أدى السقوط السريع لنظام بشار الأسد إلى طرح تحديات كبيرة وجديدة على دور سوريا ومستقبلها في المرحلة المقبلة، في ظل التخوف من أن تؤدي الخلافات والصراعات الداخلية والخارجية إلى تحويل سوريا إلى ساحة جديدة من ساحات الحروب المستمرة كما هو الحال في بعض الدول العربية، ورغم أنه لا يمكن لأحد أن يحسم الأفق الذي ستسير عليه الأوضاع في المرحلة المقبلة، فإن الرهان الكبير لدى الكثيرين على أن تشكل التطورات السورية فرصة جديدة من أجل رسم مستقبل أفضل للمشرق وللعالم العربي والإسلامي، بدل أن تكون مدخلا لعودة الصراعات المذهبية والسياسية والإقليمية والدولية.



ومن الواضح أن العوامل المؤثرة في الداخل السوري كثيرة، ومنها عوامل داخلية ورؤية القوى الجديدة لمستقبل سوريا ودورها وكيفية تكوين السلطة الجديدة، ومنها العوامل الخارجية وكيفية تأثير القوى الإقليمية والدولية على الداخل السوري.

وفي ظل التحديات الكبيرة التي تواجهها سوريا اليوم أعاد بعض الناشطين والمفكرين العرب إلى طرح الرؤية القديمة الجديدة والتي تدعو إلى إقامة حوار عربي- تركي- إيراني- كردي من أجل مواجهة التحديات التي تواجهها سوريا، والتمهيد لعودة التكامل العربي- التركي- الإيراني من أجل منع عودة الصراعات المذهبية والسياسية، ومن أجل التركيز على مواجهة الخطر الأساسي المتمثل بالعدو الإسرائيلي وبالدور الأمريكي الهادف لإقامة شرق أوسط جديد لخدمة المصالح الأمريكية والإسرائيلية وتصفية القضية الفلسطينية وتقسيم وتفتيت وتدمير الدول العربية والإسلامية.

العوامل المؤثرة في الداخل السوري كثيرة، ومنها عوامل داخلية ورؤية القوى الجديدة لمستقبل سوريا ودورها وكيفية تكوين السلطة الجديدة، ومنها العوامل الخارجية وكيفية تأثير القوى الإقليمية والدولية على الداخل السوري
ويستعيد هؤلاء المفكرون العرب المشروع الذي طرحه قبل عدة سنوات منتدى التكامل الإقليمي برئاسة المفكر العربي سعد محيو الذي يدعو إلى حوار عربي- تركي- إيراني- كردي والعودة إلى القيم المشرقية المشتركة والتي تستفيد من القيم الدينية والروحية والتجارب الانسانية المشرقية والعالمية. وينطلق هذا المشروع من خلال دراسات عديدة أعدها الأستاذ سعد محيو، وتؤكد أن كلفة الحروب والصراعات في المنطقة أدت إلى خسائر كبرى تصل إلى أكثر من ملايين مليارات الدولار وتدمير عدد من الدول العربية والإسلامية وسقوط ملايين الضحايا، وأن الخيار الوحيد لشعوب المنطقة هو الحوار وقيام دولة المواطنة والديمقراطية والإنسان والتكامل العربي- التركي- الإيراني، ومعالجة المشكلة الكردية من خلال قيام دولة المواطنة.

وقد تبنى هذه الرؤية في السنوات الماضية العديد من المفكرين العرب والإيرانيين والأتراك والأكراد وعدد من مراكز الدراسات والمنتديات العربية والتركية والإيرانية والكردية، وأقيمت عشرات المؤتمرات والندوات واللقاءات من أجل تنفيذ مشروع التكامل بين الدول المنطقة، لكن التطورات التي حصلت بعد معركة طوفان الأقصى والحرب على لبنان أدت إلى تراجع الاهتمام بهذا المشروع.

لكن التطورات المتسارعة في سوريا والدور الكبير الذي لعبته تركيا في التغييرات التي التي حصلت والخوف من أن تؤدي هذه التطورات إلى حصول صراع أو تنافس تركي- إيراني أو صراع بين السلطات الجديدة والأكراد، وكذلك تحويل سوريا إلى ساحة للصراعات الداخلية والإقليمية والدولية يجعل العودة إلى هذا المشروع مطلبا ملحّا، خصوصا أننا شهدنا مؤشرات إيجابية من خلال المواقف التي أعلنها زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان خلال لقائه مع وفد من حزب الشعوب الديمقراطية، وإشادته بالدور التركي ومواقف عدد من المسؤولين الأتراك والدعوة لفتح صفحة جديدة، كذلك لقاء رئيس الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع بوفد من قوات سوريا الديمقراطية من أجل البحث في مستقبل الأكراد في سوريا، يضاف إلى ذلك الاهتمام العربي والإيراني بالتطورات في سوريا والحرص العربي على الاستقرار الداخلي ودعم الحكومة الجديدة.

التطورات المتسارعة في سوريا والتي يمكن أن تنتقل إلى دول أخرى تتطلب الإسراع بإطلاق حوار عربي- تركي- كردي- إيراني؛ لأن هذا الحوار هو البديل عن الصراعات والحروب، ومن المهم إعطاء الفرصة للحكم الجديد في سوريا لتنظيم صفوفه وتقديم كل أشكال الدعم له بدل تحويل سوريا إلى ساحة لتصفية الحسابات ونشر الخلافات السياسية والمذهبية والطائفية
لكن الخوف الأكبر أن تؤدي الخلافات والصراعات حول مستقبل سوريا ودورها في المرحلة المقبلة إلى سبب لتحويل سوريا إلى ساحة جديدة للحروب المتنقلة، وأن تنتقل الصراعات إلى دول أخرى عربية وإسلامية.

من الواضح أن الوضع السوري الجديد دقيق جدا والتحديات الداخلية والخارجية كبيرة، ولا يمكن للإدارة الجديدة في سوريا أن تعالج كل المشكلات دفعة واحدة، خصوصا أن العدو الإسرائيلي استغل ما حصل من أجل السيطرة على المزيد من الأراضي السوري وتدمير القدرات العسكرية السورية، وهناك رهان لدى البعض لنقل المشكلة إلى دول أخرى وتحويل العالم العربي والإسلامي إلى ساحة صراع مجددا؛ يكون المستفيد الوحيد منها العدو الصهيوني المدعوم أمريكيا.

إن التطورات المتسارعة في سوريا والتي يمكن أن تنتقل إلى دول أخرى تتطلب الإسراع بإطلاق حوار عربي- تركي- كردي- إيراني؛ لأن هذا الحوار هو البديل عن الصراعات والحروب، ومن المهم إعطاء الفرصة للحكم الجديد في سوريا لتنظيم صفوفه وتقديم كل أشكال الدعم له بدل تحويل سوريا إلى ساحة لتصفية الحسابات ونشر الخلافات السياسية والمذهبية والطائفية.

فهل يمكن تحويل هذا الزلزال الكبير بعد سقوط نظام بشار الأسد إلى فرصة للتعاون والحوار العربي والإسلامي، أم أننا سنكون أمام حروب جديدة تدفع فيها الشعوب العربية والإسلامية المزيد من التضحيات والخسائر والدمار؟

x.com/kassirkassem

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه تحديات سوريا إيراني تركيا إيران سوريا تركيا اكراد تعاون مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الداخل السوری إلى دول أخرى حوار عربی فی سوریا من أجل

إقرأ أيضاً:

قافلة مساعدات جديدة للهلال الأحمر العربي السوري تصل إلى معبر بصرى الشام الإنساني في طريقها السويداء.

السويداء الهلال الأحمر العربي السوري بصرى الشام 2025-07-28bdrossmanسابق غوتيريش: يجب عدم استخدام الجوع كسلاح حرب انظر ايضاً قافلة مساعدات جديدة تتوجه إلى السويداء

آخر الأخبار 2025-07-28لأول مرة… هولندا تدرج إسرائيل ضمن الدول التي تشكل تهديداً 2025-07-28قافلة مساعدات جديدة تتوجه إلى السويداء- فيديو 2025-07-28وزير الإعلام: نأمل ألا تُعرقل الجهة الخارجة عن القانون وصول قوافل المساعدات إلى السويداء 2025-07-28وزير الطاقة يصل الدمام لزيارة منشآت إستراتيجية في قطاع الطاقة 2025-07-28ارتفاع أسعار النفط بعد الاتفاق التجاري الأمريكي الأوروبي 2025-07-28ندوة توعوية في حلب حول مخاطر المخدرات وضرورة التكاتف المجتمعي لمكافحتها 2025-07-28أردوغان: تركيا في حالة تأهب دائمة لحماية الغابات من الحرائق 2025-07-27مصرع ثلاثة أشخاص في حادث قطار غرب ألمانيا 2025-07-27الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يتوصلان لاتفاق تجاري بشأن الرسوم الجمركية 2025-07-27منظمة الصحة العالمية تحذر من معدلات مقلقة لسوء التغذية في غزة

صور من سورية منوعات اختفاء غامض لعشرات الطواويس من فندق تاريخي في كاليفورنيا 2025-07-27 أمازون تغلق مختبرها للذكاء الاصطناعي بالصين 2025-07-25
مواقع صديقة أسعار العملات رسائل سانا هيئة التحرير اتصل بنا للإعلان على موقعنا
Powered by sana | Designed by team to develop the softwarethemetf © Copyright 2025, All Rights Reserved

مقالات مشابهة