تناولت الصحافة الفرنسية قرار منع العباءة في المدارس الذي تبناه وزير التربية الوطنية غابرييل أتال، معتبرا أنه "علامة دينية" واضحة، ورأت بعض الصحف أنه قرار سياسي للغاية، يمهد لمعركة طاحنة بين المؤيدين والمعارضين له، خاصة أنه حظي بترحيب اليمين، وإن بقي اليسار منقسما بشأنه إلى حد ما. ورأى فيه أحد الأساتذة الجامعيين الفرنسيين "أجندة سياسية أكثر منه قضية تربوية حقيقية".

وتفاوت تناول الصحف والمجلات للقرار، حيث رأت لوبوان أنه ليس قرارا سهلا من الناحية القانونية، وتساءلت على أي أساس قانوني سيبني هذا الحظر وما المخاطر التي يمكن تحملها في حالة الطعن أمام القضاء الإداري، موضحة أن الحكومة لن تقوم بتشريعه، مكتفية بأن يرسل وزير التربية الوطنية ببساطة منشورا إلى العمداء، لعناية رؤساء المؤسسات.

وفي نفس الوقت تساءلت المجلة عن حقيقة كون العباءة "ثوبا دينيا"، موضحة أن تعميما حدد 3 "علامات" تسمح "بالتعرف على انتماء الطالب الديني" يجب بالتالي حظرها، وهي الحجاب الإسلامي "مهما كان اللباس" و"اليارمولك" (اليهودي) والصلبان، إذا كانت "مفرطة الحجم بشكل واضح"، وألحقت بها عمامة السيخ بعد ذلك، مع التأكيد أن اللائحة ليست شاملة، وعلقت بأن القرار طريقة لتشجيع قادة المدارس على التدقيق في نية الطالب في مواقف معينة.

مظاهرة نسوية في وقت سابق في فرنسا ضد الإسلاموفوبيا (وكالة الأنباء الأوروبية) عثرات قانونية

وركزت لوبوان بعد ذلك على العثرات القانونية التي قد يواجهها الوزير، ورجحت أن تغتنم رابطة حقوق الإنسان أو إحدى الجمعيات الأهلية منشوره وتهاجمه أمام مجلس الدولة، خاصة أن المجلس الفرنسي للعبادة الإسلامية أكد خطأ تقديم العباءة على أنها ثوب ديني، موضحا أن "قطعة الملابس مهما كانت، ليست علامة دينية في حد ذاتها"، نافيا رغبته في "التقليل من بعض الهجمات على العلمانية".

ورأت آن لور زويلينغ عالمة أنثروبولوجيا الأديان أن العباءة لا ترتبط بعبادة المسلمين بل "بالثقافة"، وتوقع الأستاذ غيوم حنوتين، المحامي بمجلس الدولة ومحكمة النقض أن "بعض الطلاب لن يفشلوا في إثارة الاستفزاز"، وأن "آخرين سوف يدافعون عن أنفسهم من خلال الإشارة إلى الموضة أو الأسلوب أو أنهن يرتدين العباءة لإخفاء شكلهن، من باب الاحتشام"، مضيفا "لهذا السبب لا أستطيع أن أنصح الوزير بأن يكون قاطعا للغاية، خوفا من رفض تعميمه".

وفي هذا السياق، قابلت المجلة الأستاذ الجامعي كلير غيفيل، الذي استنكر رؤية الرئيس إيمانويل ماكرون فيما يتعلق بالتعليم، ورأى أن "الإجراء ضد العباءة قد يسبب صراعا أكثر مما سيحل إشكالا"، وقال "من وجهة نظري فإن هذه القضية التي تعود إلى الواجهة وتطغى على كل ما عداها، هي مسألة أجندة سياسية أكثر منها قضية تربوية حقيقية".

وأوضح الأستاذ أن الوزير بهذا الإجراء، لا يخاطب المعلمين، بل يخاطب الناخبين في اليمين الفرنسي، وقال إنه يجب حل المخاوف التي لدينا بشأن العباءات من خلال الحوار والمناقشة مع الفتيات الصغيرات، لأن الهدف ليس -وفق رأيه- إقصاء الشباب الذين سيستمرون في ارتداء هذا الزي.

معركة سياسية للغاية

أما صحيفة لاكروا فاكتفت بأن المعركة بشأن هذا القرار في الوقت الحالي ستكون سياسية للغاية بين المؤيدين والمعارضين للحظر، وسيزيد الخلاف بين اليسار بشكل أساسي، حيث استقبله الحزب الاشتراكي بشكل إيجابي إلى حد ما وقال "إنها ليست قوة شرطة للملابس، بل قوة شرطة للتبشير في المدرسة"، ورأى النائب جيروم غيدج، أن "مبدأ العلمانية يجب التأكيد عليه بكل وضوح"، ورأت النائبة عن "حزب فرنسا الأبية" أن هذا القرار "مخالف للمبادئ التأسيسية للعلمانية"، في حين رحب به اليميني رئيس الجمهوريين إيريك سيوتي.

وعرضت صحيفة لوموند التي قدمت للموضوع بتزايد التقارير عن "الهجمات على العلمانية"، رأي الوزير، حيث قال إن "ما يخلق الصراع هو غموض القاعدة"، وأوضح أن الحظر على الملابس يسمح لرؤساء المؤسسات "بأن يكون لديهم خط أكثر وضوحا على المستوى الوطني"، مضيفا أنه "في الغالبية العظمى من الحالات، سيتم تسوية الأمور منذ الأيام الأولى عبر الحوار".

خلاف في اليسار

وبعد ذلك، استعرضت الصحيفة ما يدور في الساحة السياسية، حيث يفصل حظر العباءة على اليسار بين ائتلاف الاتحاد البيئي والاجتماعي الشعبي الجديد، وبين المنتخبين من الحزب الاشتراكي والحزب الشيوعي الفرنسي الذين يوافقون عليه بشكل خاص باسم مبدأ العلمانية، في حين يندد حزب فرنسا الأبية بالقرار "المعادي للإسلام"، ويدين الخضر "مبدأ الوصم".

وقال زعيم "حزب فرنسا الأبية" جان لوك ميلينشون أمس الاثنين "من المحزن أن نرى بداية العام الدراسي مستقطبة سياسيا من خلال حرب دينية سخيفة مصطنعة تماما على الزي النسائي"، داعيا إلى "السلام المدني" و"العلمانية الحقيقية" التي توحد بدلا من إثارة السخط"، وتساءلت ماتيلد بانو من نفس الحزب إلى أي مدى ستذهب شرطة الملابس؟"، كما أبدى النائب كليمنتين أوتان غضبه أيضا، معتبرا أن هذا القرار "غير دستوري، ويتعارض مع المبادئ التأسيسية للعلمانية" وهو "من أعراض الرفض المهووس للمسلمين".

وفي أوساط المدافعين عن البيئة، ينظر إلى قرار غابرييل أتال على أنه "جدل عقيم لصرف الانتباه عن سياسة ماكرون في تفكيك المدارس العامة"، تقول سيريل شاتلان، زعيمة المجموعة في الجمعية، إن "الأولوية" ليست "أن نكون في منطق الإقصاء والوصم"، في حين شبهت النائبة ساندرين روسو المعروفة بمواقفها النسوية، هذا الإعلان "بالرقابة الاجتماعية الجديدة على أجساد النساء والفتيات الصغيرات".

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

أستاذ علوم سياسية: تظاهرات «الإخوان الإرهابية» أمام سفارة مصر في تل أبيب خيانة صريحة واصطفافا مفضوحا مع العدو

أكد اللواء الدكتور رضا فرحات، نائب رئيس حزب المؤتمر وأستاذ العلوم السياسية، أن تظاهرات جماعة الإخوان الإرهابية أمام السفارة المصرية في تل أبيب تمثل خيانة صريحة و مكشوفة، واصطفافا مفضوحا مع العدو ضد ثوابت الأمة ومصالحها العليا، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.

وأضاف في تصريحات خاصة لـ «الأسبوع» أن هذه التظاهرات ليست سوى مسرحية رديئة الإخراج، تحاول من خلالها الجماعة القفز على نضال الشعب الفلسطيني والمتاجرة بآلامه، في محاولة مكشوفة للنيل من الدور الوطني والتاريخي الذي تقوم به الدولة المصرية في دعم الأشقاء في غزة.

أدوات مأجورة لتشويه صورة مصر

وأوضح أستاذ العلوم السياسية أن هذه التحركات ما هي إلا أدوات مأجورة تهدف لتزييف وعي الرأي العام العربي والدولي، وتشويه صورة مصر التي تقف في مقدمة الصفوف المدافعة عن القضية الفلسطينية سياسيا وإنسانيا مشيرا إلي أن مصر، بقيادتها الواعية ومؤسساتها الوطنية، تواصل أداء دورها المحوري والثابت تجاه الشعب الفلسطيني، من خلال جهود متواصلة لوقف العدوان، وفتح معبر رفح بشكل دائم لإدخال المساعدات، وإطلاق أكبر عمليات إنزال جوي للمساعدات فوق غزة، بالإضافة إلى جهودها الدبلوماسية على كافة المستويات لدعم القضية الفلسطينية في المحافل الدولية.

دعوات بائسة لا تمثل الشعب الفلسطيني

وأكد «فرحات» أن هذه التظاهرات أمام السفارة المصرية في تل أبيب لا يمكن أن تقرأ إلا باعتبارها محاولة لضرب صورة مصر في الخارج، وخلط الأوراق، وتحقيق أهداف تتقاطع مع أجندات مشبوهة تستهدف استقرار الدولة المصرية، ووعي شعبها، ومكانتها الإقليمية مؤكدا أن هذه الدعوات البائسة ستقابل برفض شعبي واسع، لأنها لا تمثل الشعب الفلسطيني، ولا تعبر عن نضاله، بل تمثل جماعة لفظها التاريخ، ولم تعد تملك سوى التحريض والتشويش، مضيفا أن الشعب المصري بات أكثر وعيا من أن تنطلي عليه مثل هذه المخططات، ومصر ستظل دائما درعا حاميا لفلسطين، وركنا راسخا في الدفاع عن قضايا الأمة العادلة.

مصر والقضية الفلسطينية

وفي الأيام الأخيرة انطلقت الأبواق المأجورة التي لا تنتمي إلى وطن أو دين أو أي عقيدة أخلاقية لتبث سمومها في أنحاء الوطن العربي والعالم، وبدأت تطلق دعوات عالمية للتظاهر أمام السفارات المصرية حول العالم، وكانت الأولى في تل أبيب، اتهاما منهم بأن مصر لا تدخل المساعدات الإنسانية إلى غزة، مصر التي منذ بدء الحرب على غزة في 7 أكتوبر 2023 أدخلت 80% من المساعدات الإنسانية إلى القطاع وعالجت الجرحى منهم واستقبلتهم، وكانت السند والظهر الأقوى للقضية الفلسطينية في مفاوضات وقف إطلاق النار، وكانت هي الرافضة للتهجير ولتصفية القضية الفلسطينية، وهي البادئة في مناشدة العالم بحل الدولتين وترسيخ سلام عادل لحل القضية الفلسطينية، اتهاما بأن رئيس مصر لا يدعم القضية الفلسطينية، الذي نادى باستمرار في كل وقت وفي كل مؤتمر وفي كل قمة وفي كل اجتماع مع رؤساء الدول في الخارج بحل الدولتين، والذي ظهرت نتائج مناداته ومناشداته المستمرة بأن اعترف عدد من الدول الأوروبية ودول أخرى ذات ثقل اقتصادي وإقليمي في العالم بالدولة الفلسطينية، وحقوق الشعب الفلسطيني.

ما يثير العجب ويدعوا للدهشة هو تدني تفكير هؤلاء في تنظيم مؤامراتهم ودعواتهم الفاضحة، ويكأنهم يريدون أن يقولوا بكل صراحة ووضوح: «نحن نقف بكل قوة خلف الاحتلال الإسرائيلي الذي يدعمنا بكل قوة حتى أن أول مظاهراتنا ضد مصر كانت في تل أبيب»، ولكن العجب العجاب فعلا هو عدم وجود علم فلسطيني واحد يحمله هؤلاء الذين يزعمون مطالبتهم بحقوق الفلسطينيين، وهم في الحقيقة يتاجرون بآلام هؤلاء الأبرياء الذين ليس لهم دخل أو ذنب في كل ما يحدث، ولا يمكن استبعاد كون هذه المظاهرات التي تزعم أنها تمثل الفلسطينيين هي أول خنجر في ظهر القضية الفلسطينية لضربها وتشويهها.

اقرأ أيضاًهاشتاجات «إخوان خائنون» و«الإخوان عملاء إسرائيل» تتصدر إكس

مستشار الرئيس الفلسطيني: جماعة الإخوان الإرهابية هم كلاب النار وخدام إسرائيل

حلمي النمنم: «الإخوان الإرهابية نشأت ضد الدولة الوطنية بعد ثورة 1919»

مقالات مشابهة

  • أستاذ علوم سياسية: مصر عملت على تقديم الدعم الكامل للقضية الفلسطينية
  • أستاذ علوم سياسية: الاستقرار لن يحدث بالمنطقة إلا بحل القضية الفلسطينية
  • أستاذ علوم سياسية: مصر قلب المنطقة النابض.. وتقف حائط صد ضد مخطط التهجير
  • كيف تواجه مصر المؤامرات والمخططات ضدها؟ أستاذ علوم سياسية يجيب
  • أستاذ علوم سياسية: تظاهرات «الإخوان الإرهابية» أمام سفارة مصر في تل أبيب خيانة صريحة واصطفافا مفضوحا مع العدو
  • أستاذ علوم سياسية: إسرائيل تعرقل المفاوضات وتسعى لتصفية القضية الفلسطينية
  • كيف تتعامل مصر مع الشائعات بشأن القضية الفلسطينية؟.. أستاذ علوم سياسية يُجيب
  • أستاذ علوم سياسية: الموقف المصري من القضية الفلسطينية والمخططات صلب وراسخ
  • أستاذ علوم سياسية: إسرائيل تستخدم التجويع في غزة كأداة ضغط سياسي
  • أستاذ علوم سياسية: القضية الفلسطينية أمن قومي لمصر