موقع النيلين:
2025-06-13@16:40:29 GMT

الكوار وعمي التاريخ في دار حياد

تاريخ النشر: 12th, March 2025 GMT

قبل نشوب الحرب بسنين قلنا أن الدولة السودانية وحكومتها ممتلئتان بالعيوب حد السقف ولكن في كل الظروف ليس الحل في التعويل علي ميليشيا همجية وغزاة أجانب.
والان في هذه الحرب لا يعني الوقوف مع حق الدولة السودانية ومؤسساتها في الوجود أن هزيمة الميليشيا الغازية سيعقبه واقع سوداني مثالي. من المؤكد أن عالم ما بعد الجنجويد سيكون مليئا بالمشاكل والتحديات والعيوب والانتهاكات وسيكون من واجبنا مقاومتها والسعي لتأسيس سودان معافي مدركين أن بناء دولة عملية معقدة تحتاج لعقود واحيانا قرون.

لذلك يدهشنا من ينتظرون إنتهاكات الجيش الآن أو في فترة ما بعد الميليشيا لمهاجمة المدافعين عن الدولة السودانية كمبرر لحيادهم تجاه غزو أجنبي علي رماح ميليشيا إبادة جماعية وعنف جنسي واسع النطاق. هذه العقلية تتبني عمليا عيوب الدولة السودانية وقبل وبعد الحرب للتبرير للحياد تجاه الغزاة وهكذا يصير الموقف من السيادة الوطنية وضد االهمجية قابلا ن للتفاوض حسب الظروف. وهنا يصير رفض الغزو والهمجية قضية إختيارية سياقية وليست قضية مبدئية.

في الحرب العالمية الثانية حارب الشيوعيون بكل دولهم ومدارسهم جنبا إلي جنب مع الدول الرأسمالية لهزيمة النازية لأنها أشد خطرا وهمجية من الرأسمالية. ولم يكن في توحيد جيوش الشيوعيين مع الراسمالية أي اعتراف منهم بقبول مطلق بالرأسمالية ولا نسيان لعيوبها قبل أو بعد الحرب. كان الموقف فقط هو أن النازية لو انتصرت ستعيد المجتمع قرونا للوراء ما يعني أن النضال من أجل العدالة والكرامة الإنسانية سيبدأ مجددا من منصة أدني كثيرا من منصة النضال من داخل نظم رأسمالية في مرحلة حضارية وإنسانية أعلي بما لا يقارن.

وفي عقود من الصراع ناضل كل اليسار الفلسطيني جنبا إلي جنب مع الحركات الإسلامية لتحقيق حلم دولتهم وإنهاء الإحتلال. وفي انتخابات الجامعات يخوضها اليسار في لستة موحدة مع الأحزاب الإسلامية لإدراكهم إنها لحظة وطنية وليست مذهبية. وهذا التحالف المرحلي لا يعني أن اليسار الفلسطيني قد تبني وجه نظر الأحزاب الإسلامية حول الحجاب أو الحدود أو أي شيء آخر.

العمل المشترك بين أصحاب الخلفيات الأيديلوجية المختلفة سنة راتبة وليس بدعة كما يعتقد طهرانيو السياسة السودانية في يومنا هذا الذين تهمهم بتولية أخلاقية سطحية النقاء أكثر من مصير شعب وأمة.

ومن فضل الحزب الشيوعي السوداني أنه كان قد أعلن في أيام حكم البشير رفضه لأي غزو غربي للسودان، علي نهج غزو العراق، واعلن استعداده للانخراط في الدفاع عن السودان لو حدث هذا الغزو في أيام البشير. ولا أعتقد أن قول الحزب الشيوعي هكذا قد تغاضي عن إجرام البشير السابق واللاحق. ولا يعطي قوله هذا أي أحد حق المزايدة عليه بأي جرم ارتكبه البشير قبل أو بعد. أيضا لن يحق لاحد المزايدة علي المدافعين عن الدولة السودانية بأي أخطاء يرتكبها الجيش أو حلفائه أثناء أو بعد هذه الحرب.

وهذا التوجه ليس حكرا علي الحزب الشيوعي فكل الأحزاب المختلفة تتحالف معا لتحقيق هدف مرحلي. فقد تحالفت جل أحزاب السودان سابقا في التجمع الوطني أو نداء السودان أو قوي الحرية والتغيير أو تقدم. ولم يكن التحالف المرحلي يعني أن الحزب الجمهوري قد لبس جناح أم جكو وامن برسالة المهدي ولم يعن أن الحزب الشيوعي قد أمن بالرسالة الثانية من الإسلام ولا أن ود الفكي قد أعتنق القرنقية ولا أن التكنوقراط المستنيرين تبنوا أوراد السيد علي الميرغني. لذلك لا أدري مشروعية تفسير الدفاع عن الدولة السودانية كتماه مع حكم عسكري أو أخواني أو غيره. هذا كوار إما عن فساد فكر أو سوء نية.

المسكوت عنه في خطاب الحياد هو الافتراض الضمني إنه موقف يضمن عدم انتصار أحد طرفي النزاع وان أجسام ديمقراطية مثالية سترث الأرض حينها. وهذا وهم غليظ. هذه الحرب أما أن ينتصر فيها الجيش أو الجنجويد وسيكون للمنتصر القدح المعلي في تشكيل مشهد ما بعد الحرب.

القوي الوطنية المثالية لن ترث السلطة بعد الحرب لو أنتصر الجيش أو الجنجويد أو اتفقا علي اقتسام الكيكة. وفي كل الأحوال عليها مواصلة النضال من أجل الديمقراطية والعدالة. الخيار الواقعي أمامها هو ما إذا كانت تفضل مواصلة النضال من منصة إحتلال أجنبي جنجويدي يفكك الدولة وأسس المجتمع أم من منصة يعلو فيها كعب الجيش السوداني الذي خبرته وعاشت في ظله منذ الإستقلال وصارعته.

كان موقف الشيوعية العالمية إنها تفضل مواصلة النضال في ظل نظم رأسمالية لان درك النازية يعني النضال لعقود أو قرون فقط للعودة لنقطة راسمالية ما قبل هتلر. وكذلك موقف اليسار الفلسطيني إنه يفضل النضال من داخل دولة مستقلة ينازع فيها الاسلاميين والليبراليين من داخل دولة يحتاجها الجميع بغض النظر عمن يسود في مرحلة ما.

خلاصة القول أن الوقوف مع الدولة السودانية لا يعني الذهول عن أي انتهاكات من قبل الجيش أو من معه قبل أو بعد الحرب فلا داعي للمزايدة إلا إذا كان المزايد يعتقد أن الجنجويد هم الحل. واجب الجميع التصدي للغزو الأجنبي الجنجويدي ومن ثم مواصلة النضال الجماعي من أجل كل تفاصيل التنمية والحكم الرشيد.

معتصم اقرع

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: الدولة السودانیة مواصلة النضال الحزب الشیوعی النضال من بعد الحرب الجیش أو من منصة أو بعد

إقرأ أيضاً:

الجيش السوداني يتهم قوات خليفة حفتر بمهاجمة مواقع حدودية

اتهم الجيش السوداني قوات تابعة لخليفة بمهاجمة مواقع حدودية سودانية ومساندة الدعم السريع اليوم الثلاثاء.

وقال الجيش في بيان "هاجمت اليوم مليشيا آل دقلو الإرهابية مسنودة بقوات خليفة حفتر الليبية ( كتيبة السلفية) نقاطنا الحدودية في المثلث الحدودي بين السودان ومصر وليبيا بغرض الاستيلاء على المنطقة"، والتي تقع إلى الشمال من مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، إحدى أهم خطوط المواجهة في الحرب.

وأضاف الجيش السوداني في بيانه "سندافع عن بلدنا وسيادتنا الوطنية وسننتصر مهما بلغ حجم التآمر والعدوان المدعوم من دولة الإمارات العربية المتحدة ومليشياتها بالمنطقة".

وتعد هذه المرة الأولى التي يتهم فيها الجيش السوداني قوات اللواء خليفة حفتر بالضلوع المباشر في الحرب الدائرة منذ عامين بينه وبين قوات الدعم السريع شبه العسكرية.

ومطلع العام الجاري، قال ياسر العطا، عضو مجلس السيادة ومساعد قائد الجيش السوداني، إن 25 بالمئة من قوات الدعم السريع هم من ليبياتحت قيادة خليفة حفتر، والمرتزقة من التشاد، وبعض الإثيوبيين، وأفراد من كولومبيا وأفريقيا الوسطى، وبقايا فاغنر، ومقاتلين من سوريا، بينما 65 بالمئة من القوة المتبقية من أبناء جنوب السودان، للأسف، في حين أن 5% فقط هم من الجنجويد الأصليين كقادة لبعض المجموعات.

وأشار العطا من مدينة بوط بولاية النيل الأزرق إلى أنهم تحدثوا مع المسؤولين في جنوب السودان خلال سنتين من الحرب حول هذا الموضوع، ولكن لم يتم اتخاذ أي إجراء، حتى على مستوى الإعلام، لتجريم مثل هذه الأفعال.

وأضاف أنه كان بالإمكان القول في الإعلام إن جنوب السودان يشن حربا ضدهم.



وفي وقت سابق، أكد رئيس جيش تحرير السودان، مني اركومناوي، أن الدعم الأجنبي يتواصل عبر محور ليبيا، ويدخل تعزيزات جديدة بقوة قوامها 400 آلية عسكرية متنوعة عن طريق ليبيا إلى دارفور الآن، حسب قوله.

وسبق أن تحدثت تقارير أن  كتيبة طارق بن زياد التابعة لصدام حفتر قد توجهت مؤخراً نحو “معطن السارة”؛ لتأمين المنطقة، وحماية الطرق المؤدية إلى السودان، بما في ذلك إمدادات الأسلحة والوقود التي تنطلق من ميناء طبرق وتصل إلى السودان.

وشهدت الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، التي اتهمها الجيش أيضا بالضلوع في الهجوم، تدخل العديد من الدول بينما لم تنجح المحاولات الدولية بعد في إحلال السلام.

وفي بداية الحرب اتهم السودان حفتر بمساندة قوات الدعم السريع عبر مدها بالأسلحة، واتهم الإمارات، حليفة قائد قوات شرق ليبيا، بدعمها أيضا، عبر وسائل منها غارات جوية مباشرة بطائرات مسيرة الشهر الماضي. وتنفي الإمارات تلك المزاعم.

مقالات مشابهة

  • تمديد مهلة تسليم سلاح الحزب وارتياح أميركي لما ينجزه الجيش
  • خبراء يقيّمون للجزيرة نت موقف حزب الله من قصف إسرائيل لإيران
  • الجيش الإيراني يهدد: مصير إسرائيل سيكون مؤلما
  • الجيش الإسرائيلي يوجه تحذيرًا عاجلا لسكان عدة مناطق في غزة
  • صحف عالمية: تزايد المعارضة داخل الجيش الإسرائيلي لاستمرار الحرب على غزة
  • استمرار الافتراء كذبا على الحزب الشيوعي بعد الحرب «2/ 2»
  • الهجمة على الجيش والمخاطر على السودان
  • استمرار الافتراء كذباً على الحزب الشيوعي بعد الحرب «1/ 2»
  • إذاعة الجيش الإسرائيلي: إصابة جنديين جراء قنصهما في خانيونس
  • الجيش السوداني يتهم قوات خليفة حفتر بمهاجمة مواقع حدودية