الاحتياطيات الأجنبية بين استهداف التضخم وصدمات الريع الخارجية
تاريخ النشر: 29th, May 2025 GMT
تعتمد السياسة النقدية نظام سعر الصرف الثابت Fixed Exchange Rate لتوجيه سعر الصرف الفعلي نحو معدل التضخم المستهدف قصير الاجل، فهو النظام الملائم لاقتصاد العراق لارتباط اقيام الناتج الحقيقي باسعارها العالمية بسبب احادية هيكل الاقتصاد وللانخفاض الحاد في اسهام صادرات الناتج غير النفطي في تكوين رأس المال الثابت لذا كان نظام الصرف الثابت خياراواقعياً لتجنب تآكل قيمة الدينار.
وبفعل تأثير وقوع صدمات الريع الخارجية اصبح التحكم في منسوب الاحتياطيات الاجنبية (الدولار والذهب والاوراق المالية الواقعة في جانب الاصول من الميزانية العمومية للبنك المركزي كديون للعراق من العالم الخارجي) "مدخلا أداتياً" لإدارة ردود فعل البنك المركزي تجاه الصدمات المذكورة آنفا عبر تنظيم تغيرات سعر الصرف مستهدفا استقرار معدلات التضخم، كون الاخير قد يزداد تارة و ينخفض تارة اخرى بفعل صدمات الريع الخارجية، فتؤدي الى تذبذب معدلاته، لذا يستخدم المركزي احتياطياته في عملية تعقيم توسع الدينار عبر مشترياته ومبيعاته من الدولاروعملياته النقدية في سوق الاوراق المالية مشتريا او بائعا لها، لبلوغ سعرالصرف المستهدف. اذ ترتبط حركة الاحتياطيات الاجنبية بحركة الانفاق العام من الايراد النفطي من الدولار بعد مبادلته بالدينار من البنك المركزي لمواجهة طلب القطاعين الخاص والعام ومشتريات الحكومة والقطاع العائلي.وطبقا للفائض والعجز في ميزان المدفوعاتينتج عنهما نمو او تقلص منسوب الاحتياطيات. فعند ارتفاع ايراد النفط، يعزف البنك المركزي عن تمويل عجز الموازنة، وتخفض الحكومة من انفاقها، مستهدفة رفع منسوب الاحتياطيات الاجنبية لاستخدامه فيتمويل عجز الموازنة عند انخفاض ايراد النفط مرة اخرى.
لقد شهد منسوب الاحتياطيات الاجنبية ارتفاعا كبيرا بفعل الصدمة الموجبة في النصف الثاني من عام 2021 لتبلغ 3.244 مليون برميل يوميا وبمعدل سعر للبرميل الواحد 110 دولار. مما زاد في فائض الأرصدة المالية العامة والأرصدة الخارجية الكلية للعراق، اذ تجاوزت الاحتياطيات حدود 90 مليار دولار مما ساعد في استقرار نظام التثبيت واستهداف التضخم لكن مع اتجاه اسعار النفط العالمية العام الحالي 2025 نحوالصدمة السالبـة الى اقل من 60 دولارا للبرميل ومع استمرار البنك المركزي بسياسات التعقيم واجراءاته نحو الامتثال الدولي فقد ادى ذلك الى انخفاض حجم الاحتياطيات الى دون 97 مليار دولار في آذار عام 2025 بعد ان كانت بحدود 105 مليار دولار في كانون الاول 2024 . وبسبب الصدمة الأخيرة فقد اتجه المركزي الى التعويض عبر زيادة مبيعاته من العملات.
اذن، وفي ظل صدمات الريع الخارجية، نرى ضرورة التنسيق بين السياسة الحكومية والبنك المركزي، فمن جانب السياسة الحكومية فلابد من تقييد الانفاق بالوعاء الفني البحت، وبما يعمق من تخفيض العجز الحكومي وتعزيز الدور الاستراتيجي للاحتياطيات.اما من جانب السياسة النقدية فلابد من استدامة استهدافها استقرار معدل التضخم المستهدف بإدارة حركة سعر صرف الدولار والطلب عليه لصالح استقرار الاسعار وتخفيض التكاليف لصالح سياسات ترشيد الانفاق. فبلوغ تضخم متدن ومستقر يعد عاملا مهما لتعزيز مناخ الاستثمارالمحلي والاجنبي المرتبط بسياسات الاقتصاد ذات العلاقة، التجارية منها والزراعية والصناعية.
من صفوة القول ان تبعية تقلب الاحتياطيات الاجنبية للصدمات الخارجية سيبقى عاملا مقيدا لقدرة الاقتصاد الوطني على التصدي للتضخم ودعم مناخ الاستثمار. لذا امكن تشخيص مستويين للحل الامثل، الاول على المستوى الاستراتيجي يتمثل باستدامة التنسيق فيما بين السياسة المالية والسياسة النقدية. اما الثاني فعلى المستوى الكلي والهيكلي للاقتصاد العراقي يكمن في معالجة ريعية الاقتصاد من خلال تلبية متطلبات زيادة اسهام الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بشكل تدريجي لمواجهة الطلب الكلي محليا في ظل سياسات داعمة لتنويع الصادرات.
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام
المصدر: وكالة الإقتصاد نيوز
كلمات دلالية: كل الأخبار كل الأخبار آخر الأخـبـار الاحتیاطیات الاجنبیة البنک المرکزی
إقرأ أيضاً:
مجلس الوزراء يناقش التطورات الراهنة والأوضاع الخدمية ويستعرض تقرير البنك المركزي
انضم إلى قناتنا على واتساب
شمسان بوست / عدن:
ترأس رئيس الوزراء سالم صالح بن بريك، اليوم الأربعاء، في العاصمة المؤقتة عدن، الاجتماع الدوري لمجلس الوزراء، والذي كُرّس لمناقشة التطورات الراهنة على المستويين الوطني والإقليمي، في ظل المستجدات السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية والخدمية، والتحديات المتعاظمة التي تواجه الدولة ومؤسساتها، والجهود المبذولة لمعالجتها.
واستضاف مجلس الوزراء في الاجتماع، محافظ البنك المركزي اليمني احمد غالب وقيادة البنك، للوقوف على التنسيق القائم بين السياسة المالية والنقدية، وجوانب التكامل لضبط أسعار صرف العملة الوطنية، وتعزيز الإيرادات العامة، وضبط النفقات والمضي في تنفيذ الإصلاحات بما ينعكس إيجاباً على مستوى الخدمات ومعيشة وحياة المواطنين.
وقدم محافظ البنك المركزي، تقرير شامل الى مجلس الوزراء، حول الأوضاع الاقتصادية والمالية والنقدية
خلال الفترة من يناير وحتى يونيو 2025م، والذي تضمن أهم المؤشرات والسياسات النقدية والإصلاحات المؤسسية في البنك، والمعالجات المطلوبة.. مشيراً الى الإجراءات التي اتخذها البنك لتفعيل أدوات السياسة النقدية، وذلك في التدخل بالسوق في فترات ارتفاع أسعار الصرف، والاستمرار في إيقاف أي اصدار نقدي جديد، وتفعيل أدوات الدين العام، إضافة الى تعزيز الرقابة على سوق الصرف، وتعزيز الشراكات مع المؤسسات المالية الدولية والبنوك المركزية.
ولفت الى ان البنك المركزي أكمل نقل المنظومة المصرفية العاملة كاملة الى العاصمة المؤقتة عدن، وبصدد إكمال عملية هيكلة الشبكة الموحدة واطلاقها بوضعها الجديد وإعطاء قيادتها للبنوك وما سيحققه ذلك من نقلة نوعية تعزز عمليات الرقابة والالتزام، إضافة الى تنفيذ أنظمة المدفوعات بدعم من البنك الدولي والذي سيحقق رقمنه العمليات المصرفية ويعزز الشمول المالي.. مؤكداً حرص البنك على علاقة تكاملية مع الحكومة بموجب القوانين النافذة، بما يخدم الصالح العام وتخفيف معاناة المواطنين وتوفير الأساسيات لهم.
واشتمل التقرير، على الإجراءات التي اتخذها البنك مؤخراً لضبط المضاربات والسيطرة على سعر صرف العملة، وإيقاف عشرات الشركات والمنشآت الصرافة المخالفة، والذي أدى الى التحسن الملحوظ للريال اليمني، وكذا تفعيل عمل لجنة تمويل وتنظيم الاستيراد.. مقترحاً عدد من المعالجات بينها تنفيذ الإصلاحات المتفق عليها مع المانحين بشكل عاجل لتعزيز الايرادات ومعالجة الاختلالات في آليات تحصيل موارد الدولة وتوريدها إلى حساب الحكومة العام، وتفعيل آليات التنسيق بين البنك المركزي ووزارة المالية بما يحقق التناغم والتكامل بين السياسات المالية والنقدية، إضافة الى تفعيل دور الأجهزة الأمنية والقضائية لمساندة البنك المركزي في جهوده الرامية لمحاربة الأنشطة التخريبية غير المرخصة وغير القانونية.
وأكد مجلس الوزراء، دعم الحكومة للإجراءات التي اتخذها البنك المركزي، وأهمية متابعة تنفيذها بما يساعد على إعادة التوازن لسعر صرف العملة الوطنية وتحسين قيمتها في مواجهة العملات الأجنبية.. مشدداً على أهمية استثمار هذا التحسن في سعر صرف العملة، من خلال تشديد الرقابة على أسعار السلع الأساسية ومراقبة الأسواق وضمان انعكاس التحسن النقدي على معيشة المواطنين بشكل مباشر وملموس، ووجه الوزارات المختصة والأجهزة الرقابية بتفعيل أدوات التدخل السريع واتخاذ الإجراءات اللازمة لضبط المتلاعبين بأسعار السلع والمواد الأساسية.
كما أكد المجلس، على تعزيز التنسيق بين السياستين المالية والنقدية للحفاظ على الاستقرار الاقتصادي، وتخفيف معاناة المواطنين المعيشية، وإعادة ترتيب الأولويات بما يساعد على تجاوز الظروف الصعبة والاستثنائية الراهنة، والناجمة عن الحرب الاقتصادية لمليشيا الحوثي الإرهابية.
وتداول الاجتماع، التدخلات المنسقة بين الحكومة والبنك المركزي للتعاطي مع تراجع الإيرادات العامة جراء الاستهداف الإرهابي لمليشيات الحوثي لموانئ تصدير النفط الخام، وآليات تمويل العجز من مصادر غير التضخمية بما يحافظ على الاستقرار النسبي في سعر صرف العملة الوطنية، والايفاء بالتزامات الدولة وفي مقدمتها انتظام دفع مرتبات الموظفين، واستدامة الخدمات الأساسية.. وأقر بهذا الخصوص عدد من التدابير والتدخلات على مستوى السياسات النقدية والمالية، في إطار العمل التكاملي الهادف الى تحقيق الاستقرار في سعر صرف العملة والتحكم بالأسعار واستعادة التوازن لمنظومة الاقتصاد الكلي.
وحول التصريحات المتداولة والمنسوبة الى محافظ البنك المركزي، حول وجود 147 مؤسسة إيراديه لا تورد للبنك المركزي، أوضح المجلس ان غالبية هذه المؤسسات غير فاعلة او مجمدة حساباتها منذ عشرات السنين او مؤسسات لم تعد إيرادية ويتم دعمها ماليا، وان الحكومة لن تتوانى عن اتخاذ كافة الإجراءات القانونية والإدارية تجاه أي مؤسسة تمتنع عن التوريد الى البنك المركزي.. مؤكداً انه سيتم اعلان ونشر أسماء المؤسسات المقصودة في التصريح في إطار الشفافية واطلاع الرأي العام لمعرفة الحقائق وتصحيح المفاهيم المضللة التي تسعى الى التشكيك والتقليل من جهود الحكومة لتحقيق الانضباط المالي، وضبط الإيرادات العامة وتسخيرها لخدمة المواطنين.
وشدد دولة رئيس الوزراء، على العلاقة التكاملية بين السياسة المالية والنقدية واهمية تكاتف الجهود لتجاوز الوضع الاستثنائي الراهن، وتحمل الجميع لمسؤولياتهم والعمل على معالجة الاختلالات وتصويب الأداء.. مؤكداً أن المرحلة الراهنة تفرض على الدولة والحكومة مضاعفة الجهود وتعزيز التنسيق المؤسسي والاستعداد لاتخاذ قرارات استثنائية وشجاعة، تتناسب مع طبيعة التحديات، وتصب في مصلحة المواطنين وتخفيف معاناتهم.
وقال ” ندرك جميعاً ان الظروف استثنائية ومعقدة وامامنا تحديات صعبة، لكن ذلك لن يكون مبرراً للتنصل او التهرب، بل هو دافع اقوى للوقوف امام اي اختلالات ومواجهتها، وإنفاذ القانون، بعيداً عن رمي التهم جزافاً او المزايدات التي لا تخدم مواطن او تبني وطن”.
وأشار رئيس الوزراء، الى صدور قرار تشكيل اللجنة العليا لإعداد الموازنة العامة للدولة للعام 2026م، بعد سنوات من تعثّر إعداد الموازنة العامة، وما يمثله ذلك من محطة مفصلية لإعادة انتظام العمل المالي والمؤسسي وتكريس الشفافية والانضباط المالي، وتعزيز المساءلة في إدارة المال العام، وتوجيه الموارد نحو أولويات المواطنين والتنمية والخدمات وتعزيز مقومات التعافي.. مؤكداً على ضرورة الارتقاء إلى مستوى اللحظة التاريخية والمسؤولية الوطنية، والعمل بروح الفريق الواحد، وتسريع وتيرة الإنجاز في الملفات الاقتصادية والخدمية، وتعزيز قنوات التنسيق مع السلطات المحلية، والتفاعل المسؤول مع قضايا المواطنين.
وناقش مجلس الوزراء، باستفاضة الأوضاع الخدمية في العاصمة المؤقتة عدن والمحافظات المحررة، والاحتجاجات والمطالب الشعبية المشروعة للمواطنين نتيجة تردي بعض الخدمات الأساسية وعلى رأسها الكهرباء.. مؤكداً تفهمه الكامل لمطالب المواطنين، ووجّه الوزارات والجهات المعنية بمضاعفة الجهود لتنفيذ خطط الاستجابة العاجلة والتي تتضمن حلولاً آنية لتحسين الخدمات، إلى جانب إصلاحات هيكلية مستدامة لمعالجة اختلالات المنظومة الخدمية، وتعزيز الشفافية والمساءلة في استخدام الموارد العامة.
ووقف المجلس، امام يجري في محافظة حضرموت من احتجاجات مشروعة..لافتاً إلى أن المطالب الشعبية المحقة يجب أن تكون دافعاً لتصويب الأداء وتصحيح المسار، وليس مبرراً لاستغلالها من قبل أطراف تحاول توظيف معاناة المواطنين لتحقيق مكاسب سياسية أو إشاعة الفوضى في حضرموت والمناطق المحررة.
كما أكد دعمه الكامل لجهود مجلس القيادة الرئاسي، لتطبيع الاوضاع في محافظة حضرموت، على ضوء بيانه المعلن في يناير الماضي، للاستجابة للمطالب المحقة لأبنائها ومكوناتها السياسية والمجتمعية وتعزيز مكانتها الوازنة في المعادلة الوطنية، وحضورها الفاعل في صنع القرار المحلي والمركزي.. وأهاب بأبناء محافظة حضرموت ومكوناتها السياسية والمجتمعية، النأي بمحافظتهم عن أي توترات والحفاظ على امنها واستقرارها وتعزيز مكانتها التاريخية كنموذج للسلام، وحضور الدولة وسيادة القانون.