يمانيون../
فيما تكافح إدارة ترامب لملء الفضاء الإعلامي بدعايات مضللة حول تحقيق انتصارات في اليمن، هروباً من واقع الفشل الذريع للعدوان الجديد، يتواصل تدفق الاعترافات بذلك الفشل والتأكيدات على انسداد أفق الحملة الحالية، مع تقديم اقتراحات لاستراتيجيات مختلفة تعبر بوضوح عن ورطة استراتيجية تعاني منها الولايات المتحدة في التعامل مع الملف اليمني.

كان إعلان القوات المسلحة اليمنية، مساء أمس، عن استهداف العمق الصهيوني بطائرة مسيَّرة، قال الإعلام العبري: إنها “تحدت” الأنظمة الدفاعية للعدو من خلال سلوك مسار مختلف لمهاجمة الأراضي المحتلة، بالإضافة إلى أن استهداف مدمرتين أمريكيتين في البحر الأحمر، دليل جديد على تماسك القدرات العسكرية اليمنية واحتفاظ القوات المسلحة بجاهزيتها لمواكبة التصعيد على كافة مسارات الإسناد في وقت واحد، وهو الأمر الذي يقوض سيل الدعايات المضللة التي تحاول إدارة ترامب من خلالها صناعة انتصارات وهمية فيما يتعلق بتدمير القدرات اليمنية وتصفية القيادات الوطنية، وهي دعايات بات واضحًا أن البيت الأبيض يعتمد عليها بشكل أساسي للهروب من التساؤلات المستمرة عن جدوى العدوان على اليمن، خصوصاً في ظل الاستنزاف الكبير لموارد الجيش الأمريكي في فترة وجيزة.

ومن آخر تلك الدعايات تصريح وزير الدفاع الأمريكي، بأن العدوان على اليمن سيشتد خلال الفترة المقبلة، في محاولة مكشوفة للقفز على ادّعاءات ترامب بأن الحملة العسكرية ناجحة؛ إذ لو كانت كذلك لما كانت هناك حاجة إلى التهديد بتصعيد جديد.

وعلى أية حال، فإن محاولة إدارة ترامب لملء الفضاء الإعلامي بمثل هذه التهديدات والدعايات، لم تفلح في إخفاء الحقيقة، مثلما لم تفلح الغارات الجوية في إحداث أي تأثير حقيقي على واقع الميدان، حيثُ نشر موقع مجلة “ماريتايم إكسكيوتيف” الأمريكية المختصة بشؤون الملاحة البحرية تقريرًا جديدًا، ذكّرت فيه بأن “القوة الجوية لم تنجح قط في قلب موازين الأمور في اليمن، أو تحييد قدرات صنعاء على إطلاق الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز، أو دفع قواتها إلى التراجع”.

وأشار التقرير إلى أن أحد أسباب فشل القوة الجوية في ردع اليمن خلال المراحل الماضية كان التضاريس الصعبة لليمن، ونقص المعلومات الاستخباراتية للقوى المعادية، وهي أمور لم تتغير حتى الآن، حيثُ لا زالت التضاريس كما هي، فيما تجمع مختلف التقارير الأمريكية على أن الولايات المتحدة لا زالت تفتقر إلى المعلومات الكافية عن الترسانة العسكرية اليمنية، لدرجة أنها لا تستطيع حتى تقييم فعالية ضرباتها؛ بسبب نقص هذه المعلومات.

وقد جدَّد تقرير حديث نشره “المجلس الأطلسي”، وهو مركز أبحاث أمريكي، التأكيد على أن “محدودية المعلومات الاستخباراتية الميدانية في اليمن ستعيق قدرة الولايات المتحدة على النجاح” مشيراً إلى أن “هذا الواقع تكرر في أوائل العام الماضي عندما واجهت الولايات المتحدة صعوبة في تقييم نجاح عملياتها وتقييم الترسانة الكاملة في اليمن؛ بسبب نقص المعلومات الاستخباراتية”.

ووفقاً لذلك فإن إدارة ترامب لا زالت محشورة في نفس مربع العجز الذي فشلت إدارة بايدن بالخروج منه، واستخدام القاذفات الشبحية، والتمادي في استهداف المدنيين لا يشكل فرقاً حقيقيًّا، بل يعبر عن تخبط واضح في إيجاد استراتيجيات مؤثرة للتعامل مع اليمن.

ويرى تقرير “ماريتايم إكسكيوتيف” أن التهديد الذي يشكله اليمن بالنسبة للولايات المتحدة “قد خرج عن السيطرة” بالفعل عندما بدأت العمليات البحرية المساندة لغزة، لافتاً إلى أن المشكلة تتجاوز مسألة نقص المعلومات وصعوبة التضاريس، وتكمن بشكل أساسي في “طبيعة الخصم” المتمثل في الشعب اليمني المتعود على الصراعات والمتمرس في التعامل مع الأسلحة.

وفي هذا السياق نقل التقرير عن مايكل نايتس -الباحث البارز في معهد واشنطن الأمريكي لسياسات الشرق الأدنى، قوله: إن “البيئة اليمنية خلقت أمّة من المحاربين الذين يستطيعون تحمل الألم بشكل كبير، وهم أصعب من أن يتم إكراههم علناً”.

وبما أن ترامب لا يستطيع ادّعاء القدرة على تغيير طبيعة اليمنيين أو إعادة تشكيل تضاريس اليمن من جديد، وبالإضافة إلى المشاكل المعترف بها والمستمرة بشأن نقص المعلومات وصعوبة إيجاد الأهداف؛ فإن النتيجة البديهية التي خلص إليها التقرير الأمريكي هي أنه “من غير المرجح أن تنجح أية محاولة لتدمير قدرات اليمن من الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز”، مضيفاً أن “حماية المخزون العسكري وتوزيعه، مع عمق الخبرة التقنية لدى اليمنيين، تشير إلى أن القدرات ستبقى”.

وخلص تقرير “المجلس الأطلسي” إلى نفس النتيجة، حيثُ أكّد أنه في ظل المشاكل العملياتية التي يواجهها الجيش الأمريكي فإن عنوان “الحسم” الذي يرفعه بايدن يمثل “تقليلًا من شأن قدرة اليمنيين على الصمود، وقدرتهم على التكيف الاستراتيجي” مشيرًا إلى أن التحديات تتطلب “أن تعترف إدارة ترامب بأن النهج العسكري البحت لن يحقق هدف واشنطن”.

وقد أشار “المجلس الأطلسي” إلى أن إدارة ترامب تواجه مشكلة أخرى، تتمثل في مواجهة الحقائق الإعلامية؛ بسبب “الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية الحيوية والإصابات المدنية الناجمة عن الغارات الجوية” وهو ما يعني أنه حتى حملة التضليل الدعائي المكثف التي تمارسها إدارة ترامب كمتنفس لتعويض الفشل الميداني، ليست ناجحة.

هذه التناولات تشير بوضوح إلى أن المأزق الأمريكي في اليمن أكبر من أن يتم الخروج منه بتصعيد وتيرة العنف الانتقامي ضد المدنيين، وتكثيف الدعايات المضللة، وهذا ما تؤكده حتى الاقتراحات التي تقدمها التقارير الأمريكية، حيثُ يرى تقرير “ماريتايم إكسكيوتيف” أن الولايات المتحدة بحاجة إلى “عدم تنفير السكان” و”تفكيك السلطة” والحفاظ على وجود مستمر وطويل الأمد للقوات الأمريكية في المنطقة، وهي مهمة يرى أنه “يصعب إنجازها” وأنها تحتاج إلى “مساعدة من الحلفاء”.

ويذهب “المجلس الأطلسي” إلى أبعد من ذلك، حيثُ يقترح على الولايات المتحدة الاصطدام مع روسيا والصين والضغط عليهما، وعلى الرغم من غرابة هذا الاقتراح؛ فإنه يعكس بوضوح حجم انسداد أفق نجاح العدوان الأمريكي على اليمن، وهو أيضاً ما يؤكده اقتراح الاعتماد على حكومة المرتزِقة والذي تم تجريبه لعشر سنوات كاملة، ولم ينجح.

المسيرة نت / ضرار الطيب

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: الولایات المتحدة المجلس الأطلسی نقص المعلومات إدارة ترامب فی الیمن إلى أن

إقرأ أيضاً:

الولايات المتحدة تفرض عقوبات على أكثر من 100 شخص وشركة مرتبطة بإيران

أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية أن الولايات المتحدة فرضت عقوبات جديدة على أكثر من 100 شخص وشركة مرتبطة بإيران.

وقالت الوزارة إن "هذه هي العقوبات الأكثر أهمية التي فرضت على كيانات مرتبطة بإيران منذ عام 2018، خلال ولاية ترامب الأولى".

نتنياهو يصر على هزيمة حماس.. و يؤكد: القتال ضد إيران لم ينتهإيران تعلن إحباط مخطط استخباراتي خطير لتخريب البلادترامب يهدد إيران: سنقصف المنشآت النووية مرة ثانيةإيران ترفض التفاوض مع أوروبا حول برنامجها الصاروخي

وفي وقت سابق، حذر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من أنه سيأمر بشن هجمات أمريكية جديدة على المنشآت النووية الإيرانية إذا حاولت طهران إعادة تشغيل المنشآت التي قصفتها الولايات المتحدة الشهر الماضي.

وأصدر ترامب هذا التهديد خلال محادثاته مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر في منتجع تيرنبيري للجولف على الساحل الغربي لاسكتلندا.

وصرح ترامب للصحفيين، بأن إيران ترسل "إشارات سيئة" وأن أي محاولة لإعادة تشغيل برنامجها النووي ستُسحق على الفور.

وقال ترامب: "لقد قضينا على قدراتهم النووية. يمكنهم البدء من جديد. إذا فعلوا ذلك، فسنقضي عليهم أسرع مما تتخيلون".

وصرح وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، بأن طهران تدرك تمامًا تأثير ما وصفه بالعدوان الأمريكي الإسرائيلي على الجانبين، مُحذرًا من أن أي تكرار لمثل هذه الأعمال سيؤدي إلى رد حاسم.

وكتب عراقجي على حسابه بمنصة “إكس”، أنه إذا تكرر العدوان؛ فلن نتردد في الرد بطريقة أكثر حسمًا، وبطريقة يستحيل التستر عليها"، دون تقديم مزيد من التفاصيل.

طباعة شارك وزارة الخزانة الأميركية الولايات المتحدة عقوبات جديدة إيران الرئيس الأمريكي دونالد ترامب

مقالات مشابهة

  • ترامب: على إيران تغيير نبرة تصريحاتها بشأن المفاوضات مع الولايات المتحدة
  • “تريندز” يؤكد أهمية الإعلام الرصين في تعزيز التفاهم الإنساني ومكافحة المعلومات المضللة
  • الولايات المتحدة تفرض عقوبات على أكثر من 100 شخص وشركة مرتبطة بإيران
  • ترامب: سأسمح للاجئين الأوكرانيين بالبقاء في الولايات المتحدة حتى انتهاء الحرب
  • تحولات في القطاع الصحي الأمريكي: براساد يغادر إدارة الغذاء والدواء وموناريز تقود مراكز مكافحة الأمراض
  • تايوان تنفي منع رئيسها من زيارة الولايات المتحدة الأميركية
  • رغم التصعيد التجاري.. ترامب: الرئيس الصيني سيزور الولايات المتحدة قريباً
  • ترامب يتعهد “بتصحيح الأمور” في غزة ونتنياهو يجري مشاورات
  • التحرك الأمريكي في ليبيا.. مصالح متجددة في ظل إدارة ترامب الثانية
  • السلاح الجديد لتركيا يتصدر المشهد في الولايات المتحدة! “أردوغان يعيد تشكيل المعادلة”