عاجل| مصر تبحث مع فرنسا تعزيز التعاون في مجال الذكاء الاصطناعي
تاريخ النشر: 27th, January 2025 GMT
استقبل الدكتور/ عمرو طلعت وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات السيد / ايريك شوفالييه سفير فرنسا بالقاهرة؛ تناول اللقاء بحث سبل جذب المزيد من الاستثمارات الفرنسية لقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات المصرى، وتعزيز التعاون بين مصر وفرنسا فى المجالات ذات الصلة خاصة فى مجال الذكاء الاصطناعى.
شهد اللقاء تسليط الضوء على برامج ومشروعات التعاون المشترك بين مصر وفرنسا فى مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، واستثمارات الشركات الفرنسية فى قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بما فى ذلك المتخصصة فى مجال التعهيد.
وخلال اللقاء؛ أكد الدكتور/ عمرو طلعت حرص وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات على تهيئة بيئة جاذبة للاستثمارات ومحفزة للشركات العالمية لتوسيع عملياتها فى مصر؛ معربا عن تطلعه إلى توسع الشركات الفرنسية بمصر فى نطاق أعمالها فى تقديم المزيد من الخدمات لعملائها فى أنحاء العالم والاستفادة من المزايا التنافسية لمصر فى صناعة التعهيد والتى من أبرزها توافر قاعدة عريضة من الكوادر الشابة المؤهلة لتصدير الخدمات الرقمية بلغات متعددة.
وأوضح الدكتور/ عمرو طلعت الجهود المبذولة لتنمية قدرات الشباب على المستوى التقنى وصقل مهاراتهم في اللغات الأجنبية؛ مشيرا إلى أنه يتم التوسع فى الشرائح المستهدفة من برامج بناء القدرات الرقمية لتشمل غير المتخصصين فى المجال التكنولوجى مثل المحامين والمحاسبين لتمكينهم من تطوير مسارهم المهنى اعتمادا على التكنولوجيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي؛ معربا عن تطلعه إلى تعزيز التعاون مع الجانب الفرنسى لصقل مهارات الشباب فى اللغة الفرنسية من خلال محرك يعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعى وذلك على النحو الذى يعزز من قدراتهم فى تصدير الخدمات الرقمية للأسواق الناطقة باللغة الفرنسية.
وأوضح السفير الفرنسى أن هناك العديد من الشركات الفرنسية التى توسعت فى أعمالها فى قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات المصرى لما لمسته من كفاءة الكوادر المصرية المتخصصة فى مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
ووجه السفير الدعوة للدكتور/ عمرو طلعت للمشاركة بقمة العمل فى مجال الذكاء الاصطناعى المقرر عقدها فى الفترة من 10-11 فبراير المقبل، والتى ستتناول عدد من الموضوعات الهامة ذات الصلة بالذكاء الاصطناعي، أبرزهم استخدامات تكنولوجيا الذكاء الاصطناعى لخدمة المصلحة العامة وحوكمة تكنولوجيا الذكاء الاصطناعى عالميًا. حيث أكد الدكتور/ عمرو طلعت اهتمام مصر بالمشاركة فى القمة لاستعراض جهود الدولة والتطورات التى انجزتها فى مجال الذكاء الاصطناعى وكذلك التعرف على المزيد من المبادرات الجديدة التى سيتم إطلاقها خلال القمة.
كما وجه السفير الفرنسى الدعوة للدكتور/ عمرو طلعت لمشاركة وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات كشريك أساسى فى ملتقى لمجتمع الأعمال الفرنسى فى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والذى من المقرر أن تعقد فعالياته على مدار يومين خلال شهر مايو المقبل ويتضمن محور عن الذكاء الاصطناعي. ومن جانبه؛ وأعرب الدكتور/ عمرو طلعت عن استعداد الوزارة والجهات التابعة لها للمشاركة فى الملتقى واستعراض البرامج والمشروعات والمبادرات المعنية ببناء القدرات الرقمية ومشروعات الذكاء الاصطناعى ودعم ريادة الاعمال وتنمية الشركات الصغيرة والمتوسطة العاملة فى مجال الذكاء الاصطناعي.
كذلك دعا الدكتور/ عمرو طلعت السفير الفرنسى لزيارة مراكز ابداع مصر الرقمية للتعرف على أنشطتها وبحث إمكانية تنظيم عدد من الفعاليات المرتبطة بالملتقى بداخلها.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: عمرو طلعت وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ايريك شوفالييه سفير فرنسا بالقاهرة قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات المصرى الاتصالات وتکنولوجیا المعلومات الشرکات الفرنسیة الذکاء الاصطناعى الذکاء الاصطناعی فى مجال الذکاء عمرو طلعت
إقرأ أيضاً:
ممالك النمل الطريق لفهم الذكاء عند الإنسان!
أ. د. حيدر أحمد اللواتي **
في مقالنا السابق تحدثنا عن مملكة النمل، ذلك العالم الصغير الذي يحمل في طياته أسرارًا عظيمة عن التنظيم والدقة، وكيف أن نظامه الفريد ينبع من تبادل المعلومات مع المحيط؛ فالنملة، رغم صغر حجمها، تعتمد في نشاطها اليومي على ما تلاحظه في محيطها الضيق، وليس لديها أي فكرة عن الصورة الأكبر التي نراها نحن كمراقبين؛ فالتنسيق الرائع الذي يبدو كلوحة مُتقنة لا يُدركه أي فرد من أفراد مملكة النمل بمفرده؛ بل هو نتاج تفاعل بسيط ومستمر بين آلاف النمل الذين يعملون كخلية واحدة متكاملة.
هذا النظام اللامركزي، الذي يُميِّز ممالك النمل، يكشف لنا سرًا مُهمًا حول المرونة والتكيُّف، فبدلًا من انتظار الأوامر من قيادة مركزية، يتصرف كل فرد بناءً على المعلومات التي يحصل عليها من محيطه المباشر، وهذا الأسلوب في التنظيم يسمح لهذه الممالك بالتأقلم مع بيئات مختلفة ومُتغيِّرة بسرعة، دون الحاجة إلى إدارة عُليا معقدة أو مركزية، ففي مواجهة تغيرات البيئة أو ظهور خطر مفاجئ، لا يتعين على النمل الانتظار حتى تصدر القيادة قرارًا؛ بل كل نملة تتصرف تلقائيًا بناءً على ما تلاحظه، إن هذا النظام اللامركزي يُشبه إلى حد بعيد طريقة انتشار الأخبار أو المعلومات في شبكات التواصل الاجتماعي الحديثة؛ حيث ينتشر الخبر بسرعة ويؤثر على سلوك الأفراد دون الحاجة إلى سلطة مركزية.
علماء الطبيعة والمهندسون بدورهم، استلهموا من هذه الظاهرة دروسًا قيمة، فقد أدركوا أن النُظُم المُعقدة قد تنبني على قواعد بسيطة جدًا: مراقبة المحيط، والتفاعل معه، والتكيف بناءً على ما يُلاحظ.
وهذه العملية البسيطة في جوهرها، قادرة على حل مشكلات مُعقَّدة، حتى في غياب أي قيادة مركزية، وبناءً على هذه الأفكار، ابتكر باحثو جامعة هارفارد فريقًا من الروبوتات البسيطة نسبيًا، التي يمكنها التعاون والعمل الجماعي لأداء مهام معقدة باستخدام 3 قواعد بسيطة، معتمدين على الضوء بدلًا من المواد الكيميائية التقليدية، وقد أظهر هذا النظام مرونة فائقة؛ حيث استمر العمل بكفاءة حتى عندما توقف أحد الروبوتات عن العمل.
لكن، الإبداع الحقيقي لهؤلاء العلماء يكمن في ربط هذه الأفكار بآلية عمل الدماغ البشري، ذلك العضو العجيب الذي ما زال يحتفظ بأسرار لا تُحصى؛ فرغم الفوارق الظاهرة بين مملكة النمل والدماغ، رأى هؤلاء العلماء أن هناك رابطًا مُشتركًا بينهما، فكلاهما يملك نظامًا معقدًا يتكون من وحدات بسيطة تتفاعل مع بعضها لتنتج سلوكًا جماعيًا ذكيًا؛ ففي الدماغ، تتشابك الخلايا العصبية في شبكة مُعقَّدة من الاتصالات السريعة، ولا توجد جهة مركزية تأمر هذه الخلايا كيف تتصرف، وبدلًا من ذلك، تعتمد كل خلية على المعلومات التي تصلها من محيطها، لتقرر بدورها كيف تستجيب.
فعندما يسقط الضوء على شبكية العين، تُرسل الخلايا البصرية المعلومات التي وصلتها من المحيط عبر إشارات كهروكيميائية إلى الخلايا العصبية في الدماغ، والتي تقوم بدورها بإرسال رسائل إلى خلايا أخرى مجاورة؛ مما يخلق تكاملًا مذهلًا للمعلومات ويسمح باتخاذ قرارات فورية ومعقدة، فكل خلية عصبية تتبادل المعلومات مع خلايا أخرى عبر إشارات كهروكيميائية، وعندما تستقبل إشارة من خلية مجاورة، ترد بإرسال إشارات إلى خلايا أخرى مترابطة، وبهذا الشكل، تبدو العملية على المستوى الخلوي بسيطة للغاية، لكن على مستوى الدماغ ككل تتولد أعمال معقدة تفوق الوصف.
إنَّ هذا التشابه بين ممالك النمل والدماغ البشري يفتح أمامنا نافذة لفهم عميق، فقد يكون سر ذكاء الإنسان لا يكمن في تعقيد كل شبكة عصبية على حدة؛ بل في شبكة العلاقات المعقدة بين هذه الخلايا العصبية، التي تخلق ذكاءً جماعيًا يتفوق على مجموع أجزائه.
فهل دراسة الذكاء الجمعي في مُستعمرات النمل وفَهم آلياته هو الذي سيقودنا لفهم الذكاء عند الإنسان؟ وهل سر ذكاء الإنسان يكمُن في مُستعمرات النمل وممالكها؟!
** كلية العلوم، جامعة السلطان قابوس
رابط مختصر