العُمانية: أطلقت الأكاديمية السُّلطانية للإدارة اليوم برنامج "ناجز" المخصص لرؤساء محاكم الاستئناف والمحاكم الابتدائية وذلك بالتعاون مع المجلس الأعلى للقضاء.

يأتي البرنامج تجسيدًا للتوجهات السامية نحو تطوير منظومة القضاء، ورفع كفاءة كوادرها البشرية، ودعمها بالمهارات والأدوات التي تسهم في تحقيق العدالة الناجزة بفاعلية وسرعة، ما يعزز الثقة في النظام القضائي ويدعم جودة الأداء المؤسسي في المحاكم، ويحقق الكفاءة في العمل العدلي ويمكّن القيادات القضائية من المهارات الإدارية والاستراتيجية اللازمة.

ويستهدف البرنامج الذي يُنفّذ على مدار ثلاثة أيام بواقع 15 ساعة تعليمية -" 59" من رؤساء المحاكم الابتدائية ومحاكم الاستئناف- موزعين على دفعتين لضمان تحقيق أقصى استفادة لجميع المشاركين، وقد تم تصميم البرنامج ليغطي الجوانب القيادية والإدارية التي يحتاجها رؤساء المحاكم في أداء مهامهم.

ويتناول البرنامج جوانب رئيسة مثل التفكير الإبداعي والاستراتيجي، وصنع القرار، وإدارة التغيير، إضافةً إلى التعامل مع ضغوط العمل بفعالية، وتعزيز مهارات التواصل مع مختلف الفئات ذات العلاقة. كما يركز البرنامج على الاستفادة من أحدث الممارسات العالمية في الإدارة القضائية؛ لضمان مواكبة التطورات المتسارعة في هذا القطاع الحيوي.

وقال خالد بن علي الشقصي، مدير الشؤون الأكاديمية والتعاون الدولي بالأكاديمية السُّلطانية للإدارة – مشرف برنامج ناجز: "يأتي برنامج "ناجز" لرؤساء المحاكم في إطار جهودنا المستمرة لرفع كفاءة الأداء القضائي من خلال الاستثمار في الكوادر الوطنية، حيث نحرص على تزويد رؤساء المحاكم بأفضل الأدوات والمنهجيات التي تمكنهم من مواجهة التحديات المتغيرة بفاعلية، كما أن البرنامج يعزز التفكير الاستراتيجي ويؤهل المشاركين لإدارة المؤسسات العدلية وفق أساليب حديثة تضمن استمرارية العمل وتحقيق أقصى مستويات العدالة الناجزة.

يذكر أن البرنامج يشمل تطبيقات عملية ونقاشات تفاعلية، تهدف إلى تزويد المشاركين بتجارب حية تحاكي بيئة العمل الفعلية، ما يسهم في تحسين قدرتهم على اتخاذ القرارات الفعالة، وتعزيز مهارات القيادة لديهم، إضافةً إلى تحسين مستوى الخدمات المقدمة في المحاكم ورفع كفاءة الأداء الإداري والعدلي، ويمنح البرنامج المشاركين الفرصة لتبادل الخبرات والتجارب العملية، والاستفادة من خبرات المختصين في مجال الإدارة القضائية، ما يعزز من جودة المخرجات ويضمن تطبيق المعارف المكتسبة في بيئة العمل بشكل مباشر.

وتواصل الأكاديمية السُّلطانية للإدارة تنفيذ برامج تطويرية متخصصة تستهدف مختلف القطاعات الوطنية؛ إيمانًا منها بأهمية تمكين القيادات الإدارية في سلطنة عُمان وتعزيز قدرتها على تحقيق التميز المؤسسي، بما يواكب متطلبات العصر ويعزز كفاءة الأداء الحكومي.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

دور منصة "إجادة" في التحفيز المؤسسي

 

 

علي عبد الحسين اللواتي

 

لا شك أنَّ جميع المؤسسات، سواء كانت حكومية أو خاصة، تسعى لتحقيق أهدافها وغاياتها، وهو أمر لا يختلف عليه اثنان. فنجاح العمل وجودته يعتمدان على معطيات متعددة، تشمل القيادة الواعية، وضوح الرؤية والهدف، توافر التقنيات المساعدة، وغيرها الكثير، غير أن العنصر البشري يظل في مقدمة هذه المعطيات؛ إذ يمثل المحرك الأساسي لأداء المؤسسة.

ومن البديهي أن الحافز المادي والمعنوي معًا هو المحرك الأهم للموظف نحو زيادة إنتاجيته. ولهذا، ظهرت أساليب متعددة لتقييم أداء الموظفين وجهودهم. غير أن العديد من الأنظمة المعنية بإدارة الأداء تواجه صعوبات كبيرة في التطبيق، لا سيما في القطاعات الحكومية، نظرًا لتعقيد الهياكل الإدارية والتراتبية، وترابط الأعمال بين الجهات المختلفة. كما أن الطابع غير الربحي للمؤسسات الحكومية يزيد من صعوبة استخدام المؤشرات المالية الصرفة لتقييم الأداء، على عكس ما هو معمول به في القطاع الخاص.

ولا يمكن إغفال الفرق الجوهري بين القطاعين: ففي القطاع الخاص، يرتبط التوظيف بشكل مباشر بالإنتاجية والربحية، بينما في المؤسسات الحكومية توجد معطيات اجتماعية وأمنية وحقوقية لا يمكن تجاوزها. أضف إلى ذلك وجود أعداد موظفين تفوق الحاجة الفعلية أحيانًا، وهو ما يؤدي إلى تراجع الكفاءة وضعف الشعور بالأثر المباشر للعمل. كما أن المنافسة بين القطاعين في استقطاب الكفاءات تميل غالبًا لصالح القطاع الخاص، مما يخلق فجوة إضافية. وهنا تبرز أهمية أن يكون للحكومات دورٌ محوريٌ في الاستمرار بتدريب وتأهيل الكوادر الوطنية حتى تصل إلى مستوى مرضٍ من الأداء.

وفي هذا السياق، تأتي منصة "إجادة" لتلعب دورًا محوريًا في تحسين الأداء المؤسسي، إذ ينبغي أن تكون منصة تحفيزية تهدف إلى تطوير الأداء الجماعي في المؤسسة، وليس محاسبة الأفراد بشكل فردي فحسب. هذا التوجه لا يعني إلغاء أهمية التقييم الفردي، بل إعادة توجيهه ليكون جزءًا من تقييم الأداء المؤسسي الأوسع. فالموظف يجب أن يُنظر إليه كشريك في نجاح المؤسسة، مع الإبقاء على المتابعة الفردية في حالات محددة مثل التغيب أو الإضرار بالمصالح العامة. الحديث هنا يتمحور حول كفاءة الأداء بمعناه الشامل، وليس عن المحاسبة الفردية فقط.

ولتحقيق هذا الهدف، نقترح أن تكون منصة "إجادة" موجهة لتقييم الأداء المؤسسي بالدرجة الأولى، وفق ثلاثة محاور رئيسية:

تقييم أداء المؤسسة وجودة الخدمات (50% من التقييم)

يجب أن يتم تقييم جودة الخدمات التي تقدمها المؤسسة، من خلال عرض النتائج على متلقي الخدمة وفق معايير واضحة. فإذا حصلت المؤسسة على رضا المتعاملين، فإنَّ هذا يُعد نجاحًا يستحق الإشادة والحافز لجميع الموظفين، أما إذا لم تتمكن المؤسسة من تحقيق رضا المستفيدين؛ فهذا يعني ضرورة التركيز على التدريب وإعادة النظر في أسلوب القيادة والإدارة. هذا التقييم الجماعي سيجعل الجميع يشعر بالمسؤولية، ويدفع بالمؤسسة للانتقال إلى مستوى أفضل من الأداء.

نتائج تقارير جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة (30% من التقييم)

تشكل تقارير جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة مرجعًا محايدًا لقياس كفاءة الأداء المالي والإداري للمؤسسات؛ مما يُعزز فكرة التقييم المؤسسي بدلًا من الفردي. ونقترح هنا إضافة خطوة مُهمة في عمل الأجهزة الرقابية، بحيث لا تكتفي بالتدقيق والمراجعة، بل تقدم أيضًا توصيات وحلولًا عملية للمؤسسات المعنية. هذه الخطوة ستُساعد المؤسسات على تصحيح الأخطاء بشكل أسرع، وتمكّن جهاز الرقابة من مُتابعة تنفيذ الحلول لاحقًا. كما إن مشاركة هذه الحلول مع جهات أخرى قد تسهم في تعميم الممارسات الجيدة على نطاق أوسع، مما يحول جهاز الرقابة إلى شريك حقيقي في تحسين الأداء.

التقييم الداخلي للأداء الفردي (20% من التقييم)

يظل التقييم الفردي عنصرًا مهمًا، لكنه يأخذ حيزًا أصغر ضمن التقييم العام. ويُقترح أن يتم عبر:

تقييم مساهمة الموظف في حل المشكلات التي تظهر في التقييمات السابقة من النقطتين أعلاه، من خلال تحليله للمشكلة وتقديم مقترحات بناءة. تقييم جهوده الإضافية والمميزة التي تسهم في تحسين الأداء العام. مشاركة الموظفين في التقييم بشكل جماعي، إلى جانب تقييم الإدارة، لضمان الشفافية والعدالة.

ومع ذلك، من الضروري الحفاظ على بعض الجوانب التقييم المعتادة، مثل سنوات الخبرة كمعيار للترقيات في بعض الوظائف التي تتطلب ذلك بطبيعتها، مع إمكانية التحول التدريجي إلى نظام أكثر مرونة وفق متطلبات العمل.

ولا يمكن إغفال الدور الكبير الذي يقع على دوائر الموارد البشرية في قيادة هذا التحول الثقافي داخل المؤسسات. ومن المهم الإشارة إلى أن الأكاديمية السلطانية للإدارة ووزارة العمل تقومان بدور ريادي في هذا المجال، ومن المتوقع أن تظهر نتائج جهودهما خلال السنوات القادمة، خاصة إذا تزامنت مع تحسين جودة التعليم المدرسي والتعليم العالي.

وتُعد منصة "إجادة" إطارًا شاملًا لقياس الأداء المؤسسي والفردي، ونقترح تعزيز فعاليتها من خلال التركيز على التحفيز الجماعي، وإشراك المستفيدين في عملية التقييم، وتحويل الجهات الرقابية إلى شركاء في التطوير، إضافة إلى تعزيز ثقافة التحفيز والتطوير الذاتي داخل المؤسسات.

والمقترح الذي طرحناه نتوقع له آثارًا منها:

تقليل التظلمات وعدم الرضا: عبر التركيز على التقييم الجماعي وربط الأداء برضا متلقي الخدمة والتقارير الرقابية، مما يعزز شعور العدالة بين الموظفين. خفض مقاومة التغيير: من خلال تحويل الثقافة من المحاسبة إلى التطوير، وتشجيع العمل الجماعي بدلًا من التركيز على التقييمات الفردية. تحقيق المواءمة بين الأهداف الفردية والخطط السنوية: عبر التركيز على التقييم المؤسسي وربط الجهود الفردية بالأهداف العامة للمؤسسة. تعزيز التواصل الداخلي: عندما تتحمل المؤسسة بأكملها مسؤولية تحسين الأداء، يصبح التواصل الداخلي أكثر فعالية، حيث يُشرك الجميع في تحليل المشكلات وإيجاد الحلول. معالجة التحديات التقنية والإدارية: عبر إشراك الجهات الرقابية كمساعدين وشركاء في تحسين الأداء، مما يعزز آليات التقييم والتصحيح بشكل مستدام.

إنَّ هذه الرؤية ليست مجرد مقترح نظري؛ بل دعوة صريحة للتغيير العملي، والتحول إلى ثقافة مؤسسية أكثر عدلًا وتحفيزًا، وارتقاءً بجودة العمل الحكومي، بما يخدم المواطن أولًا، ويعزز من مكانة المؤسسة ثانيًا.

مقالات مشابهة

  • القاضي عبود: للإنكباب على العمل لإجراء التشكيلات والمناقلات القضائية
  • الأكاديمية العربية تستضيف اجتماع فريق العمل العربي للذكاء الاصطناعي
  • الأكاديمية السلطانية للإدارة تعلن تشكيل "مجلس الخريجين"
  • الأكاديمية الوطنية لمكافحة الفساد تعقد برنامج تدريبي لكوادر القطاع المصرفي
  • تشكيل المجلس الاستشاري الدولي الجديد لـ"الأكاديمية السلطانية"
  • سامسونج تطلق النسخة التجريبية من One UI 8 لعدد محدود من المشاركين
  • بحضور ممثلين عن الأزهر.. مؤسسة شباب المتوسط تطلق برنامج العمل لمؤتمر التغير المناخي
  • دور منصة "إجادة" في التحفيز المؤسسي
  • جامعة أسوان تفعل آليات الجودة الأكاديمية بورشة عمل تفاعلية
  • الإمارات تطلق البرنامج التدريبي للرؤساء التنفيذيين للذكاء الاصطناعي