ماذا سيقول ترامب للعراقيين
تاريخ النشر: 11th, January 2025 GMT
آخر تحديث: 11 يناير 2025 - 9:23 صبقلم:سمير داود حنوش زيارة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني الرابعة إلى طهران في الثامن من يناير/كانون الثاني كشفت عن الوجه الحقيقي لإيران البراغماتية، التي تبحث أولا وأخيرا عن مصالحها، حتى لو احترقت شعوب ودُمّرت بلدان. فإيران التي طالما اعتبرت العراق الرئة الاقتصادية لوجودها المحاصر، تضع اليوم شروطا واجبة التنفيذ على العراق الذي ما زال يحبو في عالم السيادة، وتدرك جيدا أن أي شرارة ستحرق هذا البلد وشعبه، لكن ذلك لا يهم.
هو نظام الوصاية الذي تحاول أن تفرضه إيران على العراق، تلك الهيمنة على القرار العراقي التي وجدها البعض في زيارة السوداني إلى طهران، وكأنها تكريس لها واعتراف مبطّن بأن إيران هي صاحبة القرار السيادي في العراق. وكان الأفضل للسوداني إلغاء هذه الزيارة، لأنها شاهد عيان على الوصاية الإيرانية ورسائل سلبية إلى الجانب الأميركي الذي يرى ويسمع ما يدور في دهاليز السياسة بأن العراق ما زال يرزح تحت القرار الإيراني. تغريدة علي خامنئي بالقول “الأدلة والشواهد تؤكد أن الأميركيين يسعون إلى تثبيت وتعزيز وجودهم في العراق، لذا يجب التصدي لهذا الاحتلال بجدّية” اعتبرها العراقيون فتوى لقتال القوات الأميركية في العراق، لاسيما أن هناك فصائل مسلحة تأتمر بقرارات ولاية الفقيه. فإذا كانت كذلك، فإن الأيام القادمة ستشهد اضطرابات أمنية وسياسية، خصوصا عند جلوس دونالد ترامب في البيت الأبيض بعد أيام قلائل.يبدو أن إيران تريد أن تكتب سيناريو يكون العراق فيه مسرحا للفوضى والاضطرابات التي قد تشعل المنطقة حربا تُشغل أميركا بها بعيدا عن نظامها السياسي المتهاوي دونالد ترامب، الرئيس الأميركي الجديد في ولايته الثانية، والذي يتذكره العراقيون من شخصيته التي تتميز بتصرفات غير متوقعة، وفق نظرية العلاقات الدولية، وهو ما يعني أن على العالم، وتحديدا الشرق الأوسط، أن يستعد للمزيد من المغامرات الخطيرة والصفقات. فترامب الذي يراه العراقيون باغتيال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس الإيراني، وأبي مهدي المهندس، القائد في الحشد الشعبي، في ضربة نفذتها طائرة مُسيّرة قرب مطار بغداد في الثالث من يناير 2020. وترامب الرئيس الذي حضر ليلة أعياد الميلاد برفقة جنود أميركيين في قاعدة عين الأسد في الأنبار عام 2018، حيث زار الرئيس الأميركي في ولايته الأولى العراق دون أن يزور المنطقة الخضراء أو يلتقط الصور مع مسؤوليها، دخل وغادر بدون أن تعلم حكومة عادل عبدالمهدي، لم تعلم إلا من خلال وسائل الإعلام. ها هو ترامب يعود في ولايته الثانية، وهو يعتبر العراق دولة شرق أوسطية غنية استولت عليها إيران على طبق من ذهب في عهد الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، وحان الوقت لتغيير المعادلة.نشرت مجموعة عمل إستراتيجية الشرق الأوسط المنبثقة من المجلس الأطلسي تقريرها في عام 2016، تحدثت فيه وزيرة الخارجية الأميركية السابقة مادلين أولبرايت ومستشار الأمن القومي الأسبق ستيفن هادلي. تضمن التقرير رؤية لمستقبل الشرق الأوسط ومنها العراق، حيث رأى تقرير المجموعة أن على الجيش الوطني أن يتولّى زمام المبادرة في هزيمة داعش، فربما يؤدي ترك هذه المهمة للميليشيات الشيعية إلى تسريع دوامة السقوط في العراق، ويجب أن تُركّز الحكومة العراقية مرة أخرى مع الدعم الخارجي على المصالحة وتحقيق الاستقرار. يستلزم هذا الأمر تلبية الاحتياجات الإنسانية والتغلب على التوترات الطائفية واستعادة الحكم المدني الفاعل، وتحفيز الانتعاش الاقتصادي في المناطق المحررة. وتضمّن التقرير مطالب بردع التدخل الإيراني في العالم العربي، مؤكدا ضرورة أن يطمئن أصدقاء الولايات المتحدة وشركاؤها إلى أنها تُعارض الهيمنة الإيرانية وتعمل معهم لمنعها، حيث ستعمل أميركا وأوروبا وشركاء آخرون مع دول المنطقة لزيادة جهودهم المشتركة من أجل مواجهة التحديات الجيوسياسية العاجلة للسلام في المنطقة، مما يؤدي إلى شرق أوسط أكثر استقرارا وشمولا بحسب التقرير. يبدو أن إيران تريد أن تكتب سيناريو يكون العراق فيه مسرحا للفوضى والاضطرابات التي قد تشعل المنطقة حربا تُشغل أميركا بها بعيدا عن نظامها السياسي المتهاوي. كان الأفضل للفاعل السياسي أن يتخذ قراره السيادي بعيدا عن مصالح الإيرانيين الذين لا يهمهم حتى لو احترق العراق.خاتمة الزيارة التي قام بها السوداني إلى طهران، يراها الأغلب من العراقيين أنها لا تبشّر بقادم الخير من الأيام، خصوصا مع تلميحات وتأكيدات إيرانية أن لا مناص من مواجهة الفصائل المسلحة مع القوات الأميركية المتواجدة على الأراضي العراقية… وذلك هو التحدي الذي يؤدي إلى الانهيار.
المصدر: شبكة اخبار العراق
كلمات دلالية: فی العراق
إقرأ أيضاً:
إيكونوميست: خطة ترامب الاقتصادية تهدّد أسس الازدهار الأميركي
في الوقت الذي تنفس فيه الاقتصاد الأميركي الصعداء بعد موجة ذعر أعقبت فرض الرئيس دونالد ترامب رسومًا جمركية تحت عنوان "يوم التحرير" في أبريل/نيسان الماضي، أطلقت مجلة إيكونوميست تحذيرًا واضحا في تقرير حديث لها، من أن مشروع "القانون الكبير الجميل" الذي أُقرّ في مجلسي الشيوخ والنواب مطلع هذا الشهر، لا يُبشّر بازدهار، بل يهدّد بنسف القواعد التي بُني عليها الاقتصاد الأميركي الحديث.
عجز مالي يُذكّر بالحرب العالمية الثانيةأبرز ما في "القانون الكبير الجميل" هو تمديد التخفيضات الضريبية التي أقرها ترامب في ولايته الأولى، والتي كانت من المفترض أن تنتهي قريبًا.
ورغم أن الجمهوريين يروّجون لهذه الخطوة باعتبارها "إبقاءً على الوضع القائم"، إلا أن إيكونوميست تؤكد أن "الوضع القائم غير قابل للاستمرار أصلًا".
وتُشير الأرقام الرسمية إلى أن العجز في الميزانية الأميركية بلغ 6.7% من الناتج المحلي الإجمالي خلال الأشهر الـ12 الماضية، ومع تطبيق القانون الجديد، من المتوقع أن تستمر هذه النسبة المرتفعة، ليتجاوز الدين الأميركي نسبة 106% من الناتج خلال عامين فقط، وهو ما يعادل أعلى مستوى سُجّل بعد الحرب العالمية الثانية.
ورغم الإيرادات الناتجة عن الرسوم الجمركية، فإنها لا تكفي لوقف تصاعد الدين، ما يعني أن "الانزلاق نحو أزمة مالية سيستمر بلا كوابح"، على حدّ تعبير المجلة.
وفي الوقت الذي تتجه فيه معظم الدول المتقدمة إلى رفع سن التقاعد لمواجهة شيخوخة السكان، يختار القانون الأميركي الجديد الاتجاه المعاكس: تخفيضات ضريبية لفئة المتقاعدين، مقابل خفض تمويل "ميديكيد" وهو برنامج التأمين الصحي للفقراء.
وتوقعت التقديرات الرسمية أن يؤدي ذلك إلى حرمان نحو 12 مليون أميركي من التأمين الصحي، في بلد يُفترض أنه الأغنى عالميًا.
إعلانكما أُدخلت شروط عمل معقدة للحصول على بعض المساعدات، وهي شروط وصفتها المجلة بأنها "متاهة بيروقراطية لا تحقّق نتائج فعلية في رفع نسبة التشغيل".
حنين للوقود الأحفوريومن أبرز ما تضمّنه "القانون الكبير الجميل" أيضًا، إلغاء الحوافز الضريبية التي أقرها الرئيس السابق جو بايدن لصالح مشاريع الطاقة النظيفة، تحت ذريعة أن هذه الحوافز كانت مشروطة بسياسات حمائية مثل "صُنِع في أميركا".
لكن إيكونوميست تحذّر من أن هذه الخطوة "تعني عمليًا غياب أي سياسة اتحادية واضحة لتقليل انبعاثات الكربون"، مما سيزيد من إجمالي انبعاثات الغازات الدفيئة ويضر بقدرة أميركا على خوض سباق الذكاء الاصطناعي، الذي يعتمد جزئيًا على وفرة الكهرباء.
وكتبت المجلة "العودة إلى الوقود الأحفوري ليست فقط قصيرة النظر، بل تُضعف مكانة أميركا المستقبلية في مجالات التقنية والطاقة".
أزمة ديمقراطية تشريعيةالمجلة لم تغفل عن انتقاد الطريقة التي أُقرّ بها القانون، مشيرة إلى أن تمريره عبر ما يُعرف بآلية "التصويت الجماعي" داخل مجلس الشيوخ، كشف عن "اختلال جوهري في قدرة النظام التشريعي الأميركي على التدقيق والإصلاح".
وذكرت أن "أحزاب الحكم لا تحظى بسوى فرصة واحدة في السنة لتمرير قانون ضريبي أو إنفاقي بأغلبية 51 صوتًا فقط، ما يدفعها لتكديس كل شيء في مشروع واحد، بغض النظر عن الجودة والمضمون".
ورغم أن إدارة ترامب تتوقع نموًا بنسبة 5% خلال السنوات الأربع المقبلة، ترى إيكونوميست أن هذه التوقعات "متفائلة بشكل مضلل". فمع ارتفاع أسعار الفائدة إلى 3 أضعاف ما كانت عليه عند التخفيضات السابقة، فإن الحوافز الضريبية المحدودة الحالية لن تُحدث نموًا يُذكر، خصوصًا أن كثيرًا من الإعفاءات الجديدة مجرّد "حِيَل انتخابية"، مثل إعفاءات على الإكراميات والعمل الإضافي.
وتُشير تقديرات بنك "غولدمان ساكس" إلى أنه في حال تأخرت أميركا في الإصلاح المالي 10 سنوات أخرى، فإنها ستضطر حينها إلى تقليص الإنفاق أو زيادة الضرائب بمعدل 5.5% من الناتج المحلي سنويًا وهو مستوى تقشف يفوق ما شهده الاتحاد الأوروبي في أزمته السيادية خلال عقد 2010.
ورغم انتعاش المؤشرات في الأسواق الأميركية، تُنذر مؤشرات أخرى بانزلاق طويل الأمد: فقد تراجع الدولار بنسبة 11% منذ بداية العام، في إشارة إلى "مخاطر حقيقية تتزايد على المدى الطويل".
وتحذّر المجلة من أن هجمات ترامب المتكررة على الاحتياطي الفدرالي، وتقليصه لتمويل البحث العلمي، وتهديده لسيادة القانون، كلها عوامل "تجعل مناخ الاستثمار في أميركا أكثر تقلبًا وخطورة".
واختتمت إيكونوميست تقريرها بتشخيص قاتم، مؤكدة أن "الاقتصاد الأميركي في طريقه إلى أزمة انفجار صامتة، حيث تُخفي الإيجابيات الظاهرة هشاشة عميقة في السياسات والبُنى المالية".
وكتبت المجلة "ترامب لا يهاجم خصومه فقط، بل يهاجم الأعمدة التي جعلت من أميركا دولة عظيمة اقتصاديًا. وإذا استمر هذا النهج، فإن السؤال لن يكون متى تنمو أميركا، بل متى تنهار".