة التي تعاني من حالة انفصام في الشخصية مع عدم التركيز فيما تتخذه من قرارات تعنى بقضايا الأمم ومعالجة أوضاعها الإنسانية والاجتماعية بما يكفل لها حياة هادئة ومستقرة.
واضطراب النفس وانحرافها عن جادة الصواب وما يترتب على ذلك من متغيرات وعوامل سلبية تهدد البشرية بعواقب وخيمة، كما أنها تهدد منظومة حياة الإنسان وتسلب منه راحة البال وتدفع به إلى ممارسات غير طبيعية مشحونة بالتوترات العميقة وتجعل من تلك المجتمعات تعيش في صراع دائم ونزاع مُستمر وصولاً بها إلى سفك المزيد من الدماء وقتل الأبرياء والعبث بحياة الناس وانتهاك حقوقهم وقطع سبل العيش عنهم بأساليب مختلفة وطرق وحشية، متنوعة ومتكررة.
نسأل الله أن يأخذ بأيدي أمتنا الإسلامية ويوحد صف أبنائها ويمنحها القدرة على تحقيق أهدافها وغاياتها وحماية نفسها بما يجعلها تعيش في سلام وأمان بعيداً عن مستنقع الهمجية والفوضى اللا مسؤولة، كما نسأل الله سبحانه وتعالى أن يحفظ لنا عاهلنا المفدى جلالة السلطان المعظم هيثم بن طارق ويمده بوافر الصحة والعافية وأن يجعل من عمان واحة أمن وأمان واستقرار، إنّ الله على كل شيء قدير.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
البابا ليو الرابع عشر: الكرسي الرسولي لن يقف مكتوف الأيدي أمام انتهاكات حقوق الإنسان
قال البابا ليو الرابع عشر: "أود أن أؤكد أن الكرسي الرسولي لن يقف مكتوف الأيدي أمام التفاوتات الجسيمة والظلم وانتهاكات حقوق الإنسان الأساسية في مجتمعنا العالمي الذي يزداد انقساما وعرضة للصراعات".
أكد البابا ليو الرابع عشر أمام سفراء جدد لدى الكرسي الرسولي يوم السبت أن الفاتيكان لن يقف مكتوف الأيدي أمام انتهاكات حقوق الإنسان في أنحاء العالم، في واحدة من أوضح تصريحاته منذ انتخابه على رأس الكنيسة الكاثوليكية في أيار/مايو، عقب وفاة البابا فرنسيس.
وقال الحبر الأعظم أمام مجموعة السفراء الثلاثة عشر: "أود أن أؤكد مجددًا أن الكرسي الرسولي لن يقف مكتوف الأيدي أمام التفاوتات الجسيمة والظلم وانتهاكات حقوق الإنسان الأساسية في مجتمعنا العالمي الذي يزداد انقساما وعرضة للصراعات".
وأشار البابا ليو إلى أن السلام يتطلب الالتزام بالتخلي عن "الكبرياء والرغبة في الانتقام" ومقاومة "إغراء استخدام الكلمات كسلاح". وأوضح أن هذه الرؤية أصبحت أكثر إلحاحًا "مع استمرار التوترات الجيوسياسية والانقسامات التي تثقل كاهل الدول وتضعف روابط الأسرة البشرية".
كما تطرق إلى آثار عدم الاستقرار العالمي، مشيرًا إلى أن "الفقراء والمهمشين هم الأكثر معاناة من هذه الاضطرابات". وأكد، مستشهدًا ببابا فرنسيس، أن "مقدار عظمة أي مجتمع يُقاس بطريقة معاملة المحتاجين".
Related البابا ليو الرابع عشر في لبنان: الحل الوحيد في فلسطين هو حل الدولتين لكن إسرائيل لا تريدهفي اليوم الثاني لزيارته.. البابا ليو الرابع عشر يزور ضريح مار شربل ويهدي لبنان قنديل السلامفيديو - البابا ليو الرابع عشر يتجوّل حافي القدمين داخل "المسجد الأزرق" في إسطنبولودعا البابا السفراء المعتمدين حديثًا للانضمام إلى الكرسي الرسولي في تعزيز التعاون متعدد الأطراف "في وقت الحاجة الماسة إليه"، معربًا عن أمله في أن يساهموا معًا في مساعدة المجتمع الدولي على "وضع أسس لعالم أكثر عدلاً وأخوة وسلامًا".
وختم بالقول إنه "بدعم من أمانة الدولة، لتفتح مهمتكم أبوابًا جديدة للحوار، وتعزز الوحدة، وتدفع قدماً السلام الذي تتوق إليه الأسرة البشرية".
ويُشار إلى أن الكرسي الرسولي هو الهيئة الحاكمة للكنيسة الكاثوليكية، التي يقودها البابا وتمتلك سلطة روحية على نحو 1.4 مليار كاثوليكي حول العالم.
وأكد البابا ليو الرابع عشر أن دبلوماسية الكرسي الرسولي "تتجه باستمرار نحو خدمة خير البشرية، لا سيما من خلال مناشدة الضمائر والإصغاء لأصوات الفقراء، أو الذين يعيشون في أوضاع هشة، أو الذين يُدفعون إلى هامش المجتمع".
وبتركيزه على قضايا عدم المساواة، يبني البابا على أولويات سلفه البابا فرنسيس، الذي دافع خلال حبريته عن حقوق المهاجرين والفئات المستضعفة.
وانتقد ليو الرابع عشر، الذي أمضى قرابة 20 عامًا مبشّرًا في بيرو، معاملة المهاجرين "غير المحترمة" في الولايات المتحدة في عهد الرئيس دونالد ترامب.
وكان السفراء الجدد الذين استقبلهم الفاتيكان يوم السبت، يمثلون دولًا مثل أوزبكستان ومولدافيا والبحرين وسريلانكا وباكستان وليبيريا وتايلاند وليسوتو وجنوب إفريقيا وفيجي وميكرونيزيا ولاتفيا وفنلندا.
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك محادثة