قال الخبير العسكري والإستراتيجي إلياس حنا إن المقاومة تتبع إستراتيجية "المساحة مقابل الوقت" في مواجهة محاولات جيش الاحتلال للسيطرة على 75% من قطاع غزة كحد أدنى.

وأشار حنا إلى أن هذه الإستراتيجية تهدف إلى إعطاء القليل من المساحة مقابل إنزال الكثير من الخسائر، في انتظار تحول سياسي قد يغير موازين المعركة.

وأوضح الخبير العسكري أن المقاومة طورت تكتيكًا جديدًا يقوم على مبدأ بسيط لكنه فعال: بدلا من الدفاع عن كل شبر من الأرض، تركز المقاومة على جعل تقدم قوات الاحتلال مكلفًا جدًا من ناحية الخسائر البشرية والمادية.

ويشبه هذا التكتيك إلى حد كبير ما تطبقه الجيوش في الحروب الحديثة عندما تواجه قوة متفوقة تقنيًا، حيث تحول الصراع من معركة سيطرة تقليدية إلى معركة استنزاف طويلة الأمد.

وبحسب حنا فإن هذه الإستراتيجية تتجلى في العمليات المتقدمة التي تنفذها المقاومة في مناطق حساسة مثل بيت حنون والشجاعية وخان يونس، والتي لا تبعد أكثر من 500 متر عن مراكز مهمة لجيش الاحتلال.

وللتعمق أكثر في فهم كيفية تطبيق هذه الإستراتيجية عمليًا، أكد حنا أن المقاومة لا تعتمد على "مركز ثقل" واحد يمكن استهدافه وإنهاء المقاومة بضربة واحدة، مما يجعلها قادرة على الاستمرار حتى مع فقدان قيادات مهمة.

إعلان

وحول استمرار العمليات العسكرية رغم مقتل قيادات مهمة في المقاومة، ولماذا لم تحقق الضربات الموجهة للقيادات النتائج المرجوة في إنهاء المقاومة، أوضح حنا أنها إستراتيجية تشبه إلى حد كبير نموذج "حرب العصابات الحديثة" التي تعتمد على التوزيع الواسع للقدرات والمسؤوليات.

إستراتيجية متطورة

ونتيجة لهذه الإستراتيجية المتطورة، تظهر الآثار الواضحة على قوات الاحتلال من خلال أرقام مقلقة. فقد لفت حنا إلى أرقام تدل على حجم الاستنزاف الذي يواجهه جيش الاحتلال، حيث أشار إلى تنفيذ 2900 غارة جوية منذ شهر مارس/آذار، مما يعكس حجم الجهد العسكري الهائل المبذول دون تحقيق النتائج المرجوة.

الأمر الأكثر دلالة هو ما اعتبره حنا مؤشرًا واضحًا على فشل الخطة الأولية: تزايد عدد قوات الاحتياط التي تم استدعاؤها إلى 450 ألف جندي، مقارنة بالعدد الأساسي للمقاتلين النظاميين البالغ 190 ألف جندي.

هذا التضخم في الأعداد يؤكد أن الخطة العسكرية الأولية لم تحقق أهدافها في الإطار الزمني المتوقع، مما اضطر القيادة العسكرية إلى اللجوء إلى موارد إضافية بشكل مكثف، بحسب حنا.

وسلط الخبير العسكري الضوء على مجموعة من التحديات المعقدة التي تواجه جيش الاحتلال، والتي تتجاوز الجانب العسكري المحض إلى أبعاد اقتصادية ونفسية واجتماعية.

فعلى المستوى الاقتصادي، تشكل الزيادة الهائلة في عدد قوات الاحتياط عبئًا ماليًا ثقيلًا على الموازنة العامة، خاصة مع تمديد فترات الخدمة من 37 يوما إلى 187 يوما في بعض الحالات، مع وجود حالات وصلت إلى 500 يوم خدمة.

الضغوط النفسية

أما على المستوى النفسي والاجتماعي، فيواجه الجنود تحديات جسيمة -وفق ما ذكره حنا- تشمل فقدان الوظائف والمنازل، والضغوط النفسية الناتجة عن طول فترة القتال وعدم وضوح النهاية.

وهي عوامل تسهم في تآكل الروح المعنوية وتؤثر على الأداء القتالي للوحدات، كما تخلق ضغوطًا داخلية على القيادة السياسية والعسكرية.

إعلان

إضافة إلى التحديات المادية والبشرية، تواجه قوات الاحتلال أزمة أعمق تتعلق بالمصداقية والصورة.

وفيما يتعلق بأزمة المصداقية التي يواجهها جيش الاحتلال، والتي تتجلى في التناقضات المستمرة بين التصريحات الرسمية والواقع الميداني، لفت حنا إلى بعض الحالات التي يدعي فيها الجيش استخدام "السلاح الدقيق والذكي"، بينما تظهر النتائج الميدانية غير ذلك.

وعندما يؤكد دقة المعلومات والإحداثيات، تكشف الوقائع عن أخطاء كبيرة، وأشار إلى أن هذا التناقض لا يؤثر فقط على الصورة الخارجية، بل يخلق شكوكًا داخلية حول فعالية الإستراتيجية المتبعة.

كما نبه إلى أن الأمر الأكثر خطورة هو تأثير هذه التناقضات على مفهوم "الجيش الأخلاقي" الذي يروج له جيش الاحتلال، حيث تبدو الادعاءات حول الالتزام بالمعايير الأخلاقية في القتال متناقضة مع الواقع الميداني والخسائر المدنية الكبيرة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات

إقرأ أيضاً:

وكالة الريفي التي تبيض ذهباً ولا يراقبها أحد.. التنمية الفلاحية تحت مجهر البرلمان

زنقة 20 ا الرباط

تشرع اللجنة الموضوعاتية المكلفة بتقييم مخطط “المغرب الأخضر” بمجلس النواب، ابتداء من يوم غد الثلاثاء، في عقد أولى جلسات الاستماع مع عدد من الفاعلين المؤسساتيين المعنيين بتنفيذ هذا البرنامج الطموح، وعلى رأسهم وكالة التنمية الفلاحية، التي يديرها المهدي الريفي منذ سنة 2017.

وينتظر أن تكون جلسة الاستماع مع مدير الوكالة الذي عمر في منصبه لثماني سنوات بمثابة امتحان دقيق وحاسم، حيث ستُطرح أسئلة جوهرية حول الجدوى الحقيقية لأدوار الوكالة في تنفيذ الاستراتيجية الفلاحية للمملكة، خاصة في ما يتعلق بتشجيع الاستثمار، وتطوير الفلاحة التضامنية، ومواكبة الفلاحين الصغار، وهي وعود لم تجد طريقها إلى أرض الواقع في نظر العديد من المتابعين.

ففي الوقت الذي يفترض أن تضطلع الوكالة بدور محوري في تحفيز الاستثمار الفلاحي وتحسين مناخ الأعمال، وتوفير الدعم للمشاريع القابلة للاستمرار، لا تزال العديد من سلاسل الإنتاج الفلاحي، خاصة التمور والمنتجات المجالية، تئن تحت وطأة الإهمال وضعف التأطير، رغم ما يُضخّ من أموال طائلة تحت يافطة “دعم الفلاحة التضامنية”.

وتُوجه انتقادات متزايدة للوكالة بسبب الهوة الكبيرة بين الخطاب والواقع، إذ في الوقت الذي تُخصص فيه الملايين للمشاركة في المعارض الفلاحية الدولية، ومليارات لتنظيم المعرض الدولي للفلاحة بمكناس، يواجه آلاف الفلاحين الصغار صعوبات هيكلية حادة في التسويق، وفي الولوج إلى التمويل والتكوين.

وبات الرأي العام، ومعه عدد من المهنيين، يتساءلون عن الانعكاس الفعلي لهذه التكاليف الباهظة على القطاع الفلاحي الوطني، في ظل غياب تقييمات واضحة لمردودية المشاريع التي رعتها الوكالة، وعجزها عن ترك بصمة ملموسة في الميدان.

جلسات الاستماع المرتقبة قد تكون لحظة مفصلية لوضع الأمور في نصابها، وفتح نقاش حقيقي حول مدى نجاعة المؤسسات الوسيطة، والبحث في إعادة توجيه الموارد نحو الفلاح الحقيقي بدل الصرف على واجهات تسويقية بلا أثر يذكر.

مقالات مشابهة

  • مراحل عربات جدعون التي أقرها نتنياهو لتهجير سكان غزة
  • خبير عسكري: الاحتلال فشل إستراتيجيا في تحقيق أهداف حربه على غزة
  • خسائر فادحة للاقتصاد الإسرائيلي جراء العدوان على غزة
  • والي النيل الأبيض:المسيرات التي يطلقها العدو نحو المرافق الإستراتيجية والخدمية لن تزيدنا إلا قوة ومنعة وتماسكا
  • مزارعو البصل في الساحل الغربي يقرعون ناقوس الخطر.. خسائر فادحة تهدد الزراعة والاقتصاد الوطني
  • 1800 شركة أمريكية تضخ 47 مليار دولار في السوق المصرية.. خبير يوضح هذه الشراكة الإستراتيجية
  • ضربات الاحتلال تشل ميناء الحديدة.. توقف تام للعمليات وخسائر فادحة
  • وكالة الريفي التي تبيض ذهباً ولا يراقبها أحد.. التنمية الفلاحية تحت مجهر البرلمان
  • لماذا سكتت الأبواق، التي كانت تعارض المقاومة الشعبية فى نوفمبر 2023م