كيف تنعكس دعوة أوجلان على الصراع بين العمال الكردستاني وتركيا؟
تاريخ النشر: 28th, February 2025 GMT
أنقرة- بعد عقود من المواجهة والصراع، أعلن عبد الله أوجلان، مؤسس حزب العمال الكردستاني، في بيان نقله حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب التركي الداعم للأكراد، دعوته إلى حل الحزب وإلقاء السلاح، في خطوة وُصِفت بـ"التاريخية".
ويثير الإعلان الذي يأتي بعد صراع ممتد بين الحزب والدولة التركية، تساؤلات حول دلالاته ومدى تأثيره على المشهد السياسي والأمني في البلاد.
وجاء البيان في ظل تغيرات سياسية لافتة، أبرزها دعوة دولت بهتشلي، زعيم حزب الحركة القومية، إلى منح أوجلان مساحة جديدة في النقاش حول مستقبل القضية الكردية.
ومع ذلك، يبقى موقف الدولة التركية والقوى السياسية الفاعلة العامل الحاسم في تحديد ما إذا كان هذا الإعلان يشكل تحولا جذريا، أم إنه مجرد خطوة ضمن سياق أوسع لم تتضح معالمه بعد.
#عاجل | حزب الديمقراطية والمساواة التركي يلقي رسالة من زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان
بيان عبد الله أوجلان:
– أوجه الدعوة لكل الجماعات لإلقاء السلاح وأتحمل المسؤولية التاريخية عن ذلك
– أدعو حزب العمال الكردستاني إلى عقد مؤتمر عام واتخاذ القرار بحل نفسه pic.twitter.com/n5vGeGvI97
— قناة الجزيرة (@AJArabic) February 27, 2025
نهاية "الإرهاب"وفي بيان صدر أمس الخميس، أعلن وفد من حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب -ثالث أكبر كتلة برلمانية- عن دعوة أوجلان إلى حل حزب العمال الكردستاني والتخلي عن العمل المسلح، مشددا على أن المرحلة المقبلة يجب أن تعتمد على الحوار السياسي.
إعلانوجاء الإعلان خلال مؤتمر صحفي عُقد في إسطنبول وسط حضور إعلامي واهتمام شعبي ودولي واسع، فيما أكد الوفد أن جميع الجماعات المسلحة مطالبة بإنهاء أنشطتها، واصفا ذلك بأنه تحول مفصلي في مسار القضية الكردية في تركيا.
وفي تصريح للجزيرة نت، أكد حسن جراح أوغلو، رئيس فرع الشباب في حزب العدالة والتنمية بإسطنبول، أن بيان أوجلان يعكس انتهاء دور العمال الكردستاني، مؤكدا أنه لم يعد له مكان في المشهد السياسي والأمني، ويجب حله دون تأخير.
وأضاف أن الحزب، الذي كان مصدرا لعدم الاستقرار والإرهاب لعقود، استنفد دوره بالكامل، معتبرا أن هذا البيان يمثل إعلانا صريحا لنهاية الإرهاب في تركيا، وخطوة نحو القضاء عليه نهائيا.
وأشار جراح أوغلو إلى أن الرئيس رجب طيب أردوغان سيُذكر في التاريخ كالقائد الذي أنهى الإرهاب في البلاد، مشددا على أن حكومة حزب العدالة والتنمية ثابتة في موقفها الحاسم لاجتثاث الإرهاب من جذوره.
واعتبر أن المرحلة المقبلة ستفتح صفحة جديدة تعزز أمن تركيا واستقرارها، معربا عن ثقته في أن البلاد تتجه نحو مستقبل أكثر أمنا وازدهارا.
إنهاء النزاع
من جهته، أكد أحمد تشيشيك، عضو حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب، أن الحزب يرحب بدعوة عبد الله أوجلان لحل حزب العمال الكردستاني وإلقاء السلاح، وأضاف "قطعنا شوطا مهما في هذا الملف، لكن التحدي الأكبر لا يزال في آلية تنفيذ هذه الدعوة وتحويلها إلى واقع ملموس".
وأوضح تشيشيك، في حديث للجزيرة نت، أن هذه الخطوة تمثل إشارة إيجابية في مسار إنهاء النزاع، لكنها تبقى مرهونة بمدى التزام الأجنحة المختلفة داخل الحزب بتنفيذها. ودعا الحكومة والمعارضة وكافة القوى السياسية إلى تبني موقف داعم لهذه المبادرة، والمساهمة في إنجاح مسار الحل السلمي.
وكان عبد الله أوجلان شدد في البيان على أن إلقاء السلاح مسؤولية جماعية، مؤكدا أنه يتحمل "المسؤولية التاريخية" عن هذه الدعوة. وأضاف "لا سبيل سوى الديمقراطية والحوار الديمقراطي، ولا بقاء للجمهورية إلا بالديمقراطية الأخوية"، في إشارة إلى ضرورة إنهاء النزاع عبر الحلول السياسية.
إعلان مستقبل غامضيقول الباحث في الشأن التركي علي أسمر إن عبد الله أوجلان، رغم كونه القائد المؤسس لحزب العمال الكردستاني، فإنه فقد نفوذه الفعلي داخل التنظيم منذ اعتقاله عام 1999، حيث باتت القرارات الحاسمة، مثل استمرار القتال أو وقفه، بيد القيادة العسكرية في جبال قنديل على الحدود التركية العراقية الإيرانية، التي تتمسك بالصراع المسلح.
وبرأيه، فإن تجارب سابقة أظهرت أن دعوات أوجلان لوقف إطلاق النار لم تُنفّذ بالكامل، ما يثير الشكوك حول مدى التزام الحزب ببيانه الأخير. كما أن وحدات حماية الشعب الكردية في سوريا، والتي باتت تمتلك مشروعا سياسيا مستقلا عن حزب العمال الكردستاني داخل تركيا، قد تكون أقل التزاما بتوجيهات أوجلان، على حد تعبيره.
ويضيف أسمر، للجزيرة نت، أن هناك عناصر داخل الحزب ترتبط بعلاقات وثيقة مع إيران، وتستخدم النزاع الكردي كأداة ضغط في الصراعات الإقليمية، وهو ما قد يجعلها غير معنية بإنهاء القتال.
ويرى أن إعلان حل الحزب قد يُنظر إليه كإنجاز سياسي كبير لأنقرة، لكنه لا يعني بالضرورة تفكيك بنيته التنظيمية بالكامل، "إذ قد تستمر بعض الفصائل في تنفيذ عمليات مسلحة بطرق مختلفة، سواء عبر خلايا نائمة أو من خلال جماعات جديدة تحمل أسماء مغايرة"، حسب كلامه.
وعن مصير الصراع فهو مرتبط، وفق أسمر، بموقف الفصائل داخل الحزب، فإذا التزمت الأجنحة بحل الحزب، فقد يكون ذلك بداية لإنهاء النزاع وإدماج بعض الفصائل سياسيا، أما إذا رفضت الفصائل المتشددة، فقد يؤدي ذلك إلى انشقاقات واستمرار القتال، خاصة في المناطق الحدودية مع سوريا والعراق.
بدوره، اعتبر الباحث المتخصص في الشؤون التركية محمود علوش أن دعوة عبد الله أوجلان تمثل فرصة كبيرة لإنهاء الصراع، لا سيما أنها تحظى بدعم حلفاء أردوغان القوميين، الذين كانوا يُعتبرون سابقا عقبة أمام إعادة إحياء جهود السلام.
إعلانويرى علوش أن أوجلان لا يزال شخصية مؤثرة في الحالة الكردية، لكن القرار الفعلي داخل الحزب بات بيد قيادة قنديل، التي تتبنى نهجا راديكاليا وترى أن مبادرة الحل ليست سوى مناورة سياسية من جانب أنقرة لتحقيق مكاسب داخلية، والضغط على الفصائل الكردية في سوريا.
ويشير -في حديثه مع الجزيرة نت- إلى أن التحولات الإقليمية، لا سيما التطورات في سوريا، تقلّص هوامش المناورة أمام حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب الكردية.
ويختم علوش أن نجاح هذه الدعوة سيكون له انعكاسات إيجابية على المشهد السياسي الكردي داخل تركيا، لكنه يبقى رهينا بقدرة أوجلان على التأثير في قرارات قيادة الحزب واستفادة جميع الأطراف من تجارب المفاوضات السابقة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات حزب الدیمقراطیة والمساواة حزب العمال الکردستانی عبد الله أوجلان داخل الحزب
إقرأ أيضاً:
حوار رئاسة الجمهورية – حزب الله ماذا لو انطلق؟
كتب ابراهيم بيرم في" النهار": منذ الأسابيع الأولى لتسلم الرئيس جوزاف عون مقاليد الرئاسة، تركزت الأوساط السياسية على أن الرئاسة الأولى أخذت على عاتقها تنظيم حوار مباشر بين الدولة و"حزب الله"، يفضي إلى صيغة معينة يسلم الحزب بموجبها سلاحه. وكان واضحاً أن عون أطلق هذا الوعد لتفادي تبعات حملة عالية النبرة أطلقتها جهات لبنانية رفضت مطلقاً فكرة حوار وطني شامل يضع استراتيجية دفاعية وطنية يكون سلاح الحزب جزءاً منها. وعلى الرغم من مرور ما يقرب من أربعة أشهر على العهد الرئاسي الجديد، ما زالت الأمور عند مربعها الأول، فلا الحوار المنشود انطلق ولا الحزب بادر إلى تسليم سلاحه. واقِع الحال هذا دفع برفضي السلاح إلى رفع أصواتهم متهمين الدولة بالعجز والقصور، ومطالبين إياها بالوفاء بتعهداتها وطي صفحة السلاح تنفيذاً لما ورد في خطاب القسم والبيان الوزاري. في الوقت ذاته، ما انفك الحزب على موقفه المعهود، ومؤداه أن هناك أولويات ينبغي أن تتحقق قبل أن تصل الأمور إلى نقطة البحث في تسليم السلاح. وسط كل ذلك، يُطرح السؤال: ماذا لو تحقق الحوار الموعود؟ وماذا لو لم يتحقق؟ مصادر على صلة بالحزب تقلل من أهمية الحديث عن قرب انطلاق الحوار المباشر مع القصر، وتقول إن الحوار بدأ بشكل غير مباشر، إذ إن الحزب قدم على لسان أمينه العام الشيخ نعيم قاسم في آخر إطلالتين له رؤيته الحاسمة لهذه المسألة، ومحورها أن الحزب قدم أقصى ما يمكن أن يقدمه ولا تنتظروا تاليا أن يكون عنده المزيد. تقول المصادر عينها إن الحزب قدم ترسانته العسكرية في منطقة جنوب نهر الليطاني، ولو لم يتباطأ الجيش لكان أنهى تسليم كل ما في حوزته في تلك البقعة الجغرافية. وبذلك يكون الحزب قد أنجز ما هو مطلوب منه بموجب اتفاق وقف النار، مع أن إسرائيل ماضية في عدوانها. وعليه، فإن كل كلام يخص منطقة شمال الليطاني أو سواها يبقى مجرد كلام لا علاقة للحزب به ولا واقع عملي له. انطلاقاً من هذا، لم يعد مهمًا أن يلتقي وفد من الحزب الرئيس عون في ساعة قد تكون قريبة أو بعيدة، خصوصاً أن التنسيق بين الطرفين قائم على مدار الساعة، وأن الحزب يعتبر نفسه كما قال أمينه العام شريكًا للعهد، وقد أفصح مراراً عن ارتياحه إلى أداء العهد. وفي المقابل، تؤكد المصادر نفسها أن الأداء المتوازن والمتعقل للعهد واستيعابه للضغوط عليه بشأن السلاح، يأتيان من إدراكه أن بين نجاح مسيرة العهد أو إخفاقه خيطًا رفيعًا. فهو مضطر إلى استيعاب تلك الضغوط من خلال أدائه المتزن الذي تمسك به، ومن خلال خطابه اليومي المشدد على اعتبار أن مسألة تسليم السلاح أمر مقضي، ولم يعد أمام الحزب إلا القبول بما قاله رئيس الجمهورية في إطلالته الأخيرة. إذا كان الحزب يبدو مرتاحًا إلى علاقته بالعهد، فإنه أبلغ من يعنيه الأمر أنه مضطر إلى التساكن مع العدوانية الإسرائيلية، والعض على الجراح اليومية الناتجة منها.مواضيع ذات صلة "طريق المطار"...مَن يريد توتير العلاقة بين رئيس الجمهورية و"حزب الله"؟ Lebanon 24 "طريق المطار"...مَن يريد توتير العلاقة بين رئيس الجمهورية و"حزب الله"؟