وصول مقاتلات F-15 الأمريكية إلى الشرق الأوسط.. شهداء وجرحى مدنيون ومن الجيش اللبنانى واليونيفيل فى غارات إسرائيلية جنوب لبنان
تاريخ النشر: 8th, November 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قال الجيش الأمريكي إن طائرات مقاتلة من طراز إف-١٥ وصلت إلى الشرق الأوسط، بعد أسبوع من إعلان واشنطن نشر أصول عسكرية إضافية في هذه المنطقة كتحذير لإيران.
ووصلت هذه الطائرات التي تتمركز عادة في إنجلترا، ولم يتم تحديد عددها، إلى منطقة مسئولية القيادة العسكرية الأمريكية للشرق الأوسط، بحسب الجيش.
وأعلنت وزارة الدفاع الأمريكية الأسبوع الماضي أنها سترسل قاذفات قنابل وطائرات مقاتلة وطائرات للتزود بالوقود وسفن دفاع جوي إلى الشرق الأوسط.
وجاء في بيان للبنتاجون: "إذا استغلت إيران أو شركاؤها أو الجماعات التابعة لها هذه اللحظة لاستهداف أفراد أو مصالح أمريكية في المنطقة، فإن الولايات المتحدة ستتخذ جميع الإجراءات اللازمة للدفاع عن نفسها".
من ناحية أخرى استهدفت غارة إسرائيلية، مساء الخميس، حاجزاً للجيش اللبناني جنوب البلاد، ما أسفر عن سقوط ثلاثة شهداء وعدد من الجرحى، بينهم جنود لبنانيون وأفراد من قوة الأمم المتحدة (اليونيفيل).
وذكر الجيش اللبناني فى بيان أن "سيارة مدنية تعرضت لاستهداف إسرائيلي عند حاجز الأولي في صيدا، مما تسبب في مقتل ثلاثة مواطنين وإصابة ثلاثة من جنود الحاجز"، كما أصيب أفراد من قوات اليونيفيل في أثناء مرورهم بالموقع ذاته، وفق تأكيدات من اليونيفيل.
وأشارت وزارة الخارجية اللبنانية إلى أن هذا الاعتداء يعكس سياسة الاستهداف الممنهج التي تتبعها إسرائيل ضد المدنيين وعناصر الجيش اللبناني، مشيرة إلى أن هذا السلوك يشكل انتهاكا للقانون الدولي الإنساني وجرائم حرب. وجاءت هذه الغارة عقب ضربة أخرى صباحاً استهدفت سيارة على طريق عاريا – الجمهور، مما أسفر عن مقتل امرأة وإصابة رجل كانا على متنها، بحسب مصدر أمني.
كما تواصلت الغارات الليلية على بيروت، مستهدفة ضاحية العاصمة، حيث طال القصف مناطق قريبة من مطار بيروت الدولي، وأكد مسئولون بالمطار أن الأضرار كانت طفيفة، ولم تؤثر على مبنى المغادرة والوصول.
وصرحت وزارة الصحة اللبنانية بأن الغارات الجوية التي استهدفت مناطق في شرق البلاد، مساء الخميس، أسفرت عن استشهاد ٤٠ شخصا، بينهم مدنيون، فيما تسببت الأضرار المادية في تدمير أجزاء من المواقع الأثرية في مدينة بعلبك.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الجيش الأمريكي الشرق الأوسط
إقرأ أيضاً:
هل قُتل شيمون بيريز في غزة؟
في مقالين سابقين يتمحوران حول «فلسطين: الدولة الضرورة»، طرحتُ رؤية ترى أن الدولة الفلسطينية لم تعد ترفاً سياسياً، بل ضرورة استراتيجية لبناء أمن إقليمي حقيقي. اليوم، أعود، من منظور آخر، لأسأل: هل قُتل شيمون بيريز، رمز التطبيع الاقتصادي والسلام التكنولوجي، تحت ركام الحرب والمجاعة في غزة؟
بصيغة أخرى: هل ماتت الأفكار الفلسفية التي شكّلت الأساس لرؤية بيريز في كتابه الشهير «الشرق الأوسط الجديد» (1993)؟ تلك الرؤية التي تخيّلت الإقليم مساحة تَعبر فيها المصالح فوق الجدران، وتقود فيه التكنولوجيا الإسرائيلية التنمية المشتركة.
فلسطين، في نظر بيريز، لم تكن عبئاً أمنياً، بل عنصراً أساسياً في نجاح التكامل. رؤيته لم تُولَد من فراغ؛ فقد استندت إلى جذور فلسفية واضحة: صهيونية غير قومية، كما في أفكار ناحوم غولدمان، وبراغماتية جون ديوي التي تمزج النظرية بالتطبيق، وفلسفة مارتن بوبر عن الحوار والتعددية.
بيريز أراد محاكاة النموذج الأوروبي: استبدال المصلحة بالقومية، والمشروعات بالحرب، لكنَّه لم يكن نزيهاً بالكامل؛ فرؤيته تجاهلت الاحتلال، وتغاضت عن أنَّ إسرائيل تمارس شكلاً من الفصل العنصري لا يقل فداحة عن نظام جنوب أفريقيا قبل مانديلا. مشروعه كان سلاماً بلا عدالة، لكنه، ورغم كل هذا، مهّد الطريق لاحقاً للاتفاقات.
في قلب تلك الرؤية كان الافتراض بأنَّ إسرائيل قادرة على «إدارة» التهديدات القريبة، لا إنهاء أسبابها. وقد تبنّت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية هذا المنطق في التسعينات، معتبرة أن غزة والضفة يمكن ضبطهما أمنياً دون الحاجة لحل جذري.
بعد ثلاثة عقود، ورث بنيامين نتنياهو الدولة، لكن دون أن يرث رؤية بيريز. على العكس، بنى مشروعاً نقيضاً: مشروع «إسرائيل الكبرى»، مستخدماً السابع من أكتوبر ذريعة لتصفية القضية الفلسطينية عبر الإبادة والتطهير والمجاعة، لا عبر الاندماج.
نتنياهو أخذ عنوان «الشرق الأوسط الجديد» وجرّده من مضمونه. شعاره كان «السلام مقابل السلام»، بلا دولة فلسطينية، بل خريطة لإسرائيل الكبرى. وتزامَن ذلك مع صعود أصوات في واشنطن تعلن صهيونيتها علناً، دون خجل. بعد السابع من أكتوبر، لم تعد غزة مشكلة أمنية، بل «تهديداً يجب اقتلاعه»، وانهارت معها فكرة الاندماج الإقليمي. إسرائيل لم تعد تفكر في الربط عبر سكك الحديد أو مشاريع المياه، بل عبر الجدران الإلكترونية والطائرات المسيّرة وغرف المراقبة. تحوّل «غلاف غزة» إلى مبدأ إقليمي: جنوب لبنان منطقة عازلة، غور الأردن شريط أمني، وإيران خريطة ردع تمتد إلى نطنز وفوردو.
تطبيع دون تعايش. اندماج في الأسواق دون انفتاح على الشعوب. مشاريع تنمية بلا التزامات سياسية أو أخلاقية.
في هذا السياق، نعم: شيمون بيريز قُتل رمزياً في غزة. لم يُقصف جسده، لكن جرى اغتيال رؤيته برُمّتها. ورغم افتقاد رؤيته للعدالة لكننا نتحسر عليها في زمن الإبادة والمجاعة. سقطت فكرة بيريز التي كانت ترى إسرائيل جسراً اقتصادياً، عند أول صاروخ ضرب منزلاً في رفح، وعند أول غرفة عمليات حلّت محل غرفة التجارة. تحولت التنمية من شراكة إلى أداة سيطرة. وتحوّل الحلم إلى كابوس الإبادة.
نتنياهو لا يريد شرق أوسط جديداً كما تصوّره بيريز، بل شرق أوسط تحت السيطرة الأمنية الكاملة. تطبيع دون تعايش. اندماج في الأسواق دون انفتاح على الشعوب. مشاريع تنمية بلا التزامات سياسية أو أخلاقية. وهذا نموذج لا يمكن أن يستقر.
المفارقة أن إسرائيل التي تطمح إلى الاندماج التجاري، تُواصل بناء الأسوار والحواجز الأمنية. كأنَّها تريد أن تكون جزءاً من المنطقة اقتصادياً، ومعزولة عنها أمنياً. لكن في علم السياسة، هذا التناقض لا يصمد طويلاً، فلا يمكن لدولة أن تهيمن بالسلاح، وتُعامَل كشريك استثماري في الوقت نفسه.
مشروع بيريز كان ناقصاً، لم يعترف بالاحتلال، ولم يضع فلسطين شرطاً بل وسيلة، لكنَّه أدرك أنَّ العزلة خطر استراتيجي. أمَّا مشروع نتنياهو فيجعل من العزلة قيمة، ويَعدّ أن التفوق العسكري هو مفتاح الاستقرار.
ما نشهده، اليوم، ليس غلافاً أمنياً لإسرائيل، بل طوق خانق يلف المنطقة كلها.
«غلاف غزة» تمدَّد ليشمل دول الجوار. وهذه ليست وصفة لأمن مشترك، بل لتفجُّر دائم. ليس سلاماً، بل إملاء أمني.
من هنا، علينا نحن العرب أن نتمسك بالمسلَّمة الأساسية: لا شرق أوسط جديداً دون فلسطين. لا أمن دون عدالة. ولا استقرار دون دولة فلسطينية ذات سيادة. وها هي فرنسا تقترب من هذه الرؤية العربية التي تحتاج إلى مزيد من الزخم.
شيمون بيريز مات رمزياً في غزة، لكن رؤيته قابلة للإنقاذ، إذا أُعيد تعريف الشرق الأوسط الجديد كحاجة عربية، لا كتصوّر إسرائيلي مفروض. وإن حجر الأساس لهذا الشرق الأوسط الجديد هو الدولة الفلسطينية.
الشرق الأوسط