تنطلق غدا الجمعة منافسات المربع الذهبي لدوري ناشئي كرة اليد، حيث يصطدم السيب بمنافسه نزوى عند الساعة الثالثة مساء على صالة ملعب نادي نزوى الرياضي، بينما سيواجه مسقط منافسه العروبة عند الساعة الرابعة مساء على صالة ملعب نادي صور الرياضي.

وتلوح في الأفق مواجهة حامية تجمع بين السيب ومنافسه نزوى، حيث يدخل السيب وصيف دوري الموسم الماضي اللقاء بهدف واحد هو الظفر بنتيجة الفوز بالمباراة لتأمين حظوظه في حجز تذكرة النهائي، لكن مساعيه لن تكون مفروشة بالورود كونه سيخوض المباراة خارج أرضية ميدانه، ويتسلح السيب بخبرات لاعبيه لتخطي عقبة نزوى، حيث قدم مردودا مذهلا في منافسات الدور الأول بتحقيقه 5 انتصارات وتعادلا وحيدا، حاصدا 11 نقطة تصدر بها ترتيب المجموعة الثانية التي ضمت إلى جانبه كلا من العروبة ونادي عمان والسويق، وذلك قبل أن يستضيف نزوى على أرضية ميدانه في مباراة الإياب.

أما نزوى فسيدخل اللقاء بمساعي الفوز واستغلال عاملي الأرض والجمهور، حيث يأمل في ترك بصمة إيجابية قبل مواجهة الإياب على أرضية ملعب السيب، وعلى غرار السيب، يمتلك نزوى العديد من اللاعبين القادرين على صنع الفارق ومجابهة أعتى الفرق، حيث يملك لاعبين مؤثرين في جميع الخطوط، ومن المنتظر أن تشهد المواجهة الكثير من الإثارة والندية لرغبة الفريقين في كسب اللقاء.

مسقط - العروبة

في المواجهة الأخرى تبدو حظوظ مسقط وافرة لكسب لقاء منافسه العروبة، وما يعزز ذلك الإمكانيات الكبيرة للاعبيه وحصولهم على العديد من الألقاب في السنوات القليلة الماضية، آخرها حصولهم على لقبي دوري الناشئين والشباب بالموسم الماضي، لكن الفريق سيخوض لقاء الذهاب خارج أرضية ميدانه، لكنه سيسعى جاهدا لخطف الفوز قبل استضافة العروبة على أرضية ميدانه في لقاء الإياب، ويمني مسقط النفس لمواصلة سلسلة نجاحاته التي حققها في السنوات القليلة الماضية سواء على مستوى دوري الناشئين أم الشباب، حيث يمتلك الفريق عناصر مؤثرة في جميع خطوطه ولديه قاعدة مواهب جيدة قادرة على التألق في أي بطولة يشارك بها، ونجح مسقط في إنهاء الدور الأول دون أي هزيمة حيث خاض 4 مباريات وفاز بها جميعا حاصدا 8 نقاط ويسعى لمواصلة انتصاراته بالدور الثاني والوصول إلى النهائي للحفاظ على لقب الدوري.

من جانبه يسعى العروبة لكسب لقاء الذهاب واستغلال لعب اللقاء على أرضية ميدانه، حيث يسعى لاقتناص فوز غال سيمثل دفعة معنوية هائلة للاعبين قبل مواجهة الإياب خارج أرضية ميدانه، ويدخل لاعبو العروبة المباراة مدركين صعوبة المنافس لكنهم يتسلحون بعامل الأرض والجمهور للفوز باللقاء وسيبحثون عن تحقيق نتيجة إيجابية لتعزيز حظوظهم قبل لقاء الإياب لبلوغ النهائي، وكان العروبة قد حل ثانيا في المجموعة الثانية خلف السيب وقدم مستويات لافتة في الدور الأول ونجح في حجز تذكرة الصعود بعدما حل في المركز الثاني بـ7 نقاط متقدما على نادي عمان الثالث بفارق نقطة وحيدة الذي حصد 6 نقاط. وستقام مباريات الإياب يوم الجمعة المقبل، حيث سيخوض العروبة لقاءه مع مسقط على صالة مجمع السلطان قابوس الرياضي ببوشر عند الساعة الثانية ظهرا، وفي اليوم ذاته سيلعب نزوى مع السيب عند الساعة الثانية ظهرا، والفائز من اللقاءين سيصل إلى النهائي.

دوري الشباب

على الجانب الآخر يُسدل الستار غدا وبعد غدا عن الجولة الأخيرة من منافسات الدور الأول لدوري كرة اليد للشباب، بإقامة ثلاث مباريات، حيث تفتتح المباريات غدا الجمعة بلقاء نزوى والنهضة عند الساعة الخامسة مساء على صالة نادي نزوى، بينما يلاقي السيب منافسه مسقط بعد غدا السبت عند الساعة الثانية ظهرا في صالة نادي السيب، وفي اليوم ذاته يواجه صحم منافسه العروبة عند الساعة الثالثة والنصف مساء في صالة نادي السيب. ومن المنتظر أن تحفل جميع المباريات بالندية كونها ستحسم هوية الفرق المتأهلة إلى الدور الثاني، حيث ستتأهل الفرق الحاصلة على المراكز الأربعة الأولى إلى الدور الثاني من منافسات الدوري بينما ستودع الفرق الأخرى المنافسة.

ويشارك في دوري الشباب هذا الموسم 6 أندية هي: السيب ومسقط وصحم والعروبة ونزوى والنهضة، حيث تصعد الأندية الأربعة الأولى للدور الثاني بينما سيودع ناديان منافسات الدوري، وقبل الجولة الخامسة الأخيرة لمنافسات الدور الأول، يتربع مسقط على صدارة الترتيب برصيد 8 نقاط، بينما يحتل السيب المركز الثاني برصيد 6 نقاط، بينما يأتي نزوى في المركز الثالث برصيد 6 نقاط كذلك ويتأخر عن السيب بفارق الأهداف، ويحتل العروبة المركز الرابع برصيد نقطتين، بينما يحتل صحم المركز الخامس برصيد نقطتين متأخرا بفارق الأهداف، فيما يأتي النهضة في المركز السادس دون أي نقطة.

وحقق مسقط أربعة انتصارات من أربع مباريات خاضها في الدور الأول، ويمتلك 133 هدفا وتلقت شباكه 67 هدفا، ويحتل السيب المركز الثاني برصيد 6 نقاط وسجل 153 هدفا وسكنت شباكه 60 هدفا، أما نزوى فيحل بالمركز الثالث برصيد 6 نقاط كذلك لكنه يتأخر عن السيب بفارق الأهداف، وسجل الفريق 131 هدفا وتلقت شباكه 86 هدفا، ويأتي العروبة في المركز الرابع برصيد نقطتين، وسجل 95 هدفا واستقبل 118 هدفا، بينما يحتل صحم المركز الخامس وفي جعبته نقطتين وسجل الفريق 74 هدفا وتلقت شباكه 163، وفي المركز السادس "الأخير" يأتي النهضة من دون أي نقطة وسجل الفريق 28 هدفا واستقبل 120 هدفا.

التركيز سلاح الفوز

وقبل مباريات دوري الناشئين والشباب، قال علي البلوشي مدرب فريق كرة اليد للناشئين والشباب بنادي السيب: إن مباراة فريق الناشئين مع نزوى ستشهد منافسة قوية، حيث إن الفريق الذي سيكون تركيزه أكبر خلال المباراة سيحقق الفوز، كما أن الفريق الذي يستغل الفرص المتاحة أمام المرمى بشكل جيد ستكون حظوظه وافرة في كسب اللقاء. وأشار البلوشي إلى أن مباريات نصف النهائي دائما ما تحمل القوة والإثارة، حيث إن كل فريق عليه أن يقلل من أخطائه الدفاعية وأن يهاجم بصورة جيدة، مؤكدا أن فريقه جاهز لخوض المباراة وسيعمل جاهدا على تحقيق الفوز خارج أرضية ميدانه وذلك قبل أن يستقبل نزوى في مباراة الإياب، ويرى أن لاعبيه على استعداد جيد رغم الصعوبات التي تواجههم بسبب انشغالهم بالدراسة.

كما أوضح أن الفريق جاهز من الناحية الفنية والذهنية والبدنية سواء لعب الفريق على أرضه أم خارج أرضية ميدانه، ويعول الفريق على عدة أسماء منها الأوس البلوشي وإبراهيم القاسمي ووائل البلوشي والحارس وليد البلوشي الذين يقدمون مستويات جيدة مع الفريق. وحول حظوظ فريق الشباب للعبور إلى الدور الثاني، فأكد على أن حظوظه وافرة للتأهل للدور الثاني، ويعمل على قدم وساق لتقديم مستويات جيدة والسير بخطى ثابتة نحو نهائي الدوري، وتنتظر الفريق مواجهة حامية مع مسقط لحجز تذكرة الصعود للدور الثاني.

استعدادات جيدة

فيما تحدث هلال الحسني، مدير فرق المراحل السنية لكرة اليد بنادي مسقط عن استعدادات فريقي الناشئين والشباب، وقال: استعدادات فريق الناشئين لمواجهة العروبة جيدة، ونسعى للفوز في مباراة الذهاب لتعزيز حظوظنا للوصول إلى النهائي قبل مواجهة الإياب، مبينا أن فريقه جاهز للمواجهة من دون وجود إصابات. وأشار إلى أنه تم التحضير جيدا للمباراة من خلال التركيز على خطط الهجوم والدفاع، وهدفنا الوصول إلى النهائي والمحافظة على لقب الدوري. وعن مواجهة مسقط والسيب في دوري الشباب، قال: مواجهتنا مع السيب دائما ما تتسم بالحماس والإثارة، ونسعى للفوز في المباراة لضمان صدارة المرحلة الأولى للدوري. وأكد الحسني أن السيب يعد من الفرق المنظمة وهو منافس مباشر في السنوات القليلة الماضية، مشيرا إلى أن فريقه حضر جيدا لطريقة لعب تناسب هذه المواجهة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: منافسات الدور الدور الثانی إلى النهائی الدور الأول برصید 6 نقاط عند الساعة فی المرکز على أرضیة على صالة

إقرأ أيضاً:

العروبة المؤسِّسة.. كيف صاغ العرب مكانتهم العليا داخل الدولة الإسلامية المبكرة؟

الكتاب: النزعة العربية وأثرها على الموالي في عصري صدر الإسلام والدولة الأموية
الكاتب: الدكتور جوتيار تمر
الناشر: تموز ـ ديموزي للطباعة والنشر والتوزيع ـ دمشق، الطبعة الأولى 2024
306  صفحة من القطع الكبير.


انطلق العمق الثوري للإسلام من تلك العلاقات التي نسجت وحيكت بين السيادة العليا الإلهية والوحي الإسلامي بجملته، وبين السلطة السياسية للنبي محمد، التي أرست نواة الدولة في المدينة، وراحت تعيد إنتاج الواقع التاريخي لعرب الجزيرة على ضوء منظومة المعايير الإسلامية الآمرة، لكي يصبح مطابقاً مع هذه المعايير، وحطمت بذلك أسس المجتمع الجاهلي المتحكم فيه النظام القبلي البدائي، ووحدت الجزيرة العربية، وحافظت على مكة أم القرى واعتبارها إحدى المقدسات الإسلامية.

في الجزيرة العربية كان يمكن ملاحظة التطور التدريجي من التشظي والتناثر إلى الوحدة من خلال التناثر ثم التوحيد الديني. لقد كان لكل قبيلة أوثانها الخاصة بها، وسائطها الرمزية إلى الإله الواحد، ثم مع تنامي النفوذ الاقتصادي والسياسي لقريش تحولت الكعبة إلى "مجمع أوثان" لمختلف القبائل العربية. ومع عملية التمركز الاقتصادي والسياسي كانت تسير عملية التمركز الديني وصولاً إلى التوحيد الديني الذي ارتكز على عملية التمركز هذه والمعبَّر عنها أيديولوجياً بالتوحيد اللغوي والثقافي. لقد كان الإسلام تعبيراً عن الحاجة إلى الوحدة والتمركز والفتح والتوسع والسيطرة. وهكذا لعب دور إنضاج عملية الصهر والتوحيد، وأسهم بالتالي ـ بسبب من الدور المسيطر للمستوى الأيديولوجي في البنية الاجتماعية ـ أسهم في صياغة وبلورة الكيان القومي للعرب، وتقديس العروبة شأنه في ذلك شأن الأديان التي سبقته: "كنتم خير أمة أخرجت للناس، تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر" (القرآن الكريم).

مفهوم نزعة العرب القومي

العرب حملوا راية الإسلام إلى العالم، كما أنَّ الوحي الإسلامي جاء بلسان عربي، وقام الإسلام بفرض توحيد اللغة العربية التي قامت على أنقاض اللهجات القبلية العربية المتعددة، حتى أصبح الارتباط بين الإسلام والعروبة ارتباطاً صميمياً، وكان لانتشار الإسلام أثر قوي في انتشار ظاهرة التعريب واللغة العربية، وإن كان مفهوم التعريب لم يكن مجاله وأثره شاملاً، ولا واحداً في الأمصار، التي انتشر فيها الإسلام.

فهناك شعوب مسلمة استوعبها التعريب، ورسخت فيها الثقافة العربية الإسلامية حيث سادت اللغة العربية، وهناك أمم عريقة مجاورة اعتنقت الإسلام وشاركت في بناء الحضارة الإسلامية، انطلاقاً من تفسيراتها للإسلام المرتبطة جزئياً على الأقل، بخلفيتها التاريخية والثقافية والحضارية والدينية العريقة التي وجدت قبل الإسلام بقرون عديدة، ومثلما أن الاحتفاظ بمكة وتكريس تقديسها وتحويلها إلى مركز لعبادة التوحيد الإسلامية يشير إلى النزعة القومية العربية الجديدة التي حملها الإسلام، والتي خاضت حروباً طاحنة في سبيل توحيد عرب الجزيرة، والتي انطلقت استناداً لتلك الوحدة العربية الجديدة لتوسيع سيطرتها على سورية وفلسطين، ثم الانطلاق نحو مصر وإفريقيا، مثلما أنَّ الاحتفاظ بمكة رمزاً حضارياً عربياً قومياً، فإنَّ انتقال مركز الخلافة إلى دمشق، ونشوء الدولة الأموية كثمرة لتطور طبيعي في سياق الظروف الدولية والإقليمية السائدة آنذاك في القرن السابع الميلادي، وكذلك الواقع الاقتصادي ــ الاجتماعي حينذاك، وتحولها إلى امبراطورية عربية مترامية الأطراف شكلت قطيعة بالمعنى الجدلي مع فجر الإسلام (عصر الخلفاء الراشدين) وفتحت الباب أمام نشوء طبقة ارستقراطية عربية متكونة من أبناء القبائل العربية الأساسية، بصرف النظر عن دورها في الإسلام.

العرب حملوا راية الإسلام إلى العالم، كما أنَّ الوحي الإسلامي جاء بلسان عربي، وقام الإسلام بفرض توحيد اللغة العربية التي قامت على أنقاض اللهجات القبلية العربية المتعددة، حتى أصبح الارتباط بين الإسلام والعروبة ارتباطاً صميمياً، وكان لانتشار الإسلام أثر قوي في انتشار ظاهرة التعريب واللغة العربية، وإن كان مفهوم التعريب لم يكن مجاله وأثره شاملاً، ولا واحداً في الأمصار، التي انتشر فيها الإسلام.كان النبي (ﷺ) مدركاً لأهمية القبيلة وأهمية دعمها له، كما كان مدركاً بأهمية التوافق بين الانتماء القبلي من جهة، وانتمائه للجنس العربي من جهة اخرى، لذا يمكن استقراء ذلك المسلك الذي انتهجه للجمع بين القبيلة والقوم العرب ضمن دائرة الإسلام كوحدة دينية بالدرجة الاساس، إلا أن ما تركه من إرث فيما يتعلق بأقواله (ﷺ) أعطت للعرب مسارات تأويلية جعلتهم يقيسون الأمور وفق مصالحهم واعتبروا أن النفاق من دلائله بغض العرب، على الرغم من أن الأسس التي قامت عليها الدولة كانت دعوتها إلى المساواة والأخوة الإسلامية منذ الوهلة الأولى، إلا أن النظرة للمولى كان مختلفاً ومقيداً باعتبار أنه تابع ليس حر، لذا في صحيفة المدينة وضع اللبنة الأساس للتعامل معهم وفق مبدأ لا يحالف مؤمن مولى مؤمن دونه، أبقت النظرة إلى المولى ضمن سياقات المجتمع العربي الإسلامي بشكل واضح، لذا حتى الصحيفة نفسها لم تستطع أن تتخلص من المظاهر القبلية فالفرد في تلك الأمة لا ينتمي اليها إلا عن طريق العشيرة أو القبيلة، المهاجرون من قريش على ربعتهم، وبنو عوف على ربعتهم، والآخرين كل عشيرة أو قبيلة على ربعتهم، لذلك نجد من يرى بأن الصحيفة كانت اللبنة في صرح الأمة الاسلامية والعرب، فقد استطاعت دمج المسلمين على اختلاف قبائلهم في جماعة دينية ترتبط بالإسلام وتجاهلت نظام القبيلة وأدمجت كل طوائف المدينة في الأمة، إلا أن ذلك الاندماج لم يتم إلا عن طريق القبيلة، فكأن القبائل دخلت في الأمة بتنظيماتها القبلية القديمة، فضلاً عن الاعتراف بقوة العصبية وأثرها في المجتمع وأنه ليس من السهل التخلص منها.

الثورة التي قام بها الإسلام في الجزيرة العربية ثم في المجتمع العربي عموماً، هي في مضمونها التاريخي ثورة قومية عربية، وهذا يؤكد على أنَّ الوعي القومي للنبي محمد في رسالته، والثورة العربية الإسلامية التي قام بها حاضرٌ، بما أنه أسس حركة عربية قومية، رفعت شأن العرب وأنقذتهم من براثن التخلف، وكانت في أصل تحولهم إلى مدنية وإمبراطورية عالمية، عززت مكانة العرب في إطار الصراع الدولي المحتدم آنذاك مع الإمبراطوريات المجاورة، وأدت إلى احتلالهم موقع الريادة في قيادة السياسة الدولية. ويتجلى الوعي القومي واعتزاز محمد بأنسابه إلى القومية العربية في قوله "الذين يتبعون الرسول النبي الأمين الذي يجدونه مكرماً عندهم في التوراة والإنجيل.. "، ويضيف"... إنَّما يعلمه البشر، لسان الذي يلحدون إليه أعجمي، وهذا لسان عربي مبين"، وكقوله: "قُلْ لَإِنْ اجتمعت الإنس والجن أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله، ولو كان بعضهم لبعض ظهيرًا. ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل فأبى أكثر الناس إلا كفورًا" ، باعتبار أنَّ القرآن الذي أتى به محمد هو "تنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسانٍ عربيٍّ مُبينٍ".

وبذلك أعطى الإسلام العرب رسالة، وغدا حسب مفهوم ذلك الزمان ثورياً، بالنسبة لمرحلة التشرذم القبلي، لأنه اتخذ موقفاً سلبياً من البداوة، واستخدمه محمد في ثورته القومية كسلاح أيديولوجي وسياسي في سبيل توحيد عرب الشمال مع عرب الجنوب، في إطار دولة واحدة، جمعت بين البدو والحضر في دعوة واحدة وحركة إسلامية واحدة، وأنهت بذلك "حالة المجابهة والصراع بين البدو والحضر لفترة تناهز قرنين"، من أجل مواجهة درء أخطار ومطامع الأمم المجاورة: الفارسية، والحبشية، والبيزنطية، التي كانت تهدد الجزيرة العربية، ومركزها التجاري مكة، والطريق التجاري الذي يقود إلى البحر الأسود عبر فارس، وإلى سورية وآسيا الصغرى، والطريق الذي كان يمر بالبحر الأحمر.

في هذا الكتاب الجديد الذي يتكون من مقدمة وأربعة فصول كبيرة،لمؤلفه الدكتور جوتيار تمر،ويحتوي على 306 صقحة من القطع الكبير، يعالج فيه الكاتب معالم المجتمع العربي في عصريه ما قبل الإسلام وفي صدر الإسلام من خلال رسم تدريجي للنظم التي اتبعها، لاسيما فيما يتعلق بالنظم القبلية والعصبية بحيث استطاعت تلك النظم من السيطرة على العقلية العربية حتى بعد انتشار الدين الإسلامي بينهم، وقد نتج عن ذلك تفاوت واضح في البنى الاجتماعية، إذ إنه على الرغم من عدم اعتراف الإسلام بالطبقية في بداياته، إلا أن نزعة القبائل العربية وعصبيتها فرضت واقعاً ملموساً يمكن رصده من خلال البحث بين الأسطر وعدم تجاوز الحدث التاريخي باعتباره لا يتوافق مع الفكر الديني، وفق ذلك فإن العصبية القبلية العربية التي تؤكدها الدراسة هي في الاصل تراث العرب في إدارة شؤونهم، وفق منطقهم الخاص، سواء قبل الإسلام أو بعد الإسلام. فالنظام القبلي ليس إلا الوجه الحقيقي للرؤية العربية للسياسة، ومن خلال تلك الرؤية تأسست معالم وجودهم الفعلي حتى بعد الإسلام الذي عمل على اخضاع القبائل المنطق سياسي ديني واحد، إلا أن الأمر لم يكن لينجح حتى بوجود النبي (ﷺ)، فالنزعة القبلية العربية ظلت متحكمة في الكثير من القبائل وزعمائها.

يقول الكاتب جوتيار تمر في المقدمة:"وفق ذلك فإنَّ قيام بعض الدراسات بتجاوز الواقع التاريخي الحقيقي للموالي؛ الذين تأثروا بالعصبية القبلية التي كانت البذرة الاساسية لظهور النزعة العربية فيما بعد، ومحاولتها تجميل الصورة باعتبار أنَّ الجيل الأول من الصحابة لم يكونوا ليفرقوا بين عربي أو أعجمي، بالرغم من وجود ذلك التفاوت الاجتماعي الواضح في صيرورة الحدث التاريخي، ذلك ما دفعنا إلى اختيار الموضوع ليس للتنقيص من الإسلام كدين، وإنما لإظهار الحقيقة التاريخية التي تكمن في أن الذين تسلموا السلطة بعد النبي (ﷺ)، بشر وهؤلاء لم يكونوا معصومين، مما يعني أنَّ التاريخ الذي شاركوا فيه ليس بمعصوم ايضاً، وبالتالي فإنَّه قابل للبحث والتمحيص والنقد المنهجي الاكاديمي، بعيداً عن التحيز الأيديولوجي، لاسيما أن المكتبات مليئة بالدراسات حول الموالى في صدر الإسلام، كدراسات سابقة، ألا أن غالبيتها انتهجت مبدأ السرد الوصفي مع إبداء بعض الآراء التي يراها الكتاب إنها اقرب إلى التبرير الممنهج والمغلف بالفكر الديني أو القومي أكثر من كونها آراء تبحث عن ماهية الحدث التاريخي وفق جدلية التأثير والتأثر(ص8).

النزاع بين الولاء للإسلام والولاء للعصبية القبلية

تترافق كلمة العصبية مع تفسير شائع يجعل منها مرادفاً للتفرقة وتعبيراً عن تغليب مصلحة فئة ما على مصلحة الجماعة ككل، وقد درج العرب بعد الإسلام على استعمال كلمة العصبية في كل مرة يراد الإشارة فيها إلى الصراعات الداخلية السلبية، بالمقارنة مع الاستقرار الداخلي العاكس لوضعية إيجابية، لذلك فقد استخدم العرب كلمة العصبية للدلالة على التنازع والفرقة والاعتداد بالأنساب، وفي الوقت نفسه يثير مفهوم القبلية الكثير من النقاش والجدل لدورها المتعاظم في الحياة السياسية العربية قبل الإسلام، والمخلفات التي تركتها حتى بعد ظهور الإسلام، وذلك بسبب طبيعة البنية والتنظيم الاجتماعي الذي كان يميز المجتمع العربي، والذي كان المتغير القبلي البدوي هو الأكثر تأثيراً وقوة في السياق العربي مقارنة مع المتغيرات الأخرى، مما جعل من تحديد مفهوم وظاهرة العصبية القبلية من أكثر المفاهيم والظواهر التي تستعصي على التحديد والتعريف، وذلك لاختلاف طبيعة المشكلة وحضورها من مجتمع لآخر، حتى أصبح ينظر إليها من قبل بعض المختصين باعتبارها تواصلاً لأشكال حياة بدائية وجزءاً من مخلفات مرحلة سابقة من تكوين البشرية، وتجدر الإشارة إلى أن الكتاب يعتمد مصطلح العصبية القبلية كتعريف أولي لمفهوم النزعة العربية باعتبار أن كلا العصبيتين العربية والقبلية والتي انحدرت منها العصبية النزعة العربية بمفهومهما اللاحق في الدولة الأموية، قد انبعث من تيار واحد، وبالتالي هو ما يعكس حكماً سلبياً إزدرائياً ضمناً على نمط الحياة القبلية، باعتبار أن القبلية هي الأساس الذي تبنى عليه العصبية.

عرف العرب النظام القبلي منذ أقدم عصورهم، وذلك النظام كان يسود بلاد العرب كلها، حيث كان سكان الجزيرة يعيشون عيشة قبائل، وكانت تلك العيشة ملائمة لطبيعة بلادهم، فالعرب سواء عاشوا بدواً أم حضراً كان النظام القبلي هو الذي يجمع بينهم، باعتباره ذلك النمط من الحياة التي تتوزع فيها الأمة الواحدة إلى جماعات بشرية مستقلة يجمع بين أفرادها صلة النسب المشتركيقول الكاتب جوتيار تمر: "عرف العرب النظام القبلي منذ أقدم عصورهم، وذلك النظام كان يسود بلاد العرب كلها، حيث كان سكان الجزيرة يعيشون عيشة قبائل، وكانت تلك العيشة ملائمة لطبيعة بلادهم، فالعرب سواء عاشوا بدواً أم حضراً كان النظام القبلي هو الذي يجمع بينهم، باعتباره ذلك النمط من الحياة التي تتوزع فيها الأمة الواحدة إلى جماعات بشرية مستقلة يجمع بين أفرادها صلة النسب المشترك سواء كان ذلك النسب حقيقياً أو وهمياً، وبذلك يكون عامل النسب مهماً في معركة البناء الهيكلي لتلك التجمعات البشرية والتي كانت تطلق على نفسها القبائل، والتي منها تمخض الفكر القبلي، ولم تكن في بلاد العرب قبل الإسلام دولة عربية، بل كان بها وحدات سياسية اجتماعية مستقلة تعرف بالقبائل.

يعد المكون القبلي أهم التكوينات السياسية في شبه الجزيرة العربية، بالطبع ليس بمفهومه الاجتماعي، لأن تلك التكوينات القبلية وجدت كوحدات اجتماعية في كل أرجاء شبه الجزيرة، والقبلية أو القبيلية هي نسبة إلى القبيلة، ويقال: قبيلية، والقبيلة مجموعة من الناس: بنو أب واحد، ومعنى القبيلة، الجماعة، ويقال لكل جماعة من أب واحد قبيلة، والقبيلة أيضاً: وحدة اجتماعية متماسكة تتكون من مجموعة أفراد تقطن على بقعة جغرافية معينة تتمتع بدرجة من الاستقلال السياسي، وفي بعض الأحيان تنشطر القبيلة إلى أقسام مختلفة خصوصاً إذا كانت البقعة الجغرافية التي تعيش عليها واسعة بالنسبة لعدد السكان، ويتكلم أفراد القبيلة لغة واحدة لها لهجة معينة تختلف عن لهجات القبائل الأخرى التي تتكلم اللغة نفسها، وتعرف القبيلة أيضاً على أنها الوحدة السياسية للبدو تربطهم رابطة العصبية، وتستوفي القبيلة بعض مقومات الدولة، ولا ينقصها إلا أرض مثبتة الحدود، لأنها قلما تثبت في مكان واحد فترة طويلة، وفي غالب الأحيان تكون لها منطقة خاصة تتجول في نطاقها، وهي ما تدعى بالدار، أو قد تنشئ لنفسها حمى، أي منطقة ثابتة من الأرض ولا يجوز لغيرها أن يخترقها أو يستعملها، والقبيلة قل ما أن ينتسب اليها من لم يساهمها في نسبها إلا عن طريق الحلف والولاء"(ص38).

يتضح من غالبية التعاريف عن القبيلة أنها تقوم على التصنيف وفكرة التجمع والتدرج، كما أن التجمع نفسه يقوم على النسب المشترك للمجموعة، وذلك ما استندت عليه التعاريف الحديثة أيضاً، بحيث ترى أن تلك التصنيفات تقوم في الأساس على اعتقاد أن المجموعات القبلية في انتمائها إلى جد أعلى مشترك، انتماء يميزها عن مجموعات أخرى مماثلة ويفصلها عنها، بحيث تكون العلاقات بين الطرفين علاقات تعارض وتنافس وصراع.

اتسم النظام القبلي بالتفكك السياسي قبل الإسلام وحتى بعد ظهور الإسلام فقد "استغنوا عن غيرهم فصعب انقياد بعضهم لبعض لإيلافهم ذلك التوحش، حيث كانت القبيلة مصدر القوة السياسية والدفاعية التي تربط بين أفراد القبيلة، وعلى ذلك فإن العرب لم تتوحد سياسياً ضمن هيكل دولة منظمة، بشكل يجعلها قوة معاصرة للقوى الإقليمية وقتها، لاسيما الفرس والروم، إلا أن ذلك لا ينفي وجود وحدة بين العرب ولكن وفق مسار آخر، حيث شكلوا أمة ثقافية دينية إلى حد ما، ولكن بالطبع ليس أمة الدولة، إلا أن تلك الوحدة لم تكن كفيلة بإخضاع القبائل كلها تحت سلطة واحدة، بل كانت في الكثير من الأحيان تبث روحاً تنافسية بين القبائل فتبحث كل واحدة عن تحالفات لقهر الأخرى، مما جعلتها محتفظة بطباع التبدي، من التنقل والاغارة والعصبية.

إن العصبية كنظام يلجم اندفاع حركة الحياة المعبرة عن ذاتها، بالإرادة، تحقيقاً للانتصار، يلجمه عن طريق ضبطه سلوك الفرد والجماعة، وتقنين حركة السلوك وتنميطها، فيأخذ ذلك الانتصار معناه ومعياره من قيم المجتمع السائدة فيه، في مرحلة تاريخية معينة، كل ذلك دون إهمال كون العصبية شوكة وقوة داعمة للسلطة، ولذلك فإنه بالعصبية يمكن تفسير ظواهر السلوك المختلفة، لدى الأفراد والجماعات والشعوب، لاسيما لدى الجماعات في المجتمع العربي، باعتبار أن العصبية هي بنيته، فهي تدخل في نسيجه الاجتماعي الثقافي القيمي السلوكي، وتفسر عبر ذلك النسيج الظواهر السياسية والثقافية والنفسية المتمثلة في ذلك السلوك، وهو نسيج اجتماعي لأنه علاقة، وهو ثقافي لأنه من جبهة معرفة الحضارة.

بنيت السلطة بعد وفاة النبي (ﷺ) على أسس الصراع بين القبائل العربية لاسيما -المهاجرين-، فالملاحظ من الوهلة الأولى من مداولات اجتماع السقيفة، كان المهاجرون والأنصار، يقصدون وبكل وضوح، الحسم في خلافة النبي السياسية والزمنية دون المسألة الدينية، حيث كان خطابهم يعتمد على مصطلحات سياسية زمنية منها الأمارة والأمرة، منا أمير ومنكم أمير، أو نحن الأمراء وأنتم الوزراء، كما أنهم في سياقات الحديث استخدموا مصطلحات أخرى أو ألفاظاً أخرى كلفظتي خلافة وسلطان، وإجمالاً كان ثمة وعي صريح بأن صراعهم كان يدور حول مسألة تولي الحكم والقيادة السياسية بعد النبي (ﷺ) مع المحافظة على رداء الدين.

ظل الجيش العربي الإسلامي مقسماً وفق القبائل لكل قبيلة قادتها، مع غلبة القبائل البدوية على الجيش، مما يعني نقل الطباع البدوية التي لم تصهر بعد في الإسلام إلى تلك المناطق، وواجه العرب في أيام الغزوات صعوبة كبيرة في توسعاتهم بسبب العقلية القبلية وضيق أفقها، وعدم تمكنها التخلص من مثلها الموروثة قبل الإسلام بسهولةيقول الكاتب جوتيار تمر: "الراجح أن بيعة أبي بكر كانت في مضمونها تفوقاً للمرجعية الدينية الجديدة أي للإسلام لكن دون قطع الماضي باعتبار أن النظم القبلية كانت تختار الأكبر سناً لرئاسة القبيلة فقال له أبو عبيدة: يا أبا الحسن، إنك حديث السن، وهؤلاء مشيخة قريش قومك، ليس لك مثل تجربتهم ومعرفتهم بالأمور، ومن جهة أخرى باعتبار أن أبا بكر هو رفيق النبي (ﷺ) في الهجرة، فإنه يمكن النظر إلى الأمر من كونه سلاح ذو حدين، فاختيار أبي بكر ضرب العقلية القبلية من ناحية، وأكدتها من ناحية ثانية بسبب انتماء الخليفة إلى بطن متواضع من بطون قريش وهو بنو تيم، ومع ذلك فإن التنافس والصراع ظل محتدماً بين الصحابة، ويمكن إدراك ذلك من خلال تتبع سيرة أحد الصحابة الأوائل سعد بن عبادة الذي آمن بأن الدولة التي قامت في موطنه ليست لقريش وحدها، ولذلك تشير الكثير من الآراء إلى أنه تم تصفيته في الشام بعدما رفض بيعة كل من أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب، وعلى ذلك الأساس فقد ألقت المرجعية الجديدة بأثارها على جميع المكونات الأخرى من المجتمع الإسلامي فيما بعد، لاسيما غير العرب من المسلمين، الذين وجدوا أنفسهم وبحسب ما تقدم أن لا مكان لهم في السلطة"(ص90).

ظل الجيش العربي الإسلامي مقسماً وفق القبائل لكل قبيلة قادتها، مع غلبة القبائل البدوية على الجيش، مما يعني نقل الطباع البدوية التي لم تصهر بعد في الإسلام إلى تلك المناطق، وواجه العرب في أيام الغزوات صعوبة كبيرة في توسعاتهم بسبب العقلية القبلية وضيق أفقها، وعدم تمكنها التخلص من مثلها الموروثة قبل الإسلام بسهولة، فقد كان على القائد أن يقاتل عدوه ـ الموالي ـ بجيش على شكل كتل قبائل، تتكون كل كتلة من مقاتلي قبيلة واحدة ورئيسها، لا من جنود ينتمون إلى أمة هي فوق كل الكتل والقبائل، لذلك خلق ذلك النظام نمطاً إقطاعياً خاصاً منذ بواكير انتشار الإسلام، فمن الصحراء إلى المراعي الخصبة، الأمر الذي ساهم بشكل وآخر على تكريس نمط الإنتاج الإقطاعي، وتمييع النمط البرجوازي، فقد تخلقت طبقة أغنياء الفلاحين شريحة محدودة الفاعلية على الصعيد السياسي، وذلك ما يفسره تعايش الأنماط الهامشية مع النمط الأصلي الثابت، مما يعني أهالي تلك المناطق الأصليين، مع الموجات البدوية، وذلك ما أنتج الصراع الاجتماعي ولو بصورة مائعة لم يسفر في أحسن حالاته إلا عن إضعاف سائر القوى في القلب والتمهيد للقوى البدوية الرعوية الطرفدارية المتحزبة كي تقفز إليه وتستولي على السلطة قسراً لتكريس الإقطاعية العسكرية، لا سيما أن الإقطاعية ظهرت بواكيرها في فترة مبكرة في صدر الإسلام، وفي عهد الخليفة عثمان بن عفان على وجه التحديد، وذلك لأن الخليفة عمر بن الخطاب كان قد منع قادته والطبقة الارستقراطية العربية من العرب بتمليك الأراضي والإقطاعيات، كي لا ينشغلوا عن الجهاد.

كان ثمة احتكاك وتصادم دائم بين فكرة الإسلام الواحدة كما كانت تسوسها قریش، وبين نزعة القبيلة عند القبائل، حيث أن التيار الإسلامي سعى نحو توحيد الجزيرة العربية سياسياً ودينياً، بينما التيار القبلي كان يقاوم الاتجاه المركزي وسعى نحو استمرار التقاليد العربية على الرغم من اصطدامها أحياناً بالمبادئ واتجاهات الدين الإسلامي، بالتالي فإن وحدة القبائل أثناء خروج الجيوش الغازية بدأت بالتفكك خلال فترات الاستقرار النسبي بعد إخضاع الكثير من المناطق والأقاليم، وما كان يليها بروز الاختلافات سواء حول السلطة أو توزيع الغنائم والأعطيات، فالمجتمع العربي المسلم منذ بداية تكوينه وقع تحت نزاع محتم فيما يتعلق بازدواجية الولاء، حيث الولاء الديني الذي ينتمي لدار الإسلام والذي بقي ثابتاً على الرغم مما شابه من تأويلات المفاهيم بعيدة عن روح الإسلام، رسخت في أحيان كثيرة الأبعاد التفتيتية للمجتمع العربي المسلم، وينازعه ولاء عصبي قبلي، والذي لم تستطع العقيدة التي هي ركن أساسي في قيام الجماعة، وركن من أركان قيام الأمة الإسلامية، أن تجمع بين الاطراف المتنازعة، وتحول دون وقوع صدامات دموية بينهم، فالعقيدة نفسها أصبحت مصدراً للانقسام والتناحر، فضلاً عن تناثر القبائل العربية بين البلدان والمدن التي دخلوها سواء بين افراد القبيلة الواحدة أو القبائل ككل مما أدى إلى إضعاف التيار الديني بعد قرن من الزمن.

دعا الإسلام إلى الإخاء بين المسلمين كافة بصرف النظر عن العنصر واللون واللغة، وكان لا بد أن يؤدي ذلك إلى خلق بعض التوترات بين العرب، بكل نزوعهم البشري المفهوم إلى تنصيب أنفسهم أمة متميزة بوصفها الأمة الأولى التي شهدت مولد النبي، وجاءت بالخلاص للأخرين، وبين أقرانهم المسلمين الموالي في تلك الأراضي التي دخلوها، متحكمين في ذلك إلى نص وروح عقيدتهم القائمة على المساواة، تلك التوترات التي كانت في أساسها وجوهرها تنافساً قبائلياً أو عائلياً حتى داخل القبيلة الواحدة أيضاً، وذلك من خلال هياج العصبية القبلية وتناطح القبائل في بداية العصر الراشدي واستمرارها إلى العصر الأموي، ثم صارت تتمظهر بخلافات مذهبية وعداوات سياسية خصوصاً بعد الحروب التي حدثت بين أتباع الخليفة علي بن أبي طالب من جهة ومؤيدي معاوية بن أبي سفيان 41 - 60هـ / 661 - 680 م من جهة ثانية، وظهور حركة الخوارج كنقيض للطرفين إثر ذلك، ثم بعد ذلك بين مؤيدي الحسين بن علي ت 61هـ /860م من جهة، وأتباع الخليفة يزيد بن معاوية 60-680/ 564 - 683م من جهة أخرى، وما تلا ذلك من عداوات وحروب دامية استمرت لقرون، وذلك من خلال تحويل الصراعات الدنيوية إلى حروب أيديولوجية دينية، وهو نمط غدا أكثر بروزاً، وأيسر اتباعاً وأشد فتكاً في نتائجه بسبب عدم الفصل بين ما هو دين وما هو أفعال تنتج من الصراعات والنزعات، فأصبح هو التفسير السائد للإسلام.

مقالات مشابهة

  • البروفة الأخيرة للمونديال.. منتخب ناشئي اليد يواجه تونس وديا اليوم
  • جهاز الضرائب ينظّم ندوة تعريفية حول الالتزامات الضريبية للشركات الخاصة بنزوى
  • مصر .. قطار يصطدم بحاجز خرساني ضخم في محطة رمسيس
  • فوز كوية وصلاح الدين في ختام الدور الاخير من دوري اليد الممتاز
  • دراسة لجامعة نزوى: 4% من أراضي سلطنة عمان صالحة لزراعة القمح حتى عام 2080
  • دوري الهواة بشمال الباطنة يصل للمرحلة النهائية
  • "موديز" ترفع التصنيف الائتماني لبنك نزوى إلى درجة الاستثمار "Baa3"
  • خالد جاد الله: الأهلي يواجه مشكلة بسبب اللاعبين الذين استقطبهم.. وعبد القادر لن يبقى في الفريق| فيديو
  • مدرب نيوكاسل: شائعات رحيل إيساك لن تؤثر على تركيز الفريق
  • العروبة المؤسِّسة.. كيف صاغ العرب مكانتهم العليا داخل الدولة الإسلامية المبكرة؟