#تأنيث_التدريس: مرة أخرى!!
بقلم: د. #ذوقان_عبيدات
تتفاعل ردود الفعل المجتمعية، أو ممن يختطفون المجتمع، أو ممن يحاولون فرض الوصاية الأخلاقية والثقافية حسب رؤيتهم على #المجتمع، في حين يميل الطرف الآخر إلى عدم الصدام
معها؛ خوفًا من صدامه مع شرعيات قوية تفوق الشرعية القانونية!
لقد قيل الكثير في القرار، وكأن هناك
حكومة، أو سلطة، أو وزيرًا يريد تدمير المجتمع! ففي كل مفصل
نسمع الاتهامات نفسها: تدمير الأسرة، تمييع الشباب، دمار الأجيال ، وأخيرًا تهميش المعلمين الأبطال الذكور الذين أبلوا بلاءً حسنًا….
ليس المجال مناقشة هذه الأفكار
صوابًا، أو خطأً، بمقدار توضيح
أبعاد قرار تأنيث التدريس، وليس تأنيث المدارس!
(١)
واقع التدريس
لدينا مدارس حكومية، وخاصة تقارب ثمانية آلاف مدرسة.
ولدينا هيئات تدريسية تقارب
مائة ألف معلم ومعلمة. ولدينا
حوالي ٢،٥ مليون طالب وطالبة!
ومن الناحية الإحصائية البحتة:
عدد مدارس الإناث يفوق عدد مدارس الذكور. وعدد المعلمات ٧٠٪ من مجموع الهيئات التدريسية.
وعدد الطالبات يعادل عدد الطلاب.
وعدد الملتحقات ببرامج إعداد المعلمين بالجامعات يفوق كثيرًا جدّا عدد الملتحقين الذكور!
هذه الأوضاع وحدها تشير إلى اختلال كبير: طلاب ذكور يعادلون٥٠٪، ومعلمون ذكور يعادلون ٣٠٪ فقط!
وهذا يعني بوضوح أن طلابًا ذكورًا
لا يجدون معلمين ذكورًا!! فما الحل؟ هل نستورد لهم معلمين ذكورًا من الخارج؟ أم نكلف المعلمات بتدريسهم؟؟؟
(٢)
مقالات ذات صلة “ناشيونال إنترست” تكشف تفاصيل غير متوقعة عن جنازة البابا فرنسيس 2025/04/30مستوى الأداء التدريسي
حتى الآن، فإن المعلمين الذكور هم من يدرسون الطلبة في الصفوف الرابع، والخامس، والسادس. وكان منتقدو التعليم من حراس المجتمع والأخلاق، يشكون من ميوعة الجيل، وتعرض الأطفال للتنمر، وضعف المدرسة، بل ويكيلون التهم للمعلمين الذكور بعدم الجدية، وضعف الانتماء للعمل، والبحث عن عمل إضافي…إلخ. ولم توجه مثل هذه التهم للمعلمات. فمدارس المعلمات” نسبيّا” أكثر أناقة، وأكثر انتظامًا، وأقل مشكلات. وفي ظل هذا الوضع ، لم نسمع من حرّاس الفضيلة إلا التهم نفسها: سيداو ، القهر الغربي،الهيمنة الأجنبية، تدمير الأسرة، ضياع الأجيال..،دمار الأمة!
فالتهم تحريضية جاهزة، لا علاقة لها بقرار تربوي، حتى لو عدنا لمناهج القرن السابع الميلادي، ومناهج قرون الظلام. فالمعلمات أكثر انتظامًا، وربما أكثر فاعلية إذا ما تلقين دعمًا تأهيليًا ورسميّا ومجتمعيّا. فالتعليم ليس مهنة نسائية، ولكنها تلائم النساء، والنساء يحتملنها أكثر. كما أن التعليم يوفر إجازات أكثر تحتاج لها المرأة في تدبير شؤون المنزل.
(٣)
المعلمة والنموذج الذكوري
لا أدري كيف نلحق الضعف والميوعة بوجود نموذج المرأة المعلمة في الصف الذكوري!ولماذا تنبهوا لغياب النموذج الذكوري الآن.
نحن أمام الحقائق الآتية:
-هناك حوالي٢٥٪ من الأسر الأردنية تديرها امرأة، وذلك بسبب هروب النموذج الذكوري من أسرته.
-وهناك نسبة ليست معدودة من الأسرة يفوق فيها النموذج النسائي القوي على نموذج ذكوري ضعيف، حيث السلطة، أو”التسلط” للمرأة! يعني النموذج الذكوري ليس فاعلًا فيها.
-وهناك نماذج ذكورية في بعض الأسر، يتحلل النموذج الذكوري
منها طوعًا!وهذا نموذج ذكوري
مهمل!
وفي غياب النموذج الذكوري الفاعل، وحسب قوانين الطبيعة، يمتلىء الفراغ تلقائيًا بالنموذج النسائي،
الذي يتحمل المسؤولية بإمانة وإخلاص! فالمرأة توجد في مكانين:
الأول، وهو مكانها الطبيعي في الأسرة والعمل.
والآخر، وجودها في كل مكان ينسحب منه طوعًا النموذج الذكوري!
إذًا! وجود النموذج الأنثوي أمام الطلبة الذكور هو طبيعي أحيانًا،
وضرورة في بعض الأحيان.
وفي كلتا الحالين: هو نموذج إيجابي، وليس عارًا أن تدرس المعلمة المرأة طلابًا ذكورًا!
وقد اعتاد الذكور رؤية نموذج المعلمة في سنتي الروضة والصفوف الثلاثة الأولى، واعتاد رؤية نموذج الأم، ولذلك لن “يُصدم” برؤية نموذج المعلمة في بقية الصفوف وحتى التوجيهي!
(٤)
لكي ينجح نموذج المرأة!
قد تواجه المعلمة في تعاملها مع الطلبة الذكور بعض المشكلات، وقد تفوق هذه المشكلات قدرة بعض المعلمات، وهذا طبيعي جدا، وقد يحصل مع المعلمين الذكور أيضا!
فما الحل؟
هل نكلف الشرطة بتعليم هؤلاء؟
أم ندعم المعلمات: ماديّا وتربويّا؛
لنرفع من قدرتهن على مواجهة تحديات ناتجة عن تعليم الذكور!!
تحتاج المعلمة كما المعلم إلى إعداد مِهني، ودعم سيكولوجي، ودعم مجتمعي.
أنا ممن يقولون: التعليم الجيد يعتمد على المعلم الجيد، بغض النظر عن الجنس، مع قدرة المرأة على توفير بيئة أكثر ملاءمة للتعلم الجيد!
ولكل ما سبق، فإنني أدعم قرار الوزارة بكل قوة، وأرى ظلمًا في اتهام القرار بالسيداوية، والسوداوية! مع أني لا أرى في السيداوية ما يراه بعضكم من عيوب!
فهمت عليّ جنابك؟!!
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: ذوقان عبيدات المجتمع المعلمة فی ذکور ا
إقرأ أيضاً:
سلسلة تصنيع سيارة كهربائية خلال 4 ساعات.. نموذج للتنمية الإقليمية المنسقة في الصين
ليانغ سوو لي
إعلامية صينية
في منطقة دلتا نهر اليانغتسي بشرق الصين، يمكن تجميع أكثر من عشرة آلاف قطعة غيار لإنتاج سيارة كهربائية خلال أربع ساعات فقط، مما يتيح تصنيعًا متكاملًا وسريعًا من المكونات إلى التجميع النهائي. هذا الإنجاز الصناعي يعكس التطبيق العميق لمفهوم التنمية الإقليمية المنسقة في الصين، ويُجسد بشكل مباشر كفاءة النظام الصيني.
نظرًا لاتساع مساحة الصين وتنوع الموارد بين أقاليمها، فإن تحقيق التنمية عالية الجودة يتطلب رؤية وطنية شاملة، وتعزيز التدفق الحر لعوامل الإنتاج، وتكامل المزايا النسبية بين المناطق.
وخلال السنوات الأخيرة، تسارعت الجهود لتحقيق التكامل الإقليمي في مشاريع كبرى مثل التعاون بين بكين وتيانجين وخبي، والتكامل في دلتا نهر اليانغتسي، وتطوير منطقة الخليج الكبرى (قوانغدونغ-هونغ كونغ-ماكاو)، والتنمية على امتداد الحزام الاقتصادي لنهر اليانغتسي، وتسعى الصين من خلال ذلك إلى بناء سوق وطنية موحدة وهيكل تنمية إقليمية منسق ومتعدد الأقطاب.
نمو سلسلة صناعة السيارات الكهربائية في منطقة دلتا نهر اليانغتسي يُعد مثالًا حيًا على نجاح هذا التوجه الاستراتيجي. فهذه الصناعة تشمل أنظمة الطاقة، والهياكل، والأنظمة الذكية، وتضم أكثر من عشرة آلاف نوع من القطع، فكيف يمكن تجميع منظومة صناعية بهذا التعقيد خلال أربع ساعات فقط؟ يكمن الجواب في البنية المؤسسية التي تستند إلى تنسيق إقليمي فعال.
تشير التقارير إلى أن مدينة تشانغتشو في مقاطعة جيانغسو تضم أكثر من 500 شركة متخصصة في تصنيع قطع غيار السيارات، منها أكثر من 80 شركة توفر البطاريات، وتصل نسبة اكتمال سلسلة الصناعة فيها إلى 97%. ويمكن للمكونات مثل المقاعد والمصابيح والديكورات الداخلية أن تُجهز وتُنقل إلى مصانع التجميع الواقعة ضمن نطاق 20 كيلومترًا خلال ساعة واحدة فقط، مما يشكل ما يُعرف بـ "دائرة لوجستية مدتها ساعة واحدة".
وعلى مستوى المقاطعة، يمكن توفير 50% من الموارد الداعمة خلال ساعتين فقط. فعلى سبيل المثال، تُرسل رقائق السيارات من مدينة ووشي، والفولاذ عالي الصلابة من مدينة سوتشو، بكفاءة عالية ضمن نطاق يتراوح بين 120 و180 كيلومترًا، أما على مستوى المنطقة، فيمكن نقل المواد الخام للبطاريات القادمة من مدينة نينغده والشاشات الذكية من مدينة شنجهاي بين المدن في أقل من أربع ساعات، لتُشكل بذلك "دائرة صناعة في 4 ساعات" تغطي أكثر من 80% من المكونات اللازمة للسيارة.
لا تعني التنمية الإقليمية المنسقة السعي إلى تحقيق مستويات اقتصادية متماثلة بين جميع المناطق، بل تعني التخصص والتكامل بناءً على خصوصية كل منطقة. وتُعد دلتا نهر اليانغتسي نموذجًا مثاليًا لذلك، حيث تركز شنجهاي على تطوير الرقائق والبرمجيات، وتركز جيانغسو على الدعم الصناعي، فيما تتخصص تشجيانغ في تصنيع القوالب المعدنية والمكونات الذكية، وتلعب آنهوي دورًا بارزًا في تجميع السيارات وتطوير المواد الجديدة. ومن خلال هذا التعاون المتكامل، أصبحت المنطقة أكبر حزام صناعي تنافسي لصناعة السيارات الكهربائية في الصين.
وبحسب بيانات الرابطة الصينية لمصنّعي السيارات الصادرة في يوليو الجاري، بلغ إنتاج الصين من السيارات الكهربائية خلال النصف الأول من العام نحو 6.968 مليون سيارة، بزيادة سنوية قدرها نحو 41%، ما يشكل 44.3% من إجمالي مبيعات السيارات. وأسهمت دلتا نهر اليانغتسي وحدها بأكثر من 40% من هذا الإنتاج، ما يعكس ليس فقط قوتها التصنيعية، بل أيضًا نجاح آليات التنسيق الإقليمي في إطلاق كفاءات هيكلية.
تركز التنمية الإقليمية المنسقة في الصين على الإنسان كمحور للتنمية، فهي لا تقتصر على معدلات النمو، بل تهتم أيضًا بتغطية البنية التحتية، وتحقيق العدالة في الخدمات العامة، وتعزيز التكامل البيئي. ففي عام 2025، تم إطلاق أول حزمة تجريبية من خمسة ابتكارات مؤسسية، تضمنت تقاسم الخدمات العامة بين المقاطعات، وتوحيد معايير الائتمان، وتأسيس نظام تعاوني بين إدارات الشرطة المحلية. وفي المجال البيئي، بدأ تنفيذ خطة شاملة لإدارة الأنهار والبحيرات العابرة للمقاطعات في حوض بحيرة تايهو، من خلال نظام رقابي موحد وآليات للتعويض البيئي، مما يوفر دعمًا مؤسسيًا للتنمية الخضراء.
وعلى نطاق أوسع، بدأت استراتيجية التنمية الإقليمية المنسقة تُحقق نتائج ملموسة على مستوى البلاد. فمن "دائرة الصناعة في 4 ساعات" في الشرق، إلى "المنطقة الرقمية" في الجنوب، و"ممرات النقل الخضراء" في الشمال، أسهمت هذه الاستراتيجيات في تحسين الهيكل الاقتصادي وتضييق الفجوات التنموية بين المناطق.
وفي ظل التحديات العالمية، مثل إعادة هيكلة سلاسل التوريد وتصاعد النزعات الحمائية، تقدم الصين نموذجًا قويًا وفعالًا من خلال بناء سوق موحدة وتعزيز التنسيق الإقليمي. وعلى عكس بعض الدول التي تواجه تركز التنمية في مناطق محددة أو تعاني من تفريغ صناعي، يركز النموذج الصيني على التدفق الحر للعوامل، والتخطيط المكاني المنظم، والتكامل القائم على التمايز، مما يعزز كفاءة الدورة الاقتصادية المحلية ويزيد من مرونة سلاسل التوريد العالمية.
إن التنمية الإقليمية المنسقة لا تعني مجرد توزيع الموارد بالتساوي، بل تقوم على التخطيط العلمي، والتعاون الهيكلي، والتكامل المتبادل. واليوم، يمكن إتمام تجميع سيارة كهربائية خلال أربع ساعات فقط. هذا الإنجاز ليس مجرد نتيجة لتكامل صناعي فحسب، بل هو تجسيد حي لقوة التنسيق الإقليمي وفعالية التخطيط الاستراتيجي في الصين الحديثة.