لبنان يطلق المرحلة الأولى من خطة عودة اللاجئين السوريين
تاريخ النشر: 30th, July 2025 GMT
شعبان بلال (دمشق، القاهرة)
أعلن لبنان، أمس، انطلاق المرحلة الأولى من خطة الحكومة لعودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم.
وقالت الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية: إن العودة تتم بالتنسيق بين المديرية العامة للأمن العام اللبناني والدولة السورية، عبر مركز «المصنع» الحدودي البري شرق البلاد، مشيرةً إلى أنه تم تحديد نقطة التجمع في بلدة «بر الياس» استعداداً لانطلاق القوافل نحو سوريا.
وكان نائب رئيس مجلس الوزراء اللبناني طارق متري قد صرح في وقت سابق أن العودة ستنقسم إلى قسمين، منظمة وغير منظمة، بحيث يتم في الأول تسجيل الأسماء وتأمين حافلات لنقلهم إلى الداخل السوري على أن يحصل كل لاجئ على مبلغ 100 دولار.
أما بالنسبة للعودة غير المنظمة فسيكون على اللاجئ أن يحدد موعد مغادرته وتأمين وسيلة التنقل لكنه سيحصل أيضاً على 100 دولار.
وسيقوم الأمن العام اللبناني بإعفاء المغادرين من الغرامات المترتبة عليهم نتيجة إقامات منتهية الصلاحية مع شرط عدم العودة إلى لبنان.
وكشفت المتحدثة باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، سيلين شميت، عن عودة أكثر من 443 ألف لاجئ سوري إلى بلادهم حتى أبريل الماضي، موضحةً أن أكثر من مليون نازح داخلياً عادوا إلى مناطق إقامتهم الأصلية.
وذكرت شميت، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن العائدين يواجهون تحديات كبيرة، أبرزها الدمار الذي لحق بمنازلهم، والمخاطر الناتجة عن الألغام الأرضية، ونقص الخدمات الأساسية، مما يتطلب استجابة إنسانية مرنة وسريعة، ودعماً دولياً مستمراً لضمان كرامتهم واستقرارهم.
وأشارت إلى أن أبرز التحديات التي يواجهها العائدون تتعلق بالإسكان، حيث إن العديد من المنازل تضررت كلياً أو جزئياً، مما يجبر السكان على الإقامة في مراكز إيواء مؤقتة أو لدى أقاربهم في ظروف مزدحمة، موضحة أن الحصول على خدمات المياه والكهرباء لا يزال محدوداً في العديد من المناطق.
وأفادت شميت بأن الألغام والذخائر غير المنفجرة تشكل خطراً كبيراً على المدنيين في محافظات إدلب وحلب واللاذقية ودرعا، حيث تُسجل إصابات ووفيات أسبوعية، لا سيما بين الأطفال.
وقالت المسؤولة الأممية: إن الأوضاع الاقتصادية لا تزال هشة للغاية، إذ تتفاقم الأزمة نتيجة تدهور الخدمات العامة، وانخفاض القدرة الشرائية، وصعوبة الوصول إلى المعاملات المصرفية، إضافة إلى مشاكل السيولة.
وحذرت من خطورة النقص الواسع في خدمات الكهرباء والمياه في العديد من المناطق، مؤكدة أن إصلاح هذه الخدمات يشكل تحدياً بسبب الأضرار الجسيمة التي لحقت بالبنية التحتية، مشيرة إلى فقدان عدد كبير من السوريين لوثائق الهوية والملكية، جراء تدمير سجلات الأحوال المدنية، مما يعرقل حصولهم على وثائق بديلة.
احتياجات إنسانية
أكدت شميت أن الاحتياجات الإنسانية ما تزال مرتفعة، حيث يقدر عدد المحتاجين للمساعدات بأكثر من 16.7 مليون شخص، إضافة إلى وجود نحو 7.4 مليون نازح داخلياً، و6.2 مليون لاجئ خارجياً، مشددة على أن الظروف لا تزال بالغة الصعوبة، مما يستوجب استمرار دعم المجتمع الدولي لمساندة السوريين في إعادة إعمار وطنهم ومعالجة الأزمة الإنسانية. أخبار ذات صلة
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: لبنان سوريا اللاجئين السوريين المنظمة الدولية للهجرة الهجرة الصليب الأحمر اللبناني
إقرأ أيضاً:
نازحون سوريون بلبنان للجزيرة نت: قلقون من العودة
البقاع- في باحة المدرسة المتوسطة الرسمية المختلطة في بلدة بر الياس بالبقاع اللبناني، تقف رشا الأقرع عند زاوية من الملعب، تحتضن طفلتها بيد، وتمسك الأوراق الرسمية بيدها الأخرى، في انتظار دورها لتسليم الأمتعة تمهيدا للعودة إلى سوريا عبر معبر المصنع الحدودي.
رشا، وهي نازحة من ريف إدلب، تقول للجزيرة نت بنبرة يغلب عليها التعب والقلق "الحياة باتت صعبة هنا، أطفالي انقطعوا عن الدراسة، وأنا بعيدة عن أهلي منذ 9 سنوات. أشتاق للعودة، لكن لا بيت نعود إليه".
وتضيف "لا نعرف إلى أين نذهب، لا نملك منزلا ولا وسيلة نؤمّن بها معيشتنا. لكننا مجبرون على الرحيل". وعن مخاوفها من العودة تقول "بالطبع أشعر بالخوف، لا أعلم ما الذي تغيّر، كل شيء هناك غامض ومجهول، حتى أطفالي وُلدوا هنا واعتادوا الحياة في لبنان".
وحين سؤالها عن أولوياتها بعد الرجوع، تجيب رشا بواقعية قاسية "أول ما نحتاج إليه هو منزل يأوينا، ثم فرصة عمل لنعيش، لا توجد أي ضمانات ولا نعرف ما ينتظرنا". وتختم بنبرة تمتزج فيها المرارة بالأمل الحذر "لا نملك شيئا مضمونا، سوى أننا سنمكث أياما قليلة في منزل أحد أقارب زوجي، ريثما نحاول ترتيب أوضاعنا".
وعلى بعد أمتار، يجلس خالد العلي إلى جوار حقائب متواضعة، يتنقّل بنظره بين وجوه أطفاله الخمسة، محاولا إخفاء قلق يعتصر قلبه. وينتظر مناداة اسمه لإجراء الفحص الطبي، استعدادا للانضمام إلى قافلة عودة جماعية تنظّمها مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
خالد الذي نزح من ريف حماة قبل 11 عاما، يروي للجزيرة نت قصته فيقول "تركنا كل شيء خلفنا بسبب الحرب، واعتقدنا أن الغياب لن يطول. لكننا عشنا أكثر من عقد في المخيمات والمنازل المستأجرة، ننتقل من ضيق إلى آخر".
ويعمل خالد في مهن يدوية متفرقة بالكاد تؤمّن له ثمن الخبز. ويقول إن قراره بالعودة لم يكن نابعا من أمل، بل من عجز فـ"لم يعد بمقدوري دفع الإيجار ولا إطعام أولادي. أخرج كل صباح أبحث عن عمل ولا أعود إلا بخبز وبعض الخضار. حتى المدارس توقّفت عن استقبال أطفالي بسبب الأوراق والكلفة".
إعلانوعن الوطن الذي يعود إليه بعد غياب طويل، لا يخفي مخاوفه، ويوضح "لا أعرف ماذا ينتظرني هناك. لا بيت، ولا عمل، ولا بنية تحتية. كل ما أملكه هو عائلة زوجتي التي وعدتني باستضافتنا لأيام، ريثما نجد مكانا نعيش فيه".
ويتابع "أطفالي لا يعرفون بلدهم، وها هم يعودون إليه، تركوا أصدقاءهم ومدارسهم، وأحمل في صدري قلقا مضاعفا: كيف أهيئهم لبلد تغيّر؟ وكيف أحميهم من فقدان جديد؟". ويصر خالد على التماسك ويختم "لسنا عائدين إلى حياة، بل إلى محاولة نجاة. كل ما نرجوه ألا نُضطر إلى النزوح من جديد".
خطوة تجريبيةبدأت المرحلة الأولى من خطة الحكومة اللبنانية لإعادة النازحين السوريين، عبر معبر المصنع الحدودي، بتنسيق بين المديرية العامة للأمن العام وبين السلطات السورية.
وتم تحديد نقطة تجمع بملعب نادي النهضة في بر الياس، حيث احتشدت عشرات العائلات منذ ساعات الصباح لاستكمال الإجراءات الأمنية واللوجستية، استعدادا لانطلاق القوافل في إطار عملية "العودة الطوعية والمنظمة".
وتواكب هذه العملية مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والمنظمة الدولية للهجرة والصليب الأحمر اللبناني، إلى جانب عدة منظمات إنسانية.
ومن جانبها، قالت ليزا أبو خالد المتحدثة باسم المفوضية الأممية في لبنان -للجزيرة نت- إن جميع السوريين الذين يعودون حاليا إلى بلادهم عبر الحافلات التي أمنتّها منظمة الهجرة تتم متابعتهم ميدانيا من قبل فرق المفوضية داخل سوريا.
وأضافت ليزا أبو خالد أن "الوضع في سوريا لا يزال في حالة تطور مستمر، لكن منذ سقوط حكومة الأسد، لمسنا تزايدا في رغبة بعض اللاجئين بالعودة الطوعية إلى وطنهم". وأوضحت أن المفوضية "ترتكز في برامجها على رغبة اللاجئ نفسه، ومن يقرر العودة طوعا نوفر له الدعم والمرافقة، مع احترام كامل لقرار من لا يزال غير قادر على العودة في الوقت الراهن".
ويحصل العائدون ضمن هذا البرنامج -وفقا للمسؤولة الأممية- على مساعدة نقدية داخل لبنان قبل مغادرتهم، وهم أيضا مؤهلون للحصول على دعم مالي عند وصولهم إلى ديارهم تصل قيمته إلى نحو 400 دولار لكل عائلة، إلى جانب مساعدات إضافية يقدمها شركاء المفوضية، تشمل الدعم الاجتماعي والمساعدات الإنسانية نظرا للأوضاع المعيشية "القاسية" داخل البلاد.
وتابعت "العائدون، سواء عبر حافلات مؤمنة أو بوسائل نقل خاصة، يوقعون وثيقة تؤكد رغبتهم في العودة الطوعية. وبناءً على ذلك، يُشطب ملفهم من سجلات المفوضية في لبنان، ويتوقف حصولهم على أي دعم هنا، بينما نواصل متابعتهم في سوريا بهدف تأمين عودة مستدامة لا تؤدي لاحقا إلى نزوح جديد".
دعموحسب ليزا أبو خالد، تقدم المفوضية دعما نقديا بقيمة 100 دولار لكل فرد داخل لبنان قبل العودة، بالإضافة إلى تأمين وسائل نقل للعائلات غير القادرة على توفيرها، فضلا عن خدمات لوجستية واستشارات قانونية ومساعدة في استكمال الوثائق الرسمية، مثل تسجيل الأولاد الذين لم يتمكنوا من دخول المدارس اللبنانية.
وكشفت أن عدد اللاجئين السوريين المسجلين وغير المسجلين في لبنان يُقدّر بنحو مليون و400 ألف، في حين بلغ عدد العائدين حتى نهاية يونيو/حزيران الماضي حوالي 120 ألف لاجئ تم التأكد من عودتهم وشطب ملفاتهم من قوائم المفوضية. وتوقعت أن يتراوح عدد العائدين إلى سوريا بحلول نهاية عام 2025 ما بين 200 و400 ألف لاجئ.
إعلانومنذ انطلاق البرنامج مطلع يوليو/تموز الجاري، سجل أكثر من 17 ألف شخص رغبتهم بالعودة، وقد شهد اليوم الأول لرحلات الحافلات عودة نحو 70 عائلة، لكن كثيرين اختاروا الرجوع بشكل مستقل فور حصولهم على المساعدة النقدية، مؤكدين أن "ما يحتاجونه فعلا هو الدعم المالي أكثر من وسائل النقل".
ومن جهته، قال رضا الميس رئيس بلدية بر الياس -للجزيرة نت- إن عودة السوريين اليوم "نظمت بدقة" تحت إشراف الأمن العام اللبناني وبمساندة القوى الأمنية الأخرى "ورغم العدد المحدود، الذي لم يتجاوز 80 شخصا، فإن التنظيم يدل على بداية مشجعة".
وأوضح أن البلدية تتابع العملية عن قرب، معتمدة على الجهات المختصة، خصوصا مع وجود نحو 20 مخيما للاجئين بالمنطقة، مما يجعل المتابعة دقيقة وحساسة. وأضاف أن العائدين شملوا سكانا من مناطق لبنانية أخرى، مما يعكس أهمية الخطوة الرمزية تحت إشراف الهيئات الحكومية والمانحة.
ووفق الميس، ساهم تحسن الظروف الأمنية بسوريا في تقليل المخاوف التي كانت تعيق العودة سابقا، وبدأت فرص العمل المتاحة فيها تجذب اليد العاملة، وهو عامل قد يعزز حركة العودة مستقبلا، برأيه.
وعبّر رئيس بلدية بر الياس عن أمله في "زيادة أعداد العائدين واستمرار العودة المنظمة بما يخفف معاناة اللاجئين ويعزز استقرارهم".