عربي21:
2025-10-08@14:22:19 GMT

صراع المعادن النادرة يفتح باب الإستعمار الجديد

تاريخ النشر: 22nd, April 2025 GMT

اندهش العالم من طلب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من نظيره الأوكراني فلولوديمير زيلينسكي التوقيع على اتفاقية تسمح للولايات المتحدة باستغلال المعادن النادرة في أوكرانيا، كتعويض عن مصاريف الحرب والمساعدات المقدمة. ومرد هذا الاندهاش إلى ما يفترض غياب الضمير لدى ترامب، في وقت تمر فيه أوكرانيا بحرب ضروس، لكن بمجرد معرفة أهمية المعادن النادرة لمستقبل البشرية لواشنطن، في صراعها الجيوسياسي مع الصين، وقتها قد يتم استيعاب عمق الموقف الأمريكي، وكذلك التوترات التي قد تترتب عن هذه المعادن بما فيها عودة الكولونيالية في صيغة جديدة.



عودة الإمبريالية في صيغة جديدة، يحتم على أمم الجنوب التكتل الاستباقي لمواجهة ما قد يحمله المستقبل من استعمار جديد. فتاريخ البشرية يقدم أمثلة كثيرة حول علاقة الاستعمار بالمواد الأولية
وهكذا، يبدو موقف ترامب غير لائق بالمرة، لأنه ربط استمرار المساعدات بالتوقيع على اتفاقية استغلال المعادن المذكورة، وبموقفه هذا فهو يعكس قلق واشنطن من التنافس الخطير مع الصين، القائم حول هذه المعادن التي يرتفع عليها الطلب العالمي بسبب استعمالها في الصناعات المتقدمة والمستقبلية.

وهذه المعادن النادرة هي: الليثيوم والكوبالت والنيكل، تُستخدم في البطاريات التي يعمل بها عدد من الأجهزة مثل الحواسيب على مختلف أنواعها، والهواتف والسيارات الكهربائية، ثم النيوديميوم والديسبروسيوم، اللذين يستخدمان في توربينات الرياح والمحركات الكهربائية، ويضاف إلى هذه المعادن النادرة الغاليوم، الجرمانيوم – حيوي لأشباه الموصلات والخلايا الشمسية. وتعتبر هذه صناعات الوقت الراهن والمستقبل، وكل من سيطر على أكبر حصة في العالم من إنتاج هذه المعادن سيتحكم في هذه الصناعات، ولهذا السبب، يوجد تدافع بين القوى الكبرى حول من سيسيطر على الإنتاج، ويحتد التنافس على الصراع الجيوسياسي بين الولايات المتحدة والصين، بحكم أنهما في ريادة العالم في الصناعات الدقيقة المستقبلية مثل أشباه الموصلات semiconductors التي تعتبر ضرورية لكل الأجهزة الإلكترونية والرقمية المتطورة.

ويكفي الاطلاع على قرار الرئيس ترامب بمنع تصدير بعض هذه «أشباه الموصلات» من إنتاج شركة نفيديا إلى الصين، للحد من تطورها في مجال الذكاء الاصطناعي، خاصة بعدما أبهرت بكين العالم ببرنامج ديب سيك، لمعرفة أهمية هذه المعادن والمنتوجات المرتبطة بها  في الصراع بين البلدين. وتدرك الولايات المتحدة أنها إذا فقدت معركة المعادن النادرة، ستفقد ريادة العالم لصالح الصين، في ظرف أقل من عقدين.

ومن خلال المقارنة، يبدو أن الصين تتفوق على الولايات المتحدة في هذا القطاع الاستراتيجي جدا، بل إن خبراء من الدولة ومختلف مراكز التفكير الاستراتيجي في  واشنطن، لم ينتبهوا منذ عقدين إلى أهمية هذه المعادن، وهو ما يفسر لماذا لم توقع الولايات المتحدة اتفاقيات كبيرة مع دول ثالثة، وتحاول الآن ربح الوقت الضائع. وعليه، تهيمن الصين على السوق العالمية لهذه المعادن، فمن جهة، تسيطر على حوالي 70% من استخراجها، ومن جهة أخرى تتحكم في  90% من معالجتها في جميع أنحاء العالم، وعلاوة على هذا، تنفرد الصين بقدرتها الفائقة على المعالجة المتطورة لهذه المعادن، التي تعد ضرورية لأن العناصر الأرضية النادرة، تتطلب تكريرا معقدا لتكون قابلة للاستخدام في التقنيات المتقدمة.

وإذا كان الغرب، خاصة الولايات المتحدة رهينة النفط العربي في الستينيات وحتى نهاية التسعينيات، قبل ظهور دول منتجة أخرى وارتفاع الإنتاج الأمريكي نفسه، وفقدان النفط العربي أهميته، فقد أصبح الغرب والولايات المتحدة رهينة مرة ثانية، وهذه المرة للمعادن النادرة التي تسيطر عليها الصين. في هذا الصدد، ووفق البيانات المتوفرة حتى الآن، تعتمد الولايات المتحدة اعتمادا كبيرا على الصين في وارداتها من هذه المعادن.

وعليه،  فهي تستورد 70% من هذه المعادن ومركباتها من الصين بين عامي 2020 و2023. ولم تنجح الصناعة الأمريكية في إقامة مصانع لمعالجة هذه المعادن، على الرغم من التقدم الصناعي الأمريكي. وإذا قامت الصين بحظر أي معدن، فتكون النتيجة تعطل سلاسل التوريد وتأخر كبير في الإنتاج، بما في ذلك الصناعة الحربية.

ومن ضمن الأمثلة، تسيطر الصين على الديسبروسيوم والتيربيوم والإيتريوم والسكانديوم، وهي عناصر حيوية للصناعة العسكرية، وبرامجها الإلكترونية مثل، التطبيقات العسكرية في مقاتلات الشبح إف 35 والصواريخ مثل، هيمارس، وأنظمة الرادار المتطورة واعتراض الصواريخ مثل ثاد والطائرات من دون طيار.

وعمليا، بدأت الولايات المتحدة تخسر معركة المعادن النادرة مع الصين، ففي إطار الحرب الدائرة بين الطرفين بسبب الرسوم الجمركية، وهي الحرب التي بدأها ترامب بداية الشهر الجاري قبل التراجع عنها نسبيا، وتأجيل الرسوم باستثناء على الصين، فرضت سلطات بكين ابتداء من 4 أبريل الجاري شروطا وقيودا، إلا في حالة الحصول على تراخيص أولية، على تصدير سبعة من المعادن النادرة ومشتقاتها بعد المعالجة، التي تهم أساسا الصناعة العسكرية والسيارات والطاقة الخضراء والطيران، وكانت النتيجة التي بدأت تظهر فقط بعد مرور أسبوعين، اضطرابات في استيراد الشركات الأمريكية وبطأً في الإنتاج.

عندما يجري الحديث عن الطابع الجيوسياسي الراديكالي بين أكبر قوتين الصين والولايات المتحدة ومن يدور في فلكهما حول المعادن النادرة، هذا يعني على ضوء تاريخ الطاقة من نفط وغاز وحتى فحم حجري ومواد أولية أخرى، أن الصراع سيمتد الى الدول التي تمتلك احتياطيات من هذه المعادن. وتابعنا منذ سنوات الأزمة بين المغرب وإسبانيا، مدعومة من بعض الدول الأوروبية حول الحدود البحرية بين الصحراء وجزر الكناري، بسبب ما يفترض توفر منطقة جبلية في قاع البحر تحمل اسم «تروبيك» على بعض من هذه المعادن النادرة. ولا يمكن فهم جزء من النزاعات الجديدة في القارة السمراء ومنها، الكونغو سوى بوقوف القوى الكبرى وراءها للانفراد مستقبلا باستغلال هذه المعادن.

ويكفي تأمل ما صدر عن روبرت كابلان أحد كبار الخبراء الجيوسياسيين، الذي قال مؤخرا، إن البحث عن المعادن النادرة واستغلالها بدأ يتخذ طابعا إمبرياليا، في إشارة الى عودة سيادة التدخل في الدول الضعيفة، التي لديها هذه المواد الأولية والتحكم في سياساتها. ونظرا لتراجع القانون الدولي بعد حربي غزة وأوكرانيا وظهور طبقة جديدة من الحكام في الغرب يؤمنون بسمو الغرب والإنسان الأبيض، ونظرا لأهمية هذه المعادن في إطار الصراع العالمي حول الريادة، يبقى كل شيء واردا ومنها، عودة الإمبريالية في صيغة جديدة، الأمر الذي يحتم على أمم الجنوب التكتل الاستباقي لمواجهة ما قد يحمله المستقبل من استعمار جديد. إن تاريخ البشرية خلال القرون الأخيرة يقدم أمثلة كثيرة حول علاقة الاستعمار بالمواد الأولية.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه العالم المعادن النادرة العالم الإستعمار المعادن النادرة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة المعادن النادرة من هذه المعادن

إقرأ أيضاً:

محللون: الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة قد يتواصل لأسابيع

واشنطن"أ.ف.ب": يحذّر محللون من أن المواقف المتصلّبة التي أدت إلى الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة تجعل التوصل إلى تسوية أمرا بعيد المنال وتهدد بتحويل الخلاف بين الديموقراطيين والجمهوريين إلى أزمة طويلة الأمد.

ومع دخول الشلل في الوكالات الفدرالية أسبوعه الثاني، أفاد عدد من الخبراء الاستراتيجيين الذين ما زالوا يتذكرون خلافات سابقة، وكالة فرانس برس بأن أحدث خلاف بين الرئيس دونالد ترامب وخصومه الديموقراطيين سيطول.

وقال أندرو كونيستشوسكي، الناطق السابق باسم السناتور تشاك شومر، وهو الزعيم الديموقراطي الذي يعد في صلب الخلاف، "يمكن لهذا الإغلاق أن يتواصل لأسابيع وليس لأيام فقط".

وأضاف بأن "الطرفين متشبثين حاليا بمواقفهما والحديث عن تسوية محدود للغاية".

ومن بين أبرز أسباب الإغلاق مطالبة الديموقراطيين بتمديد حزم الدعم للرعاية الصحية التي تنقضي مهلتها قريبا، ما يعني زيادة كبيرة في التكاليف بالنسبة لملايين الأمريكيين من أصحاب الدخل المنخفض.

وحمّل ترامب الأحد الأقلية الديموقراطية في الكونجرس مسؤولية عرقلة قراره بشأن التمويل الذي يتطلب تمريره عددا من أصواتهم.

وقال ترامب للصحافيين في البيت الأبيض "إنهم يتسببون بالأمر. نحن على استعداد للعودة"، في تصريحات تشي بأنه متصالح مع فكرة تواصل الإغلاق.

كما أفاد ترامب الصحافيين امس بأن إدارته بدأت بالفعل إقالة الموظفين الفدراليين، وليس تسريحهم مؤقتا فقط، محمّلا خصومه مسؤولية "التسبب بخسارة الكثير من الوظائف".

وفي مارس، عندما واجهت الحكومة خطر الإغلاق آخر مرة، بادر الديموقراطيون للتراجع عن موقفهم وصوتوا لصالح قرار مدته ستة أشهر يتجنّب الشلل الفدرالي رغم المخاوف السياسية.

لكن شومر، رئيس كتلة الديموقراطيين في مجلس الشيوخ، واجه انتقادات شديدة من قاعدة الحزب، وسيتردد في الخضوع هذه المرة لمطالب الجمهوريين خصوصا وأنه يواجه تحديات كبيرة من اليسار.

ويعتمد الجمهوريون في مجلس الشيوخ حاليا على إمكانية تراجع معارضيهم الديموقراطيين ويصرّون مرارا على التصويت.

وقال المسؤول الرفيع السابق في كاليفورنيا جيف لي الذي تفاوض مع إدارة ترامب الأولى "يمكنني رؤية اتفاق مؤقت من الحزبين بحلول أواخر أكتوبر".

وأضاف أن إطالة أمد الإغلاق لأكثر من شهرين "سيوقف عمليات الحكومة بشكل جدي ومن شأنه أن يؤثر على اعتبارات الأمن القومي والوطني ويؤدي بالتالي إلى تحميل الحزبين المسؤولية".

وأفاد محللون بأنه من شأن أي تحوّل في الاستراتيجية أن يعتمد على ملاحظة أي الطرفين تغيّر الرأي العام ليصبح ضدّهما.

وتباينت استطلاعات الرأي حتى الآن، رغم أن الانتقادات تطال الجمهوريين أكثر من الديمقراطيين بشكل عام.

وشهدت الحكومة أطول فترة إغلاق في تاريخها في ولاية ترامب الأولى بين العامين 2018 و2019 عندما توقفت الوكالات الفدرالية عن العمل لمدة خمسة أسابيع.

ويكثّف الرئيس هذه المرة الضغط عبر تهديد أولويات الليبراليين والتوعد بعمليات تسريح كبيرة لموظفي القطاع العام.

يرى أستاذ السياسات لدى "جامعة روتشستر" جيمس دراكمان بأن تعنّت ترامب يدفعه للاعتقاد بأن الخلاف هذه المرة سيؤدي إلى إغلاق أطول من ذاك الذي تم في 2019.

وقال لفرانس برس إن "إدارة ترامب ترى بأن لديها تفويض غير محدود وبالتالي فإنها لا تتنازل بالمجمل".

وأضاف بأن "الديموقراطيين واجهوا انتقادات لأنهم لم يواجهوا بالقوة الكافية ولم يفض آخر تنازل إلى أي نتيجة إيجابية بالنسبة للديموقراطيين. لذا، فإنهم يميلون سياسيا للتمسّك بموقفهم".

كلّف إغلاق 2018-2019 الاقتصاد 11 مليار دولار في الأمد القصير، بحسب مكتب الكونجرس للموازنة. ولم يتم استرداد مبلغ قدره ثلاثة مليارات دولار.

وحذّر وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت من أن الإغلاق الأخير قد يؤثر بشكل كبير على نمو الناتج المحلي الإجمالي.

وبالنسبة للمحلل المالي مايكل آشلي شولمان الذي يتّخذ من كاليفورنيا مقرا، فإن الواقع الاقتصادي للإغلاق قد يجبر الطرفين على التوصل إلى تسوية.

وقال "إذا انتاب الفزع وول ستريت وارتفعت عوائد سندات الخزانة، فسيكتشف حتى أكثرهم تشددا فكريا فجأة التزاما عميقا بالحلول التي يمكن أن ترضي الحزبين".

ولا يشعر جميع المحللين بالتشاؤم حيال إمكانية التوصل إلى حل سريع.

ويرى رئيس قسم الرقابة والتحقيقات في الكونغرس لدى شركة المحاماة العالمية "هوغان لوفيلز" آرون كاتلر الذي كان موظفا في مجلس النواب، بأن الإغلاق سيدوم 12 يوما كحد أقصى.

وقال إن "الديموقراطيين في مجلس الشيوخ سيتراجعون أولا.. مع تواصل الإغلاق، لم تكون هناك أي جلسات استماع في الكونجرس وسيتم إيقاف الكثير من العمل في الوكالات" الفدرالية.

وأضاف "هذا انتصار بالنسبة للكثير من الديموقراطيين في الكونغرس لكنهم لا يريدون بأن يتم تحميلهم مسؤوليته".

مقالات مشابهة

  • روسيا تحذر الولايات المتحدة من تزويد أوكرانيا بصواريخ توماهوك
  • عراقجي: الولايات المتحدة ضاقت ذرعا بحروب إسرائيل التي لا تنتهي
  • المصارع كيشو يفتح باب الجدل.. بطل مصر الأولمبي يبدأ أولى خطوات تمثيل الولايات المتحدة !
  • إسواتيني تستقبل مرحّلين جدد من الولايات المتحدة
  • تركيا تتفاوض مع الولايات المتحدة بشأن العناصر الأرضية النادرة في بيليكوفا
  • رئيس تايوان: سيطرة الصين على تايوان ستهدد الولايات المتحدة أيضًا
  • Snapdragon 8 Elite Gen 5.. معالج كوالكوم الجديد يفتح عصرًا أسرع للذكاء الاصطناعي على الهواتف
  • لهذا كان عليَّ أن أهرب من الولايات المتحدة
  • محللون: الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة قد يتواصل لأسابيع
  • الجدة ليو.. أيقونة الحيوية التي كسرت قيود العمر في الصين| تفاصيل