كانت المملكة العربية السعودية هي الإجابة ردا على تساؤل الصحفيين حول الوجهة الاولي الذي يخطط ترامب التوجه إليها في إطار زيارته الخارجية في حال تم ضخ استثمارات تقدر بنحو 500 مليار دولار، وذلك علي عكس المتعارف عليه في هذا الصدد حيث ان أي رئيس امريكي منتخب تكون وجهته الخارجية الأولي  المكسيك أو كندا.

وقياسا على فترته الأولي، فقد استثمرت المملكة السعودية نحو 400 مليار دولار خلال فترة ترامب الأولي، فمع وصول ترامب إلى رئاسة الولايات المتحدة عام 2017، فقد ظهر تغيرا نوعيا في طبيعة العلاقة بينهما من حيث تهدئة مخاوف السعودية التي نتجت عن سياسات الرئيس أوباما في الشرق الأوسط، واصبحت المملكة أكثر اعتمادًا على واشنطن مما كانت عليه وقت أوباما ، وفي المقابل قد جعل ترامب المملكة السعودية أحد المرتكزات الأساسية لاستراتيجيته تجاه الشرق الأوسط واعتبرها شريك استراتيجي مهم للولايات المتحدة في الحفاظ على الاستقرار الإقليمي والأمن الاقتصادي العالمي.

 
وفي هذا الاطار، كانت هناك عدة ملامح بلورت هذا النهج تمثلت في اتخاذ ترامب خطوات لتحسين العلاقات الأمريكية السعودية كونها الوجهة الأولى لجولاته الخارجية عقب 4 أشهر فقط من توليه منصبه، وقد كانت زيارة مثمرة شهدت ثلاث اجتماعات؛ قمة أمريكية سعودية، وقمة أمريكية وخليجية برئاسة السعودية، والقمة العربية الإسلامية الأمريكية بحضور أكثر من 50 رئيس دولة عربية إسلامية التي أتاحت فرصة لترامب لمخاطبة زعماء العالم الإسلامي كما شهدت الزيارة توقيع عقد أسلحة بقيمة 110 مليارات دولار مع حزمة متابعة بقيمة 350 مليار دولار في الفترة المقبلة.
الإ ان الشواغل التاريخية لابد من أخذها في الاعتبار حيال مدي الثقة في الشريك الأمريكي، وذلك حينما سحبت الولايات المتحدة الأميركية بطاريات منظومة الدفاع الجوي "الباتريوت" من السعودية في الوقت الذي كانت السعودية تواجه فيه صواريخ الحوثيين البالستية وهو الامر الذي أدى لحالة من عدم الارتياح داخل المملكة وقوض التصورات السعودية لأميركا بأنها ضامن موثوق.

وعلي خلفية عودة ترامب في ٢٠٢٥  أفادت فايننشال تايمز بأن ولي العهد قد صرح في 24 يناير 2025 بانه مستعد لضخ استثمارات بنحو 600 مليار دولار بالولايات المتحدة وهو ما يعادل ¾ الناتج القومي السعودي علمًا بان هناك التزام بتنظيم دورة الألعاب الاوليمبية الاسيوية عام2029، وكأس العالم 2030 واكسبو 2030 
ووفقًا لفورين بوليسي ستستثمر السعودية حوالي تريليون دولار في الولايات المتحدة الامريكية مقابل الأربع السنوات القادمة.
وفي الوقت نفسه يسعي ترامب لتخفيض أسعار النفط التي تعد أبرز عوائد المملكة لتمويل خطتها الاقتصادية والاستثمارية وهو ما برز في تصريحاته خلال المنتدى الاقتصادي دافوس والذي وظفه دونالد ترامب لاستعراض سياسته الخارجية، وأبرزها انهاء الحرب الروسية الأوكرانية من خلال تخفيض أسعار الطاقة 
وهنا يتنامى عدة تساؤلات تتمحور في نظري في الآتي، لماذا تنتهج المملكة هذا النهج وكيف يسعي ترامب لاستثمارات سعودية ضخمة في الوقت الذي يستهدف خفض عائداتها النفطية من خلال خفض أسعار الطاقة؟
وهو ما سيحاول هذا المقال تفسيره؛ والذي يعود في تقديري إلي عدة أسباب رئيسة؟ 
الأول، فوفقا لمقال نشر في العربية لتحليل الصفقة الدائرة بين الولايات المتحدة والسعودية، فالمملكة بحاجة لدعم ترامب في عدة ملفات، لاسيما أن هناك عدد من الملفات التوافقية بين الجانبين والتي تسعي للمملكة لكسب الدعم الأمريكي بها.
أبرزها ملف العراق فوفقا للمساعي المعلنة لترامب فهو سيتجه لدعم سيادة العراق وبالتالي محاربة الميلشيات الإيرانية في العراق، وأيضا الملف اللبناني والذي برز أهميته لدي المملكة من تواجد وزير الخارجية السعودي.
وأيضا فيما يتعلق بالحوثيين فهناك تقارب بين وجهة النظر الامريكية والسعودية خاصة على خلفية تصريح ترامب بقطع الإمدادات اللوجستية وهنا يقتضي استذكار حادثة هجوم إيران على منشآت أرامكو النفطية في منطقة بقيق وخريص النفطيتين من خلال طائرات مسيرة في عام 14 سبتمبر 2019 ، وحينها انتظرت المملكة توجيه ضربة عسكرية انتقامية أمريكية– ولو محدودة – لإيران، إلا ان الولايات المتحدة الأميركية لم تبد أي رد فعل تجاه حماية منشآت النفط في السعودية، ويعد هذا الحدث هو الاخطر حيث أوقف نحو نصف إنتاج البلاد من النفط وقد مثلت هذه الحادثة أحد النقاط الخلافية خلال فترة ترامب الأولي وبدأت تظهر ملامح سعي السعودية لبناء شبكة من العلاقات الدولية مع الدول الكبرى مثل روسيا والصين، وتقليل الاعتماد على الولايات المتحدة التي لم تعد الشريك الأمني الأكثر موثوقية.
كما ان تصريحات ترامب الخاصة بإيران تتوافق بشكل كبير مع تصريحات المملكة وهو ما يعد الملف الرابع التوافقي والذي يشهد توحيد للرؤي بين الجانبين 
وهنا يقتضي الامر ، استقراء خطاب الرئيس جو بايدن الأخير والذي حاول صياغة أبرز إنجازاته علي المستوي الخارجي في احتواءه لإيران واضعافها، وهو الأمر التي تشير التأويلات إلي عدم دقته؛  فعلي الجاب الظاهري فإيران ضعفت وهو ما يبرز من ضعف محور المقاومة الآن من حيث انهاك حزب الله من جهة، وتغيير المشهد في سوريا من جهة آخري
أما علي الجانب الفعلي ووفقاً لمؤشرات مختلفة، فأن ايران تنتهج سياسة احترازية حيث أطلقت مناورة حربية كأجراء استباقي في مواجهة التوترات مع إسرائيل وبالتزامن مع عودة ترامب إلي البيت الأبيض الذي قد يسمح لإسرائيل بمهاجمة المواقع النووية الإيرانية أو تشديد العقوبات الامريكية علي قطاع النفط الإيراني، حيث قد اشتملت المناورة التدريب علي الأنظمة الدفاعية لدرء التهديدات الجوية والصاروخية 
فضلا عن ذلك وفي إطار ترقب إيران واتخاذ إجراءات احترازية، من قبيل نقل سفينتين شحن إيرانيين تحمل مكون وقود صواريخ من الصين لإيران وفي هذا الاطار لا يمكن أغفال الشراكة مع روسيا سواء علي الصعيد الاقتصادي أو العسكري.

وعلي الجانب الاخر قد انتهجت السعودية هذا النهج ردا علي توقيع روسيا اتفاقية شراكة استراتيجية شاملة تتضمن بنودها بناء منظومة دفاعية وتعزيز التعاون الاقتصادي وفي مجال الطاقة.

ختاما فأن الآفاق التعاونية الأمريكية السعودية في أعقاب عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، تبدو مرشحة لتعزيز الشراكات الاستراتيجية التي بُنيت خلال فترة رئاسته الأولى. فمن المتوقع أن تركز المرحلة المقبلة على تعميق التعاون في مجالات الاقتصاد والطاقة والأمن الإقليمي، استنادًا إلى المصالح المشتركة والرؤية المتبادلة لتعزيز الاستقرار في الشرق الأوسط. وبينما قد تواجه هذه العلاقات تحديات جديدة في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية، فإن الإرث السياسي الذي تركته الإدارة السابقة لترامب يشكل قاعدة صلبة لبناء علاقات ثنائية، قائمة على الثقة المتبادلة والحرص على تحقيق أهداف استراتيجية تخدم مصالح الطرفين.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: ترامب الولايات المتحدة المملكة العربية السعودية المزيد الولایات المتحدة ملیار دولار وهو ما

إقرأ أيضاً:

وزارة الخارجية تشارك فى تدشين مسارات مستدامة لأول مرة بمطار القاهرة مخصصة لمواطني دول الاتحاد الإفريقي

 كلف د. بدر عبد العاطي، وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين في الخارج، السفير إيهاب عوض، مساعد وزير الخارجية للشئون الإفريقية، بالمشاركة في الحفل الذي أقيم اليوم بميناء القاهرة الجوي، لتدشين مسارات مستدامة مُخصصة للمواطنين حاملي جنسيات دول الاتحاد الإفريقي، بحضور لفيف من السادة السفراء الأفارقة المعتمدين في القاهرة، فضلاً عن المسئولين بوزارتي الطيران المدني والداخلية.

يأتي ذلك في إطار احتفالات مصر مع أشقائها الأفارقة بيوم إفريقيا، الذي يوافق ٢٥ مايو من كل عام تزامناً مع ذكرى إنشاء منظمة الوحدة الإفريقية، واتصالاً بما تشهده العلاقات المصرية الإفريقية من زخم مضطرد سواء على مستوى الزيارات رفيعة المستوى إلى مختلف أرجاء القارة أو ارتباطاً بتعضيد التواصل الشعبي.

أكد مساعد وزير الخارجية للشئون الإفريقية، أن تلك المبادرة تأتي في إطار توجه الحكومة المصرية للتفاعل مع الزيادة المضطردة في معدلات زيارة الأشقاء الأفارقة لمصر، وتيسير دخولهم وحسن استقبالهم في مطار القاهرة، وفي سياق مجموعة واسعة من الخطوات التي يتم اتخاذها حالياً من قبل مؤسسات الدولة لتعزيز انتماء مصر الإفريقي.

في هذا الصدد، أوضح السفير إيهاب عوض أن مؤسسات الدولة حريصة على تنفيذ التوجيهات الرئاسية بتعزيز العلاقات المصرية الإفريقية على المستوى الرسمي، فضلاً عن زيادة الروابط الشعبية بين مصر وأشقائها الأفارقة، بما في ذلك من خلال تيسير السياحة العلاجية وسياحة المؤتمرات وزيادة المنح الدراسية للأشقاء الأفارقة، وهو ما يدعم التكامل والوحدة الإفريقية على المستويين الشعبي والرسمي، ويساعد دول القارة على التعاون لمواجهة التحديات المتعددة التي تواجهها.

طباعة شارك السفير إيهاب عوض وزير الخارجية وزارة الخارجية والهجرة يوم إفريقيا العلاقات المصرية الإفريقية مسارات مستدامة الاتحاد الإفريقي ميناء القاهرة الجوي

مقالات مشابهة

  • وزارة الخارجية تشارك في تدشين مسارات مستدامة لأول مرة بمطار القاهرة لمواطني دول الاتحاد الإفريقي
  • وزارة الخارجية تشارك فى تدشين مسارات مستدامة لأول مرة بمطار القاهرة مخصصة لمواطني دول الاتحاد الإفريقي
  • البنتاغون يقبل رسميا الطائرة التي أهدتها قطر للرئيس ترامب
  • مندوب المملكة بالأمم المتحدة: السعودية تؤكد حرصها الدائم على دعم الشعب السوري
  • خبراء سياسة وقانون: ترامب يدمر الرئاسة الأميركية
  • الخارجية السعودية درع الوطن في الأزمات 2-2
  • وزير الخارجية الأمريكي: الولايات المتحدة لم تبحث ترحيل الفلسطينيين من غزة إلى ليبيا
  • نائب وزير الخارجية: إيران تدرس مقترحا لجولة خامسة من المحادثات النووية
  • وزير الخارجية الأمريكي: خطاب ترامب في المملكة سيظل علامة فارقة .. فيديو
  • ماركو روبيو: خطاب ترامب في المملكة كان أحد أكثر الخطابات عمقا في تاريخ الولايات المتحدة