بوابة الوفد:
2025-10-13@07:51:03 GMT

جبر الخاطر وأثره على الفرد والمجتمع

تاريخ النشر: 16th, August 2023 GMT

كثير من الناس يعتقد أن العبادة في الإسلام مقصورة على الصلاة والصيام والزكاة والحج ؛ وهي المشهورة عند الفقهاء بكتاب العبادات؛ وغفل الكثير عن عبادة من أهم العبادات ؛ بل هي طريق إلى الجنة؛ ألا وهي عبادة جبر الخواطر؛ فجبر الخواطر خلق إسلامي عظيم يدل على سمو نفس؛ وعظمة قلب؛ وسلامة صدر؛ ورجاحة عقل، يجبر المسلم فيه نفوسًا كسرت؛ وقلوبًا فطرت؛ وأجسامًا أرهقت؛ وأشخاصًا أرواح أحبابهم أزهقت، فما أجمل هذه العبادة وما أعظم أثرها .

مرصد الأزهر يدين استهداف تجمع لعلماء الإسلام بباكستان مكانة الصدق في الإسلام

 بهذا بدأالدكتور محمد السيد أبوهاشم امام وخطيب مسجد السيدة زينب حديثه حول جبر الخاطر وأثره علي الفرد والمجتمع وأضاف قائلا: يقول الإمام سفيان الثوري: “ ما رأيت عبادة يتقرب بها العبد إلي ربه مثل جبر خاطر أخيه المسلم”.

 وجبر النفوس من الدعاء الملازم لرسول الله صلى الله عليه وسلم. فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فِي صَلاَةِ اللَّيْلِ : " رَبِّ اغْفِرْ لِي ، وَارْحَمْنِي ، وَاجْبُرْنِي ، وَارْزُقْنِي ، وَارْفَعْنِي" . ( ابن ماجة والترمذي والحاكم وصححه). ولقد حفل القرآن الكريم بعبادة جبر الخواطر في كثير من المواضع ؛ من ذلك قوله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ }. ( القصص:85) .

 فالرسول الله صلى الله عليه وسلم قد أحب مكةَ التي ولد ونشأ فيها؛ وأُخرج منها ظلمًا، وقد احتاج في هذا الموقف الصعب؛ وهذا الفراق الأليم إلى شيء من المواساة وجبر الخاطر، فأنزل الله تعالى له قرآنًا مؤكدًا بقسم؛ أن الذي فرض عليك القرآن وأرسلك رسولًا وأمرك بتبليغ شرعه سيردك إلى موطنك مكة عزيزًا منتصرًا ؛ وقد أنجر الله له ما وعده. 

كما اهتم القرآن الكريم بجبر خاطر اليتيم فقال تعالى: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ * وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ} ( الضحى: 9 ؛ 10 ) . يقول ابن قدامة -رحمه الله-: “ وكان من توجيهات ربنا - سبحانه وتعالى- لنبيه صلى الله عليه وسلم، فكما كنت يتيمًا يا محمد فآواك الله، فلا تقهر اليتيم، ولا تذله، بل: طيب خاطره، وأحسن إليه، وتلطف به، واصنع به كما تحب أن يصنع بولدك من بعدك، فنهى الله عن نهر السائل وتقريعه، بل أمر بالتلطف معه، وتطييب خاطره، حتى لا يذوق ذل النهر مع ذل السؤال”. أ. ه وقد كان الله مع الصبي زيد بن أرقم حين سمع عبد الله بن أبيّ يقول: “لئن رجعنا المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل”، وبلَّغ الكلمة للنبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن مثل هذه الكلمة الخطيرة لا بد أن تُنقل، لكن لم يكن معه من يشهد له، وظن قومه أنه غفل ونقل ما لم يحصل لصغر سنه؛ فلم يصدقوه، فخفق برأسه من الهم ما ذكره بقوله: “فأصابني همٌّ لم يصبني مثله قط” فأنزل الله : { هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنفِقُوا عَلَى مَنْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ } . إلى قوله: { يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ} (المنافقون: 7 ، فأرسل إليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأها عليَّ ثم قال: ” إن الله قد صدقك يا زيد ”، فجبر الله خاطر الصبي الذي كان حريصًا على مصلحة أهل الإسلام . ومن أشهر مواضع جبر الخواطر في القرآن الكريم؛ الآيات التي نزلت في حادثة الإفك؛ في شأن السيدة عائشة رضي الله عنها؛ فقد دخلت امرأة من الأنصار على عائشة وبكت معها كثيرًا دون أن تنطق كلمة. قالت: عائشة لا أنساها لها . وعندما تاب الله على كعب بن مالك؛ بعدما تخلف عن غزوة تبوك؛ دخل المسجد مستبشرًا؛ فقام إليه طلحة يهرول واحتضنه؛ قال: لا أنساها لطلحة. (والقصتان بتمامهما في البخاري ومسلم). فمواقف جبر الخواطر في لحظات الانكسار لا تُنسى . لقد ضرب لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أروع الأمثلة في خلق جبر الخواطر قبل البعثة وبعدها ؛ ونحن نعلم قول السيدة خديجة فيه لما نزل عليه الوحي وجاء يرجف فؤاده:” كَلَّا وَاللَّهِ مَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا؛ إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ؛ وَتَحْمِلُ الْكَلَّ؛ وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ؛ وَتَقْرِي الضَّيْفَ؛ وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ”. ( متفق عليه ) . إن عبادة جبر الخواطر في حياة النبي صلى الله عليه وسلم شملت جميع أطياف المجتمع ؛ رجالًا ونساءً ؛ صغارًا وكبارًا ؛ فهذا جابر بن عبدالله استشهد أبوه؛ فانكسر قلبه؛ واجتمعت عليه الهموم والغموم والديون ؛ فما يلبث صلى الله عليه وسلم حتى يسري عنه ويجبر خاطره؛ فعن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ : ” لَمَّا قُتِلَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ يَوْمَ أُحُدٍ ، لَقِيَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ فَقَالَ : يَا جَابِرُ ، مَا لِي أَرَاكَ مُنْكَسِرًا ؟ قَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، اسْتُشْهِدَ أَبِي ، وَتَرَكَ عِيَالاً وَدَيْنًا ، قَالَ : أَفَلاَ أُبَشِّرُكَ بِمَا لَقِيَ اللَّهُ بِهِ أَبَاكَ ؟ قَالَ : بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ ، قَالَ : مَا كَلَّمَ اللَّهُ أَحَدًا قَطُّ إِلاَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ، وَكَلَّمَ أَبَاكَ كِفَاحًا ، فَقَالَ : يَا عَبْدِي ، تَمَنَّ عَلَيَّ أُعْطِكَ ، قَالَ : يَا رَبِّ تُحْيِينِي ، فَأُقْتَلُ فِيكَ ثَانِيَةً ، فَقَالَ الرَّبُّ سُبْحَانَهُ : إِنَّهُ سَبَقَ مِنِّي أَنَّهُمْ إِلَيْهَا لاَ يَرْجِعُونَ، قَالَ: يَا رَبِّ، فَأَبْلِغْ مَنْ وَرَائِي، قَالَ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى : {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ}.( ابن ماجة والترمذي وحسنه). وأضاف الدكتور محمد السيد أبوهاشم امام وخطيب مسجد السيدة زينب قائلا: ولا يخفى علينا اهتمامه صلى الله عليه وسلم بجبر خواطر النساء. فقد روى أنس بن مالك قال: “إِنْ كَانَتْ الْأَمَةُ مِنْ إِمَاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَتَأْخُذُ بِيَدِ


 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الصيام الزكاة الحج الله صلى الله علیه وسلم ول الله ص ى الله ع

إقرأ أيضاً:

علي جمعة: الله لم يقسم بعمر أحد من خلقه قط إلا بعمر نبيه

كتب الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف منشورا جديدا عبر صفحته الرسمية على فيس بوك قال فيه: ان الله سبحانه وتعالى أثنى على النبي صلى الله عليه وسلم، فامتدح كل مواطن المدح والشرف المتعلقة به، فأثنى على نسبه، وأعظم قدر نسائه رضي الله عنهن، وحفظ المكان الذي يقيم فيه وأعلى شأنه وأقسم به. 

هل يكفي رفع اليدين في الصلاة وعدم نطق تكبيرة الإحرام ؟.. الرأي الشرعيمقدار المسح الواجب على الرأس في الوضوء ..علي جمعة يكشف الضوابط الشرعيةهل الصلاة على النبي لتذكر الشيء المنسي بدعة؟.. الإفتاء توضحما حكم إلقاء السلام على قارئ القرآن؟.. الإفتاء تجيب

وأضاف ان من مدحه لنسبه الشريف قال تعالى: {وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ}، قال ابن عباس رضي الله عنه في تفسير تلك الآية: "أي في أصلاب الآباء آدم ونوح وإبراهيم حتى أخرجه نبيًا" [تفسير القرطبي، وأخرجه البزار والطبراني].

النبي أنسب الناس

 ونوه ان النبي أنسب الناس على الإطلاق، كما أخبر صل الله عليه وسلم بنفسه عن ذلك، فعن هذا فعن واثلة بن الأسقع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل، واصطفى من ولد إسماعيل بني كنانة، واصطفى من بني كنانة قريشًا، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم) [مسند أحمد، ورواه الترمذي والبيهقي]. وعن عمه العباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله خلق الخلق فجعلني من خيرهم، من خير قرنهم، ثمّ تخيَّر القبائل فجعلني من خير قبيلة، ثم تخير البيوت فجعلني من خير بيوتهم، فأنا خيرهم نفسًا وخيرهم بيتًا) [رواه الترمذي].

نساء النبي

 وتابع: وأثنى ربنا سبحانه وتعالى على نسائه رضي الله عنهن، وما بلغن هذا المبلغ إلا لتعلقهن بجنابه صلى الله عليه وسلم، فقال سبحانه وتعالى: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاءِ } [الأحزاب : 32]، وقال سبحانه في نفس هذا المعنى: {وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} [الأحزاب : 6]. 

خير الأزمان 

ولما تعلق الزمان بالنبي صلى الله عليه وسلم مدحه، بل عظمه، إذ أقسم بعمره صلى الله عليه وسلم فقال تعالى: {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ} [الحجر : 72]، ولم يقسم الله بعمر أحد من خلقه قط إلا بعمر نبيه المصطفى وحبيبه المجتبى صلى الله عليه وسلم. وجعل ربنا خير الأزمان زمن بعثته، فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (خير القرون قرني) [متفق عليه]، وكما مر قوله صلى الله عليه وسلم : (إن الله خلق الخلق فجعلني من خيرهم، من خير قرنهم) [رواه الترمذي]. فشرف الزمان الذي بعثه فيه، وعظم الزمان الذي أبقاه فيه في هذه الدنيا، ولولا تعلق هذين الزمنين بجنانه العظيم صلى الله عليه وسلم ما حظيا بهذا التكريم. 

وشرف الله المكان الذي تعلق بجانبه العظيم صلى الله عليه وسلم؛ حيث أقسم بمكة ما دام النبي صلى الله عليه وسلم يقيم فيها، فقال تعالى: {لا أُقْسِمُ بِهَذَا البَلَدِ * وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا البَلَدِ} [البلد : 1 ، 2]. 

وشرف الله المدينة وجعلها حرمًا آخر، لا لشيء إلا لتعلقها بجنابه الأعظم صلى الله عليه وسلم، وجعل الله ثواب الصلاة في المسجد الذي نسبه النبي صلى الله عليه وسلم إلى نفسه مضاعفة ألف مرة من أي مكان آخر عدا المسجد الحرام. فهذا جانب من ثناء الله على نبيه صلى الله عليه وسلم، وعلى كل ما تعلقه بجنابه الشريف من الأشخاص والأماكن والأزمان. رزقنا الله إتباعه في الدنيا ورفقته في الآخرة.

طباعة شارك النبي أنسب الناس نساء النبي خير الأزمان النبي رسول الله الله ثناء الله على النبي علي جمعة

مقالات مشابهة

  • علي جمعة: الله لم يقسم بعمر أحد من خلقه قط إلا بعمر نبيه
  • ما حكم إلقاء السلام على قارئ القرآن؟.. الإفتاء تجيب
  • سبب دخول والد البنات الجنة .. الإفتاء توضح
  • الفرق بين العهد والوعد في حديث سيد الاستغفار
  • على كل مسلم هذه الصدقة.. فما هي؟
  • آخر ما نزل من القرآن الكريم وسبب اختلاف المفسرون
  • الصلاة الكاملة على النبي صلوات الله عليه وسلم
  • تنفيذ عدة فعاليات توعوية وبدنية ونظافة عامة بقرية السويح
  • حكم الدعاء على أهل الكتاب في خطبة الجمعة
  • " كفارة للذنوب".. فضل يوم الجمعة وليلتها