لطالما كانت عُمان غنية بالكنوز الطبيعية التي لم تُكتشف بالكامل بعد، ومن بين هذه الكنوز الأحجار الكريمة، التي تحمل في طياتها أسرار الزمن وجمال الطبيعة. لقمان الهوتي، شاب عُماني شغوف بعالم الجيولوجيا واستكشاف الأحجار الكريمة، بدأ رحلته كمستكشف وباحث، ليصبح اليوم صائغًا ومصمم مجوهرات فاخرة، وصانع محتوى ينقل هذا الشغف إلى الآخرين.

في هذا الحوار، يشاركنا لقمان رحلته المثيرة، بدءًا من تساؤلاته الأولى عن وجود الأحجار الكريمة في عُمان، وصولًا إلى تأسيس ورشة خاصة به لتصميم المجوهرات.

بداية حدثنا.. كيف بدأت رحلتك في استكشاف الأحجار الكريمة العُمانية؟ وما الذي جذبك لهذا المجال؟

البداية كانت مجرد تساؤلات راودتني أثناء ممارستي لرياضة الهايكنج والرحلات الجبلية. بحكم كثرة وجودي بين الجبال، تساءلت: هل تحتوي هذه الجبال على أحجار كريمة؟ وإذا كانت موجودة، فلماذا لم نسمع عنها أو نرَ دراسات موثقة حولها؟ هذا التساؤل دفعني إلى البحث والاستكشاف.

بدأت رحلتي بالبحث في المصادر العلمية المتخصصة في الأحجار الكريمة، وتعلمت كيفية تكوّنها، والظروف التي تساعد على نشأتها، والعوامل المؤثرة في نموها. بعد ذلك، بدأت بتنظيم جولات استكشافية في عدة مناطق داخل عُمان، مستعينًا بما تعلمته من المعرفة العلمية. بفضل الاستعداد الجيد، تمكنت من العثور على أحجار كريمة، ومع استمرار البحث والتعلم، نجحت في توثيق مجموعة متنوعة من الأحجار الكريمة وشبه الكريمة، مثل: العقيق بأنواعه الكثيرة، والسترين، والجمشت، والتورمالين، والأكوامارين، والأوبال، والفيروز، وغيرها.

الإنسان عبر العصور كان منجذبًا إلى الأحجار الكريمة بسبب ألوانها الجذابة وبريقها الساحر، وأنا انجذبت إليها لنفس الأسباب، لكن شغفي بالاستكشاف ومتعة العثور عليها بجهدي الشخصي جعلتني أكثر تعلقًا بهذا العالم الفريد.

ما اللحظة الأكثر تأثيرًا في مسيرتك البحثية؟

إحدى اللحظات التي لا أنساها أبدًا كانت عندما عثرت على أول حجر كريم. كان حجر كوارتز شبه كريم، وجدته على شكل كريستال سداسي الأوجه، وكان فائق الشفافية واللمعان. هذه اللحظة كانت فارقة جدا بالنسبة لي؛ لأنها أكدت أن الوقت والجهد اللذين استثمرتهما في التعلم والبحث لم يذهبا سدى، بل تُوجا بالنجاح. كان هذا الاكتشاف بمثابة نقطة الانطلاق نحو المزيد من الاستكشافات والبحث عن أحجار كريمة أخرى.

كيف تطورت رحلتك من الاستكشاف إلى تصميم وصياغة المجوهرات؟ عندما بدأت في البحث عن الأحجار الكريمة، كنت أشارك اكتشافاتي عبر منصة إنستجرام، حيث وثّقت الأحجار التي عثرت عليها وقدّمت معلومات عنها. لاحظت أن هذا المحتوى جذب العديد من المتابعين المهتمين بالأحجار الكريمة، وبدأ البعض يطلب مني شراء هذه الأحجار. مع تزايد الطلب، قررت الدخول إلى عالم الصياغة.

في البداية، كنت أبيع الأحجار كما هي، لكن مع الوقت، فكرت في إضافة لمسة فنية خاصة بي. بدأت بصياغة المجوهرات باستخدام الذهب والفضة، ودمج الأحجار العُمانية بهذه المصوغات الفاخرة. لاقت هذه الفكرة استحسانًا واسعًا، خصوصًا أنها كانت المبادرة الأولى في عُمان التي تجمع بين الأحجار العُمانية والمجوهرات الفاخرة. تطور الأمر تدريجيا، وتحولت هذه الفكرة إلى مشروع تجاري متكامل، حيث أنشأت ورشة خاصة بي لصياغة المجوهرات، ولم يتوقف طموحي عند هذا الحد، بل سعيت إلى تعلم تصميم المجوهرات رقميا وتحويل الأفكار إلى قطع فنية يرتديها الناس.

ما المراحل التي يمر بها الحجر الكريم قبل أن يصبح جزءًا من قطعة مجوهرات؟

الحجر الكريم يمر برحلة طويلة قبل أن يصل إلى هيئته النهائية في تيجان الملوك أو حلي الرجال والنساء. المرحلة الأولى هي الاستكشاف والاستخراج، وهي تتطلب جهدًا بدنيًا كبيرًا، حيث يتم البحث عن الأحجار في شقوق الجبال الصلبة، وبعد العثور على الأحجار، تبدأ مرحلة الفرز، حيث نقوم بتمييز الأحجار ذات الجودة الممتازة الصالحة للاستخدام عن الأحجار الأقل جودة. بعدها، يأتي دور القطع والصقل، حيث يتم تحديد الشكل والحجم المناسب لكل حجر وفقًا لطبيعته. ثم ننتقل إلى مرحلة التصميم والصياغة، حيث نختار التصميم المناسب للحجر، سواء كان خاتمًا أو قلادةً أو غيرها، وبعدها يبدأ العمل على تشكيل المعدن الثمين، سواء كان ذهبًا أو فضةً، وصياغته بدقة ليناسب الحجر. هذه العملية ليست سهلة، فالصياغة الفاخرة تتطلب مهارة ودقة عالية، بالإضافة إلى استخدام تقنيات متطورة لإنتاج مجوهرات فريدة تلبي تطلعات العملاء وتعكس جمال الأحجار العُمانية.

كيف ترى اهتمام السوق المحلي والعالمي بالأحجار الكريمة العُمانية؟

من خلال خبرتي الطويلة في هذا المجال، أرى أن هناك اهتمامًا متزايدًا بالأحجار الكريمة العُمانية داخل السوق المحلي. ومع ذلك، لا يزال هناك الكثير من الأشخاص الذين لا يعلمون بوجود هذه الأحجار، وذلك بسبب قلة الباحثين عن الأحجار الكريمة، وضعف التغطية الإعلامية لهذه الكنوز الطبيعية، أما في السوق العالمي، فقد لاحظت اهتمامًا متزايدًا، حيث أتلقى طلبات من دول الخليج وبعض الدول العربية، وأقوم بشحن الأحجار إلى الخارج. ولكن الطلب لا يزال محدودًا بسبب قلة الوعي بوجود الأحجار العُمانية في الأسواق العالمية. الدول التي تشتهر بإنتاج الأحجار الكريمة مثل: الهند وتايلاند تنظم معارض سنوية وتنشر تقارير علمية للترويج لأحجارها، وهذا ما نفتقر إليه في عُمان، فلو تم تسليط الضوء بشكل أكبر على هذه الأحجار، يمكن أن تصبح صناعة تصديرية ناجحة تضيف قيمة اقتصادية كبيرة.

كيف تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي في نشر الوعي حول الأحجار الكريمة العُمانية؟

أحرص على مشاركة محتوى تعليمي وتثقيفي عبر حسابي في إنستجرام، حيث أنشر مقاطع فيديو توثق عمليات البحث والتنقيب عن الأحجار الكريمة، بالإضافة إلى تقديم شروحات حول كيفية التعامل معها، وتمييز أنواعها. هذا المحتوى جذب اهتمام متابعين من مختلف البلدان، مما أسهم في نشر الوعي حول ثراء عُمان الجيولوجي، وتعريف الجمهور بالأحجار الكريمة الموجودة في بلادنا.

هل واجهت تحديات خلال مسيرتك في هذا المجال؟

حتى الآن، لم أواجه أي تحديات رئيسية؛ لأنني أعتمد على نفسي بالكامل في البحث والاستكشاف. أقوم بتوثيق ما أكتشفه، وأجري الفحوصات المخبرية اللازمة للأحجار التي أجدها، وأسجل جميع النتائج في كتاب خاص بي، أطمح أن يصبح يومًا ما مرجعًا للمهتمين بالأحجار الكريمة العُمانية.

ما نصيحتك للشباب الذين يرغبون في دخول هذا المجال؟

أنصح كل من يهتم بهذا المجال أن يبدأ بتعلم علوم الأحجار الكريمة، ومعرفة الظروف المناسبة لتكوّنها، وأنواع الصخور المختلفة. كما أشدد على أهمية احترام البيئة الجيولوجية، وعدم العبث بالمواقع أو البحث العشوائي الذي قد يؤدي إلى تدميرها.

ما طموحاتك المستقبلية؟

أسعى لاكتشاف المزيد من الأحجار الثمينة مثل: الياقوت والزمرد والماس، وأطمح إلى نشر ثقافة التنقيب عن الأحجار الكريمة في عُمان، كما أخطط لإنشاء علامة تجارية فاخرة للمجوهرات العُمانية، والترويج لها عالميا، ليكون اسم سلطنة عمان بين أبرز الدول المنتجة للأحجار الكريمة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: بالأحجار الکریمة هذا المجال فی ع مان ا کانت

إقرأ أيضاً:

بعثة الحج العُمانية تُعزّز كفاءة الخدمات الصحية لضيوف الرحمن

 

 

 

مكة المكرمة- سعيد الهنداسي

تواصل بعثة الحج العُمانية جهودها المستمرة على مدار الساعة، في الأراضي المقدسة، بما يضمن توفير كافة الخدمات لحجاج بيت الله الحرام، وفي مقدمتها الخدمات الصحية.

ومنذ وصول البعثة إلى الديار المقدسة برئاسة سعادة أحمد بن صالح بن سفيان الراشدي وكيل وزارة الأوقاف والشؤون الدينية رئيس بعثة الحج العُمانية، باشرت البعثة عملها لتقديم خدماتها لجميع حجاج سلطنة عُمان، وتهيأت كل الظروف من أجل أداء شعائرهم بكل يُسرٍ.

وفي مكة المكرمة، تقدِّم العيادة الطبية ببعثة الحج العُمانية، خدماتها بكل كفاءة؛ حيث يقول محمد آل عبدالسلام أحد الكوادر التمريضية العاملين في العيادة الطبية إن الجهود الصحية تبقى ماثلة للعيان منذ وصول الحاج إلى العيادة الطبية المخصصة لحجاج بيت الله الحرام من العُمانيين؛ حيث يتم استقبالهم وتقديم كل الخدمات الصحية لهم، مع توفير كل الأدوية وجميع المستلزمات الطبيبة الخاصة بجميع الحالات المرضية مع تقديم التعليمات حول كيفية المحافظة على سلامتهم وصحتهم.

وعن الخدمات الصحية الخاصة بالنساء، يضيف آل عبدالسلام أنه جرى تجهيز عيادة مخصصة للنساء يقوم على رعايتهم كادر نسائي عُماني مُتخصِّص في مختلف الحالات المرضية، وذلك على مدار الساعة، لعلاج المرضى من النساء في أجواء من الخصوصية التامة. وبيّن أن العيادة توفر مختلف أنواع الأدوية في الصيدلية التابعة، لعلاج الحالات المرضية المختلفة.

وعن باقي أقسام العيادة الطبية، يوضح آل عبدالسلام أن العيادة الطبية لبعثة الحج العُمانية تضم العديد من الأقسام المتعددة، تعمل على تقديم خدماتها الصحية؛ مثل قسم الاستقبال والتسجيل الذي يتولى استقبال المراجعين من الحجاج العُمانيين وتسجيلهم لتقديم الخدمات الصحية. وأضاف أن هناك وحدة العزل وقسم الإنعاش، مع تجهيز غُرف ملاحظة مُخصَّصة للرجال وأخرى للنساء، من خلال فريق طبي عُماني كُفء مكوَّن من 19 طبيبًا وطبيبة، و19ممرضًا وممرضة، جرى اختيارهم من مختلف المواقع الصحية في السلطنة.

وحول الحالات المرضية التي قد يتعرض لها الحجاج خلال هذه الفترة، يشير الممرض محمد آل عبدالسلام إلى أن أغلب الحالات المرضية تتمثل في حالات الزكام والكحة والإصابة بالتهابات اللوزتين والحلق، وهذا نتيجة لطبيعة موسم الحج؛ حيث الاختلاط المباشر بين الحجاج من مختلف دول العالم.

ويُقدِّم الممرض محمد آل عبدالسلام نصيحة صحية للحجاج العُمانيين وأصحاب حملات الحج القادمين لأداء مناسك الحج هذا العام، قائلًا: "أنصحهم بتجنُّب الازدحام خلال هذه الفترة قدر الإمكان، مع ضرورة ارتداء كمامات الوجه لتفادي انتقال العدوى من شخص آخر، مع ضرورة غسل اليدين بشكل مستمر بسبب استخدام العديد من الأدوات مثل دورات المياه ومقابض الأبواب وغيرها، أو بسبب العطس الذي قد تنتقل الفيروسات والبكتيريا من خلاله، مع الإكثار من شرب المياه، وتجنب التعرض لأشعة الشمس المباشرة، وفي حالة تعرضهم لأي وعكة صحية، يتعين عليهم ضرورة التوجه لأقرب مؤسسة صحية لتلقي العلاج.

وذكر آل عبدالسلام أنه جرى تفعيل "نظام شفاء" الذي من خلاله يتم التعرف على مختلف الحالات المرضية والحصول على أرقام وإحصائيات دقيقة، بما يضمن تقديم خدمات طبية على أعلى مستوى، إلى جانب متابعة حالة الحاج الصحية منذ وصوله الأراضي المقدسة وطوال فترة تواجده وبعد عودته إلى أرض الوطن عقب موسم الحج.

مقالات مشابهة

  • الصادرات الصناعية العُمانية تسجّل قفزة بـ8.6% في الربع الأول من 2025
  • تجارب عُمانية تصنع التميز في معرض العطور
  • نوال الزغبي تخطف الأنظار بإطلالة سوداء فاخرة
  • مشهد نادر لطيار يلتقي بوالده في الجو وهما يقودان طائرتين مختلفتين.. فيديو
  • الشراكة العُمانية - السعودية بوابة لنهضة خليجية مُستدامة
  • “مساكن مجموعة بانيان”… ريادة عقارية تترسّخ على ضفاف بحر أندامان
  • بعثة الحج العُمانية تُعزّز كفاءة الخدمات الصحية لضيوف الرحمن
  • الدور الإماراتي في احتلال الجزر اليمنية وتحويلها إلى مناطق نفوذ مشترك مع كيان العدو الصهيوني .. ميون وسقطرى نموذجًا
  • قيمتها 1.5 مليون يورو.. إحباط تهريب سيارات فاخرة من إسبانيا إلى المغرب (صور)
  • ميشيل يانكون يوجه رسالة للأهلي بعد انتهاء رحلته