الأطفال في رمضان.. أجواء مليئة بالروحانية والفرح
تاريخ النشر: 5th, March 2025 GMT
يترقب العديد من الأطفال بفارغ الصبر قدوم شهر رمضان، حيث يمثل فرصة لهم لتجربة الصيام والاقتراب أكثر من شعائر الدين، ويسعى هؤلاء الأطفال لتقليد آبائهم في تعظيم هذه الشعائر، مما ينعكس بشكل إيجابي على حالتهم النفسية، بينما يعمل الآباء على تحفيزهم وتشجيعهم للتعوّد على الصيام بشكل تدريجي.
"عمان" التقت بعدد من الأطفال للحديث عن عاداتهم وطقوسهم الخاصة لاستقبال الشهر الفضيل، وأهميته بالنسبة لهم، حيث تقول مريم الجساسية: "للشهر الفضيل روحانيات جميلة نستشعرها مع أهلنا وأقاربنا، ومن الأمور اليومية التي أحرص على القيام بها بعد العودة من المدرسة هي قراءة القرآن الكريم، وفي المساء نبدأ بزيارة الأهل واللعب مع الأصدقاء، وأشعر بفرح وسعادة كبيرة لقدوم رمضان لما له من طقوس خاصة مثل التجمع على سفرة واحدة للإفطار، والذهاب مع أمي لأداء صلاة التراويح في المسجد، كما أساعدها في ترتيب سفرة الإفطار وتنظيف الأواني، ونشاهد بعض البرامج المفيدة والممتعة، ونذكر بعض القصص التي تحمل عبرًا عن فضل الله لنا، بالإضافة إلى تخصيص وقت لتدبر بعض سور القرآن".
من جهته، يعبّر عمر بن المختار العبري عن حبه لأجواء رمضان قائلا: "أحب أجواء الشهر الفضيل، حيث نقوم بتعليق الزينة والفوانيس داخل المنزل، وفي كل سنة نحتفل بقدوم رمضان من خلال إعداد برنامج خاص من قبل خالتي، ونحضر الأقلام والأوراق والألوان، ونصنع فوانيس ملونة ونرسم الهلال والنجمة والمساجد، بالإضافة إلى كتابة العبارات الرمضانية. كما نقيم مسابقة للإنشاد وتلاوة السور التي حفظناها، وفي ختام الاحتفال، نقرأ الدعاء. هذه الأجواء الرمضانية تجعلني سعيدًا ومتشوقًا للصوم والعبادة".
وتستمر هذه العادات البسيطة التي يقوم بها الأطفال في تعزيز الروحانيات والإيجابية المرتبطة بشهر رمضان، مما يجعلهم يتفاعلون مع الشهر الفضيل بطريقة مليئة بالفرح والاهتمام.
ويواصل الأطفال في مختلف محافظات وولايات سلطنة عمان تحضيراتهم الخاصة لاستقبال شهر رمضان، ويحرصون على تجربة الصيام والمشاركة في الأنشطة الدينية والاجتماعية التي تجعل الشهر الفضيل مليئًا بالروحانيات والفرح. ومن بين هؤلاء الأطفال، يعبّر سعيد بن هلال الغافري عن رغبته في صيام رمضان هذا العام قائلا: "أود الصيام هذا العام وأن أكون مثل إخواني الأكبر مني سنًا، وأن أشعر بمعاناة الأطفال الذين لا يمتلكون الطعام، وأرغب أيضًا في الفوز في المسابقة التي أعددناها أنا وأصدقائي خلال هذا الشهر. أمي أخبرتني أن العيد سيكون أجمل إذا صمت رمضان". ويضيف سعيد أنهم استقبلوا الشهر المبارك بتخصيص ركن خاص في غرفة المعيشة للصلاة وقراءة القرآن الكريم، مع وضع مصاحف ومسابيح، كما قامت والدته بوضع سجادات صغيرة لهم لتعزيز الأجواء الروحانية في المنزل.
أما الطفلة رباب الزدجالية، فتوضح أن والدها يحرص في كل رمضان على إشراكهم في أعمال الخير، قائلة: "جرت العادة في كل رمضان أن يقوم والدي بإشراكنا في أعمال الخير؛ حيث نساعده في إعطاء الفقراء والمساكين المال أو الطعام أو الملابس أو أي شيء يدخل السرور إلى قلوبهم. كما نقوم بتوزيع التمر والماء على السائقين والمارة في الشوارع وقت الإفطار. هذا يشعرنا بالسعادة واللهفة لقدوم الشهر المبارك". وتؤكد رباب أهمية هذه المبادئ في حياتهم اليومية وأنهم يطبقونها في العديد من الأمور.
أما الطفلة فاطمة النبهانية، فتشير إلى التحدي الذي تقيمه مع صديقاتها في رمضان حيث يتحدين على من تختم القرآن أكثر عدد من المرات في الشهر الفضيل. تقول فاطمة: "في كل رمضان، نتفق أنا وصديقاتي على من ستختم القرآن ونتسابق على عدد مرات ختمه. من تختمه أكثر يتم تقديم هدية لها من الأخريات، وهذه الطريقة تشجعنا على الالتزام". كما تضيف فاطمة أن والديها يشجعانها دائمًا على القراءة المستمرة وحفظ ما تيسر من القرآن الكريم.
وتستمر هذه الطقوس الرمضانية في غرس قيم الصيام والعمل الخيري والتقرب إلى الله في نفوس الأطفال، مما يعزز لديهم الوعي الديني ويمنحهم فرصة لتجربة الروحانيات والتضامن الاجتماعي في شهر رمضان.
الصيام بين الفوائد والتحديات
وفي سياق النقاش المتواصل حول صيام الأطفال، أكدت عبير المخرومية، مرشدة دينية بوزارة الأوقاف والشؤون الدينية أن هناك جدلًا واسعًا بين الأهالي والخبراء بشأن مدى قدرة الأطفال على الصيام؛ فبينما يشجع بعضهم على بدء الصيام في سن مبكرة لتعزيز عادة العبادة، يرى آخرون أن ذلك قد يؤثر سلبًا على صحة الأطفال ونموهم.
وأوضحت المخرومية أن الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 8 إلى 9 سنوات يمكنهم تحمّل الصيام لساعات معينة، وأن هذه المرحلة تعد فرصة جيدة لتعريفهم بهذه العبادة تدريجيًّا دون أن يسبب لهم إجهادًا كبيرًا. وأضافت: "يجب تعليم الأطفال أن الصيام ليس مجرد امتناع عن الطعام والشراب، بل هو درس في الصبر والانضباط، ويسهم في غرس القيم الدينية منذ الصغر".
وأشارت المخرومية إلى أن الآباء يمكنهم جعل تجربة الصيام أكثر نجاحًا وأقل تعبًا للأطفال من خلال اتباع بعض النصائح العملية، ومنها السماح للأطفال بالصيام لفترات قصيرة في البداية، مثل صيام نصف يوم، أو السماح لهم بشرب الماء إذا شعروا بالتعب، كما ينبغي تنمية الجانب الروحي لديهم عن طريق الحديث عن الله والجنة، والتركيز على قيمة الصيام كوسيلة للتقرب إلى الله وطاعته. وأضافت أنه من المفيد استخدام العبارات التشجيعية والمكافآت التحفيزية عند إتمام الطفل للصيام، بما يعزز رغبته في استكمال العبادة.
وأوضحت المخرومية أن إقبال الأطفال على صيام رمضان مع عائلاتهم يحمل معاني تربوية مهمة، إذ يسهم في بناء ثقة الطفل بنفسه وتنمية شعوره بالمسؤولية، كما يعزز الحماس والشعور بالإنجاز عندما يمارس الطفل عبادات لا يمارسها إلا الكبار. وقالت: "هذا الشعور يساعد الأطفال على الإصرار في صيام الشهر كاملًا، مما ينعكس إيجابًا على سلوكياتهم وعباداتهم، ويجعل من شهر رمضان نقطة انطلاق لتحمّلهم المسؤولية في بقية الشهور".
وأضافت المخرومية أن هذا الشهر الفضيل يشكل فرصة ذهبية للوالدين لغرس المعاني الإيمانية في نفوس أطفالهم، مثل الصبر وتحمّل الجوع والعطش، والمراقبة الذاتية عندما يمسكون عن الطعام والشراب رغم قدرتهم على تناوله بعيدًا عن أعين الناس. وأكدت على أهمية ربط الأطفال بالمساجد من خلال اصطحابهم إلى صلاة التراويح، وتنظيم المسابقات لتشجيعهم على ختم القرآن وحفظ أجزاء منه، إضافة إلى غرس قيم الجود والكرم عن طريق التبرع للفقراء والمحتاجين.
وخلصت المخرومية إلى أن هذه السلوكيات المكتسبة خلال رمضان تشكل أساسًا قويًّا في حياة الأطفال، وتصبح مع مرور الوقت سلوكيات مهمة يمكن تطبيقها في حياتهم اليومية وتعاملاتهم المستقبلية.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الشهر الفضیل شهر رمضان
إقرأ أيضاً:
ملف الشهر: تطور أنظمة الدفاع الجوي في مواجهة تهديدات المستقبل
نشر موقع الجزيرة نت على منصاته الرقمية حلقة جديدة من برنامج "ملف الشهر"، المخصص لتناول الموضوعات الراهنة والمستجدات المهمة على الساحة العالمية. وتطرق ملف هذا الشهر إلى تاريخ نشأة منظومات الدفاع الجوي وأهمّها عالميا، بالإضافة إلى مسار تطورها وتطوّر تكنولوجيات تشغيلها.
وظهرت أنظمة الدفاع الجوي خلال الحرب العالمية الأولى، حيث كانت تعتمد على المدافع الأرضية المضادة للطائرات بأسلوب الرماية المباشرة، إلا أن الحرب العالمية الثانية شهدت قفزة نوعية في هذا المجال، بفعل تصاعد الهجمات الجوية وتطور الطيران العسكري، مما فرض الحاجة إلى وسائل دفاع أكثر دقة وفاعلية.
وعقب انتهاء الحرب العالمية الثانية، انخرطت الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي في سباق تسلح صاروخي، كان من أبرز نتائجه ظهور أول منظومات الدفاع الصاروخي المتطورة في خمسينيات القرن الماضي، ممهدة الطريق أمام حقبة جديدة في مجال الدفاع الجوي.
ومع نهاية السبعينيات، تزامن دخول الحواسيب المتطورة والرادارات الرقمية مع ثورة حقيقية في تصميم وتشغيل أنظمة الدفاع الجوي. ومن أبرز تلك الأنظمة "باتريوت" الأميركي و"إس 300″ السوفياتي، اللذان اعتمدا على التحكم الإلكتروني والرصد المتعدد الوظائف.
إثر ذلك طورت الولايات المتحدة الأميركية نظام "ثاد" في حين توصلت روسيا إلى تطوير نظام "إس-400" وإن صمم الأول لاعتراض الأهداف داخل وخارج الغلاف الجوي فقد صمم الثاني للتصدي للطائرات المقاتلة والطائرات المسيّرة والصواريخ بمختلف أنواعها.
وإلى جانب الولايات المتحدة وروسيا، دخلت الصين خط الإنتاج الدفاعي بمنظومة هونغ تشي-9. بينما طورت إيران عدة أنظمة محلية من بينها: باور 373، رعد، طبس، خرداد 3، وكمين 2.
وخلال القرن الـ21، واجهت الأنظمة التقليدية تحديات جديدة، أبرزها انتشار الطائرات دون طيار والصواريخ الفرط صوتية، بالإضافة إلى تقنيات التشويش الإلكتروني، مما دفع الدول إلى إعادة النظر في أدواتها الدفاعية، وتحديثها لمواكبة هذه التهديدات المستجدة.
إعلانكما كشفت المواجهات الميدانية الأخيرة حول العالم عن فجوات اقتصادية وتقنية، حيث استطاعت طائرات مسيرة منخفضة الكلفة إرباك منظومات دفاعية تتجاوز تكلفتها ملايين الدولارات، وهو ما أفرز توجها جديدا نحو تطوير أنظمة أكثر مرونة وأقل تكلفة.
في هذا السياق، عملت إسرائيل على تطوير نظام الشعاع الحديدي كحل متقدم لمواجهة التهديدات الجديدة، في حين كشف الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب عن مشروع القبة الذهبية، التي تمزج بين أنظمة أرضية وبحرية وفضائية لمواجهة تهديدات محتملة قد تطول المصالح الأميركية في الفضاء.
يذكر أن تقارير عديدة تشير إلى احتمالات واردة بشأن توسع مسرح المواجهات ليشمل الفضاء الخارجي، مما قد يهدد سلامة الأقمار الصناعية المسؤولة عن الاتصالات والملاحة والرصد، ويطرح تساؤلات جوهرية حول طبيعة الحروب القادمة وحدودها.