البنتاغون أو الشكل الهندسي الخماسي يمكن أن يكون إطاراً جيداً لفهم الفشل المركب لميليشيا الدعم السريع في حرب السودان، حيث يمكن وضع فشلهم في ٥ أضلع متصلة تمثل الفشل المُستدام في تحقيق أيٍ من أهدافهم العسكرية أو السياسية.

١- الفشل العسكري في ١٥ أبريل
حيث تمثل فشل الميليشيا العسكري الأعظم في يوم ١٥ أبريل حيث فشلوا في إستلام سلطة البلاد وقتل أو إعتقال القائد العام للقوات المسلحة ورئيس مجلس السيادة وإعلان دولتهم، وهذا الفشل يُعد الأعظم لأنه كان تحركاً خاطفاً بكل ثقل الميليشيا العسكري والسياسي الذي بنته على مدار ٤ سنين.

٢- الفشل السياسي في الحفاظ على أو تحسين صورتهم داخلياً وخارجياً
حيث أن هذه الميليشيا بطبيعتها الشيطانية المُطلقة انتشرت في مناطق عديدة لتعيث فيها فساداً لم يُرى مثله في التاريخ الحديث، مما محى كل مجهودات تلميع صورتهم على مدار ال٤ سنين الماضية وجعل الجميع يعترف بشرهم المُطلق حتى المُنكرون علناً لا يطأون أراضي انتشار الدعم السريع لعلمهم بأن انتهاكات هذه الميليشيا ستطولهم بلا شك، كما أن بشاعة جرائمهم افشلت كل محاولات حلفائهم في إخفاءها أو تلفيقها لقوات الجيش، كان آخرها محاولة تلفيق أن كل المقذوفات التي تسقط على المدنيين هي تتبع للجيش حتى جاءت حملة #الدعم_السريع_يقصف_بيوتنا فاوضحت مدى خبث هذه الميليشيا في قتل المدنيين لمجرد الكسب الإعلامي لا غير.

٣- الفشل في إستخدام المجتمع الدولي والإقليمي لكسب المعركة
حيث كانت تعول الميليشيا على علاقاتها الخارجية وعلى إمكانية الوصول العالية للمجتمع الدولي لحليفها السياسي في إستجلاب موقف داعم من المجتمع الدولي والإقليمي وكانت آخر هذه المحاولات الفاشلة منبر الإيقاد الذي سعى لحظر سلاح الطيران والمدفعية الثقيلة -أسلحة التفوق النوعي للجيش دوناً عن الدعم السريع- كما حاولوا إستجلاب الإيساف بصورة مُلحّة للتدخل ضد الجيش، ولكن فشلوا في ذلك أيضاً وأضحى حليفهم كرتاً محروقاً للعامة.

٤- الفشل العسكري في تحقيق إنتصارات عسكرية تُرغم الجيش على تفاوض توازن الضعف
حيث أن الميليشيا سعت عسكرياً لإسقاط دفاعات الجيش المهمة بدون هوادة غير مكترثة للخسائر في سبيل تحقيق إنتصار عسكري يرغم الجيش على الدخول في تفاوض من منطلق قوة للميليشيا أو لتحقيق توازن ضعف، وكان آخر تجليات هذا الفشل إنتصار الجيش في معركة مدرعات الشجرة الكبرى قبل بضعة أيام، وهي معركة راهن فيها الدعم السريع بكل ما يملك عسكريا وسياسياً وخسر كل هذا: فاضحى انتشارهم الدفاعي (الدفاع بنشر الارتكازات) مهزلة من الانهيار حيث تمكن قائد الجيش من الخروج من القيادة “المحاصرة”، وتمكن الفريق أول ياسر العطاء من التجول من المهندسين إلى السلاح الطبي وعودة، وتمكن مصابو معركة المدرعات من تلقي العلاج في السلاح الطبي مما يُعد دليلاً واضحاً لإنهاك وضعية الدفاع بالانتشار التي ستنهار عاجلاً أم آجلاً بإذن الله، كما أن الميليشيا بهجومها على سلاح المدرعات فقدت الإتفاق الذي كان يُبرم في ما قبل هجومهم واضحوا الآن يتمنون اتفاقاً ولو بتقديم تنازلات ضخمة.

٥- الفشل في إمتلاك أي سلطة أمر واقع
فبرغم إنتشار الميليشيا على مساحة ٨٠% من ولاية الخرطوم وسيطرتهم على القصر والإذاعة والعديد من المرافق السيادية والاستراتيجية في الخرطوم إلا أنهم فشلوا تماماً في إعادة تشغيل الدولة لصالحهم، فالإنتشار واكتساب الأرض والمواقع بدون تدمير دفاعات ومعسكرات العدو يجعل المساحات المُكتسبة غير مفيدة خصوصاً مع مواصلة الدولة القيام بأعمالها خارج الخرطوم وبداية استعادة دولاب العمل، وأكثر ما يوضح أن الدولة المتمثلة في قيادة الجيش لها سلطة الأمر الواقع هو ردود الفعل على خروج البرهان، فحتى الميليشيا وحلفاؤها وكثير من الفاعلين السياسيين هرعوا لمحاولة تصوير خروج البرهان لصالحهم أو تهافتوا بالطلبات عليه في ضمهم إلى المشهد السياسي القادم واختفت فجأة خطابات القبض والتهديد بالقتل لذلك “المحاصر في البدرون” واضحى سيد المشهد وصاحب القرار فيما سيحدث في المستقبل.

أضحى الدعم السريع حبيساً في هذا السجن ذو الأضلاع الخمسة المنيعة، محاصراً لا يعرف مع أي معضلة يتعامل أولاً فكسر هذا البنتاغون عملية شبه مستحيلة في هذه اللحظة.
هذا الفشل المركب المُستدام يعكس نموذجاً مثالياً لمحاولة إقتلاع الدولة بالسلاح برغم أنف الشعب، وأتمنى أن يكون الدعم السريع درساً لكل من يرغب في أن يتمرد على الدولة مستقبلاً ليعلم الجميع أن لا حل إلا بالجلوس تحت مظلة الدولة وأن أي مساعٍ للإصلاح لن تتم إلا من داخل أفق الدولة.
نصر الله قوات شعبنا المسلحة.
#الدولة_باقية
#حرب_السودان

أحمد الخليفة

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

"تعمّد إطالة حرب غزة".. وسائل إعلام إسرائيلية: مصلحة نتنياهو السياسية تتجاوز توصيات الجيش

كشف تحقيق لصحيفة نيويورك تايمز أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اتخذ قرارات عسكرية أثرت على مسار حرب غزة، ما أدى إلى تمديدها خلافًا لرأي القيادة العسكرية. اعلان

اتهم مسؤولون إسرائيليون رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بتعمد إطالة أمد الحرب على قطاع غزة، خلافًا لتوصيات القيادة العسكرية، معتبرين أن قراراته تأثرت بمصالحه السياسية والشخصية، وفق ما كشفه تحقيق موسّع أجرته صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، استنادًا إلى مقابلات ووثائق رسمية.

تحقيق استغرق 6 أشهر

نشرت الصحيفة تحقيقًا استقصائيًا، الجمعة، أوضحت فيه أن العمل عليه استمر 6 أشهر، وشمل مقابلات مع أكثر من 100 مسؤول من إسرائيل والولايات المتحدة والعالم العربي، إضافة إلى مراجعة عشرات الوثائق والسجلات الحكومية.

وبحسب التحقيق، فإن نهج نتنياهو تجاه حركة حماس قبل الحرب ساهم في تعزيز قوتها ومنحها الوقت الكافي للاستعداد، مشيرة إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي تلقى في تموز/يوليو 2023 تقريرًا استخباراتيًا حذر من أن أعداء إسرائيل، بمن فيهم حماس، رصدوا الاضطرابات الداخلية الناتجة عن خطته لإضعاف القضاء، وبدأوا الاستعداد لهجوم واسع. إلا أن نتنياهو تجاهل هذه التحذيرات ومضى قدمًا في التعديلات القضائية، مما فاقم من الانقسام الداخلي.

Relatedعشاء البيت الأبيض: نتنياهو يرشّح ترامب لنوبل.. وملفات غزة وإيران تتصدّر اللقاء ضربة موجعة.. هجوم "معقّد" لحماس في بيت حانون يقتل 5 جنود إسرائيليين ويصيب 14 آخريناحتجاجات في تل أبيب ضد بنيامين نتنياهو وحكومتهمحاولة لتحميل الجيش المسؤولية

وأفاد التحقيق أن نتنياهو حاول، بعد هجوم طوفان الأقصى، التنصل من المسؤولية وإلقاء اللوم على القادة العسكريين. ووجّه فريقه الإعلامي المؤثرين المتعاطفين لتصوير الجنرالات كمسؤولين عن "أسوأ إخفاق أمني" في تاريخ إسرائيل. كما سعت الحكومة لمنع تسريب أي محاضر رسمية قد تُظهر تقصير القيادة السياسية، وقيّدت تسجيل اجتماعات الجيش الرسمية.

وبحسب الصحيفة، رفض نتنياهو عرضًا من زعيم المعارضة لتشكيل حكومة وحدة وطنية عقب اندلاع الحرب، مفضّلًا البقاء في ائتلاف مع قوى يمينية متطرفة، اعتبر أنها ستدعم استمراره في الحكم بعد انتهاء العمليات العسكرية.

هذا الخيار، وفق التحقيق، جعل نتنياهو "رهينة" لمطالب اليمين المتشدد، خاصة فيما يتعلق بوقف إطلاق النار أو المفاوضات مع حماس، ما أدى إلى إطالة أمد الحرب رغم اعتراضات الجيش.

قرارات تعاكس رؤية الجنرالات

أشارت نيويورك تايمز إلى أن نتنياهو تجاهل تحذيرات قادة الجيش من عدم جدوى استمرار القتال، واستمر في العمليات العسكرية خلال نيسان وتموز 2024، كما انتهك هدنة تم التوصل إليها في كانون الثاني، لأسباب تتعلق بحماية تحالفه الحاكم.

هذا واستؤنفت يوم الثلاثاء الماضي المفاوضات غير المباشرة بين وفدي حركة حماس وإسرائيل في العاصمة القطرية الدوحة، بهدف التوصل إلى وقف إطلاق نار في قطاع غزة. وتأتي هذه الخطوة وسط جهود مكثفة من الوسطاء لتقريب وجهات النظر بين الجانبين وإنهاء الحرب.

وخلال مأدبة عشاء خاصة أقيمت على شرف نتنياهو في البيت الأبيض مساء الاثنين، أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن حركة حماس أبدت استعدادها للتفاوض والتوصل إلى وقف إطلاق نار في قطاع غزة، مشيرًا إلى أن الأمور تسير على ما يرام، وأنه لا توجد عراقيل كبيرة تعيق التوصل إلى اتفاق تهدئة بين الطرفين.

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • الجيش السوداني يصد هجوما لقوات الدعم السريع في الفاشر
  • الجيش السوداني يستعيد سجن شالا غربي الفاشر.. وتحييد 60 عنصرا من “الدعم السريع”
  • الجيش السوداني يعلن صد هجوم جديد للدعم السريع على الفاشر
  • مفاجأة.. عناصر من الدعم السريع تسرب إحداثيات إلى الجيش السوداني
  • نيران متبادلة تهز الفاشر.. الجيش السوداني يتصدى لهجوم عنيف والدعم السريع يرد بالقصف
  • الجيش السوداني والدعم السريع يتبادلان القصف في الفاشر
  • "تعمّد إطالة حرب غزة".. وسائل إعلام إسرائيلية: مصلحة نتنياهو السياسية تتجاوز توصيات الجيش
  • السجن عامين على متعاون مع مليشيا الدعم السريع المتمردة
  • “الدعم السريع” تقصف الأبيض مجددا
  • مسيرة لميليشيا الدعم تقصف ملجأ للمدنيين في الفاشر