كيف سيتعامل الشرع مع مخرجات مؤتمر الأكراد؟
تاريخ النشر: 29th, April 2025 GMT
ما تزال تحديات وملفات عديدة تواجه السلطة الجديدة في سوريا، وذلك على الرغم من سقوط نظام الأسد البائد في الثامن من ديسمبر/ كانون الأول 2024، حيث عقدت في 26 من أبريل/ نيسان الجاري، غالبية القوى السياسيّة الكردية مؤتمر "وحدة الصف والموقف الكردي" في مدينة القامشلي السورية.
ثم ظهر منشور نسب إلى رامي مخلوف، أبرز رموز الفساد في عهد النظام الاستبدادي، متحدثًا عن "مجزرة الساحل"، ومبشرًا بولادة "فتى الساحل"، و"إعادة تنظيم قوات النخبة" التي ادعى أنها تضم نحو 150 ألف عنصر، إلى جانب تشكيل لجان شعبية قوامها مليون شخص.
لم يتأخّر الناشطون من الساحل السوري في الرد على مخلوف والتبرؤ منه، كونه "لا يمثل العلويين، بل يمثل الفاسدين الذين استغلوا الطائفة، وسرقوا قوت السوريين"، وأكدوا أن الطائفة العلوية "تتبرأ من هذا الخطاب الطائفي الانقسامي"، ولن تنجر وراء الأكاذيب والمؤامرات الاستخباراتية.
ما يثير السخرية المرّة هو حديث مخلوف عن "نصرة المظلومين"، كونه يشكل إهانة لذاكرة السوريين الذين ذاقوا ويلات نظام الاستبداد الأسدي، وكان شريكًا أساسيًا فيه.
إعلانولعل الخطير في الأمر هو أن الجهات المعادية للتغيير السوري تصعد من خطاب الانقسام الطائفي، والتفتيت المناطقي في مرحلة دقيقة تمر بها سوريا الجديدة، وتحاول التعافي من تبعات نظام الأسد، فيما توجه تلك القوى سهامها نحو ما تبقى من النسيج الوطني السوري، محاولة إعادة إشعال بؤر التوتر الطائفي والمناطقي.
غير أن ما يستحق التوقف عنده هو مؤتمر "وحدة الصف والموقف الكردي"، الذي خرج بمطالب وتوصيات أثارت جدلًا واسعًا بين عموم السوريين، واستدعى ردًا سريعًا من الرئاسة السورية، رفضت فيه أي محاولات فرض واقع تقسيمي، أو إنشاء كيانات منفصلة تحت مسميات الفدرالية أو "الإدارة الذاتية"، دون توافق وطني شامل، معتبرة أن وحدة سوريا أرضًا وشعبًا خطّ أحمر، وأي تجاوز يعدّ خروجًا عن الصف الوطني، ومساسًا بهُوية سوريا الجامعة.
بداية، لا يعدُّ مؤتمر القامشلي هو الأوّل من نوعه بين القوى الكردية السورية، التي يشكّل كل من حزب الاتحاد الديمقراطي والمجلس الوطني الكردي قطبَيها الأساسيّين، فقد سبق أن عقدت مؤتمرات واجتماعات بين الطرفين في مدينة أربيل بإقليم كردستان العراق، وبرعاية الزعيم الكردي العراقي مسعود البارزاني، ونتجت عنها اتفاق "هولير 1" الذي وقّعه في 11 يونيو/ حزيران 2012، كل من المجلس الوطني الكردي، و"مجلس شعب غربي كردستان" اللذين شكلهما حزب الاتحاد الديمقراطي، وحركة المجتمع الديمقراطي. وكانت غايته بلورة مشروع سياسي وقيادة الصف الكردي، والتواصل مع قوى المعارضة السورية للوصول إلى سوريا ديمقراطية وفدرالية.
ونتج عن الاتفاق تشكيل لجان أمنية وخدمية وسياسية، لكنه بقي حبرًا على ورق. ثم حاول مسعود البارزاني استيعاب الخلافات الحاصلة بين الطرفين، وتمكن من عقد لقاءات واجتماعات بينهما، أفضت إلى اتفاقية أخرى بينهما تحت مسمى اتفاقية "هولير 2" في ديسمبر/ كانون الأول 2013، ونصّت على شراكة الطرفين في إدارة المناطق السورية الكردية عسكريًا وسياسيًا.
إعلانبيدَ أنّ "مجلس شعب غربي كردستان" تنصّل بعد أشهر قليلة من الاتفاق، لتنتهي الهيئة الكردية العليا فعليًا مع انضمام "المجلس الوطني الكردي" إلى "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية"، فيما أعلن "حزب الاتحاد الديمقراطي" عن "إدارة ذاتية" للمناطق الكردية، مؤلفة من ثلاثة كانتونات، هي: عفرين، وكوباني، (عين العرب) والجزيرة. ثم جرى توقيع اتفاقية في دهوك العراقية في 22 أكتوبر/تشرين الأوّل 2014، لكنها لم تنفّذ على الأرض.
تولت كل من الولايات المتحدة، وفرنسا رعاية الحوار بين القوى الكردية في سوريا بعد فشل جهود مسعود البارزاني، ونجحتا هذه المرّة في عقد اجتماع القامشلي، الذي حضره ممثلون عن حزب العمال الكردستاني التركي، وتمّ رفع علمه في المؤتمر وبمستوى أعلى من مستوى الأعلام الأخرى بما فيها العلم الوطني السوري.
لا شك أن عقد مؤتمر للقوى والأحزاب السياسية الكردية السورية مرحّب به إن كانت غايته إنهاء ما خلّفته السنوات من توترات في الشارعين الكردي والعربي، والخروج بورقة عمل واحدة من أجل الانخراط في الجسد السوري الجديد، وإعادة بناء الدولة السورية، وفق مبادئ المواطنة المتساوية، ودولة الحق والقانون، وضمان حقوق كافة المكوّنات السورية وتمثيلها سياسيًا.
كما أنه لا خلاف على إقرار المشاركين في المؤتمر، وثيقة تأسيسية تعبّر عن إرادة جماعية، وتقدّم مقاربة واقعية لحلّ عادل وشامل للقضية الكردية في إطار سوريا موحّدة، "بهويتها متعددة القوميات والأديان والثقافات، ويضمن دستورها الحقوق القومية للشعب الكردي، ويلتزم بالمواثيق والمعاهدات الدولية لحقوق الإنسان، ويصون حرية المرأة وحقوقها ويمكنها من المشاركة الفاعلة في المؤسسات كافة".
ولا خلاف أيضًا على أن يطالب المشاركون في المؤتمر الكردي بأن يكون نموذج الحكم في سوريا لا مركزيًا، بوصفه بديلًا عن الأطروحات الاتحادية أو الكونفدرالية التي تنادي بها أحزاب كردية، ما يعني جنوح قوى المؤتمر إلى النهج الواقعي الذي باتت تتعامل به بعض القوى الكردية مع الحالة السورية الجديدة بعد سقوط نظام الأسد البائد.
إعلانلكن المستغرب هو تفسير بعض الأحزاب السياسية الكردية بأن اللامركزية المقصودة هي لا مركزية سياسية وإدارية، ما يعني إعادة الأمور مجددًا إلى المطالب الفدرالية والحكم الذاتي، خاصة أن وثيقة المؤتمر تدعو إلى "توحيد جميع المناطق الكردية ضمن وحدة سياسية إدارية متكاملة، في إطار سوريا اتحادية"، في وقت تحرص فيه الإدارة السورية الانتقالية على التعامل برؤية سياسية جامعة مع التحديات التي تواجه وحدة البلاد.
لذلك فضّلت الحوار مع قوات سوريا الديمقراطية (قسَد)، وجرى توقيع اتّفاق بين الرئيس أحمد الشرع، ومظلوم عبدي في العاشر من مارس/ آذار الماضي، أقرّ بأن "المجتمع الكردي مجتمع أصيل في الدولة السورية، وتضمن الدولة السورية حقه في المواطنة وكل حقوقه الدستورية"، وذلك في خطوة سياسية غير مسبوقة في تاريخ البلاد، تعكس تركيز الإدارة السورية على استعادة وحدة البلاد، وانفتاحها على منح الأكراد لا مركزية إدارية في المناطق التي يشكلون فيها أكثرية، وصون حقوقهم الثقافية والقانونية، مع حرصها على دمج قوات "قسد" في الجيش السوري الجديد.
وبالتالي تقتضي الوطنية السورية بألا تذهب الأحزاب الكردية التي اجتمعت في القامشلي إلى المطالبة بـ"تشكيل جمعية تأسيسية برعاية دولية تضم ممثلي كافة المكونات السورية لصياغة دستور بمبادئ ديمقراطية، وتشكيل حكومة من كافة ألوان الطيف السوري ومكوناته بصلاحيات تنفيذية كاملة"، لأنها تحيل إلى عهود الوصاية الدولية المرفوضة من طرف غالبية السوريين، بمن فيهم غالبية السوريين الأكراد.
أخيرًا، تعكس مخرجات مؤتمر وحدة الموقف الكردي بعض الاستقواء، وانعدام الثقة بالحكومة المركزية، لذلك رفعت الأحزاب الكردية سقف مطالبها كي تساومها، ويكون لها حصة في السلطة، لكن المرفوض سوريًا هو ما يشكل تهديدًا يمسّ وحدة البلاد وسيادتها. والسؤال المطروح: هو كيف ستتعامل الحكومة السورية مع مخرجات هذا المؤتمر؟
إعلانلن تخرج الإجابة عن أن الحكومة السورية ليس أمامها سوى بذل مزيد من الجهود، وانتهاج لغة الحوار للتعامل مع التحديات التي طرحتها أحزاب المؤتمر، وكذلك لمواجهة التحديات الأخرى التي تواجهها في منطقة الساحل السوري والجنوب أيضًا، لأن بناء سوريا الجديدة يتطلب صدرًا واسعًا، وعقلًا سياسيًا جامعًا يؤمن بضرورة إشراك الجميع، وبمرجعية المواطنة والقانون فوق الاعتبارات الطائفية والفئوية والمناطقية، لأن الدولة ليست امتيازًا حصريًا لأي طائفة أو حزب أو هيئة.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
محافظ الدقهلية يشهد مؤتمر الكلى السنوي بالمنصورة
شهد اللواء طارق مرزوق محافظ الدقهلية، اليوم المؤتمر الخامس لوحدات الكلى الذي نظمته مديرية الصحة بنادي جزيرة الورد بالمنصورة، بحضور العالم الجليل الأستاذ الدكتور محمد غنيم مؤسس مركز الكلى والمسالك البولية بالمنصورة ورائد زراعة الكلى بالشرق الأوسط.
وقال محافظ الدقهلية "إن سعادتي غامرة اليوم بوجودي بين نخبة متميزة من أساتذة وأطباء الكلى، ووجود العالم الجليل الدكتور محمد غنيم معنا الذي نحمل له جميعا كل التقدير والاحترام، والذي يعود له الفضل في تأسيس وريادة مركز الكلى بالمنصورة، كما أرحب بالحضور جميعا من مختلف التخصصات الذين نفخر بهم جميعا ونباهي بعلمهم ومكانتهم بين الأمم".
وأكد "مرزوق" أن محافظة الدقهلية وعاصمتها المنصورة لها سمعتها الطبية واسعة النطاق، لما تقدمه من خدمات طبية متكاملة ومتميزة لكافة المرضى على مستوى الجمهورية وخارجها، وأن مدينة المنصورة هي عاصمة مصر الطبية التي يتوافد عليها المرضى من جميع المحافظات لتلقي العلاج، ولا ندخر جهدا في توفير كافة الخدمات الطبية اللازمة للجميع.
ووجه محافظ الدقهلية حديثا لشباب الأطباء الحاضرين مؤكدا لهم أنهم مستقبل مصر الواعد وأمل الأمة وعليهم مسئولية استكمال مسيرة البناء والعطاء واستمرارية البذل والتضحية، لتظل الدقهلية منارة لكافة العلوم وفي مقدمتها العلوم الطبية، وتظل متميزة بكوادرها العلمية والبحثية وتحافظ على مكانتها وصدارتها، مؤكدا لهم أن لديكم قامات علمية لا بد من الاستفادة من علمهم وخبرتهم وعطاءهم، مشددا على ضرورة العمل من أجل الوطن لأجل غدا أفضل لنا ولاجيالنا.
كما وجه محافظ الدقهلية تحية شكر وتقدير، للدكتور خالد عبد الغفار نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة، على جهوده المتميزة ودعمه المتواصل لمحافظة الدقهلية، والشكر والتقدير للصحة لإدخال برنامج العلاج النفسي لمرضى الغسيل الكلوي، كما وجه الشكر والتقدير للحضور جميعا وللقائمين على تنظيم هذا المؤتمر واهتمامهم بانجاحه، داعيا أن يخرج المؤتمر بتوصيات ونتائج تواجه كافة التحديات وتضع الحلول لكافة المشكلات، والخروج بنتائج ملموسة تنعكس على الخدمات الطبية والعلاجية المقدمة للمواطنين من شتى البلاد.
في ختام المؤتمر، أعلن النائب طارق عبد الهادي عضو مجلس الشيوخ عن تبرع جمعية جزيرة الورد الخيرية، بوحدة غسيل كلوي كاملة لمديرية الصحة، وقدم محافظ الدقهلية درع مديرية الصحة للدكتور محمد غنيم، وقدم النائب طارق عبد الهادي درع النادي لمحافظ الدقهلية، وللدكتور محمد غنيم، وللدكتور تامر مدكور وكيل وزارة الصحة، والدكتور أحمد البيلي وكيل المديرية للطب العلاجي.
ومن خلال استعراض بريزنتيشن لأعمال المؤتمر، أوضح أنه سيناقش هذا العام المستجدات العلمية في مجال الكلى كما يشمل أيضا جلسة لتقديم الحالات النادرة والصعبة التي تم علاجها بأقسام الكلى بالمستشفيات المختلفة بالدقهلية، وسيتم تنظيم مسابقة علمية طبية بين وحدات الكلى وكذلك سيتم تكريم أكثر وحدات الكلى تميزا وتطورا في تقديم الخدمة الطبية لعام 2025.
كما أوضح أن وحدات الكلى بالدقهلية تعتبر الأكثر تميزا والأكبر من حيث عدد المرضى وعدد الماكينات على مستوى الجمهورية، حيث تقدم وحدات الكلى بالدقهلية الخدمة لعدد 3000 مريض من خلال 30 وحدة غسيل كلوي موزعة بمختلف أماكن المحافظة وبها عدد 1030 ماكينة غسيل كلوي وتقدم سنويا 450.000 ألف جلسة غسيل كلوي، كما توفر خدمات الغسيل الكلوي لمرضى الفيروسات الكبدية فيروس سي وبي وتم افتتاح وحدة الغسيل الكلوي لمرضى نقص المناعة المكتسب بمستشفى حميات المنصورة، وتقوم المستشفيات بالغسيل الكلوي للحالات الطارئة أيضا.
جاء المؤتمر الدكتور طارق الباز رئيس الجمعية العربية لأمراض الكلى، والدكتور أيمن الرفاعي رئيس الجمعية المصرية لامراض الكلى، الأستاذ الدكتور جمال السعدي رئيس الجمعية الأفريقية لأمراض الكلى، والأستاذ الدكتور محمد صبح الرئيس الشرفي لرابطة أطباء الكلى بالدقهلية، والدكتورة علياء الغمراوي مدير إدارة المستشفيات ومدير إدارة الكلى بالوزارة، الأستاذ الدكتور علي توفيق نقيب أطباء الدقهلية، الدكتور أسامة الشحات سفير الجمعية العالمية للكلى ونقيب الأطباء السابق، ولواء دكتور نهى محمود خليفة مدير طبي بمستشفى الطلبة بالمجمع الطبي بقطاع الخدمات الطبية، والدكتور تامر مدكور وكيل وزارة الصحة، الدكتور أحمد البيلي وكيل المديرية للطب العلاجي، الدكتور أحمد الموافي مدير إدارة الكلى، والدكتور محمد رياض مدير التأمين الصحي، وعدد من مديري إدارات الكلى بالمحافظات المختلفة وجميع رؤساء أقسام الكلى وأطباء الكلى بالدقهلية.
جانب من المرتمر 1000214082 1000214086 1000214050 1000214044 1000214043 1000214094 1000214096 1000214041 1000214067 1000214040 1000214083 1000214034 1000214030 1000214042 1000214038 1000214002 1000214070 1000214007 1000214008 1000214009