جريدة الرؤية العمانية:
2025-12-14@16:02:55 GMT

مع السلامة زياد.. بلا ولا شيء

تاريخ النشر: 30th, July 2025 GMT

مع السلامة زياد.. بلا ولا شيء

حمد الصبحي

في زمن الكاسيت عرفنا زياد الرحباني كما عرفنا فيروز، عرفناه كجزء من حياتنا، من أملنا، من انكساراتنا، من جوعنا، من صعلكتنا، من حبنا، من شهيتنا، من سخريتنا، من طفولتنا، من كل شيء، زياد كان كل شيء في الحياة.

عرفنا زياد وعرفنا الموقف، عرفنا السخرية والموقف السياسي، عرفنا لعناته، سخريته، نقده، قراءته السياسية، في أغنية امتزجت بالسواد، وعرفتنا يا زياد "لبكرا شو؟"، وعشنا معك في أحلك الظلمات في "فيلم أمريكي طويل"، و"شي فاشل".

كنت يا زياد أكبر من أغنية عندما سمعنا "نزل السرور"، وكنا خطوة بخطوة "بخصوص الكرامة والشعب العنيد" في زمن الحرب التي ذبحت الجمال وخنقت الهواء، وفي "كيفك إنت؟"، عدنا إلى الجذر، إلى الأم، إلى الكون كله، إلى فيروز العظيمة، أدخلتنا إلى زمن آخر، في إيقاع لم نعتاده، وأنت المبكر في أجمل أغنيات فيروز.

وفي "عودك رنان"، رقصنا لعذوبة اللحن، وكنا نسأل من أين جاء زياد، واصطدم السؤال في "بلا ولا شي"، ولكن يا زياد "شو بيبقى"، وفي كل هذه الأغنيات تحرر صوت فيروز من الإيقاع القديم الذي تعودت عليه الأذن العربية.

 

أظهرت لنا فيروز في شكل آخر، "حين يلحن زياد لفيروز"، نشعر أن الأم تغني والابن يكتب لها رسائل حب من نوع آخر، خاصة في أغنية سألوني الناس، تخرج الكلمات من فيروز كأنها بيان حب، وجاء اللحن عذبا يحمل الكلمات إلى زمن آخر، وننسلخ نحن من المكان ونذهب إلى أرض الفرح، صوت يرفع الكلمات إلى محراب العشق، أغنية من الأم للابن:

"سألوني الناس عنك يا حبيبي

كتبوا المكاتيب وأخذها الهوا

بيعز عليّ غني يا حبيبي

ولأول مرة ما منكون سوا".

ما أجمل هذه الأغنية، نسمعها ونتعذب، تنام العين من سرها، فيها العذوبة، وفيها الشجن، "الأغنية تقول أكثر مما تعنيه، وتلمّح أكثر مما تصرّح"، هذا هو زياد في الحب والحنين، وهل هذا غريبًا وهو ابن فيروز رسولة الحنين.

وفي "بما إنّو"، عشنا كل الوقت في النقد والسخرية والفكاهة، نسمع ونعيد، ندخل إلى عالمك الذي رأيت فيه بأن الجوع كافر ونقدت الأحد والجمعة ومن يخطب فيهما، كنت الموقف في لغتك وأسلوبك الساخر، وما أجمل حواراتك الصغيرة المكثفة التي تخرج من لسان النار لتكسر التابوهات وتكفر بكل المحرمات والقضايا المسكتوت عنها.

لماذا رحلت يا زياد، ولماذا تتركنا في هذا الزمن، هل لأن قلبك تعب من هذه الحياة، وأنت الذي صنعت أجمل الألحان، "سألوني الناس" و"كيفك إنت" و"يا سارية" و"سلملي عليه" و"أنا فزعانه" و"ضاق خلقي" وغيرها، ألحانا أسطورية لن يكررها الزمان، لأنها التاريخ كله في جمال المفردة الموسيقية، صنعت وكرست كل هذا الجمال بما ورثته من عاصي الأجمل في الذاكرة.

لماذا رحلت يا زياد والأرض الجريحة تحتاجك أكثر في نقدك وأسلوبك، وكنا ننتظر المفاجأة، لكن جاء هذا الصباح مفأجاة ونحن نتلقى خبر رحيلك، وكأنه مزحة، أو كذبة مثل هذا الزمن الذي نعيشه.

وكيف لقلب فيروز أن يتلقى هذا الخبر الصادم وهي التي توشحت كل العمر بالسواد في الفقد والرحيل، كنت يا زياد أملها، ولكن ماذا نقول لهذا الزمن الذي يسرق منا أجمل الناس غذوا حياتنا، فكانوا كل الحياة.

ستبقى يا زياد خالدا، تركت الحب وأخذت الأسى، وأي أسى هذا الذي تشربته قطرة، قطرة، لكنك جمعت العالم في أغنية واحدة، وكلما اختنقنا سنسمعك، "كما كانت بيروت عندما تختنق بالحرية، اتجه الناس إلى مسرح زياد كأنهم يصلّون".

لا نقل وداعًا، لأنك في دمنا، في وقتنا، في كل شيء، أنت معنا يا زياد، يا سابق الظل والعصور.

كنت تريد وتريد أن تصنع من القبح وطنًا، و"كنت جناح الحقيقة الجارحة"، والثائر على الجمود، وما المسرح والموسيقى إلا لنضح الأمل والثورة على الجمود وفساد الأخلاق، كنت حالة، أو وطن آخر لوطن متعب ويئنّ، كنا نستمع إليك في جرحنا الطويل، في ليلنا، كنا نحلم معك بجملة تقول: "بعدنا طيبين... قولوا الله".

كنت يا زياد كل شيء، كنت تغني نشازنا، جرحنا، ألمنا، جوعنا، فقرنا، عجزنا، حتى في تسديد فاتورة الكهرباء، أو فاتورة الماء، أو غلاء الحياة، زياد نحن من جيل لا يفرق عن زمنك حين كنت "صديق الله" في شعرك، وقلت حينها:

يومٌ أذهبه إلى المدرسة

أحسه سفرًا يا أُمي

أحسه بعدًا عنك وعن أبي

وعن شباكنا المكسور

أذهب إلى المدرسة وأغمض عيني.

نحن الآن لا نودعك، لكننا نودع كل الزمن، نودع ما ذهب وحلمنا به معك، يقول صديقي الشاعر بأنك أكثر حظًا بأنك مت في بيروت، بيروت الحرية، وهذا صحيح يا زياد، لأن في مدينتك يوجد الشارع لتقول له كل شيء كما قلته في "العقل زينه".

شكراً زياد، جدًا جزيلًا، على طريقتك في السخرية والقفشات، وكما وصفك مرة محمود درويش (في إحدى المقابلات):

بأنك " شاعرٌ موسيقيٌّ، يسمع الواقع بشكل أفضل مما نراه".

وهكذا كنا نراك في وصف حالتنا "التعبانة"، أكثر من حالة ليلى.

 

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

كلمات دلالية: کل شیء

إقرأ أيضاً:

مصرع أربعة أردنيين نتيجة تسرب غاز المدفأة في الزرقاء الأردنية

شهدت محافظة الزرقاء الأردنية حادثة مأساوية أسفرت عن وفاة أربعة أفراد من عائلة واحدة بسبب تسرب غاز المدفأة ما أثار تحذيرات رسمية بشأن السلامة في استخدام وسائل التدفئة بالمنزل.

سجلت محافظة الزرقاء الأردنية وفاة أربعة أردنيين من نفس العائلة عقب إصابتهم بضيق شديد في التنفس نتيجة تسرب غاز المدفأة داخل منزلهم بمنطقة الهاشمية شرقي البلاد.

أسرعت فرق الإسعاف إلى مكان الحادث ونقلت الوفيات إلى مستشفى الزرقاء الحكومي لتسجيل الحادث ومعالجته وفق الإجراءات الرسمية التي تتبعها السلطات الأردنية.

دعت مديرية الأمن العام الأردنية السكان إلى ضرورة الالتزام بالاستخدام الآمن لوسائل التدفئة المنزلية وتفقد خراطيم الغاز المتصلة بين الأسطوانة وجسم المدفأة بصورة دورية. كما شددت على استبدال مانعة التسرب عند كل عملية تغيير للأسطوانة لتجنب أي حوادث مستقبلية قد تهدد حياة الأسر الأردنية.

تكرر حادث تسرب الغاز في الأردن خلال أسبوع واحد، حيث توفي ثلاثة أشخاص آخرون نتيجة حادث مشابه في العاصمة عمان، مما يبرز خطورة الإهمال في إجراءات السلامة المنزلية.

تكثيف الإجراءات الوقائية ضرورة ملحة

أوصت السلطات الأردنية بضرورة إجراء فحص دوري لجميع وسائل التدفئة داخل المنازل لتجنب أي اختلال في أجهزة الغاز قد يؤدي إلى مأساة مماثلة. أكدت المديرية على أهمية تدريب الأسر على التعامل مع أي تسرب محتمل للغاز وإغلاق مصدره فور اكتشافه، لضمان حماية حياة السكان الأردنيين.

سجل الحادث في الزرقاء الأردنية أعلى معدلات الخسائر البشرية بسبب الغاز في الأسابيع الأخيرة، ما دفع الأجهزة المختصة إلى إطلاق حملات توعية حول مخاطر تسرب الغاز وأهمية اتباع تعليمات السلامة المنزلية بدقة.

أوضحت مديرية الأمن العام الأردنية أن الحرص على التفقد الدوري للأسطوانات وخراطيم الغاز واستبدال مانعة التسرب بشكل منتظم يمثل الخطوة الأهم لتقليل حوادث الاختناق الناتجة عن الغاز المنزلي في الأردن.

تأتي هذه الحوادث في إطار ارتفاع معدلات استخدام الغاز في التدفئة المنزلية خلال فصل الشتاء في الأردن، وهو ما يجعل اتباع إجراءات السلامة مسألة حياة أو موت لجميع الأسر الأردنية.

طالب مسؤولون أردنيون جميع المواطنين بعدم تجاهل علامات التسرب أو تجاهل التعليمات الواردة من المديرية لتفادي المزيد من الخسائر البشرية. وأكدت السلطات أن الالتزام الصارم بالتعليمات يقلل من المخاطر بشكل كبير ويمنع تكرار مثل هذه الحوادث المأساوية.

اعتداء صادم بمطعم بالغربية.. الأمن يضبط المتورطين فورا ثلاثة لصوص في قبضة الأمن بعد سرقة صادمة بشقة بالمنيا مصرع شخص وإصابة اثنين في حادث مرور مأساوي بالجزائر فضيحة تحرش بالقاهرة.. القبض على بائع يستهدف سيدتين أجنبيتين كشف شبكة التسول.. استغلال الأطفال يفضح العصابة بالكامل انفجار خط الغاز الرئيسي في نيجيريا يهدد إمدادات الكهرباء اعتداء بالأسلحة البيضاء في قلب القاهرة بسبب خلاف مرور بسيط التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة حول جريمة المنوفية بحق عروس وطفلها وفد أمني رفيع يصل موقع الهجوم الإرهابي في محافظة صلاح الدين العراقية العثور على 50 فيديو مخلا واتهام مدرب المنصورة بالتحرش بالناشئين

مقالات مشابهة

  • المغرب يبدأ إجراءات تأمين كأس أفريقيا 2025 ومونديال 2030
  • أجمل رسائل التهنئة والمعايدة بمناسبة رأس السنة الميلادية 2026
  • أجمل كلمات التهنئة بشهر رجب الفضيل 1447
  • شرطة دبي تدعو السائقين للحذر خلال التقلبات الجوية
  • المواصفات والمقاييس تؤكد أهمية الالتزام بإجراءات السلامة عند استخدام وسائل التدفئة
  • بقيادة ذاتية.. موسكو على موعد مع إطلاق أول مترو بدون سائق
  • استياء واسع بعد أعمال غير منظمة في دوار حارة القطيفات بالطفيلة
  • مصرع أربعة أردنيين نتيجة تسرب غاز المدفأة في الزرقاء الأردنية
  • الأمطار تحوّل النفود الكبير جنوب رفحاء إلى لوحة طبيعية مترفة بالجمال
  • دعاء الشفاء العاجل.. ردد أجمل أدعية للمريض بظهر الغيب