شهادات للجزيرة نت من قافلة الكرامة اللبنانية لكسر حصار غزة
تاريخ النشر: 15th, June 2025 GMT
بيروت – في مشهد إنساني وسياسي متداخل الأبعاد، انطلقت أمس السبت قافلة "الكرامة" التضامنية من مدينة حلبا في أقصى شمال لبنان.
انطلقت القافلة في مسار يمر بطرابلس ثم العاصمة بيروت، مرورا بمنطقة البقاع، قبل أن تتجه نحو الحدود السورية، عبر طريق دمشق وساحة الأمويين، ثم إلى الأردن عبر ميناء العقبة، حيث ستواصل رحلتها بحرا باتجاه الأراضي المصرية، تمهيدا لعبور معبر رفح نحو قطاع غزة.
الجزيرة نت تواكب القافلة في محطاتها اللبنانية، من بيروت إلى البقاع، وتنقل مشاهد حيّة من هذا التحرك الشعبي الذي يعكس نبض التضامن، مستعرضة شهادات المشاركين ودوافعهم ومشاعرهم في مسيرة تهدف إلى إيصال رسالة دعم إنسانية إلى أطفال غزة المحاصرين.
كما تبرز القافلة في ظل تصاعد الدعوات العربية والدولية لإنهاء الحصار المفروض على القطاع، الذي يعاني أزمة إنسانية غير مسبوقة.
وأوضح منسق القافلة الشيخ أحمد يحيى للجزيرة نت أن الهدف من "قافلة الكرامة" هو كسر الحصار الجائر وإيصال المساعدات الإنسانية إلى المدنيين بغزة، لا سيما الأطفال الذين يواجهون خطر الموت جوعا ومرضا بسبب نقص الغذاء والدواء.
وأكد الشيخ يحيى أن الغاية الأسمى من المبادرة هي المساهمة في وقف الحرب، ومحاولة إحياء الضمير الإنساني الذي "مات"، في ظل الصمت الدولي على المجازر التي ترتكب بحق الأبرياء. ودعا المسؤولين في سوريا والأردن ومصر إلى تسهيل عبور القافلة ودعمها حتى تتمكن من بلوغ هدفها الإنساني.
إعلانوقال إن القافلة تحمل طابعا سلميا وإنسانيا خالصا، ولا ترفع أي شعارات حزبية أو طائفية أو سياسية بل تنقل رسالة إنسانية صادقة إلى أطفال غزة المحاصرين، مضيفًا "نتمنى أن تصل القافلة إلى غايتها، وأن نعود وقد ساهمنا ولو بقدر بسيط في إطعام أطفال غزة وسد رمقهم".
حسين ناصر، أحد المشاركين في قافلة الكرامة، قال للجزيرة نت "نشارك اليوم من أجل رفع الحصار الظالم عن مدينة غزة وأهلنا هناك". وأضاف أن مشاعره "تعكس مشاعر كل إنسان عربي يشعر بواجبه تجاه إخوانه في غزة، نأمل أن نتمكن من إيصال صوتنا وأن تكون السلطات متفهمة ومتعاونة معنا".
من جانبها، أكدت منى، القادمة من مدينة صور، للجزيرة نت، مشاركتها في قافلة الكرامة ضمن جهود فك الحصار عن أهالي غزة، الذين وصفتهم بـ"الشعب المظلوم والمذبوح"، وأعربت عن أملها في تحقيق القافلة لأهدافها الإنسانية.
وقالت منى "هذه الحملة حركت مشاعرنا بقوة لا يمكن للكلمات أن تعبر عنها فهي تحمل الألم والغضب والتعاطف مع ما يعيشه أهل القطاع من معاناة".
ووجهت رسالة إلى أهالي غزة قالت فيها "أنتم شعب الجبّارين نسأل الله أن يمن عليكم بالصبر والثبات، أنتم لستم وحدكم فقلوبنا ودعواتنا ترافقكم في محنتكم".
أما مجاهد دهشة، وهو فلسطيني من مخيم عين الحلوة، فقال للجزيرة نت "انطلقنا اليوم في قافلة تضامنية استجابة لنداء إخواننا من عكا ومجد عنجر وطرابلس، بهدف الوقوف مع أهل غزة، باعتبارنا فلسطينيين ولبنانيين يعيشون على أرض لبنان".
وشكر مجاهد جميع المشاركين في القافلة، معبرا عن أمله في أن يغفر لهم أهل القطاع أي تقصير، ومؤكدا أن القافلة تبذل قصارى جهدها لدعم أهله، واصفا ذلك بأنه أقل واجب يقدمونه تجاه شعبهم.
من جهته قال عمر المير، رئيس بلدية مرتومة في عكار، للجزيرة نت "نشارك في القافلة لكسر الحصار المفروض على أهلنا وأطفالنا ونساء غزة، هذه المسيرة واجب على كل مسلم وكل عربي المشاركة فيها، فأهلنا في غزة محاصرون لأكثر من عامين محرومون من الغذاء والشراب وكل مقومات الحياة".
إعلانوأضاف المير "بصفتي رئيس البلدية، وأمثل نفسي، أعلن انخراطي في هذه القافلة، متوكلا على الله لتحقيق كسر الحصار عن أهلنا في غزة. هذه القافلة قافلة سلام وشرف لنا، وتجسيد حقيقي لشعور ينبع من أعماق القلب".
ودعا رئيس بلدية مرتومة جميع رؤساء البلديات والمسؤولين إلى المشاركة في هذه "الحملة العظيمة التي يصعب وصف عظمة أهدافها وأثرها، فهي انبثاق من مشاعر إنسانية صادقة".
وختم بالتأكيد على أن المشاركين في القافلة سلميون، لا يهددون أمن أي دولة، وإنما هدفهم رفع الحصار الجائر عن أطفال غزة ونسائها وشيوخها وأهلها، وقال "لقد نفدت قدرتنا على تحمل ما يجري في غزة، وجئنا مدافعين عن الإنسانية والسلام، ومن أجل كسر الحصار المفروض عليهم".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات قافلة الکرامة فی القافلة للجزیرة نت أطفال غزة فی غزة
إقرأ أيضاً:
برلمانيون بريطانيون يكشفون للجزيرة نت أبعاد اعتراف لندن بفلسطين
لندن- في ظل تصاعد معاناة الفلسطينيين وتزايد الضغوط الشعبية والحقوقية، شهدت الساحة الدولية تحركات متسارعة نحو الاعتراف بدولة فلسطين، بدءا بفرنسا وتلتها بريطانيا بخطوة دبلوماسية تعكس حرص لندن على التنسيق مع باريس لإرسال رسالة موحدة في ما بدا كسباق على مكانة الدولة التي ستقود حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
في الوقت ذاته، يواجه حزب العمال البريطاني الحاكم تحديا داخليا في محاولته تلبية مطالب الضغط الشعبي المتصاعد منذ العدوان الإسرائيلي على غزة.
ووقّع أكثر من 250 نائبا بالبرلمان البريطاني رسالة لرئيس الوزراء كير ستارمر تحثه على الاعتراف بدولة فلسطين قبل ساعات من إعلان عزمه على ذلك خلال دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول المقبل.
أمر حتمي
من جانبه، قال النائب عن حزب العمال أفضل خان، للجزيرة نت، إن الاعتراف البريطاني بفلسطين بات أمرا حتميا، بغض النظر عن الشروط التي قد يُعلنها السياسيون.
وأضاف خان أن القرار يأتي استجابة لتغير المزاج الشعبي داخل بريطانيا، الذي بدأ يُظهر تعاطفا متزايدا مع القضية الفلسطينية، وهو ما يضع حزب العمال على المحك، وأشار إلى الضغوط الشعبية والدبلوماسية المتعددة، وقال "ستارمر رئيس وزراء ليبرالي، وواجبه تنفيذ ما ورد في بيان حزبه، وهناك دعم واسع لهذا القرار داخل الحزب".
إلا أنه أقرّ بوجود تفاوت بين الضغط الشعبي والقرار السياسي المخطط له، وتساءل "هل فعلها لأنه خطط لها أم لأنه تعرض للضغط؟ الأمران مختلفان، لكن الضغط واضح أنه يعطي مفعولا".
من جهتها، رحبت ناز شاه، نائبة البرلمان عن دائرة برادفورد ويست، بإعلان ستارمر، وقالت للجزيرة نت "أرحب بالقرار الذي يشير إلى أن المملكة المتحدة ستتحرك للاعتراف بفلسطين في الأمم المتحدة خلال سبتمبر/أيلول المقبل".
وأضافت "لطالما دعوت حكومات البلاد المتعاقبة إلى الاعتراف بحق الدولة الفلسطينية غير القابل للتصرف والذي لا ينبغي أن يكون مشروطا بأفعال دولة أخرى، لكن أي خطوة نحو الاعتراف إيجابية ومستحقة للشعب الفلسطيني ويجب تنفيذها".
من جانبه، شدد خان على أن القرار يرسل إنذارا لإسرائيل بضرورة تغيير سياساتها، خاصة فيما يتعلق "بوقف السرقة الممنهجة لأراضي الفلسطينيين".
إعلانورغم الشروط التي رافقت خطاب الاعتراف، استبعد خان قبول حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بشرط نزع السلاح الذي وضعته الحكومة البريطانية، معتبرا أن "ذلك ليس عائقا أساسيا، القرار البريطاني لا علاقة له بأي شيء آخر. بغض النظر عن تصرفات إسرائيل أو حماس، سيُعترف بفلسطين".
من ناحيته، عبّر جلين سيكر الأمين العام لمنظمة "صوت اليهود من أجل العمال" وأحد أبرز المعارضين داخل حزب العمال، عن موقف أكثر تشككا تجاه القرار، وأوضح للجزيرة نت "ستارمر يحاول تحقيق نجاح دبلوماسي من خلال دفع ملف الاعتراف بفلسطين، وهذا سيمكنه من الرد على بعض العداء الموجه له، خاصة فيما يتعلق بعدم فعاليته في مساعدة الأطفال الذين يعانون من التجويع".
وأضاف: "ستارمر يسعى لإرضاء الرأي العام بخطوة رمزية فقط، في الوقت الذي يواصل فيه دعم صادرات الأسلحة إلى إسرائيل، الاعتراف بفلسطين بالنسبة له مجرد تخدير للرأي العام وليس حلا حقيقيا، هو يرد على الضغوط سواء من اللوبي الإسرائيلي أو الإعلام أو المؤسسات، ولا يقود الموقف بفعالية".
وعن التحديات القانونية، أوضح سيكر أن الادعاء بأن الاعتراف بفلسطين سيكون "غير قانوني لأنه لا يفي بمعايير الدولة الصالحة وفق اتفاقية مونتيفيديو لعام 1933″، يتجاهل نقطة مهمة جدا هي الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني والإستراتيجية التي منعت فلسطين من أن تصبح دولة قابلة للحياة في الأصل. وقال "لا يمكن استخدام نتيجة تصرف خاطئ من طرف واحد كسبب لإنكار حقوق الطرف الآخر".
وبرأيه، يحاول ستارمر الموازنة بين الغضب الشعبي من ناحية، وبين ضغوط الولايات المتحدة وتوقعات إسرائيل من ناحية أخرى، في محاولة لإطلاق خطوة واحدة ترضي الجميع.
في تصريح للجزيرة نت، كشف مصدر رفيع المستوى -تحفظ على ذكر اسمه- أن قرار الاعتراف بدولة فلسطين يفتح بابا قانونيا لمحامي حقوق الإنسان لاستغلال اتفاقية مونتيفيديو، التي تحدد معايير قيام الدولة في القانون الدولي، مما يعزز شرعية المطالب الفلسطينية وسيادتها القانونية.
وأضاف المصدر أن قانون التجنيد الأجنبي البريطاني، الذي ينظم مشاركة المواطنين في نزاعات خارجية، لا يُطبق على جنود الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بسبب عدم اعتراف لندن بفلسطين كدولة ذات سيادة، وهو ما أكدته الحكومة العام الماضي.
لذا، فإن الاعتراف الرسمي بدولة فلسطين، رغم رمزيته، يشكل -حسب المصدر نفسه- نقطة تحول قانونية تتيح لمحامي حقوق الإنسان مساءلة جنود الاحتلال أمام المحاكم الدولية والبريطانية، وتبدد بذلك العائق القانوني الذي استخدم العام الماضي لمنع ملاحقتهم.
أما الخبيرة السياسية نعومي إدريسي، والممثلة الإعلامية للصوت اليهودي داخل حزب العمال، فشككت بإمكانية تطبيق القرار عمليا، معتبرة في تصريح للجزيرة نت، أن وعد ستارمر مرتبط بشروط معقدة قد تمنع التنفيذ الفعلي.
وقالت "أعتقد أن ستارمر لن يفعل ذلك إلا إذا اقتنع بأن الرئيس الأميركي دونالد ترامب مرحِّب بذلك، وهذا يعني أنه لن يفعل ذلك إلا إذا وافق الإسرائيليون، وهم لن يفعلوا".
ووصفت إدريسي فكرة حل الدولتين بأنها "خيال، يتحدثون عن ذلك منذ الثمانينيات، لكنه مجرد وهم، لأن الأراضي الفلسطينية المحتلة إما غزة المدمرة أو الأراضي التي تُنهب من قِبل الإسرائيليين".
إعلانوأضافت أن المستوطنات الإسرائيلية الضخمة في الضفة الغربية تجعل من المستحيل إقامة دولة فلسطينية حقيقية، وتساءلت "كيف يُمكن للفلسطينيين بناء دولة في أرض تهيمن عليها مستوطنات مسلحة تحوي مئات الآلاف من الإسرائيليين اليهود؟".
ورغم تشكيكها في النوايا الغربية، تعترف إدريسي بالقيمة الرمزية للاعتراف البريطاني، "بالنسبة للفلسطينيين، للاعتراف قيمة رمزية هائلة لأنه يعني الاعتراف بوجودهم وحقوقهم".
لكنها حذرت من أن الدعم الغربي غالبا ما يخفي مصالح إستراتيجية، لا سيما أن الدول الغربية لطالما دعمت الصهيونية وتعتبر إسرائيل حليفها في المنطقة، مؤكدة "هذه الدول لا تعني بالاعتراف ما يعنيه الناس الشرفاء والإنسانيون؛ فهي لا تقصد المساواة أو الحرية أو العدالة".