رجل الظل.. حسن صوفان يحكي قصته من تمرد صيدنايا إلى تحرير دمشق
تاريخ النشر: 27th, January 2025 GMT
وُلد صوفان -الملقب بـ"أبو البراء" و"شادي المهدي"- في حي العوينة القديم بمدينة اللاذقية، حيث نشأ في بيئة متواضعة جمعت بين التدين والتعددية الثقافية، وكان والده مدرسا للغة العربية، مما أسهم في تشكيل وعيه المبكر بأهمية الكلمة وقوة الأدب
وفي حديثه لـ"بودكاست مشارق" –رابط الحلقة كاملة– أوضح صوفان أن حفظه للقرآن الكريم في مسجد صوفان تحت إشراف الشيخ حسن صاري -الذي زرع فيه قيم الاحترام والأخلاق- كان حجر الأساس في بناء شخصيته، كما أن البيئة المليئة بالكنائس والمساجد المتجاورة علمته "فن التعايش" الذي يحاول اليوم ترسيخه في منطقة الساحل السوري.
وفي عام 2008 شهد سجن صيدنايا العسكري أولى محطات تحوّل صوفان حين قاد مع رفاقه تمردا ضد إدارة السجن احتجاجا على الظروف اللاإنسانية.
ووصف صوفان تلك اللحظات بأنها "ثورة مصغرة" كشفت عن إرادة الأسرى في مواجهة القمع رغم معرفتهم بأن المواجهة مع نظام بشار الأسد أشبه بمعركة خاسرة.
وخلال التمرد تمكن السجناء من السيطرة على أجزاء من السجن، قبل أن تُسحق الاحتجاجات بعنف، لكن تلك التجربة -كما يؤكد- "زرعت بذرة التحدي التي نمت لاحقا مع اندلاع الثورة".
لم تكن السنوات التي قضاها في السجن مجرد فترة اعتقال، بل تحولت إلى جامعة فكرية، ففي الزنازين الانفرادية -حيث أمضى سنوات في عزلة- احتك بتيارات أيديولوجية متناقضة، من تنظيم الدولة الإسلامية إلى الإخوان المسلمين والشيوعيين، مما منحه فهما عميقا لتعقيدات المشهد السوري.
إعلان
ثائر خلف القضبان
ومع انطلاق الثورة السورية عام 2011 كان صوفان لا يزال خلف القضبان، لكنه حوّل السجن إلى منصة دعم خفية للثوار، وباستخدام هاتف محمول تم تهريبه إليه بدأ يرسل توجيهات لتنظيم العمليات، ويكتب بيانات تحريضية، ويحذّر من مخاطر التطرف.
وكان صوفان من أوائل من حذروا من تنظيم الدولة، معتبرا أن "محاربة الأسد لا تعني التفريط في هوية سوريا".
رفض نظام الأسد الإفراج عنه مرارا بسبب "خطورته الأمنية"، لكن ضغوطا مختلفة أجبرت النظام على الموافقة على صفقة معقدة عام 2016 أُطلق بموجبها سراحه مقابل تسليم الثوار ضابطا و14 عنصرا من قوات النظام.
وبعد خروجه التحق بصفوف حركة أحرار الشام وتولى قيادتها عام 2017، فعمل على توحيد الصفوف وتنسيق العمليات العسكرية، قبل أن يستقيل عام 2019 بسبب خلافات داخلية، ويسعى إلى التقارب مع هيئة تحرير الشام.
وأشار صوفان إلى أن التحالف مع قائد الثورة السورية أحمد الشرع كان إحدى أبرز محطات مسيرته.
وأوضح أن الشرع -الذي يعتبر العقل المدبر لعملية "ردع العدوان"- جمع بين البراغماتية السياسية والحنكة العسكرية، مما جعله "الرجل المناسب لقيادة المرحلة الأخيرة من الثورة".
وأضاف أن "الشرع كان يؤمن بأن تحرير دمشق يحتاج إلى حرب نفسية قبل العسكرية عبر تسريب معلومات مضللة تربك النظام".
الخروج من الظل
وبعد سقوط نظام الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2024 أصبح صوفان مسؤولا عن ملف السلم المجتمعي في الساحل السوري، وهي منطقة تشهد تنوعا طائفيا حادا، ورغم ميله للعمل في الخفاء فإنه اضطر للظهور إعلاميا لمواجهة حملات التشويه التي تستهدف عملية المصالحة.
ووصف صوفان هذه المهمة بأنها "أصعب من القتال المسلح"، لأنها تتطلب مصالحة مع تاريخ من الدماء، وأضاف في هذا السياق "العدالة ليست انتقاما، بل هي اعتراف بالأخطاء وبناء لثقة جديدة".
إعلانوعند سؤاله عن الدروس المستفادة من مسيرته، أجاب صوفان بأن "الثورة لا تُختزل في السلاح، بل هي مشروع ثقافي وأخلاقي قبل أن يكون عسكريا".
وأكد صوفان أن تحرير دمشق لم يكن نهاية المطاف، بل بداية لمعركة أكثر تعقيدا، وهي معركة الحفاظ على القيم التي ضحى من أجلها السوريون، مضيفا "النصر الحقيقي هو أن نمنح أبناءنا سوريا لا تكرر أخطاء الماضي".
27/1/2025المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
مظلوم عبدي: اتفاق مبدئي على دمج قوات سوريا الديمقراطية ضمن وزارة الدفاع
أعلن قائد قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، مظلوم عبدي، عن التوصل إلى اتفاق مبدئي مع السلطات الانتقالية في دمشق بشأن آلية دمج قواته ضمن مؤسسات الدولة العسكرية والأمنية، في خطوة وُصفت بأنها الأكثر تقدماً منذ بدء الحوار بين الجانبين حول مستقبل الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا.
وفي تصريحات صحفية له اليوم، أوضح عبدي أن المحادثات الجارية حالياً في دمشق تهدف إلى وضع إطار تنفيذي لدمج قوات "قسد" ضمن وزارتي الدفاع والداخلية، مشيراً إلى أن التفاهم الجديد "يؤسس لشراكة رسمية بين مؤسسات الدولة السورية والقوى العسكرية التي حاربت تنظيم الدولة بدعم من التحالف الدولي".
وقال عبدي إن التوصل إلى هذا الاتفاق يأتي استكمالاً للتفاهم الموقع في 10 آذار/مارس الماضي بينه وبين الرئيس أحمد الشرع، والذي نصّ على إدماج المؤسسات المدنية والعسكرية التابعة للإدارة الذاتية ضمن المؤسسات الوطنية السورية قبل نهاية العام الحالي. لكنه أقرّ بوجود خلافات مستمرة حول آليات التنفيذ وتوزيع الصلاحيات، لافتاً إلى أن "بعض القضايا ما زالت عالقة، خاصة ما يتعلق بقيادة القوات وانتشارها في المناطق الكردية".
وأضاف القائد الكردي أن التفاهم الجديد "يفتح الباب أمام مرحلة سياسية وأمنية جديدة"، لكنه شدد على أن الضمانات المتعلقة بحقوق المقاتلين والإدارة المحلية ستكون شرطاً أساسياً للمضي في أي خطوة عملية، قائلاً:"نحن جزء من النسيج السوري، ومستعدون للانخراط في مؤسسات الدولة، لكن على أساس الشراكة والاعتراف بالتضحيات التي قدمناها في الحرب ضد الإرهاب".
ويُنظر إلى أن هذا الاتفاق المبدئي قد يشكل نقطة تحول في العلاقة المعقدة بين دمشق والإدارة الذاتية، خاصة مع اشتداد الضغوط الإقليمية والدولية على الطرفين لإيجاد تسوية داخلية تقلل من احتمالات التصعيد في الشمال الشرقي للبلاد.
ويأتي الإعلان في وقت تشهد فيه المنطقة تحركات سياسية مكثفة، تزامناً مع تراجع الحضور الأمريكي التدريجي، ومحاولات روسية لإعادة هيكلة المشهد العسكري والأمني تحت مظلة الدولة السورية.
ورغم أن مصادر في الإدارة الذاتية أكدت أن "الاتفاق لا يزال في مرحلة التفاهمات الأولية"، فإنها أشارت إلى أن التقدم في ملف الدمج العسكري قد يفتح الباب أمام مفاوضات سياسية أوسع تشمل مستقبل الإدارة الذاتية وملف اللامركزية، الذي يمثل أحد أكثر الملفات حساسية في الحوار مع دمشق.
وبينما لم تصدر الحكومة السورية تعليقاً رسمياً بعد على تصريحات عبدي، يراقب الشارع الكردي والعربي في شمال سوريا بحذر مسار المحادثات الجارية، وسط تساؤلات حول مدى استعداد دمشق لتقديم تنازلات حقيقية تضمن بقاء بعض مظاهر الحكم الذاتي ضمن إطار الدولة المركزية.