جثث تعبّد شوارع الخرطوم.. والبرهان يتحدث عن أكبر مؤامرة في تاريخ السودان
تاريخ النشر: 15th, August 2023 GMT
قال رئيس مجلس السيادة الانتقالي بالسودان عبد الفتاح البرهان، إن بلاده "تواجه أكبر مؤامرة في تاريخها الحديث"، وإن "قوات الدعم السريع متعطشة للسلطة"، في الوقت الذي تصتاعد فيه التحذيرات من خطر الجثث التي لم تدفن في العاصمة الخرطوم.
وفي خطاب متلفز، بمناسبة عيد القوات المسلحة السودانية الـ 69 الموافق 14 أغسطس/ آب من كل عام، قال البرهان: "نستقبل هذه الذكرى وبلادنا تواجه أكبر مؤامرة في تاريخها الحديث ستهدف كيان وهوية وتراث ومصير شعبنا".
واتهم البرهان قوات الدعم السريع بـ"قيادة أكبر ظاهرة قامت علي التضليل والكذب والخداع وتزييف الحقائق وشراء ذمم الناس"، موضحا أنها "يستبد بها الطمع والتعطش للسلطة للحد الذي فرض علينا هذه الحرب التي نخوضها مضطرين".
بينما تدعي "الدعم السريع" في أكثر من بيان، أنها "تحارب من أجل الديمقراطية والمدنية"، على حد قولها.
وأشار رئيس مجلس السيادة إلى أن الجيش السوداني سيحتفل "قريبا جدا بالنصر المؤزر" على قوات الدعم السريع.
وأكد البرهان أن القوات المسلحة السودانية تعمل "للوصول إلى صيغة سياسية محكمة وعادلة ومقبولة تصل بالبلاد إلى محطة الانتخابات".
يأتي ذلك في الوقت الذي لم تهدأ فيه أصوات الرصاص والمدافع في العاصمة الخرطوم منذ خمسة أشهر، في حين تعجز السلكات المحلية والمنظمات الدولية عن إحصاء عدد ضحايا الصراع بشكل دقيق.
ويذكر تقرير لشبكة "بي بي سي" البريطانية، أن العديد من الأسر اضطرت لدفن موتاها في البيوت، لعدم إمكانية الوصول للمقابر، خاصة في المناطق التي تشهد اشتباكات مستمرة كأحياء أم درمان والخرطوم بحري ومناطق في إقليم دارفور، ناهيك عن روايات تتحدث عن جثث تنتشر في الشوارع لم تدفن.
منازل تحولت لمقابر
ولا تخفي شاهدة العيان إحسان عبد العزيز، آلمها وأسفها وهي تروي، المشهد الذي رأته، تقول: "مررت بعشرات الجثث ملقاة عند موقف الشمبات القريب من السوق المركزي"، وتضيف "بعض هذه الجثث كان مغطى وأنا متأكدة من أن الكثير منها يعود للمدنيين، الإنسان لا يحتمل رؤية ذلك يكاد قلبي ينفطر".
ونقلت "بي بي سي" عن الصحفي عثمان فضل الله، تأكيده أن "مئات الجثث تنتشر في شارع الشهيد مطر، وهو أحد أكبر الشوارع وأشهرها في الخرطوم بحري، وأن هذا المشهد أصبح موجودا في معظم مناطق الخرطوم، حيث باتت الجثث المنتشرة، عُرضة للعبث، إذ تنهشها الكلاب، ولا يستطيع أحد الاقتراب منها لدفنها"، أما المارة فيتجولون فوق تلك الجثث التي أصبحت "تُعبِّد الطريق" دون لمسها.
ويُشير فضل الله، إلى أن الوصول إلى المقابر أصبح صعبا للغاية في ظل الوضع الأمني الراهن خاصة في أم درمان، حيث حاول سكان منطقة أمبدة في أم درمان، دفن أربعة جثامين في المقبرة القريبة، إلا أن "موكب التشييع تعرض للرماية بالرصاص من قبل أحد طرفي القتال".
ويروي فضل الله، قصة الموسيقار السوداني خالد السنهوري، الذي توفي بعد صراع مع المرض داخل منزله بعد أيام من بدء الحرب الحالية في الخرطوم، واضطر أهله لدفنه أمام منزله لصعوبة الوصول إلى المقبرة التي تبعد أمتاراً قليلة من منزله، موضحاً أن العديد من "منازل المواطنين باتت مقابر للموتى".
"طاعون" يهدد الجميع
وحذرت منظمات محلية ودولية، كانت آخرها منظمة أنقذوا الطفولة البريطانية، من مخاطر ترك الجثث الموجودة في الشوارع والتي قالت "إنها تشكل تهديدا على السكان بسبب تحللها وتعفنها، إذ أنها يمكن أن تكون سبباً رئيسياً في انتشار الأوبئة والأمراض" خاصة وأن الوضع الراهن في السودان يحول دون تنفيذ حملات لمكافحة نواقل الأمراض.
وما يزيد الوضع خطورة، تحذيرات أطلقتها هيئة الطب العدلي، في السودان، من انتشار الأمراض والأوبئة بين المواطنين خاصة الطاعون، مع وجود ما لا يقل عن 3000 جثة في مشارح العاصمة الخرطوم مهددة بالتحلل والتعفن، في ظل غياب معلومات دقيقة عن وضع تلك المشارح لوقوعها في مناطق تتخللها اشتباكات.
ويقول الدكتور هشام زين، مدير هئية الطب العدلي في السودان، لبرنامج للسودان سلام الذي تبثه "بي بي سي"، إن أكثر من 3000 جثمان موجود داخل مشارح العاصمة الخرطوم تعود لأحداث فض الاعتصام عام 2019 والفترة التي تلتها، مشيراً إلى أن لجنة تم تشكيلها للتحقيق في ضحايا تلك الحادثة "منعت دفن وتشريح الجثث لأغراض سياسية"، وهو ما أدى لتراكم تلك الجثامين على حد تعبيره.
وأشار زين، إلى أن تلك الجثامين موجودة في مشارح بشاير والأكاديمي وأم درمان، ومع بداية الحرب أصبح الوصول إلى تلك المشارح صعباً بسبب وقوعها في مناطق اشتباكات نشطة، بالإضافة إلى انقطاع التيار الكهربائي لمدة أشهر عن تلك المناطق.
وأكد زين أن الجثث الموجودة في الشوارع أو في المشارح يمكن أن تسبب كارثة وبائية في البلاد في حال لم يتم التعامل معها، ومؤكدا على ضرورة تشريحها ودفنها فوراً لتفادي المخاطر التي قد تسببها.
جثامين في مثواها الأخير
وعلى الرغم من أن مشهد الجثث المترامية على الطرقات أصبح مألوفاً في مناطق الاشتباكات في العاصمة الخرطوم والمناطق الأخرى، كما يروي شهود العيان، وجدت جثث أخرى طريقها لمثواها الأخير في المقابر إما بمساعدة الأهالي أو مبادرات تطوعية تم إطلاقها عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
يقول الدكتور نوح مدني، إن مجموعة من الشباب الذين كانوا ينتسبون للهلال الأحمر، بمساعدة شباب الأحياء في المناطق، أطلقوا مبادرات للوصول إلى الجثث ومحاولة دفنها في المقابر.
ويضيف الدكتور مدني "نظمنا تدريبات حول كيفية التعامل مع الجثث وإجراءات السلامة التي يجب الالتزام بها أثناء التعامل معها، إلا أن "الوضع على الأرض كان صعباً جداً والمشهد كان مخيفاً للغاية"، موضحاً أن المتطوعين تلقوا بلاغات حول جثث "كانت أشلاؤها متناثرة في صورة قاسية على القلب".
وأكد الدكتور مدني، أن فريق المتطوعين يتعرض "للخطر في كل لحظة يحاول فيها الوصول إلى إحدى الجثث، إضافة إلى الخطر الصحي الذي يمكن أن تشكله تلك الجثث على المتعاملين معها، إذ يوجد خطر الإصابة بطلقات نارية من أحد طرفي القتال بسبب وجود تلك الجثث في مناطق "خطرة".
ومع تفاقم خطر الجثث التي لم تُدفن، تناشد الجهات المختصة المحلية والدولية طرفي القتال بضرورة فتح طرق وممرات آمنة تسمح بإيصال تلك الجثث للمقابر ودفنها "حفظاً لكرامة الميت" كما يقول البعض.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات البرهان الجثث السودانية الجيش الطاعون السودان الجيش جثث الطاعون البرهان سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة العاصمة الخرطوم الدعم السریع الوصول إلى فی مناطق إلى أن
إقرأ أيضاً:
أكثر من 170 وفاة خلال أسبوع جراء تفشي الكوليرا في السودان
الخرطوم- أعلنت وزارة الصحة السودانية الثلاثاء 27 مايو 2025، عن ازدياد كبير في عدد الإصابات بالكوليرا في البلاد حيث سُجّلت 2700 إصابة و172 وفاة خلال أسبوع واحد.
وقالت الوزارة في بيان إن 90% من الإصابات سجّلت في ولاية الخرطوم حيث تعطّلت إمدادات الطاقة والمياه بشدّة في الأسابيع الأخيرة جراء ضربات بالمسيّرات نُسبت إلى قوات الدعم السريع التي تخوض حربا ضد الجيش منذ نيسان/أبريل 2023.
وسُجّلت حالات أخرى في جنوب ووسط وشمال البلاد.
يعد وباء الكوليرا متوطنا في السودان لكنه يتفشى بشكل أسوأ بكثير وأكثر تكرارا منذ اندلعت الحرب التي أدت إلى تدهور البنى التحتية الهشة أساسا للمياه والصحة والصرف الصحي.
وقالت الوزارة الثلاثاء الماضي إن 51 شخصا لقوا حتفهم جراء الكوليرا من بين أكثر من 2300 حالة تم تسجيلها على المدى الأسابيع الثلاثة الماضية، 90 في المئة منها في ولاية الخرطوم.
شنّت قوات الدعم السريع ضربات هذا الشهر على أنحاء الخرطوم، بما في ذلك على ثلاث محطات للطاقة، قبل إخراجها من آخر مواقع كانت تسيطر عليها في العاصمة الأسبوع الماضي.
وأدت الضربات إلى خروج شبكة الطاقة ولاحقا المياه المحلية عن الخدمة، بحسب "أطباء بلا حدود"، ما أجبر السكان على اللجوء إلى مصادر المياه غير الآمنة.
وقال منسق الشؤون الطبية لدى أطباء بلا حدود في السودان سليمان عمار في بيان "انقطعت الكهرباء عن محطات معالجة المياه ولم يعد بإمكانها توفير المياه النظيفة من النيل".
وقد يؤدي وباء الكوليرا الذي يتسبب بإسهال حاد ناجم عن تلوث المياه أو الغذاء إلى الوفاة في غضون ساعات ما لم يحصل المصاب على العلاج.
لكن الوقاية منه وكذلك علاجه أمر سهل عندما تتوفر المياه النظيفة والصرف الصحي والرعاية الطبية في وقتها.
دفعت الحرب نظام الرعاية الصحية الهش أساسا في السودان إلى "نقطة انهيار"، بحسب منظمة الصحة العالمية.
وأُجبرت حوالى 90 في المئة من مستشفيات البلاد في مرحلة ما على الإغلاق بسبب المعارك، بحسب اتحاد الأطباء، فيما تم اقتحام المنشآت الصحية بشكل دوري وقصفها ونهبها.
وأودت الحرب التي دخلت عامها الثالث بحياة عشرات الآلاف وأدت إلى نزوح 13 مليون شخص متسببة بأكبر أزمة نزوح وجوع في العالم.