يرى الكاتب السياسي دانيال مكارثي أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يعرف بالضبط ما الذي يفعله بالتعريفات الجمركية. الآخرون في حيرة: لماذا أعلن فرض ضرائب باهظة على الواردات من كندا وكذلك المكسيك والصين؟، من الواضح أن لأمريكا مصلحة في الانفصال الاقتصادي عن الصين، بصفتها قوة عظيمة منافسة.

يستخدم ترامب التعريفات الجمركية لتحديد التوقعات مع الجارة الشمالية



كتب مكارثي في موقع "ريل كلير بوليتيكس" أن ترامب، ومن خلال فرض تعريفات جمركية على الواردات المكسيكية أولاً ثم تعليقها، تمكن من جلب حكومة المكسيك إلى طاولة المفاوضات بشروطه.

حقق ذلك نتائج فورية في مكافحة الهجرة غير الشرعية والإتجار بالفنتانيل والمخدرات الأخرى إلى الولايات المتحدة.
ترسل الرئيسة كلوديا شينباوم الآن 10 آلاف جندي لتأمين الجانب المكسيكي من الحدود. ولديها شهر واحد لإنجاز المهمة وإبرام صفقة أكبر وأطول مدى مع الولايات المتحدة، أو ستعاود سريعاً فرض الرسوم الجمركية في مارس (آذار). ترامب يغضب محافظي كندا

مثل المكسيك، مُنحت كندا مهلة 30 يوماً لتسوية الأمور. وثمة المزيد للحديث عنه بخلاف الحدود الشمالية. يضايق ترامب رئيس الوزراء جاستن ترودو بشأن تحويل كندا إلى الولاية الأمريكية رقم 51. من الصعب تخيل تعريفات جمركية عالية بما يكفي لتحقيق ما لم يتمكن اجتياحان من تحقيقه على مدار مئتي عام تقريباً.

Can Trump Win Trade Wars Before They Start? https://t.co/zMFO1DRyvw

— RealClearPolitics (@RCPolitics) February 4, 2025

حاولت أمريكا الاستيلاء على كندا بالقوة في الحرب الثورية وحرب عام 1812، وفي المرتين كانت تأمل أن ينقلب الكنديون تلقائياً ضد حكومتهم، ويطالبوا بحقوق وحريات المواطنين الأمريكيين. مع ذلك، يأتي أحد المكونات الأساسية للهوية الوطنية الكندية من المحافظين المؤيدين لبريطانيا، والذين فروا من المستعمرات الأمريكية بدلاً من الانضمام إلى الثورة الأمريكية. المحافظون الكنديون، بمن فيهم الرجل المتمتع بأفضل أمل لهزيمة الحزب الليبرالي في الانتخابات القادمة بيار بواليفير، لا يريدون أن يصبحوا أمريكيين.
إنهم غاضبون بشكل وطني من تهديد التعريفات الجمركية، وهم في خطر سياسي، إذا احتشد الكنديون حول الحكومة الليبرالية كمدافع عن سيادتهم وشرفهم الوطني، لكن ترامب يعرف كل ذلك.

هدية لصديق

يستخدم ترامب التعريفات الجمركية لتحديد التوقعات مع الجارة الشمالية للولايات المتحدة، تماماً كما فعل مع الصين والمكسيك. في بعض الأحيان يكون أفضل شيء يمكن أن يفعله الشخص أو الأمة لصديق هو أن يكون صارماً. لطالما كانت كندا غير جادة بشأن الوفاء بالتزاماتها الأمنية تجاه شعبها وحلفائها في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، على حد سواء.
من المفترض أن يساهم أعضاء الحلف بما لا يقل عن 2% من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع. أنفقت كندا 1.37% فقط السنة الماضية، ووعد ترودو بأن تصل بلاده إلى عتبة 2% بحلول 2032.

Can Trump Win Trade Wars Before They Start?

A Commentary By Daniel McCarthy

Donald Trump knows exactly what he's doing with tariffs.

More At Rasmussen Reports:https://t.co/5pqHh4QidN pic.twitter.com/GBreao8aWo

— Rasmussen Reports (@Rasmussen_Poll) February 4, 2025

وفق الكاتب، ليس هذا تعهد زعيم يشعر بأي إلحاح حيال توفير أمن بلاده، ناهيكم عن مساعدة الأصدقاء عندما تكون هناك حرب بالقرب من حدودهم. حتى الآن، كان رؤساء الوزراء الكنديون راضين عن السماح لأمريكا بدفع فاتورة الأمن، وهو ما دفع ترامب إلى التساؤل عن سبب دفع الولايات المتحدة ثمنها إذا لم تكن الأرض أرضها.

ما لا تستطيع أمريكا تحمله توجه معاملته القاسية لترودو رسالة إلى أوروبا، حيث بدأ المزيد من دول الناتو تلبية مساهماتها الدنيا البالغة 2%، لكن بالكاد يتم ذلك: على سبيل المثال، أنفقت ألمانيا 1.3% على الدفاع في 2023 ولم ترفع ذلك إلا إلى ما يزيد بقليل عن 2% في السنة الماضية، بالرغم من أن حلف شمال الأطلسي يواجه أعظم تحد له منذ نهاية الحرب الباردة مع غزو روسيا لأوكرانيا.
في القرن الحادي والعشرين، لا تستطيع أمريكا تحمل أن يخدعها الأصدقاء أكثر مما تستطيع أن تتحمل عدم الحذر بشأن القوة الصينية أو الفوضى المكسيكية. يستخدم ترامب أساليب سلمية – وإن كانت مؤلمة – لتغيير سلوك الأصدقاء والأعداء على حد سواء. الكلمة الأجمل وحقيقة ترامب للتأكيد، هو يعتقد أن "التعريفات الجمركية" هي الكلمة الأكثر جمالاً في اللغة الإنجليزية: ترامب هو بلا خجل "رجل التعريفات الجمركية"، لكنه أيضاً صانع صفقات أولاً وقبل كل شيء، ويمكن تجنب التعريفات الجمركية إذا كان الطرف الآخر على استعداد للتوصل إلى اتفاق يخدم مصالح أمريكا بشكل أفضل.
في نهاية المطاف، التجارة مع أمريكا هي في مصلحة الجميع، من الصين مروراً بالمكسيك وصولاً إلى كندا – تقدم الولايات المتحدة شيئاً، ولكنها لا تحصل على ما يكفي في المقابل. يقصد ترامب تغيير ذلك، والتعريفات الجمركية أداة قوية للقيام بذلك. يعرف كيف يفوز بإمكان استراتيجية الرئيس أن تساعد حتى في إعادة الوظائف وسلاسل التوريد إلى أمريكا، دون الحاجة إلى دخول التعريفات الجمركية حيز التنفيذ. لدى الشركات، الخائفة من احتمال فرض تعريفات جمركية، حافز لتخطيها من خلال إعادة الإنتاج إلى أمريكا، وتكريس المزيد من الاهتمام بالسوق المحلية.
ولدى الشركات الأمريكية، التي تعتمد على الواردات الأجنبية، كل الأسباب للبدء بالتحرر من اعتمادها الآن، من خلال إيجاد مكونات بديلة لن تخضع للتعريفات الجمركية.
وختم مكارثي مقاله مشيراً إلى أن ترامب يعرف كيف يفوز في الحروب التجارية قبل إطلاق الرصاصة الأولى، إذا جاز التعبير.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: عام المجتمع اتفاق غزة سقوط الأسد إيران وإسرائيل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الحرب الأوكرانية عودة ترامب التعریفات الجمرکیة الولایات المتحدة

إقرأ أيضاً:

“كاليفورنيا”: هل هي بداية تفكك أمريكا من الداخل؟

 بدأ الحديث اليوم في الولايات المتحدة الأمريكية عن “دكتاتورية” الحاكم وعن “سيادة” الولاية الأمريكية الواحدة المفصولة عن سيادة الدولة، وعن الاستعداد لـ”عدم دفع الضرائب للحكومة المركزية”، وعن “أياد خارجية”، و”تمويل خارجي”، بل وعن إمكانية “سجن” حاكم كاليفورنيا المنتخَب قبل اتهامه أو محاكمته! فهل هذه هي “الديمقراطية” الأمريكية التي صدَّعنا بها الأمريكان والغرب هذه عقود من الزمن وكانت المبرر الظاهر الذي قدموه للإطاحة بحكومات وإعدام رؤساء دول وبث الاضطراب في أكثر من مكان في العالم باسم الدفاع عن الحرية ونشر القيم الأمريكية؟

فكيف تنقلب أمريكا اليوم على مبادئها وعلى الأسس التي قامت عليها؟ أليست أمريكا بلد الهجرة والمهاجرين؟ ألا يُعَد الشعب الأمريكي الحالي هو تجميع لِمهاجرين من شتى بقاع العالم وبخاصة من أوروبا؟ هل يستطيع الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” أن يزعم أنه من الهنود الحمر السكان الأصليين حتى يعطي لنفسه حق اتخاذ قرار منع الهجرة لهذا البلد الذي صنعه ويصنع أمجاده المهاجرون بما في ذلك النخبة العالمية التي تقف على قمة هرم العلوم والتكنولوجيا والقادمة من جميع القارات؟

هل باتت أمريكا اليوم تُناقِض المبدأ الذي قامت عليه؟ ألا يعني هذا أنها تقوم بتخريب ذاتها من الداخل لتتحول بعد سنوات إلى ما كانت عليها قبل تشكيل الاتحاد؟ إلى قبائل وولايات مفككة ومتناحرة على شاكلة الحرب الأهلية الأمريكية التي ذهب ضحيتها أكثر من مليونين جنوبا وشمالا؟

إن ما يحدث اليوم في “كاليفورنيا” يدفع إلى أكثر من تساؤل حول واقع الولايات المتحدة الأمريكية ومستقبل إدارتها للشأن العالمي.

“كاليفورنيا” هي ولاية أمريكية ولكنها تفوق حجم وقدرة اقتصادات كافة دول العالم باستثناء الصين وألمانيا (والولايات المتحدة ككل طبعا) بناتج محلي خام بلغ 4.10  ترليون دولار أمريكي سنة 2024 أي ما يساوي 14.1% من الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة، وحاكمها منتخب لعهدة ثانية بنسبة 55.9%  وإلي غاية2026 ، يقطن عاصمتها “لوس أنجلوس” التي تشهد احتجاجات هذه الأيام أكثر من 10 ملايين نسمة 48.6% منهم من “اللاتين” و”الإسبان” وثلث سكانها من المهاجرين…

فكيف يتحدث الرئيس الفدرالي الأمريكي “دونالد ترامب” عن سعادته لو يُسجَن الحاكم المنتخب لهذه الولاية ويصفه بأسوأ الصفات؟ كيف يتهمه بالفشل في التعامل مع المهاجرين؟ وكيف تَعتبر وزيرته للأمن الداخلي “أن ما يجري بهذه الولاية مُدبَّر باحترافية”، وأن المتظاهرين “يتقاضون أموالا” في إشارة إلى اليد الخارجية في الأحداث!؟ بل وكيف يأمر الرئيس “ترامب” قوات الحرس الوطني ثم قوات “المارينز” بالتدخل في الولاية دون استشارة حاكمها المنتَخَب؟

ألا يُبرر هذا وصف هذا الحاكم لـ”دونالد ترامب” بأنه “دكتاتور”؟ ألا يبرر هذا حديثه عن التدخل في “سيادة” ولايته؟ واضطراره إلى مقاضاة رئيسه، وهو يعلم أنه لا يحق لرئيس الولايات المتحدة الأمر بتدخل الجيش في أي ولاية إلا في ثلاث حالات هي غير متوفرة الآن أي الغزو، حدوث تمرد، أو خطر تمرد… مما يعني أن هناك تجاوزا لسيادته، أم أن خلف هذه الأزمة ما هو أعمق وأبعادها هي أكبر مما نتصور…

يبدو بالفعل أن ما يحدث اليوم في “كاليفورنيا” له علاقة اقتصادية ومالية واستراتيجية أعمق من صراع بين مهاجرين وسلطة ولاية مع الحكومة الفدرالية. على المستوى الاقتصادي والمالي، اتهمت “كاليفورنيا” “ترامب بأنه كان سببا في خسارتها ملايير الدولارات مع الصين منذ سنة 2018، وحاكمها اليوم يقول لـ”ترامب” أن سياستك المتسرعة تجاه التعريفة الجمركية مع الصين تسببت لولايته في خسارة ما لا يقل عن 40 مليار دولار وستؤدي إلى تسريح عشرات الآلاف من العمال…

أما على المستوى الاستراتيجي، فإن السؤال الكبير هو: هل سيؤدي “ترامب” بالولايات المتحدة الأمريكية إلى بداية التفكك؟!

الشروق الجزائرية

مقالات مشابهة

  • معركة الرسوم الجمركية تهدأ مؤقتاً.. ماذا يعني الاتفاق الأمريكي الصيني للأسواق؟
  • الحروب التجارية تغرق اقتصادات الدول النامية.. تحذيرات من كارثة تهدد مستقبل مليار شخص
  • الصين: محادثات لندن التجارية أحرزت تقدما في حل الخلافات مع الولايات المتحدة
  • كوسوفو توافق على استضافة مهاجرين مرحلين من أمريكا
  • اتفاق أمريكي صيني بشأن الرسوم الجمركية.. هذه تفاصيله
  • هل انتهت أزمة الرسوم الجمركية؟ ترامب يعلن عن اتفاق شامل مع الصين
  • حول الرسوم الجمركية.. ترامب يعلن عن اتفاق مع الصين بانتظار موافقة الرئيس شي جين بينج
  • توقعات بتمديد المفاوضات التجارية بين الاتحاد الاوربي وواشنطن
  • “كاليفورنيا”: هل هي بداية تفكك أمريكا من الداخل؟
  • ترامب: لا يستطيع أحد تهديد أمريكا بفضل جيشها القوي