بعد الحرب دي تنتهي، عندنا حكاوي كتييييييييرة حنحكيها، عن البلد دي والخير والجمال الفيها، والتكاتف والتعاون، عن الوجع والألم، والموت، عن الفقد الكبير المادي والمعنوي، عن المخاطر الاتعرضنا ليها، وعن الخبرات الاكتسبناها، عن الأزمات وتجارها، عن السفر والترحال، عن التجارب الغيرتنا، والعادات الغيرناها، عن الناس القربنا ليهم وعرفنا عنهم جوانب كانت غايبة عننا، مع انهم موجودين في محيطنا، والناس البعدنا عنهم ….

والناس العرفناهم وبقوا قاعدين قداااام في حياتنا، وعن ناسنا الأصلاً عارفننا وعارفنهم ومحافظين على مكانتهم وأكتر، عن الهزائم والشكوك، عن البكاء والدموع والوداع، وعن الرجوع والانتصار.

Malaz Nagi

 

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

ثاني «أضحى» يُنحر في غزة بسكين الإبادة

في صبيحة العيد التي لطالما كانت في غزة تضجّ بصياح الخراف والعجول وتكبيرات الأطفال المتحمسين لمشاهد الذبح وتوزيع اللحوم، حلّ مكان هذه الأصوات دويّ الطائرات الحربية الإسرائيلية، وأزيز الرصاص، وهدير المدافع. مشاهد الحياة التي كانت تُعاش في أسواق المواشي وساحات الذبح، استُبدلت بمشاهد أخرى: رائحة البارود، وجثامين الشهداء، وركام المنازل.

غابت الأضاحي هذا العام عن غزة، كما غابت البهجة والطقوس والعادات. لا زحام في المسالخ، ولا تجمعات حول اللحوم، ولا صوانٍ تُنصب لتوزيع حصص الفقراء، ولا أطفال يلهون بجانب المواشي بانتظار لحظة الذبح. حتى أصوات المعايدات اختفت، وخيّم الصمت الموجع في كثير من المخيمات والملاجئ.

ست مئة يوم ويزيد، وغزة ترتدي كفنها الأبيض، كأنها تعيش موسم الحِداد الأبدي، لا موسم الأعياد. قدّمت قوافل الشهداء والجرحى قرابينها على مذابح الإنسانية، حتى صار العيد يمرّ باهتًا، يتيماً بلا أبٍ ولا ولد، بلا ضحكة أو قبلة، ولا حتى كسرة كعكٍ من صينية العيد.

أحبابنا صاروا أضاحي بدلًا من الذبائح

"العيد ليس عيدًا، لا أضاحي، لا تكبيرات، لا بهجة، فقط موتٌ ودمار"، يقول سامي أبو نمر، وهو رجل في عقده الخامس من حي الشجاعية.

يتنهد قبل أن يُكمل: «كنّا ننتظر هذا اليوم لنذبح ونفرّح أولادنا، نوزّع اللحمة، ونُعطي العيديات للأطفال... اليوم نحن ندفن أحبابنا بدل أن نذبح الأضاحي».

ويتابع بنبرة منكسرة لـ«عُمان»: «العيد هذا العام لا يُشبه أي عيد عرفناه، لا طقوس، لا زيارات، لا رائحة شواء في الحارات، فقط رائحة الدم والركام».

محمود السراج، ربّ أسرة من مدينة غزة، اعتاد في كل موسم أضحى أن يشترك مع إخوته في شراء عجل لذبحه، إلا أن هذا العام جاء مختلفًا كليًّا.

يقول: «كنا قبل الحرب ندفع 500 دولار مقابل حصة من عجل، أما الآن فلا تجد عجلاً أصلاً، وإذا وجدته، فإن ثمنه يصل إلى أكثر من 3 آلاف دولار! من يملك هذا المبلغ اليوم؟».

عدس وحساء عظام.. مائدة العيد

ويتابع بحرقة: «حتى الخروف الصغير صار بعيد المنال، الأسعار وصلت إلى أرقام خيالية، والناس بالكاد تجد الدقيق لتطهو العدس، فكيف بأضحية؟».

ويوضح أن أهل غزة يلجؤون الآن إلى شراء حساء من دهون صناعية وعظام قليلة اللحم كمحاولة لتقديم شيء مختلف على موائدهم المعدمة، بعيدًا عن المعلبات التي باتت طعامًا يوميًا منذ بدء الحرب.

يؤكد السراج أن فرحة العيد سرقتها الحرب من قلوب أطفاله، وحوّلت العيد إلى ذكرى موجعة، حيث لا أصدقاء يزورونهم، ولا أقارب يقدّمون التهاني، بل جيران يعزّون بعضهم بفقدان الأحبة.

15000 شيكل للخروف.. من يقدر على ذلك؟

من جانبه، يقف نادر بدوي، صاحب مزرعة ماشية سابقًا، أمام منزله المدمر في جباليا، متحسرًا على ما ضاع. كانت مزرعته تعجّ بالعجول والخراف، وكانت أيام العيد بالنسبة له موسمًا للرزق والبركة. أما اليوم، فلم يتبقّ له شيء.

يقول: «مزرعتي قُصفت بالكامل، ماتت معظم المواشي بسبب القصف ونقص الأعلاف، ومن تبقّى ذُبح في بداية الحرب، اضطررنا لذلك حتى لا تموت جوعًا».

ويضيف أن الاحتلال يمنع دخول الأعلاف والأدوية البيطرية منذ شهور، ما جعل استمرار تربية المواشي مستحيلاً. أما الأسعار فقد ارتفعت بشكل جنوني. «الخروف الذي كان يُباع بـ1500 شيكل، صار الآن بـ15 ألف شيكل، وهذا مبلغ لا يقدر عليه إلا قلة قليلة جدًا».

ويؤكد أنه في مثل هذا الوقت من الأعوام السابقة كان يبيع قرابة 50 عجلًا وأكثر من 200 خروف، أما اليوم فلا يملك ولا رأسًا واحدًا.

يختم بدوي بأسى: «الناس لم تعد تهتم بالأضاحي، بل تسعى لتأمين طحين لأطفالها. الأولويات تغيّرت. الأضحية تراجعت أمام الجوع والقهر والخوف».

عيد تحت ركام الإبادة

يأتي عيد الأضحى هذا العام على قطاع غزة كأنّه امتحان قاسٍ لإرادة الحياة تحت ركام الإبادة. للمرة الثانية على التوالي، يغيب صوت الأضاحي، وتغيب زيارة الأحباب، وتُختزل الطقوس في دعاء النجاة لا في زينة العيد. لقد تحوّل العيد من مناسبة للبهجة إلى يوم ثقيل، محمّل بالحزن والفقد، تقاس فيه فرحة البقاء على قيد الحياة بدلًا من الفرح بالعيد. لا لحوم في الأسواق، ولا كعك على الأفران، ولا أطفال يركضون بثياب جديدة. الناس يبحثون لا عن الضحك بل عن وجبة تحفظ كرامتهم من الجوع، وعن مكان آمن يقون فيه أطفالهم من نيران القصف المستمر. المساجد والساحات صارت أماكن مهددة لا مراكز للفرح، والخيام باتت منازل العائلات لا مأوى مؤقتًا. فقد فُقدت مظاهر العيد، وحُوصرت في خنادق الدمار، وبقيت في مستشفيات القطاع بلا دواء تخيط جراح أرواح لا أجساد فقط. في عيد كهذا، تصبح الإنسانية امتحانًا صعبًا في زمن الوحشية، وتغدو الطقوس صرخة في وجه النسيان. أضحى بلا منسف.. أضحى بلا طعم.

في خيمة بلاستيكية مهترئة نُصبت على أنقاض منزلها في حي الشجاعية المدمر، كانت صابرين ذات الثمانية أعوام تجلس القرفصاء بجوار والدتها، تحدّق في حذاء بلاستيكي صغير أحضرته لها إحدى الجارات كهدية «عيد».

تنظر إليه مطولًا ثم تهمس لأمها: «هل ألبسه اليوم؟ هل يرانا أحد؟». لا تدرك صابرين أن العيد، الذي كان يومًا مليئًا بالأراجيح والضحكات، بات ذكرى موجعة تعبر سماء غزة على وقع القصف، لا على أهازيج العيد.

صابرين، التي فقدت والدها وأخاها في غارة جوية قبل ثلاثة أشهر، لم تطلب الكثير. أرادت فقط ثوبًا جديدًا يذكّرها بأنها ما زالت طفلة، وأن الحياة لم تُسلب منها بالكامل. لكن الحرب لا تُبقي مكانًا للأحلام الصغيرة. اكتفت أمها بأن تغسل لها ثوب العام الماضي، وتقصّ أطرافه المحترقة، وتربطه بحزام خيطته من قطعة قماش مهترئة.

في الطريق إلى ساحة الصلاة، كانت صابرين تسير حافية، تمسك بيد أمها المرتجفة. وصلت متأخرة، والساحة كانت شبه خالية، فقط بعض الرجال والنساء يؤدون الصلاة وسط الركام.

بعد الصلاة، لم تذهب صابرين لزيارة الأقارب، فكل من كانوا يملؤون أيامها دفئًا صاروا تحت التراب، أو في خيام في أماكن أخرى من القطاع. جلست على حافة الطريق تنظر إلى السماء، لعلها ترى طائرة لا تقصف، بل تحمل أمنية واحدة: أن يعود والدها، أو أن تختفي الحرب.

في المساء، أحضرت لها أمها صحنًا صغيرًا من الأرز المطبوخ ببقايا العدس، وضعته أمامها وقالت مبتسمة: «عيدك مبارك يا حبيبتي». فأجابت الطفلة دون أن تلمس الطعام: «كان بابا يعملنا صينية منسف.. العيد ما إله طعم».

مناسبة لفتح الجراح لا تضميدها تجلس نادية أبو الريش، خمسينية العمر، على مدخل مدرسة تأويها منذ أربعة أشهر في حي الدرج، تحاول أن تخيط قطعة قماش بالية لأحد أحفادها لتبدو كأنها سروال جديد للعيد.

تقول نادية: «أعيادنا كانت تملأ البيوت برائحة الكعك واللحم، أما اليوم فكل ما لدينا هو القهر والغبار».

لم تتمكن نادية من تحضير أي شيء للعيد، لا ثياب ولا طعام، فالأسواق إما مدمرة أو فارغة، وما تبقى من المال بالكاد يكفي لشراء بعض الطحين الفاسد.

تحكي نادية عن فقدانها لابنها الشاب وزوجته في قصف على خان يونس، وتقول لـ«عُمان»: «إن العيد أصبح مناسبة تفتح جراحها بدلًا من أن تضمدها. كان يفرح أولاده بالعيدية ويشتري لهم البالونات، الآن أطفاله يصرخون من الجوع، ولا يجدون سوى بقايا أرز وحساء رقيق لا يكفي لسد الرمق».

ورغم الألم، تحاول نادية أن تبقي على شعلة صغيرة من الفرح في عيون الصغار، فتجمعهم بعد صلاة العيد لتروي لهم حكايات عن الأعياد الماضية، تلك التي كانوا يستقبلونها بالفرح والأمل. لكنها تهمس في النهاية: «أنا كذابة.. أقول لهم إن الأمور ستتحسن، وأنا لا أؤمن بذلك، لكن لا أملك سوى أن أُكذب حزني كي لا يموتوا قبلي».

العيد مات

فادي عصفور، في منتصف الثلاثين من عمره، يقف في طابور أمام نقطة توزيع مساعدات في جباليا، عيناه غائرتان ووجهه شاحب. حين نسأله عن العيد، يرد بكلمة واحدة: «مات». يُخرج من جيبه صورة ممزقة لطفلين يبتسمان، يشرح: «كانوا يحبون العيد أكثر من أي شيء. نجهز ملابسهم قبل أسبوع. هذا أول عيد لا يفرح فيه أحد، لأنهم ذهبوا».

فقد فادي زوجته وطفليه في قصف ليلي استهدف حيهم في نوفمبر. ومنذ ذلك اليوم، لم يعد يفرّق بين الليالي والأعياد، كلها تمر كأنها نسخ من نفس الجرح. «لم أعد أشتري شيئًا، لا طعام ولا ملابس. صارت الحياة نفسها مؤقتة. كل شيء صار بلا طعم. نحن نعيش كأننا ننتظر دورنا».

ومع ذلك، قرر فادي أن يتطوع في لجنة توزيع المساعدات، يقول لـ«عُمان» إن «العطاء وحده ما يبقيه على قيد النفس. حين أرى طفلًا يأخذ كيس خبز ويضحك، أشعر أنني أستعيد شيئًا من روحي.. ولو للحظة". لكنه لا يخفي خوفه من الغد، من أن تكون الضحكة التالية تحت ركام جديد». لم نستطع الصلاة.. كنا نختبئ من القصف عمر لبد، شاب في الحادية والعشرين من عمره، كان يدرس الطب في الجامعة الإسلامية قبل أن تُقصف وتنهار أحلامه تحت أنقاضها. يقيم الآن مع عائلته في خيمة قرب ملعب اليرموك، حيث لا مياه ولا كهرباء ولا أفق.

يقول: «العيد؟ أي عيد؟ لم أستطع حتى الصلاة، كنا نختبئ من صوت القصف الذي بدأ مع ساعات الفجر». قبل الحرب، كان عمر يحلم بأن يصبح جرّاحًا يساعد الفقراء، واليوم هو يعجز عن معالجة جرح صغير في قدم أخته. يروي كيف قضوا ليلة العيد على صوت الطائرات والانفجارات، وكيف أن والده لم يذق النوم منذ يومين وهو يحرس الخيمة من تسلل الجوع أو القذائف. لكن عمر لم يفقد الأمل كليًا، ويقول بابتسامة باهتة: «ربما نعيد بناء الجامعة.. ربما يأتي عيد ثالث أفضل من هذا.. نحن لا نملك رفاهية اليأس، لأننا إن يئسنا سنموت».

يضيف: «أنا أكتب يومياتي على كرتونة، حتى لا أنسى أننا بشر، لا فقط أرقام في تقارير الحرب».

مقالات مشابهة

  • متى تنتهي امتحانات الثانوية العامة 2025؟
  • حربٌ تدور في واشنطن
  • الإمارات في حرب غزة.. شريك في مشروع سحق المقاومة
  • مركز حقوقي يوثّق شهادات مروّعة لأسرى محررون من سجون الاحتلال
  • شاهد بالفيديو.. الفنانة منى ماروكو تواصل إثارة الجدل وتطالب الشعب السوداني بالحرص على تناول “الشربوت” من أجل السكر: (شرابه ما حرام والناس تسكر وتقيف نبق عشان تنجز)
  • مشاجرة بين أصدقاء وسط البصرة تنتهي بمقتل شخص وإصابة اثنين آخرين
  • دا أحد أثمان المشاركة الضارة في حرب السودان يا ديبي الإبن!
  • محمود سعد يسترجع ذكريات العيد: “ماحسّناش بالحرمان.. وكان عندنا خروف وهدوم العيد وكل حاجة”
  • ثاني «أضحى» يُنحر في غزة بسكين الإبادة
  • آمال ماهر تنتهي من تسجيل أغنية جديدة من ألبومها حاجة غير