سودانايل:
2025-06-07@01:07:44 GMT

علف أمريكي ديمقراطي فاخر

تاريخ النشر: 28th, January 2025 GMT

حسام عثمان محجوب

24 يناير 2025
خسر الديمقراطيون انتخابات 2024 بأكثر مما كسبها الجمهوريون. فقد حصلت كملا هاريس على 75.0 مليون صوت مقابل 81.3 مليون حصل عليها جو بايدن في انتخابات 2020. بينما ارتفعت أصوات دونالد ترمب في 2024 إلى 77.3 مليون مقارنة بـ 74.2 مليون في 2020. أي أن الديمقراطيين خسروا 6.3 ملايين صوت، بينما كسب الجمهوريون 3.

1 ملايين صوت. وبحساب تقريبي بسيط، حتى إذا جاءت جميع الأصوات الإضافية لترمب من ناخبي الديمقراطيين، كان يمكن لكملا الفوز لو صوت لها بقية الـ 3.2 ملايين التي فقدها الحزب.
كشفت خسارة الديمقراطيين عن اغتراب مؤسسة الحزب عن الغالبية العظمى من الشعب الأمريكي، وفقدانها القدرة على فهم ناخبيها والتواصل معهم. أساءت المؤسسة تفسير فوز بايدن في 2020، الذي تم تقديمه كمرشح آمن على حساب بيرني ساندرز بعد سنوات من الذعر الناجم عن رئاسة ترمب الأولى. لم يكن التصويت حينها تأييداً لبايدن بقدر ما كان تصويتاً ضد ترمب. لكن بايدن لم يستثمر التفويض الذي حصل عليه بالكامل، فعلى الرغم من بعض الإصلاحات الداخلية التي قام بها، فشل في مواجهة إرث ترمب الشمولي، الذي تحول إلى تيار عميق يهدد الديمقراطية ويدفع البلاد نحو الفاشية.
فشلت إدارة بايدن في محاكمة ترمب قانونياً وتحميله المسؤولية السياسية عن خروقاته الكبيرة لمبادئ الديمقراطية الأمريكية (على علاتها). فلم يتم تقديمه للمحاكمة على جرائم مثل استغلال منصبه لتحقيق مكاسب شخصية له ولأسرته وتربحهم من دول وأفراد، أو تقويض النظام الانتخابي، أو تشجيع العنف السياسي. كما لم يحاسب سياسياً على تسييس الخدمة المدنية والمؤسسات الحكومية، أو شيطنة الإعلام، أو تطبيع الممارسات العنصرية.
لم يتخذ بايدن خطوات جادة لإصلاح المحكمة العليا، أو تعديل النظم الانتخابية وقواعد التصويت في مجلس الشيوخ، كما تجاهل مواجهة نفوذ المال والشركات الكبرى، مثل المجمع التكنولوجي وأثريائه الذين يتمتعون بنفوذ متزايد يهدد الديمقراطية.
كما فشلت مؤسسة الحزب في إقناع بايدن بالتراجع عن طموحه غير المبرر للترشح لولاية ثانية في وقت مناسب يسمح للحزب باختيار مرشح/ة قادر/ة على مواجهة ترمب وحركته المتطرفة التي أصبحت أشبه بطائفة (cult). وعجز الحزب عن مواجهة خطابات الهوية الشعبوية التي أتقنها الجمهوريون، حيث تمكنوا من حشد جماهير غفيرة حول قضايا متعددة، فضفاضة وغير مترابطة، لكنها تولد لديهم شعوراً بالانتماء ككتلة متجانسة ومستضعفة تواجه خطر الإقصاء والتهميش من قبل "المؤسسة" أو "المستنقع"، التي تضم "الآخرين" من النخب السياسية والاقتصادية.
ركزت حملات الجمهوريين على قضايا مثل ارتفاع تكلفة المعيشة، والتخويف من المهاجرين، وقضايا الهوية الجنسية، والتشكيك في التطعيمات وتغير المناخ، معتمدين على التضليل والمعلومات المغلوطة. كذلك صورت حملاتهم ترمب وفريقه كشخصيات قريبة من غمار الناس، يشبهون الأمريكان "العاديين" في عفويتهم وبساطتهم وتدينهم وحتى أخطائهم، بينما ظهر في خطاب الديمقراطيين استعلاء تجاه جماهير الحزب الجمهوري، واعتبارهم عنصريين وجهلة وحثالة، حتى كادوا أن يستعيروا من الممارسة السياسية السودانية المعاصرة ألفاظاً مثل العلف والبهائم والسواقة.
في المقابل، ارتبكت حملات الديمقراطيين التي ركزت على التحذير من نزعات ترمب الفاشية والشمولية، دون التطرق لقضايا جوهرية تهم الناخبين مثل غلاء المعيشة. واقتربت مواقفهم في قضايا الهجرة من مواقف الجمهوريين بدلاً من التصدي بحزم لدعاياتهم المضللة.
وبالإضافة إلى إهمال الحزب لبعض الولايات والفئات الناخبة التي اعتبرها مضمونة، كرر أخطاء هيلاري كلينتون في انتخابات 2016. فتوجه لناخبي "وسط" آيديولوجي متوهم (بما فيه أنصار تقليديون للحزب الجمهوري)، بينما تجاهل ناخبين "يساريين"، وصمهم بالتطرف، خصوصاً من المعارضين لحرب الإبادة الإسرائيلية على غزة ومشاركة بايدن وحكومته فيها.
وفر استبدال بايدن بكملا فرصةً نادرةً لتجاوز الضرر الكبير الذي خلفه موقفه من الحرب والحملة العنيفة داخل الولايات المتحدة ضد معارضيها. ومع ذلك، لم تقدم كملا خطاباً مختلفاً أو تتخذ مواقف مغايرةً، وافترضت أن الخسائر الانتخابية ستقتصر على الناخبين العرب والمسلمين في ولاية ميشيغان، معتقدةً أنها تستطيع الاستغناء عن أصواتهم. كما غفلت مؤسسة الحزب عن التكلفة الأخلاقية للمشاركة في جريمة إنسانية بحجم الإبادة الجماعية، وما يعنيه ذلك لأعداد مؤثرة من الناخبين، لا سيما بين الشباب.
وفشل الديمقراطيون في استيعاب أن كثيراً من المهاجرين من مختلف الدول والثقافات محافظون تقليديون، ينظرون بريبة لقضايا مثل مجتمع الميم (LGBTQ)، ويتبنون نظرات استعلائية على المهاجرين "غير الشرعيين." كما لا يمكن إغفال أثر العنصرية والتحيز الجنسي في المجتمع الأمريكي على قرار الكثيرين بعدم التصويت لامرأة سوداء.
في خطابه الأخير، حذر بايدن الشعب الأمريكي من تشكل أوليغاركية تجمع المال والقوة والنفوذ وتهدد الديمقراطية. لكن الحقيقة أن بايدن وكملا ومؤسسة الحزب مكنوا لهذه الأوليغاركية واستفادوا منها. فقد ساهم ما لا يقل عن 83 مليارديراً في حملتهم، وتجاهلوا الأصوات المحذرة من داخل الحزب، مثل ساندرز، الذي لطالما حذر من هيمنة رأس المال منذ عام 1993.
فشل الديمقراطيون في فهم الشعب الأمريكي، واستمروا في احتقار فئات منه، فكان عقابهم انتخاب ترمب مرة أخرى. ولو كان النظام السياسي الأمريكي أكثر انفتاحاً مثل بعض الدول الأوروبية، لكان مصير الحزب الديمقراطي التلاشي والنسيان. وأوجه الشبه بينه والقوى السياسية السودانية متروكة لفطنتكم/ن.

husamom@yahoo.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

ترامب يعيد التفاوض على الرقائق الإلكترونية مع جو بايدن

قال وزير التجارة الأمريكي هوارد لوتنيك، إن إدارة الرئيس دونالد ترامب تعيد التفاوض بشأن بعض المنح التي أعطاها الرئيس السابق جو بايدن لشركات أشباه الموصلات، مشيرا إلى أن بعضها قد يلغى.

وقال لوتنيك للأعضاء في لجنة المخصصات بمجلس الشيوخ إن بعض المنح في عهد بايدن «بدت سخية للغاية، وأعدنا التفاوض عليها”، مضيفا أن الهدف هو مصلحة دافعي الضرائب الأمريكيين»

وأضاف لوتنيك «جميع الصفقات تتحسن، والصفقات التي لا يتم حسمها هي صفقات ما كان ينبغي إبرامها أصلا»، في إشارة على ما يبدو إلى أن بعض المنح لن تصمد أمام إعادة التفاوض.

ووقع بايدن في 2022 قانون أشباه الموصلات والعلوم لتخصيص 52.7 مليار دولار لتعزيز تصنيع وأبحاث الرقائق في الولايات المتحدة، وجذب مصنعيها بعيدا عن آسيا.

وقدم القانون مليارات الدولارات كمنح لشركات أشباه الموصلات العملاقة، ومن بينها شركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات وسامسونج وإس. كيه هاينكس الكوريتان، بالإضافة إلى شركتي إنتل ومايكرون الأمريكيتين.

ولم يبدأ صرف المنح إلا مع مغادرة بايدن منصبه. ولم تعلن تفاصيل تلك الخطط لكن من المقرر تخصيص الأموال مع إحراز الشركات تقدما فيما يتعلق بتعهدات بتوسيع مصانعها.

اقرأ أيضاًارتفاع أسهم شركات الصلب بعد مضاعفة ترامب الرسوم الجمركية على المعادن

البيت الأبيض: ترامب لن يخفض الرسوم الجمركية على الصين بشكل أحادي

ترامب: الولايات المتحدة ستجني إيرادات ضخمة من الرسوم الجمركية المفروضة

مقالات مشابهة

  • أحزان الماغا – أيلون ضد ترمب
  • خطة ترمب لإيقاف حرب السودان ومستقبل الإسلاميين
  • ترامب يعيد التفاوض على الرقائق الإلكترونية مع جو بايدن
  • أزمة الثقة تضرب البيت الأبيض.. تحقيق بصحة «بايدن» وانشقاق مدوٍّ داخل فريقه
  • ترمب يحظر في مرسوم رعايا 12 دولة من دخول أمريكيا من بينها ليبيا
  • ” المجاهدين الفلسطينية” : استخدام أمريكا “الفيتو” هو صك مفتوح لمزيد من القتل
  • قلم الرئيس الذي يكتب لوحده | نخبرك ما نعرفه عن مزاعم ترامب بسرقة توقيع بايدن
  • ترامب يشكك في أهلية بايدن ويأمر بالتحقيق في من كان يحكم أمريكا
  • حظر أمريكي على مواطني 4 دول عربية
  • بفجائية.. إدارة ترمب تفتح ملف السودان، لأول مرة، من داخل وزارة الخارجية برسالة مختصرة: لا حل عسكري تفاوضوا!