العودة الصغرى.. كيف يستعد أهالي غزة لاستقبال وقف إطلاق النار؟
تاريخ النشر: 18th, January 2025 GMT
حالة من الترقب والانتظار ممزوجة بالفرح والحزن يعيشها أهالي قطاع غزة في إنتظار بدء سريان وقف إطلاق النار، والذي يبدأ عند الساعة الثامنة والنصف من صباح يوم غد الأحد.
ويصف بعض الفلسطينيين عودتهم إلى منازلهم وأحيائهم بــ"العودة الصغرى"، على أمل أن يكتب لهم يوما ما العودة إلى بلداتهم وقراهم التي هجروا منها قسرا عام 1948.
يقول عبد الكريم الذي نزح من مخيم جباليا إلى مدينة غزة قبل أكثر من 100، إنه ينتظر بفارغ الصبر العودة إلى منزله، رغم علمه أن الاحتلال دمره بالكامل وسواه بالأرض.
ويضيف عبد الكريم في حديث خاص لـ"عربي21"، إنه يعد الدقائق والساعات بفارغ الصبر ليذهب "ولو زحفا" إلى حيه ومنزله، قائلا: "أعرف أن بيتنا مهدم، ولكن سنضع خيمة على أنقاضه، ونحتضن ترابه ونقبله".
ويذكر مضيفا: "غادرنا مخيمنا مرغمين تحت نيران القصف والإبادة التي ارتكبها الاحتلال بحق أبناء وبيوت وشوارع وكل معالم المخيم، وننتظر الآن على أحر من الجمر لنعود إليه، رغم تغير معالمه الجميلة وتحوله إلى كومة من الركام".
سيتمكن عبد الكريم من العودة إلى مخيم جباليا فور بدء سريان وقف إطلاق النار عند الساعة الثامنة والنصف من صباح يوم غد، لكن محمد حسن سيضطر مع عائلته الانتظار أسبوعا كاملا كي يعود إلى منزله في مخيم الشاطئ.
نزح حسن إلى جنوب القطاع مع بداية الحرب التي اندلعت في تشرين الأول/ أكتوبر 2023، واستقر في نزوحه الخامس والأخير في مدينة خانيونس منتظرا عودته إلى منزله المدمر جزئيا في المخيم المذكور.
يضيف: "منذ إعلان وقف إطلاق النار بدأنا في تجهيز اليسير من الأمتعة، وسنترك الخيمة التي شهدت على مأساتنا وصبرا، تمهيدا لعودتنا الصغرى إلى المخيم، على أمل أن نعود يوما إلى بلادنا الأصلية التي سرقها الاحتلال وهجرنا منها".
لكن حسن لا يأمن مكر الاحتلال في الساعات القليلة المتبقية من دخول الاتفاق حيز التنفيذ مشيرا بقوله: "المجازر لم تتوقف منذ إعلان الاتفاق يوم الأربعاء الماضي، القصف لم يرحم طفلا أو امرأة، وكأن الاحتلال يزيد انتقامه منا على إثر اضراره إلى التوقيع على الاتفاق".
أمام علاء صهيب، والمقيم في مدينة غزة، يؤكد أنه "ينتظر دخول الاتفاق حيز التنفيذ ليتسنى له تكريم ذكرى أخيه الشهيد، والذي قضى في مجزرة قبل أشهر، واضطر إلى دفنه في فناء منزله وسط المدينة".
يقول صهيب ل"عربي21" ومشاعر الحزب تسيطر عليه: "لا أريد شيئا الآن سوى أن أكرم أخي محمد بدفنه في مقبرة الشيخ رضوان إلى جانب والدي (..) اضطررت لدفنه هنا في منزلنا بسبب شدة القصف والعدوان وقت استشهاده".
والأربعاء الماضي، أعلن رئيس الوزراء وزير خارجية قطر محمد بن عبد الرحمن، نجاح جهود الوسطاء (الدوحة والقاهرة وواشنطن) في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة وتبادل الأسرى، على أن يبدأ تنفيذه غدا الأحد.
ويتكون اتفاق وقف إطلاق النار بغزة وتبادل الأسرى من 3 مراحل مدة كل منها 42 يوما.
وتشمل المرحلة الأولى وقفا مؤقتا للعمليات العسكرية المتبادلة، وانسحاب قوات الاحتلال من المناطق المأهولة في غزة بما فيها محور نتساريم إلى مناطق بمحاذاة الحدود.
وينص الاتفاق خلال المرحلة الأولى على فتح معبر رفح (جنوب القطاع) بعد 7 أيام من بدء تطبيقه، ودخول 600 شاحنة يوميا من المساعدات الإنسانية، والإفراج تدريجيا عن 33 إسرائيليا محتجزين بغزة سواء الأحياء منهم أو جثث الأموات مقابل 1977 أسيرا فلسطينيا وفق ما أفاد به موقع "واي نت" الإخباري العبري الخاص، و1737 أسيرا بحسب تصريحات صحفية لرئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينيين قدورة فارس.
وتخفض "إسرائيل" قواتها تدريجيا في منطقة معبر رفح بمحور فيلادلفيا في المرحلة الأولى.
وتتعلق المرحلة الثانية من الاتفاق بعودة الهدوء المستدام التام، وتبادل أعداد أخرى من الأسرى والمحتجزين، وانسحاب القوات الإسرائيلية بالكامل إلى خارج غزة.
أما المرحلة الثالثة فتركز على بدء خطة إعادة إعمار غزة على مدى 3 إلى 5 سنوات، وتبادل جثامين ورفات الموتى الموجودة لدى الطرفين، وفتح جميع المعابر والسماح بحرية حركة الأشخاص والبضائع.
ويستمر تنفيذ جميع إجراءات المرحلة الأولى في المرحلة الثانية من الاتفاق، طالما استمرت المفاوضات حول الشروط، مع بذل ضامني الاتفاق (مصر وقطر والولايات المتحدة) قصارى جهودهم من أجل ضمان استمرار المفاوضات غير المباشرة حتى يتمكن الطرفان من التوصل إلى اتفاق بشأن شروط تنفيذ المرحلة الثانية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية غزة وقف إطلاق النار الفلسطينيين العودة الاحتلال فلسطين غزة الاحتلال العودة وقف إطلاق النار المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة وقف إطلاق النار المرحلة الأولى
إقرأ أيضاً:
لحظة الاتفاق على وقف إطلاق النار
وَصَلَ الوضع في قطاع غزة إلى النقطة التي تحتم وقف إطلاق النار، من جانب نتنياهو، كما من جانب ترامب. وأصبح تقدير الموقف شديد الأهمية، بالنسبة إلى المفاوض الفلسطيني، من حيث شعوره بقدرته، في الردّ على أيّ اتفاق يعرضه الأمريكي، أو في الأصح ترامب نفسه.
هنا يجب أن يشدّد على أن نتنياهو، هو الذي يواجه المأزق الخائن، بالرغم مما يحاول أن يبديه من إصرار على مواصلة الحرب، وكذلك، أن ترامب في مأزق، يلحّ عليه، أن يوقف الحرب في أسرع ما يمكن.
لهذا فإن قدرة حماس على أن ترفض، القبول بأيّ اتفاق لا ينسجم مع ما حدّدته، من حدود لوقف إطلاق النار. وما ينبغي، لقسوة الضغوط الممارَسة، في تجويع الشعب، ورفع مستويات جريمة الإبادة ضدّه، أن يفرضا عليها، في هذه المعادلة، أن تقبل بشروط، تراها مدمّرة للشعب والمقاومة، والقضية الفلسطينية.
صحيح أن ما يتعرّض له المدنيون في غزة، من تجويع وجرائم إبادة، فوق تحمّل البشر، ويجب ان يوقف فوراً. ولكن يجب أن يحسم بأن المسؤول الوحيد عنه، والمحاسَب الوحيد عليه، هو نتنياهو. أو من يغطيه، أو يدعمه. ومن ثم فإن عدم الرضوخ في هذه اللحظات القليلة الباقية، للابتزاز الذي تتعرّض له حماس وبقية قوى المقاومة، كما الشعب، والرأي العام، هو الموقف الصحيح الذي يجب أن تعالَج المفاوضات بموجبه.
يكفي ملاحظة سرعة التطوّرات الأخيرة في الموقف الأوروبي والرأي العام، وحتى الارتباك الأمريكي الشديد، والمعارضة المتصاعدة، للإطاحة بنتنياهو داخلياً، للتأكد من أن ترامب، هو الذي عليه أن يتراجع خطوة، ليعود إلى الاتفاق الذي وافقت عليه حماس، مع مبعوثه ويتكوف، قبل المشروع المفبرك الأخير.وهو موقف لا يستند إلى عدالته فحسب، ولا إلى تحميل مسؤولية الجرائم لنتنياهو فحسب، وإنما أيضاً إلى أن ميزان القوى في مصلحة المقاومة، في هذه اللحظات، أكثر منه في مصلحة نتنياهو، أو ترامب.
ويكفي ملاحظة سرعة التطوّرات الأخيرة في الموقف الأوروبي والرأي العام، وحتى الارتباك الأمريكي الشديد، والمعارضة المتصاعدة، للإطاحة بنتنياهو داخلياً، للتأكد من أن ترامب، هو الذي عليه أن يتراجع خطوة، ليعود إلى الاتفاق الذي وافقت عليه حماس، مع مبعوثه ويتكوف، قبل المشروع المفبرك الأخير.
الذين يعتبرون أن رفض حماس لمشروع ويتكوف الأخير، يحرجها، حتى لو قال ترامب بأنها المسؤولة، يخطئون في تقدير الموقف، لأن استمرار القتال، والجرائم لأيام أخرى، سيزيد من عزلة نتنياهو، وحرج ترامب.
ففي كل الأحوال، إن المعركة السياسية في هذه الجولة من الحرب كسبتها حماس، وخسرها نتنياهو. وهو تطوّر يفرض اتفاقاً، تقبل به حماس، وليس اتفاقاً لُفِّقَ في اللحظة الأخيرة.
بل إن عدم الرفض السريع، لخطة ويتكوف الأخيرة، من قِبَل حماس ومواجهتها بضرورة تعديلها، شكّل الموقف الصحيح الذي سيفرض على ترامب التراجع.
إنها لحظة عضّ أصابع، فالذي يصرخ أولاً، يجب أن يكون نتنياهو. وفي كل الأحوال، دخل الوضع في غزة، مرحلة ستكون في مصلحة المقاومة، كما الوضع العام إقليمياً وعالمياً. وذلك مهما كان الاتفاق، رضِيَ من رضِي، وغضب من غضب.