الثورة نت/سبأ أصدرت منظمة انتصاف لحقوق المرأة والطفل تقريراً حقوقياً بعنوان “صرخة جوع في زمن الخذلان”، بالتزامن مع مرور 600 يوم على العدوان الصهيوني على قطاع غزة. تناول التقرير، الأوضاع الكارثية والمأساوية التي يعيشها سكان قطاع غزة والمآسي المتتابعة من المجازر والجوع والخذلان. وأشار التقرير إلى جريمة التجويع بحق أبناء غزة والمراحل التي مرت بها على مدى 600 يوم على مرأى ومسمع من العالم الصامت والحكام العرب، وأوضاع المدنيين في القطاع الواقع تحت الحصار والتجويع، مبيناً أن معدلات الجوع في تزايد مستمر.

واستعرض التقرير نماذج لقصص إنسانية لما يحدث في غزة من جرائم تجويع وانتهاك صارخ لحقوق المدنيين التي كفلتها جميع الشرائع والقوانين مثل حق الحياة والعيش بسلام وأمن. ولفت إلى أن الفقر وقطع سبيل المساعدات الإنسانية عن غزة ونفاد الوقود والغذاء وانقطاع المياه والكهرباء واستهداف المدنيين إشارة واضحة إلى أن الكيان الصهيوني يسعى بشتى الطرق إلى قتل كل مقومات الحياة. وأفاد التقرير بأن هناك أكثر من ثلاثة آلاف و500 طفل دون سن الخامسة يواجهون خطر الموت الوشيك جوعاً، فيما يقف نحو 290 ألف طفل على حافة الهلاك، ويفتقر 1.1 مليون طفل يومياً إلى الحد الأدنى من الغذاء اللازم للبقاء على قيد الحياة، كما وصل إلى المستشفيات ما يزيد عن 70 ألف طفل بسبب سوء التغذية الحاد، وتم تسجيل وفاة 58 فلسطينياً بسبب سوء التغذية و242 بسبب نقص الغذاء والدواء. وحسب التقرير فقد 26 مريض كلى حياتهم بسبب غياب الرعاية الغذائية والعلاجية، وحدثت أكثر من 300 حالة إجهاض بين الحوامل بسبب نقص العناصر الغذائية الضرورية. وذكر أن أكثر من 70 ألف طفل في غزة يواجهون مستويات حادة من سوء التغذية، حيث أن ما يدخل من غذاء إلى غزة لا يكفي، ويحتاج المدنيون إلى وصول فوري وآمن وبدون قيود للمساعدات لتفادي المجاعة وإنقاذ الأرواح. وقال التقرير “إن هناك أكثر من 750 ألف فلسطيني يعيشون مجاعة حقيقية في محافظة شمال القطاع بفعل العدوان الإسرائيلي والحصار وإغلاق المعابر وارتفاع أسعار المواد الغذائية أو عدم توفرها، مطالباً بالإسراع في فتح معبر رفح أمام المساعدات الإنسانية لمواجهة المجاعة”. وأكد أن الكيان الصهيوني استخدم سياسة التجويع كسلاح استراتيجي ممنهج من خلال التحكم بالمساعدات الإنسانية وإغلاق المعابر وقطع الماء والكهرباء عن قطاع غزة وقصف البنية التحتية والمحال التجارية والمخابز وغيرها. وبين التقرير أن شدة التضييق الإسرائيلية على الفلسطينيين في غزة تصاعدت عقب أحداث 7 أكتوبر 2023، وتبنى العدو الصهيوني سياسة الأرض المحروقة، ودمر المحاصيل الزراعية ومنع أصحابها من الوصول إليها، كما منع دخول شاحنات الإغاثة، وتسبب ذلك بكارثة إنسانية شديدة لسكان القطاع. وأوضح أن أمريكا وكثيرًا من دول العالم شريك رئيسي في الإبادة الجماعية، حيث أيدت العديد من الدول وعلى رأسها أمريكا وبعض الدول الأوروبية والعربية وساندت العدو الصهيوني منذ بدء عدوانه على غزة وقدمت كل وسائل الدعم المطلوبة له سياسياً وعسكرياً. وأضاف التقرير أن “موقف الدول العربية والإسلامية العاجز والمتخاذل عن نصرة أهل غزة، جريمة كبرى، سيسطرها التاريخ بحروف دامية يظللها الخجل والقهر، وأن استمرار هذا العجز والتخاذل سيعرضها لخذلان الله لها ولشعوبها في موطن تحب فيه نصرته حين لا تجد لها نصيراً”. واستنكرت المنظمة مساعدة بعض الدول المحسوبة على الأمة العربية والإسلامية وتقديمها مساعدات للكيان الصهيوني في المجالات الاقتصادية والعسكرية وغيرها. ووفق التقرير صنفت الأمم المتحدة الوضع الغذائي في غزة بأنه الأخطر منذ عقود، ومع ذلك تستمر الأطراف الفاعلة، وعلى رأسها أمريكا وإسرائيل، في فرض شروط وتقييد تدفق المساعدات عبر آليات تثير الشكوك حول دوافعها، مشيراً إلى تصريحات المنظمات الدولية بشأن المجاعة وخطورتها على المدنيين في غزة، ومطالبتها بفتح المعابر وإدخال المساعدات العاجلة إلى غزة. وتطرق إلى أن جميع الأعراف الدولية تصف تجويع السكان بالأسلوب العدواني المحظور، وتعتبره جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية، مبيناً أنه يحظر على الدول الأطراف حسب اتفاقية جنيف الرابعة صراحةً استخدام الجوع كسلاح أو كعقاب، كما أكدت المحكمة الجنائية الدولية في لائحة اتهاماتها أن تجويع المدنيين (حرمانهم من المواد الضرورية للعيش) يعاقب عليه ضمن جرائم الحرب، وأن سياسة التجويع جريمة محظورة بموجب عدد من القوانين والاتفاقيات الدولية، ويُنظر إليها على أنها انتهاك خطير للقانون الدولي الإنساني وحقوق الانسان. وحمّل التقرير أمريكا والاحتلال الصهيوني المسؤولية الكاملة عن تأزم الواقع الإنساني وتفاقم الكارثة الإنسانية بحق المدنيين في قطاع غزة، معتبراً إطلاق العدو النار على الباحثين عن الطعام في غزة أو على أماكن توزيع المساعدات إمعاناً في تعزيز المجاعة وتكريس الحصار وعدم الرغبة في إنهاء الكارثة الإنسانية. وطالبت منظمة انتصاف بأن يتولى مجلس حقوق الإنسان مسؤولية متابعة أوضاع سكان غزة بصورة تفصيلية، وأن يتم إدخال المساعدات الإنسانية بصورة عاجلة.

المصدر: الثورة نت

كلمات دلالية: المساعدات الإنسانیة قطاع غزة أکثر من فی غزة

إقرأ أيضاً:

تبث أصواتًا مرعبة .. الاحتلال تكثّف استخدام “كوادكابتر” لترهيب واستهداف المدنيين في غزة

#سواليف

قال المرصد #الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّ #جيش_الاحتلال الإسرائيلي كثّف خلال الأيام الماضية استخدام طائراتهالمسيّرة من نوع ” #كوادكابتر ” كأداة للترهيب النفسي والتجسس والقتل المباشر، خاصة في المناطق التي لجأ إليها #السكان بعد تهجيرهم قسرًا منشمالي قطاع #غزة، في نمط متعمّد يهدف إلى نزع أي شعور بالأمان وتحويل أماكن #النزوح إلى #مصائد_موت.

وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى أنّه وثّق عدة حوادث استخدمت فيها طائرات “كوادكابتر” لبثّ #أصوات_غريبة ومزعجة عمدًا لإثارة #الهلع بين المدنيين، فيما اقتحمت في حالات أخرى منازل مكتظة بالسكان ليلًا، وحلّقت داخل الغرف، وصوّرت أفراد العائلة وهم نائمون في فراشهم، قبل أن تغادر عبر النوافذ، تاركة وراءها رعبًا نفسيًا مضاعفًا.

وأوضح المرصد الأورومتوسطي أن هذه الحوادث لم تقع في مناطق قريبة من العمليات العسكرية أو مهددة بالإخلاء، بل سُجّلت في أحياء مزدحمة تُعتبر من آخر المساحات الضيقة المتبقية للمدنيين في قطاع غزة، مثل حي الرمال الجنوبي ووسط مدينة غزة، وهي مناطق محدودة المساحة، ويتكدس بها مئاتآلاف النازحين الذين حُشروا فيها قسرًا بعد أن أحكم جيش الاحتلال الإسرائيلي سيطرته على نحو 75% من القطاع.

مقالات ذات صلة التفاصيل الكاملة لرد حماس على مقترح ويتكوف 2025/05/31

بث الرعب واستدراج الضحايا

وقال المرصد الأورومتوسطي إن فريقه الميداني وثّق تحليقًا مكثفًا لطائرات”كوادكابتر” الإسرائيلية على ارتفاعات منخفضة، حيث كانت تتمركز عمدًا قبالة نوافذ المنازل، وفي ممرات مراكز الإيواء، وفوق خيام النازحين، وتحوم ببطء، قبلأن تبدأ ببثّ أصوات مصمّمة لإثارة الهلع و #الترهيب_النفسي، تتنوع بين أصوات كلاب تنهش أجساد أطفال، وصرخات مفزعة لأطفال يتألمون، واستغاثات مريرة لكبار سن، وزغاريد نساء توحي بموت أو فاجعة، إلى جانب صفارات إسعاف متواصلة توهم بوقوع مجازر في الجوار.

وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى أنّ هذه الأصوات لم تكن عشوائية، بل جزءمن تكتيك مرعب ومركّب، يهدف في آنٍ واحد إلى إنهاك المدنيين نفسيًا ودفعهم للنزوح، وفي الوقت ذاته نصب فخاخ مميتة لهم؛ إذ تُطلق الطائرات أصواتًا مصممة بدقّة لإثارة الهلع والغريزة، فتدفع السكان المذعورين للخروج إلى النوافذ أو الشرفات أو حتى خارج خيامهم، بدافع الاطمئنان أو النجاة، وما إن يطلّ أحدهم حتى تباغته المسيّرة بإطلاق نار مباشر، لتحوّل استجابته البشرية الطبيعية إلى لحظة قتل مخطط لها، وتحوّل الطائرة إلى أداة اغتيال نفسيوجسدي في آنٍ واحد.

وفي إفادة لفريق الأورومتوسطي، قال “محمد سلامة”، أحد سكان منطقة الرمال وسط مدينة غزة: “قبل نحو يومين، وفي حوالي الساعة الواحدة بعدمنتصف الليل، بدأنا بسماع أصوات مرعبة لكلاب تهجم على أطفال، بينما كان الأطفال يصرخون، يقطع هذا الصوت صريخ امرأة مسنّة، قبل أن يعود صوت نهش الكلاب بالأطفال. استمر هذا الصوت لعدة دقائق. في البداية، لم نستطع تمييز مصدر الصوت، وشارفنا على الخروج إلى النوافذ للتحقق مما يحدث، لكننا تداركنا الأمر في اللحظة الأخيرة بعد أن ميّزنا بأن الصوت يقترب ويبتعد، فعلمنا أنه صوت مسجّل، وتبيّن أنها كانت كوادكابتر تحلق مقابل النافذة مباشرة”.

وأضاف: “ما تفعله هذه المسيّرات جعلتنا كسكان لا نهبّ للنجدة عند سماعأي صوت استغاثة في الخارج، لأننا ببساطة لا يمكن أن نفرّق ما إذا كان هذاصوت استغاثة حقيقي أم مصيدة من كوادكابتر لاستدراجنا وإطلاق النارعلينا”.

وأكد الأورومتوسطي أنه في حوادث مختلفة، اقتحمت مسيّرات “كوادكابتر” منازل مدنية أو خيام نزوح ومراكز إيواء، مستغلة تدمير أغلب النوافذ لتصل إلىغرف نوم السكان ليلًا، وتحلّق فوقهم وهم نيام، قبل أن تقوم بتصويرهم وتخرج.

وفي إفادة أخرى، قالت سيدة من سكان مدينة غزة (يحتفظ الأورومتوسطي باسمها لغرض حمايتها): “كنت أنام وأبنائي في إحدى غرف شقة استأجرناها في حي الرمال الجنوبي بعد تدمير منزلنا. كانت نوافذ الشقة مدمرة، لذلك غطينا بعضها بالنايلون. لكن في تلك الليلة تحديدًا، كنت رفعت النايلون قليلًا للأعلى ليدخل بعض الهواء، وبينما كنت أستلقي مع أبنائي على فراشنا على الأرض، وفي الظلام الدامس، شعرت بصوت كوادكابتر تقترب. فتحت عيناي لأجدها تحلق فوقنا مباشرة. أصبت بالذعر لكنني سيطرت على نفسي وأغمضت عيناي مرة أخرى، بدأت أردد الشهادتين لأنني شعرت بأنها ستطلق النار علينا مباشرة، وبقيت لعدة ثوانٍ أفتح وأغمض عيناي لأجد الكوادكابتر ماتزال تحلق فوقنا، فيما يبدو لتصويرنا، قبل أن تخرج من النافذة ذاتها”.

وأضافت السيدة: “رغم أن المسيّرة لم تطلق النيران علينا وخرجت دون أن تفعل شيئًا، إلا أنها أصابتنا بالذعر الشديد. الآن أنا أخاف كلما حان وقت النوم، أوكلما حل الظلام، أخاف من النوافذ والأبواب وكل الفتحات التي تؤدي للخارج. أشعر أنني غير آمنة، وأنه في أي وقت كان، يمكن للمسيّرات بأن تقتحم بيوتنا وتصورنا أو تطلق النيران علينا بكل بساطة”.

وفي عدة شهادات أخرى وثقها المرصد الأورومتوسطي، قال فلسطينيون إن الأصوات المريبة التي تطلقها مسيّرات “كوادكابتر” ليلًا ترهبهم “أكثر من القصف ذاته”، وتشكّل هاجسًا لديهم “أكثر من هاجس القتل”، إذ تولّدشعورًا دائمًا بالملاحقة وتبقيهم في حالة ترقّب وتوتر لا تهدأ، في ظل إبادة جماعية متواصلة منذ 19 شهرًا جرّدتهم من أي إحساس بالأمان بشكل كامل.

تداعيات نفسية وجسدية مزمنة تهدد السكان على المدى البعيد

وحذّر المرصد الأورومتوسطي من أنّه، ورغم فداحة ما يواجهه الفلسطينيون في قطاع غزة من قصف إسرائيلي بآلاف الأطنان من المتفجرات، وسياسات التجويع الممنهجة، فإن استخدام طائرات “كوادكابتر” المسيّرة كوسيلة ترهيب، سواء عبر الأصوات المرعبة التي تصدرها، أو من خلال إطلاق النار المباشر، أو إسقاط القنابل، أو اقتحام أماكن الإيواء ليلًا أثناء نوم المدنيين، يُخلّف آثارًا نفسية شديدة الخطورة، تدمّر الصحة النفسية الفردية والجماعية وتعمّق مستويات الرعب المزمن لدى السكان، لا سيما الأطفال والنساء.

وبيّن أن التعرض المتكرر للأصوات المفاجئة من طائرات “كوادكابتر”، إلى جانب دوي الانفجارات الهائلة جراء استخدام إسرائيل صواريخ وروبوتات مفخخة، يؤدي إلى تحفيز دائم ومفرط للجهاز العصبي، ما يُدخل الناجين فيحالة مستمرة من الترقب والخوف، تُنهك أجسادهم وتستنزف طاقتهم النفسية، حتى بعد توقف القصف المباشر.

وأشار إلى أن التحليق المكثف لهذه الطائرات في ساعات الليل المتأخرة، واقترابها من النوافذ والأسطح وبثها لأصوات غريبة ومقلقة، يزرع شعورًا دائمًابالخطر الوشيك، يتسلل إلى كل زاوية ويخترق أدق تفاصيل الحياة اليومية، ويؤدي إلى نوبات فزع فردية وجماعية في الأحياء المكتظة ومراكز الإيواء وخيامالنزوح والأسواق وأماكن توزيع الماء والغذاء، حيث لا مجال للهروب ولا مكانللاختباء.

وأوضح أن هذا الضغط النفسي المتواصل، لساعات طويلة كل يوم، يُراكم تدميرًا عقليًا وعصبيًا يظهر في صور متعددة: اضطرابات نوم مزمنة، وكوابيس متكررة، وانهيارات عاطفية مفاجئة، وانعدام القدرة على التركيز، وسلوك عدواني، وموجات من الاكتئاب العميق أو اللامبالاة الحادة، وذلك لدى مختلف فئات السكان في قطاع غزة، وبخاصة الفئات الأكثر هشاشة كالأطفال والنساء وكبار السن.

وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى أن جميع سكان قطاع غزة يعيشون فيحالة ترقّب دائم للخطر، وهو ما يؤثر بشكل مباشر على وظائفهم اليومية، وقدرتهم على الاستقرار العقلي والنفسي، مشيرًا إلى تصاعد واضح فيأعراض نفسية خطيرة، خاصة لدى الأطفال، مثل التبول اللاإرادي الليلي، ونوبات الهلع، والبكاء المفاجئ، واضطرابات النطق والتواصل.

ونبه إلى أن الأصوات المزعجة الصادرة عن طائرات “كوادكابتر” تخلق بيئةسمعية عدائية، تؤثر بشكل مباشر على الأطفال والفتية، وتعيق قدرتهم علىالتركيز، وتعطل نموهم العاطفي، وتؤدي إلى اضطرابات سلوكية وتعليمية، وتُهيّء جيلًا يعاني من مشكلات نفسية واجتماعية طويلة الأمد.

وأكد أن النساء، وخاصة الأمهات، يتأثرن بشكل مضاعف نتيجة شعورهن الدائم بالعجز عن حماية أطفالهن من الخوف المتواصل، ما يولّد لديهن ضغطًا نفسيًا عميقًا، مشيرا كذلك إلى أن هذه الضغوط النفسية، إلى جانب الانقطاع الحاد في الرعاية الصحية وسوء التغذية المزمن، أسهمت في ارتفاع مقلق في حالات الإجهاض بين النساء الحوامل في قطاع غزة، إذ سُجّلت زيادة بنسبة تصل إلى 300% منذ بدء جريمة الإبادة الجماعية، في واحدة من أوضح نتائج الانهيار الجسدي والنفسي المتراكم الذي تعانيه النساء تحت وطأة الإبادة الجماعية المستمرة.

أداة إبادة جماعية

أوضح المرصد الأورومتوسطي أن استخدام جيش الاحتلال الإسرائيلي لطائرات “كوادكابتر” المسيّرة في عمليات الترهيب والاستهداف المباشر للمدنيين يشكّل نمطًا منهجيًا ومتكررًا، إذ سبق أن وثق في نيسان/أبريل2024 استخدامه تلك المسيّرات في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، ومرات عديدة أخرى في مناطق مختلفة.

وأضاف أن جيش الاحتلال، بعد أن فرض سيطرته الفعلية غير القانونية على معظم مناطق قطاع غزة وأصدر أوامر تهجير قسري شملت نحو ثلثي مساحة القطاع، لم يكتفِ بتجريد السكان من أرضهم، بل واصل ملاحقتهم في المساحة الضيقة المتبقية التي لجؤوا إليها قسرًا، عبر القصف المباشر، والقتل الجماعي، وممارسات الترهيب النفسي، وعلى رأسها استخدام الطائرات المسيّرة كأداةقمع يومي تخترق أدق تفاصيل الحياة المدنية، وتطارد النازحين في نومهم، وحركتهم، وملاجئهم المؤقتة.

وشدّد المرصد الأورومتوسطي على أن كل هذه الممارسات تندرج ضمن نهج منسّق ومتكامل في إطار جريمة الإبادة الجماعية، إذ ينتهج الجيش الإسرائيلي أساليب لاأخلاقية ولاإنسانية ضد السكان المدنيين في قطاع غزة، تُخلّف فيهم أضرارًا جسدية ونفسية عميقة ومستدامة، في سياق سعي منظّم لتدمير الشعب الفلسطيني من حيث كونه كذلك.

وذكر المرصد الأورومتوسطي أن جيش الاحتلال الإسرائيلي عمد إلى تحويل أنواع متعددة من الطائرات بدون طيار، بما في ذلك تلك المصممة أساسً الأغراض التصوير والمراقبة، إلى أدوات هجومية تُستخدم في جمع المعلوماتالاستخبارية أولًا، ثم يُعاد توظيفها لاحقًا في تنفيذ عمليات ترهيب واستهداف مباشر ومتعمد لأهداف مدنية، في انتهاك واضح وخطير لقواعد القانون الدولي.

وأكد المرصد الأورومتوسطي أن الطائرات المسيّرة، رغم أنها لا تُصنّف بحدذاتها ضمن الأسلحة المحظورة دوليًا، إلا أن استخدامها يظل خاضعًا بالكامل لقواعد القانون الدولي الإنساني التي تحكم سير العمليات القتالية، مثلها مثل أي وسيلة قتالية أخرى يُسمح باستخدامها في النزاعات المسلحة. وأشار إلى أن من أبرز هذه القواعد مبدأ التمييز بين الأهداف المدنية والعسكرية، ومبدأالتناسب في استخدام القوة، فضلًا عن الالتزام باتخاذ جميع الاحتياطات اللازمة لتفادي إلحاق الضرر بالمدنيين، أو تقليله إلى أدنى حد ممكن، قبل تنفيذأي هجوم.

وطائرات “كوادكابتر” هي طائرات مسيرة طورتها شركات صناعات عسكريةإسرائيلية بخصائص وميزات تكتيكية مختلفة، وهي رباعية المروحيات وصغيرة الحجم لا يتجاوز قطرها مترًا واحدًا، وسهلة البرمجة وتسيّر إلكترونيًا عنبُعد.

وشدّد المرصد الأورومتوسطي على أن الاستخدام الأساسي للطائرات المسيّرة في سياقات النزاع المسلح، كما هو مبرَّر دوليًا، يقوم على تقليل الخسائر في صفوف المدنيين، نظرًا لما تتيحه هذه التكنولوجيا من إمكانيات متقدمة لا تتوفر في معظم أنظمة التسليح الأخرى، مثل الرصد الفوري عبر الكاميرات، والمراقبةالمستمرة في الزمن الحقيقي، والتصويب الدقيق، وتتبع الأهداف بسرعة ومرونة.

غير أن هذه المزايا نفسها تكشف الطبيعة المتعمّدة لاستخدام إسرائيل لهذهالطائرات في استهداف المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة، إذ إن أغلبعمليات القتل وقعت في مناطق مفتوحة يسهل فيها تمييز المقاتلين من المدنيين، وكانت الطائرات تحلّق فوق المكان لفترات كافية تسمح بجمع معلومات دقيقة عن الوضع الميداني. كما أن نمط الاستهداف القريب، باستخدام أعيرة ناريةدقيقة وقصيرة المدى، يعزز الاستنتاج بأن القتل تم بوعي تام وبنية مباشرة، وليس كأثر جانبي أو نتيجة خطأ في التقدير.

وشدّد المرصد الأورومتوسطي على أن الاستخدام المتعمد للطائرات المسيّرة لبث أصوات مرعبة بهدف ترويع السكان المدنيين يشكّل انتهاكًا جسيمًا للمادة(33) من اتفاقية جنيف الرابعة، التي تحظر العقوبات الجماعية وأعمال الترويع بحق المدنيين، مؤكدا أن هذه الممارسات، التي تُحدث معاناة نفسية جماعية شديدة، تندرج ضمن الوسائل والأساليب المحظورة في النزاعات المسلحةبموجب القانون الدولي الإنساني، لكونها تستهدف السلامة العقلية والنفسيةللسكان المدنيين بشكل مباشر.

وأكد المرصد الأورومتوسطي أن هذا النمط المنهجي من العنف النفسي يُشكّلجزءًا من سياسة منهجية تتجاوز حدود جريمة الحرب أو الجريمة ضدالإنسانية، لتُلامس جوهر جريمة الإبادة الجماعية كما عرّفتها المادة الثانية من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، وخصوصًا الفقرة (ب)، التي تُجرّم “إلحاق أذى جسدي أو عقلي جسيم بأفراد الجماعة”، والفقرة(ج)، التي تُجرّم “إخضاع جماعة ما عمدًا لظروف معيشية يُراد بها تدميرهاكليًا أو جزئيًا”.

وأضاف أن استخدام الطائرات المسيّرة بهذه الطريقة؛ كأداة لترويع السكان، وتفكيك تماسكهم النفسي، وتحطيم شعورهم بالأمان على نحو دائم؛ يأتي ضمن سياق متكامل من القتل الجماعي، والحصار الخانق، والتجويع المتعمد، والإفقار القسري، وهي جميعها أفعال تنطوي على نيّة واضحة لتدمير الشعب الفلسطيني في قطاع غزة كجماعة مستهدفة بذاتها.

ودعا المرصد الأورومتوسطي جميع الدول، منفردة ومجتمعة، إلى تحمل مسؤولياتها القانونية والتحرك العاجل لوقف جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة بأفعالها كافة، واتخاذ جميع التدابير الفعلية لحماية الفلسطينيين المدنيين هناك، وضمان امتثال إسرائيل لقواعد القانون الدولي وقرارات محكمة العدل الدولية، وضمان مساءلتها ومحاسبتها على جرائمها ضد الفلسطينيين، داعيًا أيضا إلى تنفيذ أوامر القبض التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير الدفاع السابق في أول فرصة وتسليمهم إلى العدالة الدولية، ودون إخلال بمبدأ عدم الحصانة أمام الجرائم الدولية.

وطالب المرصد الأورومتوسطي المجتمع الدولي بفرض عقوبات اقتصادية ودبلوماسية وعسكرية على إسرائيل بسبب انتهاكها المنهجي والخطير للقانونالدولي، بما يشمل حظر شامل لتصدير الأسلحة إليها أو قطع الغيار أوالبرمجيات أو المنتجات ذات الاستخدام المزدوج، أو شرائها منها، ووقف كافةأشكال الدعم والتعاون السياسي والمالي والعسكري والاستخباراتي والأمنيالمقدمة لإسرائيل فورًا، بما في ذلك تجميد الأصول المالية للمسؤولين السياسيين والعسكريين المتورطين في الجرائم ضد الفلسطينيين، وفرض حظرعلى سفرهم، وتعليق عمل شركات الصناعات العسكرية والأمنية الإسرائيلية في الأسواق الدولية، وتجميد أصولها في المصارف الدولية، إضافة إلى تعليقالامتيازات التجارية والجمركية والاتفاقيات الثنائية التي تمنح إسرائيل مزايااقتصادية تُسهِم في تمكينها من مواصلة ارتكاب الجرائم ضد الشعبالفلسطيني.

وحث المرصد الأورومتوسطي الدول التي تملك قوانين للولاية القضائية العالميةعلى إصدار مذكرات توقيف بحق المسؤولين السياسيين والعسكريين الإسرائيليين المتورطين في جريمة الإبادة الجماعية، والمباشرة في إجراءات محاكمتهم، التزامًا بمسؤولياتها القانونية الدولية في المعاقبة على الجرائم والانتهاكات ومكافحة الإفلات من العقاب.

مقالات مشابهة

  • الصحة في غزة تستنكر اتخاذ العدو الصهيوني “مراكز المساعدات” مصائد لقتل المدنيين
  • منظمة “انتصاف” توثق كارثة غزة: “صرخة جوع في زمن الخذلان” .. جرائم تجويع ممنهج بغطاء دولي وصمت عربي
  • تبث أصواتًا مرعبة .. الاحتلال تكثّف استخدام “كوادكابتر” لترهيب واستهداف المدنيين في غزة
  • منظمة “الألكسو” تعلن في ختام أعمال دورتها العادية تشكيل لجنة متخصصة لتقييم الأوضاع التربوية في عدد من الدول العربية
  • لغز محير حتى في إسرائيل.. من يُموّل “مؤسسة غزة الإنسانية”؟
  • مقررة أممية: “إسرائيل” تستخدم المساعدات الإنسانية كذريعة لمواصلة جرائمها بغزة
  • منظمة انتصاف: 186 ألف شهيداً وجريحاً ومفقوداً خلال 600 يوم من العدوان على غزة
  • ألبانيز: إسرائيل تتظاهر بالترويج للحلول الإنسانية في غزة
  • “أونروا”: غزة بحاجة ماسة إلى تدفق المساعدات الإنسانية دون توقف