هدنة حقيقية أم هدنة تكتيكية؟
تاريخ النشر: 29th, November 2024 GMT
نتنياهو أراد اتفاقا تحت «النار» لفرض شروطه على لبنان وحزب الله وإرغامهم على القبول بها، وحاول التلكؤ وتعطيل الاتفاق حتى يؤدى صديقه ترامب اليمين الدستورية، ليكون الاتفاق هدية التنصيب. لكن أحلامه ذهبت أدراج الرياح، وأتى به حزب الله وصواريخه مرغما إلى طاولة الهدنة الأمريكية الديمقراطية الهوية على غير رغبته.
ولكن ماذا يعنى الاتفاق للأطراف المعنية والآفاق المستقبلية لوقف أكثر ديمومة للنزاع، وهل هى هدنة حقيقية أم هدنة تكتيكية؟ وهنا استخدم مصطلح «هدنة» وليس اتفاقا لأن ما تم هو هدنة كما تعرفها الموسعات والمعاجم على أنها وقف الأعمال القتالية لفترة تتفق عليها الأطراف المتحاربة قد تفضى بعدها إلى اتفاق دائم أو تستكمل أعمال القتال.
وهى «تكتيكية» لأن إسرائيل لا تلجأ إلى ورقة «الهدنة» أو اتفاقات وقف إطلاق النار إلا إذا كانت فى موقف ضعف أو ارتباك يحتم عليها مراجعة الحسابات الميدانية والعملياتية العسكرية كما حدث فى هدنة نهاية نوفمبر 2023 فى غزة لإعادة ترتيب الأوراق العسكرية، نفس الأمر الآن فى الجبهة الشمالية، إسرائيل لم تحقق أهداف الحرب الاستراتيجية فى لبنان، وسكان الشمال لم يعودوا إلى مستوطناتهم، ولم يتم القضاء على قدرات حزب الله العسكرية خاصة الصاروخية منها، بل على العكس نجح الحزب فى استهداف العمق الإسرائيلى، وللمرة الأولى منذ عام 1948 تتعرض إسرائيل لأكثر من 340 صاروخاً، ويهرع أكثر من نصف سكانها 4 ملايين مواطن إلى الملاجئ، وتقصف عاصمتها الاقتصادية ثلاث مرات فى يوم واحد. ونفذ حزب الله استراتيجية الردع التى أعلنها أمينه العام الشيخ نعيم قاسم، بأن تل ابيب ستقصف مقابل بيروت، وعلى مستوى الاجتياح البرى اصطدم جيش الاحتلال بمواجهات غير متوقعة وعنيفة فى جنوب لبنان وشعابه، والحزب أثبت أنه قادر على خوض حرب استنزاف طويلة الأمد رغم الضربات الموجعة التى وجهت له على كافة الأصعدة، وهى قوة فرضت نفسها على معادلات وميزان القوة فى الميدان، وأصبح من وجهة نظر الجيش الإسرائيلى أن الحرب فى لبنان تتجه إلى نقطة من التراجع فى النتائج. بما يعنى فشل إسرائيلى ليس فقط فى عودة سكان الشمال، لكن حماية كامل العمق الإسرائيلى من تهديدات حزب الله اضطر معها نتنياهو لتغيير أهدافه واللجوء مرغما لاتفاق الهدنة.
على مستوى حزب الله والداخل اللبناني، هناك واقع جديد يتشكل الحزب تعرض لخسائر كبيرة على مستوى التسليح والقيادة، اضطر معها لفصل الساحات بعد أن كان يشترط وقف الحرب فى غزة لوقف هجماته على إسرائيل، كما أن زيادة تدفق اللاجئين من المناطق الجنوبية الشيعية زادت من احتمالية اندلاع مواجهات طائفية بين الشيعة والمكونات الأخرى فى لبنان مسيحية وسنية ومارونية. لذلك كانت الهدنة مناسبة ومهمة لقادة حزب الله لتقليص خسائرهم والاستعداد لإعادة تنظيم صفوفهم كجسم سياسى وعسكرى.
يبقى السؤال الأكثر أهمية هل تصمد «الهدنة» خاصة مع احتفاظ إسرائيل بما سماه الاتفاق الأمريكى «ممارسة حقها الطبيعى فى الدفاع عن النفس»، لذلك لا أرى أى اتفاق لسلام دائم فى الأفق، نظرًا لحقيقة أن الأهداف الاستراتيجية الأساسية لإسرائيل وحزب الله وإيران لم تتغير وأن الصراع الإسرائيلى الفلسطينى لا يزال يتفاقم.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: حزب الله غزة د وليد عتلم اليمين الدستورية جيش الاحتلال حزب الله
إقرأ أيضاً:
لقاء أميركي - صيني رفيع في لندن: هدنة الحرب التجارية على طاولة البحث
اجتمعت الاثنين وفود رفيعة من الولايات المتحدة والصين في لندن، لتعزيز هدنة مؤقتة في الحرب التجارية بين البلدين. اعلان
اجتمعت وفود رفيعة المستوى من الولايات المتحدة والصين فيالعاصمة البريطانية لندن، اليوم الإثنين، في محاولة لتعزيز هدنة هشة في نزاع تجاري طال أمده وألقى بظلاله على الاقتصاد العالمي.
وترأس نائب رئيس الوزراء الصيني، خه ليفنغ، الوفد الصيني الذي من المقرر أن يلتقي وزير التجارة الأميركي هوارد لوتنيك، ووزير الخزانة سكوت بيسنت، والممثل التجاري جيميسون غرير، في مكان ما بالعاصمة البريطانية بقي طيّ الكتمان، على أن تستمر المحادثات ليومٍ واحد على الأقل.
Relatedبين الفساد والسياسة.. لماذا فشلت كرة القدم الصينية بالنجاح عالميًا؟الصين ترد على وزير الدفاع الأمريكي: عقلية الحرب الباردة لن تُحلّ السلامالشركات الأمريكية تتمسك بالصين رغم الرسوم الجمركية المرتفعةوكان المسؤول الصيني قد وصل الأحد إلى لندن أمس، حيث استُقبل من قبل وزيرة الخزانة البريطانية رايتشل ريفز، وتأتي زيارته بدعوة من حكومة كير ستارمر وتستمر حتى الثالث عشر من يونيو.
ويُعقد هذا الاجتماع عقب مفاوضات جرت الشهر الماضي في جنيف، وأسفرت عن تهدئة مؤقتة في الحرب التجارية بين القوتين الاقتصاديتين. ففي الثاني عشر من مايو المقبل، أعلنت واشنطن وبكين اتفاقاً على تعليق الرسوم الجمركية التي تجاوزت نسبتها 100% لمدة 90 يوماً، وهو ما خفف حينها من المخاوف العالمية من انزلاق نحو ركود اقتصادي.
ورغم التهدئة، لا تزال التوترات قائمة بين الجانبين، خاصة حول قضايا تتعلق بالرقائق الإلكترونية المتقدمة التي تشغّل تقنيات الذكاء الاصطناعي، والمعادن النادرة ذات الأهمية البالغة لصناعة السيارات وقطاعات صناعية أخرى، إضافة إلى القيود الأميركية المفروضة على تأشيرات الطلاب الصينيين في الجامعات الأميركية.
وأوضحت الحكومة البريطانية أن دورها يقتصر على توفير المكان والدعم اللوجستي، مؤكدة أنها لا تشارك في المفاوضات الجارية.
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة