موقع النيلين:
2025-08-01@15:34:28 GMT

خريطة الطريق التي لا تقود إلا إلى داخل المتاهة

تاريخ النشر: 17th, February 2025 GMT

ثمة فرق بين ممارسة السياسة وإنتاج السياسة. الأولى هي صنيع ما يتم في بورتسودان من انتظام جماعات لتأكيد وجودها وفاعليتها وتعزيز فكرة الركون إليها. أما انتاج السياسة فهو نشاط آخر تماما متصل بعالم الأفكار والرؤى والتصورات ليست تلك المستهلكة بل الجديدة كل الجدة والمتجاوزة كل التجاوز لركام الأفكار التي صنعت سودان ما قبل الحرب.

وهذا النشاط واجب على الجماعة السودانية كلها لا سيما علمائها ومثقفيها حيثما كانوا للإجابة على سؤال واحد: أي سودان نريد بعد الحرب؟

والإجابة على هذا السؤال هي ما يصنع خريطة الطريق. أما خريطة طريق بورتسودان فهي بالكاد تقطع بك (مفازة هيا) إلى داخل السودان.

إن طرح أسئلة السياسة والحرب قائمة كمن يطرح على جماعة تجهد أنّ تطفيء نارا تمسك بمعظم البيت سؤالا حول كيف نبني البيت؟ ثم يلح عليهم قولوا لي كيف والنار تلسع الوجوه والذين يحاصرهم الحريق بالداخل يطلبون النجدة.

الأسئلة تبقى صحيحة فقط حين تطرح في زمانها ومحاولة البرهان ورهطه في بورتسودان الايحاء بأنهم قد وجدوا خريطة الطريق التي دعوا المجتمع الدولي والاتحاد الأفريقي والجامعة العربية لدعمها هي ضرب من استصلاح الأراضي السبخة، كثير من الجهد وهدر الطاقة وقليل من الفائدة.
لا خريطة طريق تصلح للاهتداء بها حتى تضع الحرب أوزارها.

لا خريطة طريق أيا كانت الجماعة التي أنشأتها تصلح للتسويق الداخلي فضلا عن الخارجي لأنها ببساطة ستكون معبرة عن مصالح الجماعة التي أنشأتها وتلك المصالح ليست بالضرورة هي مصالح بقية الشعب الذي لم يجد من الوقت بل الأمن ليفكر في خريطة الطريق السياسية لأنه ببساطة مستغرق في التفكير حول خريطة الطريق إلى الحياة كالناس في شمال النيل الأبيض وجبال النوبة والفاشر وبقية دارفور.

أجدر بالبرهان أن يصرف طاقته في تحقيق النصر المطلق وأن ينصرف عن (الأكروبات السياسية ) فما أكثر ما جعلت حديث يومه ينقض حديث أمسه وحديث غده خبيء فلتات لسانه لا يعرف أحد ما سيكون منها. شطارة البرهان في الحرب لا مكره في السياسة هي ما سيقربه من الشعب أو يبعده ، ذلك أن للشعب في عنقه دين وهو أن يسلمه البلاد بلا مليشيات في مقدمتها قوات الدعم السريع. فهناك حقيقة واحدة وهي أن أرواح السودانيين وكرامتهم وعروض نسائهم وما ادخروا في سنوات ما كان كل أولئك قرابين على مذبح سلطة يعتليها البرهان بما يسميه ( استئناف العملية السياسية)

ستكون أكبر خيانة في تاريخ الشعب السوداني إذا عادت البلاد إلى المسار القديم عبر من يزينون فكرة السلام عبر الارتماء مرة أخرى تحت سلطان ( القوة الاقليمية ) التي ما يعنيها من سينفذ لها أجندتها (الرجل الأول ) أم (الرجل الثاني) لأن العبرة (بالوظيفة) وليس بمن يؤديها.
والحال كذلك فإن القيمة العملية (لخريطة طريق بورتسودان) لا تتعدى الانتفاع بها في الحركة المرورية داخل المدينة.

وأن الحديث عمن سيشارك ومن لا يشارك في السلطة ( التي بيد البرهان ) هو وعد عجول شاغله توسيع دائرة ( المؤلفة قلوبهم) لقطع صحراء الانتقال. وهذا تفكير في رحلة ليست خاصة بالبرهان بل هي مهمة الشعب كله.

وأن حديث وزير الخارجية عن الانفتاح على المجتمع الدولي فهو (طراد وهم ) والانفتاح على المجتمع لا يكون إلا بقوة لأن المنطق الذي يحكمه هو القوة لا شيء آخر. ولذلك فإن أسوأ لحظة ينفتح فيها السودان هو لحظته الضعيفة هذه التي يعيشها بسبب الحرب.
أين تكمن القوة في السودان؟

القوة في الشعب كل الشعب : لأن الشعب في الأصل هو صاحب السلطة أما البرهان فهو صاحب ( سلطة الأمر الواقع ) وهي سلطة مستندة إلى منطقها وشرعيتها كامنة فيها ( حمدها في بطنها) فليترك البرهان هذا المسعى المرهق له ولشعبه وليتوجه إلى مهمته الأصيلة كقائد للجيش لتحقيق النصر الحاسم والقاطع و أن يبادر إلى تشكيل تكنوقراط بلا حاضنة لتحقيق وظائف الحكومة الأساسية وهي الأمن والصحة والتعليم واستنهاض الاقتصاد.
أما الحواضن المستعجِلة والمستعجَلة فهي ملهاة سياسية في أحسن أحوالها.
أما خريطة الطريق إلى المستقبل فليست إلا تلك التي سيصطنعها الشعب السوداني بعد الحرب في تأن وطول تأمل وتداول لا يستثني أحدا.

وأما القول (باستئناف العملية السياسية) فهو هرج سياسي فيه ما فيه من (انعدام الرؤية والمسغبة الفكرية). أما إذا حملته على أنه (غرض تآمري) يوسوس به من يوسوس به في بورتسودان وقد يجد من يصغي إليه على كثير خشية وخوف فأعلم إنه (الميتة وخراب الديار)
لا استئناف لشيء مما كان بل إنشاء جديد جديد.

لن ترى بورتسودان الطريق واضحة حتى تتخلص من (ممارسي السياسة) وتقبل على (منتجي السياسات والرؤى والأفكار). إنهم علماء السودان وخبراؤه ومثقفوه وهم يشكلون رأسمال البلاد المعرفي وهم وحدهم القادرون على تصور السودان الجديد.. تصوره ليس من خلال الكلام يُلقى على عواهنه ولكن بالفكرة المتدبَرة المقلبة على وجوهها المختلفات وبالتأمل المسترشد بالتجارب طريفها والتالد مما وقع لنا ولغيرنا في سير الحرب والسلام والقيام والنهوض بعد القعود.

فوزي بشرى

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: خریطة الطریق خریطة طریق

إقرأ أيضاً:

خامنئي: إيران أظهرت للعالم مدى صلابة نظامها وشعبها خلال الحرب الأخيرة

الثورة نت /..

أكد قائد الثورة الإسلامية في إيران، السيد علي

الخامنئي، اليوم الثلاثاء، أن السبب الرئيسي وراء عداء قوى الاستكبار العالمي وفي مقدمتها أمريكا المجرمة، لإيران هو الدين والعلم ووحدة الإيرانيين في ظل القرآن والإسلام.

وقال السيد الخامنئي، خلال مراسم تأبين الشهداء جرّاء العدوان الصهيوني الأخير على إيران: “إن ما يطرحونه من قضايا النووي والتخصيب وحقوق الإنسان ليس سوى ذريعة، والسبب الرئيسي لعدم ارتياحهم ومعارضتهم لإيران هو ظهور خطاب جديد وقدرات الجمهورية الإسلامية في مختلف المجالات العلمية والإنسانية والتقنية والدينية”، وفق وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية.

وأضاف: “إن إيران مبنية على ركيزتين هما “الدين” و”العلم” و بالاعتماد على هاتين الركيزتين تمكن الشعب والشباب الإيراني من إجبار العدو على التراجع في مختلف المجالات، وسيواصلون ذلك من الآن فصاعدا”.

وتابع: “لن يتخلى شعبنا عن مسار تقوية الإيمان وتوسيع آفاق المعرفة، وسنُظهر لأعدائنا أننا قادرون على إيصال إيران إلى قمة التقدم والازدهار”.

وأشار إلى أن الشعب الإيراني خلال العدوان الصهيوني، استطاع أن يُظهر للعالم قوته وصموده وتصميمه وإرادته، بحيث شعر الجميع بقوة إيران بشكل مباشر.

وأكمل السيد الخامنئي: “لم تكن هذه الأحداث غير مسبوقة بالنسبة لنا، فخلال الأعوام الـ46 الماضية، إضافة إلى الحرب المفروضة التي استمرت ثمانية أعوام واجهت إيران مراراً وتكراراً أحداثاً مثل الانقلابات والفتن العسكرية والسياسية والأمنية المختلفة وإجبار الأفراد الضعفاء على التحرك ضد الشعب وأحبطت جميع مؤامرات العدو”.

مقالات مشابهة

  • مها أبو الوفا رشوان.. شابة من صعيد مصر تقتحم ميادين السياسة على خطى والدها
  • حماس وفصائل أخرى: الطريق إلى الحل يبدأ بوقف الحرب
  • الحرائق تلتهم مبنى تابعا لقوات نظامية في بورتسودان.. من الفاعل؟
  • كامل إدريس.. من “سويسرا” إلى “بورتسودان”
  • واشنطن تقود الإرهاب في الشرق
  • صحف عالمية: على بريطانيا معاقبة إسرائيل وحماس تقود حربا نفسية فعالة
  • بورسعيد.. رئيس حي الشرق تقود حملة مكبرة لإزالة التعديات على حرم الطريق
  • تقرير أوروبي: دبلوماسية نيجيرفان بارزاني ترسم خريطة جديدة لسوريا
  • الجيل الديمقراطي: كلمة الرئيس السيسي وثيقة مبادئ تقطع الطريق على المتاجرة بالقضية الفلسطينية
  • خامنئي: إيران أظهرت للعالم مدى صلابة نظامها وشعبها خلال الحرب الأخيرة