جرافاته لا تعترف بالقضاء.. الاحتلال يبدأ بهدم 104 مبان بمخيم طولكرم
تاريخ النشر: 8th, July 2025 GMT
طولكرم- لم يلتقط أهالي مخيم طولكرم أنفاسهم بعد انتزاعهم قرارا قضائيا إسرائيليا بتجميد هدم منازلهم في المخيم أواخر الأسبوع الماضي، حتى فوجئوا، مساء اليوم الاثنين، باستئناف جرافات الاحتلال عملية الهدم هي الأوسع منذ الهجوم العسكري على مخيمات شمال الضفة في يناير/كانون الثاني الماضي.
على تلة تطل على المخيم، وقف زهيد جاموس (38 عاما) يراقب الجرافة العسكرية وهي تهدم الواجهة الأمامية من منزله الذي سكنه قبل عام واحد فقط.
ويشرح للجزيرة نت مشاعره وهو يرى جهد سنوات قضاها في تأسيسه تنهار أمام عينه في دقائق، قائلا "استيقظت على اتصال يقول لي إن جرافة إسرائيلية بدأت بالهدم في المخيم، أتيت للتأكد ووجدت منزلي هو محطة البداية، بنيته على مدار 5 سنوات، وضعت فيه كل جهدي وآمال أطفالي وزوجتي بالعيش في منزل الأحلام".
قرار ضعيفويؤكد جاموس أن أهالي المخيم كانوا على ثقة بأن قرار التجميد ضعيف، ولن يصمد، لكنهم لم يتوقعوا سرعة تجاوزه من قبل جيش الاحتلال.
ويتابع "لم نستطع جمع ذكرياتنا من المنازل قبل هدمها كلها، لقد تشتتنا في أماكن كثيرة، بعضنا في ضاحية ذبابة والبعض في ضاحية أكتابا، وآخرون نزحوا إلى مدينة نابلس، هدم المنازل ليس نسفا للمأوى فقط، لكنه هدم للألفة والروابط بين عائلات كاملة".
وعائلة زهيد واحدة من 100 عائلة أخطرها جيش الاحتلال بنية هدم منازلها، في مايو/أيار الماضي، ضمن خطة هدم ممنهجة يتبعها الاحتلال في مخيمات شمال الضفة الغربية منذ بدء عملية "السور الحديدي" قبل 6 أشهر. ويعلن عن نيته شق شوارع عسكرية، وتوسيع الأحياء لجعلها أكثر ملائمة لدخول المركبات والآليات العسكرية فيها، إضافة لإقامة مساحات فارغة بين الأحياء داخل المخيمات.
إعلانويرى فيصل سلامة، مدير لجنة خدمات مخيم طولكرم ونائب المحافظ، أن إسرائيل تجاوزت كل المواثيق والاتفاقيات الدولية من خلال ما تمارسه في مخيمات شمال الضفة، وتحديدا مخيمي نور شمس وطولكرم.
ويؤكد للجزيرة نت أن محافظة طولكرم ولجنة الخدمات استطاعت -عبر مركز عدالة الحقوقي- انتزاع قرار من المحكمة العليا الإسرائيلية بتجميد هدم 104 مبان أخطر جيش الاحتلال بهدمها مؤخرا، وأن التجميد جاء حتى تاريخ الثاني من سبتمبر/أيلول القادم.
وحسب سلامة، يدل تجاوز جيش الاحتلال على أن هذه القرارات صورية، وأنه "جيش عنصري لا يحتكم للقوانين والمواثيق القانونية الدولية، وفي مقدمتها اتفاقية جنيف الرابعة، كما تعودنا أن إسرائيل تضرب بكل قرارات المجتمع الدولي عرض الحائط".
مشكلة النزوحوبحسب محافظة طولكرم، فإن الاحتلال بدأ في العامين الماضيين، وخلال 62 عملية اقتحام لمخيمات المدينة، بهدم ونسف وحرق منازل فيها إضافة لتدمير واسع ومتكرر للبنى التحتية، لكنه منذ 27 يناير/كانون الثاني الماضي، هدم -وبخطة ممنهجة- 17 منزلا في البداية ثم 28 أخرى، ولاحقا هدم 58 بناية، وأخيرا بدأ اليوم بهدم 104 بنايات، وهو ما يعني أنه هدم في المخيم قرابة ألف منزل وشرّد ألف عائلة فلسطينية.
وتشير تقديرات المحافظة ولجان الخدمات إلى أن عدد النازحين من مخيمي نور شمس وطولكرم وصل إلى نحو 25 ألفا موزعين في قرى وبلدات وأحياء المدينة، ويعيشون في ظروف اقتصادية واجتماعية صعبة جدا، ولا يمكن الجزم بقرب حل مشكلة نزوحهم التي بلغت نصف عام حتى الآن.
وبحسب سلامة، فإن خطة الحكومة الفلسطينية ببناء بيوت متنقلة وعلى مراحل للنازحين في أراض معينة اختارتها وبدأت العمل فيها، توقفت اليوم بشكل كامل بعد تهديد الاحتلال بهدم أو قصف أي تجمع سكاني يمكن أن يقام للنازحين من هذه المخيمات.
ويرى محللون أن ما تقوم به إسرائيل هو مخطط سياسي، بدءا من العملية العسكرية ومرورا بالهدم، يراد به فرض واقع جديد في الضفة الغربية. لذا كان التجاوز لقرار تجميد الهدم القضائي، عدا عن كون قرارات المحاكم الإسرائيلية تأتي لتسهيل وتمهيد عمليات الجيش على أرض الواقع في المخيمات والقرى والمدن الفلسطينية بشكل عام، و"كل ذلك تمهيدا لإقامة الدولة اليهودية والسيطرة الكاملة على الضفة".
يقول سليمان بشارات الخبير في الشأن الإسرائيلي والمحلل السياسي، إن إسرائيل تسابق الزمن لفرض الواقع الجديد في الضفة لأنها تعتقد أن الظروف الحالية يمكن ألا تتكرر؛ خاصة من ناحية الدعم الدولي لاستمرار الإبادة في غزة، لذا تستغلها لفرض سياستها الجديدة، و"هو ما شهدناه خلال العامين الماضيين من عمر الحرب".
ويؤكد بشارات للجزيرة نت أن إسرائيل استخدمت حالة المقاومة الفلسطينية وشرعت في تضخيمها دوليا واستخدمتها كغطاء لكل ما تقوم به سواء في الضفة أو غزة، وهو ما انعكس بشكل مباشر في تغييب أي دور عربي أو فلسطيني أو حتى إقليمي، في التدخل لوقف سياساتها أو حتى الضغط عليها لوقفها.
إعلانويوضح: "المواطن الفلسطيني وجد نفسه مكشوف الظهر وضعيفا في المواجهة، لا يوجد أي طرف يسانده، ولا يملك سوى أن يتمسك بالحد الأدنى من الصمود، كل المواقف الدولية والمناشدات حاليا لا يمكن أن توقف الاحتلال ومخططاته، الأطراف الفلسطينية كلها عاجزة حاليا، ولا تمتلك سوى الشجب والاستنكار".
وفي كل مرة تعلن فيها عن عمليات هدم لمنازل في جنين وطولكرم ونور شمس، تزعم إسرائيل أنها لدواعٍ أمنية ولخدمة العملية العسكرية والجيش المتمركز في المخيمات منذ عدة أشهر.
لكن محللين يفندون هذه الادعاءات، ويرون أن نسف المباني وشق الشوارع ومحو أحياء كاملة يهدف إلى تغيير نمط وطابع المخيم وفكرته وجغرافيته وتغيير ديمغرافيته، وتحويل هذه المخيمات إلى أحياء داخل المدن.
ويرى المحلل بشارات أن إسرائيل تسعى إلى إحداث تغيير في الوعي والعقلية الفكرية للمواطن الفلسطيني داخل المخيم وفي الأجيال القادمة أيضا، و"كل ذلك يؤكد أن هدم المخيمات لا يمكن أن يكون لدواعٍ أمنية".
وفي حال نجح هذا النموذج -وفق بشارات- يمكن للاحتلال نقله لبقية المخيمات، أو تغييره وبلورته وفقا لاحتياجه بتعزيز تنفيذ خططه في ضم الضفة والاستيلاء على أراضيها بشكل كامل.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات جیش الاحتلال مخیم طولکرم أن إسرائیل فی المخیم
إقرأ أيضاً:
«مستوطنة عيبال» .. سباق الاحتلال مع الزمن لحسم مصير الضفة
منذ شقّ أول طريق ترابي باتجاه جبل عيبال في شمال نابلس، لم تتوقف الجرافات الإسرائيلية عن الزحف. تعبر الآليات العسكرية والمستوطنون بخطى واثقة، تُمهد لبناء واحدة من أضخم المستوطنات في الضفة الغربية. هناك، على أعلى قمة جبلية في الشمال، يُعاد تشكيل الجغرافيا، وتُرسم الحدود بنُسخة إسرائيلية لا تعترف لا بخط أخضر ولا بحقائق دولية.
صعود الجرافات ليست عيبال وحدها المستهدفة؛ إنها حلقة محورية في مشروع استيطاني متكامل يهدف إلى سلخ شمال الضفة عن جنوبها، وترسيخ وقائع ميدانية تُعزز مخطط «الضم الزاحف»، الذي يتسارع إيقاعه في ظل الحكومة الإسرائيلية الأكثر تطرفًا في تاريخ الاحتلال.
الحديث هنا لا يدور عن بؤرة استيطانية صغيرة أو توسيع لحوض استيطاني قائم، بل عن مدينة استيطانية كاملة، تتسع لثمانية آلاف وحدة، وبُنية تحتية شاملة تشمل مطارًا احتياطيًا ومتنزهات ومراكز دينية وتجارية. وهي مستوطنة تُشكل ركيزة في مشروع «فرض السيادة» الذي تتبناه الحكومة الإسرائيلية الحالية، لأنها تمهّد لفصل نابلس عن محيطها وربطها بالمشروع الاستيطاني المركزي في الضفة.
في هذا المشهد المتسارع، لا تملك القرى المحيطة بالجبل سوى الصمود كفعل مقاومة. أهالي عزموط وبيت دجن ودير الحطب وسالم، يقفون على أطراف أراضيهم المسلوبة، يشهدون التهام السهول والوديان، وقد أدركوا أن معركتهم لم تعد فقط على منزل مهدد بالهدم، بل على حق وجود كامل.
وتُظهر القراءة الأولى لهذا المشهد أن ما يجري على جبل عيبال لا يمكن فهمه إلا في سياق مشروع استراتيجي أوسع.. وهنا يبرز السؤال: لماذا هذا الجبل بالذات؟ ولماذا الآن؟
هجوم استراتيجي
الإجابة تأتي من صلاح الخواجا، مساعد رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، الذي يرى أن الاحتلال لا يتحرك عبثًا، بل وفق رؤية استراتيجية مدروسة، تجعل من المواقع الجغرافية الحاكمة نقاط ارتكاز لمشروعه الكولونيالي.
يقول الخواجا لـ«عُمان»: «إعلانهم الرسمي عن إقامة مستوطنة على جبل عيبال لم يكن خطوة عشوائية، بل هو امتداد لسلسلة من الاعتداءات المنهجية التي استهدفت مؤخرًا المناطق المصنفة (ب)، في محاولة واضحة لتجاوز اتفاق أوسلو وتفكيك خريطته».
ويوضح أن اختيار الجبل جاء بناءً على موقعه الجغرافي المرتفع، ما يمنح الاحتلال سيطرة بصرية على أغلب مناطق شمال الضفة، ويُسهّل عمليات الربط بين المستوطنات المحيطة. «الهدف ليس فقط بناء مستوطنة، بل تعزيز الكتل الاستيطانية وربطها كأصابع تخترق الجغرافيا الفلسطينية وتُفكك تماسكها».
ويمضي قائلًا: «تستهدف إسرائيل في هذا المسار تلالًا استراتيجية، وموارد مياه، ومحميات طبيعية، وكل منطقة قد تكون ركيزة لمجتمع فلسطيني قابل للحياة مستقبلا. هي لا تترك شيئًا للصدفة».
ويختم الخواجا بتحذير لافت: «إنهم لا يبنون فقط مستوطنات، بل يبنون مستقبلًا سياسيًا خاليًا من الفلسطينيين. هذه المستوطنة هي أداة لفرض واقع لا يمكن الرجوع عنه، إذا ما استمر الصمت الدولي».
ومن حديث الخواجا تتضح طبيعة المشهد: مشروع عيبال ليس فقط عن الأرض، بل عن السيطرة والهيمنة والتفكيك الجغرافي. لكن هذه السيطرة تأخذ شكلًا أشمل ضمن ما يُعرف بخطة الضم الكبرى، التي لم تعد إسرائيل تُخفي نواياها بشأنها.
ضم زاحف هذه المستوطنة الجديدة تأتي ضمن خطة ضخمة صادقت فيها الحكومة الإسرائيلية على إنشاء 22 مستوطنة، بهدف استقدام أكثر من 51 ألف مستوطن جديد. من بين أبرز هذه المستوطنات: سانور وحومش، اللتان جرى إخلاؤهما ضمن خطة فك الارتباط عام 2005، لتُعاد الآن إلى الحياة، وتُمنح دورًا محوريًا في تفكيك الامتداد الجغرافي الفلسطيني بين نابلس وجنين.
هذا الإحياء الاستيطاني لما تم تفكيكه سابقًا يعكس تغيّرًا جوهريًا في السياسة الإسرائيلية، من الانسحاب التكتيكي إلى التوسع الهجومي، في سباق محموم لحسم مستقبل الضفة الغربية على الأرض قبل أي مفاوضات مستقبلية.
وتمثل مستوطنة عيبال، في هذا السياق، الحلقة الأهم، لكونها تمهد لربط شمال الضفة بوسطها عبر مستوطنة أريئيل، وتعزل القرى والبلدات الفلسطينية المتناثرة بين هذه الكتل، مانعة أي تواصل بينها.
ما يجري إذن ليس توسعًا في مستوطنة قائمة، بل نقل المشروع برمّته إلى مستوى «الهندسة الاستيطانية الكبرى»، وهو ما سيُفككه لنا لاحقًا مختصون في الشأن الحقوقي والاستيطاني، ليكشفوا مدى خطورة ما يجري.
تفتيت الأرض
في هذا الإطار، يقدّم عصام العاروري، مدير مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان، قراءة قانونية وحقوقية شاملة، تُضيء الجوانب الأخطر في هذا المشروع.
يقول العاروري: «نحن أمام تنفيذ صريح لمنظومة فصل عنصري، عبر شبكة من الطرق الإقليمية التي يتم تصميمها خصيصًا لتخدم المستوطن وحده، وتعزل الفلسطيني تمامًا».
ويُضيف لـ«عُمان»: «هذه الشبكة لا تُصمم فقط لتسهيل حركة المستوطنين، بل لإيجاد واقع استيطاني منغلق، لا يحتاج إلى التعامل مع السكان الأصليين».
ويُشدد على أن هذا المخطط يُعد خرقًا فاضحًا للقانون الدولي، خصوصًا في ظل فتاوى محكمة العدل الدولية التي جرّمت الاحتلال والاستيطان وكل ما يترتب عليه.
ويرى أن مستوطنة عيبال ليست معزولة عن هذه المنظومة، بل تُشكل بوابة جديدة في جدار الفصل الكبير، إذ ستُربط بطرق سريعة تؤمن الاتصال بين مستوطنات إيتمار، وألون وموريه، وبراخا، ويتسهار، وصولًا إلى أريئيل، ما يُحوّل شمال الضفة إلى أرخبيل مستوطناتي، تُسيّره إسرائيل وتتحكم في معابره.
ويختم العاروري بأن: «كل حجر يُوضع في عيبال هو إعلان إسرائيلي جديد بأن مشروع الدولة الفلسطينية لم يعد قائمًا في الحسابات الإسرائيلية، وأن الحسم قادم، لا محالة، ما لم يتحرك العالم».
ومع هذا التوصيف الحقوقي، تبرز الحاجة لقراءة تحليلية أوسع للمشهد، تنطلق من تتبع الاستراتيجية الكاملة للضم، ودوافع إسرائيل لتسريعه بهذا الشكل المتسارع.
هندسة الضم لم يكن تفتيت الأرض الفلسطينية محض صدفة جغرافية أو نتيجة تكدس زمني عشوائي للمستوطنات، بل هو - كما يرى خبراء ومراقبون - نتاج عملية هندسية دقيقة تُدار من أعلى مستويات القرار الإسرائيلي. فالمسألة لا تتعلق بمجرد «بؤر» تظهر على تلال معزولة، بل بمشروع متكامل يقوم على إعادة تصميم الضفة الغربية وفق خرائط سياسية معدّة سلفًا، تُلغي التواصل الجغرافي الفلسطيني، وتحوّل البلدات والقرى إلى جزر محاصرة في بحر استيطاني.
وما يجري في جبل عيبال ليس سوى تتويج عملي لهذا النهج، إذ يُراد له أن يتحول من تلة ذات طابع عسكري مؤقت إلى رأس حربة لمخطط «الضم الزاحف»، الذي تُنفذه حكومة الاحتلال الحالية بوتيرة غير مسبوقة. ولأن هذه التحولات لم تعد تُقاس بعدد الوحدات الاستيطانية فقط، بل بمدى تأثيرها على البنية الجغرافية والسياسية للضفة، فقد بدأ مختصون يتحدثون عن «هندسة ضم» ممنهجة، يُعاد فيها تشكيل المكان لخدمة رؤية الاحتلال، لا بقرارات عسكرية فحسب، بل بمنطق المعمار وخرائط النقل والطوبوغرافيا وتوزيع الموارد.
ومن بين هؤلاء الخبراء، يبرز صوت الباحث والناشط الإسرائيلي جيف هالبر، الذي قدم رؤية معمقة حول هذا التحول الخطير في جوهر المشروع الاستيطاني، من استيطان عفوي إلى مشروع ضم مؤسسي ممنهج.
أكد جيف هالبر، مؤسس اللجنة الإسرائيلية لمناهضة هدم المنازل (ICAHD) وأحد أبرز المختصين في شؤون الاستيطان، أن ما يجري في جبل عيبال هو حلقة متقدمة في مشروع أكبر يهدف إلى فرض وقائع لا رجعة فيها على الأرض، بحيث يصبح من المستحيل التوصل إلى أي تسوية سياسية قائمة على مبدأ الأرض مقابل السلام.
وقال: «إسرائيل لا تنتظر اتفاقات دولية، بل تصنع حقائق هندسية على الأرض تُفكك الجغرافيا الفلسطينية وتُفرّغها من معناها السياسي».
ويُضيف هالبر: إن المخطط الجديد في عيبال لا يُمكن فصله عن الرؤية الاستيطانية الكلية، التي تقوم على تفتيت الضفة الغربية إلى جزر معزولة، يتم إحاطتها بشبكات طرق وحواجز ومستوطنات ذات امتداد أفقي ورأسي، بما يُحوّل التجمعات الفلسطينية إلى جيوب خانقة، بلا أفق عمراني أو سيادي. «نحن لا نتحدث عن مجرد توسعة عشوائية».
يوضح هالبر، «بل عن مخطط مدروس يسير وفق أجندة رسمية، تُنفذها الدولة بأذرعها السياسية والعسكرية والقانونية».
ويرى الخبير الإسرائيلي أن ما يُسمى بـ«الضم الزاحف» لم يعد توصيفًا مجازيًا، بل أصبح استراتيجية معلنة تمضي بسرعة أكبر من أي وقت مضى، في ظل حكومة يمينية تسعى لحسم مستقبل الضفة الغربية قبل تغير الظروف السياسية أو الإقليمية.
ويقول: «كل مستوطنة جديدة، وكل طريق سريع، وكل قرار شرعنة، هو لبنة في جدار الحسم».
واختتم هالبر تصريحه بالتحذير من أن «ما يجري في عيبال اليوم، وفي سانور وحومش غدًا، ليس مجرد استيطان، بل هو تفكيك فعلي للخريطة الفلسطينية وتحويلها إلى فسيفساء ميتة سياسيًا».
ويؤكد أن ذلك «يتناقض جذريًا مع القانون الدولي، ويُمثل تهديدًا مباشرًا لأي إمكانية لإقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة أو متصلة جغرافيًا».