خالد بن سالم الغساني

في خطوة سياسية وإيديولوجية خطيرة تؤكد استمرار سياسات الاحتلال التوسعية، صادق الكنيست الإسرائيلي، بأغلبية ساحقة، على قرار يدعو إلى فرض “السيادة الإسرائيلية” على الضفة الغربية وغور الأردن، معتبرًا هذه الأراضي الفلسطينية جزءًا لا يتجزأ من “الوطن التاريخي المزعوم للشعب اليهودي”.

ويهمنا في البداية أن نشير ونؤكد على أن هذا القرار باعتباره صادر عن سلطة احتلال غير شرعية، فإنه يفتقر إلى أي أساس قانوني بموجب القانون الدولي، ويُعد خرقًا صارخًا لقرارات الأمم المتحدة، لاسيما قراريها رقمي  242 و 2334، اللذين يؤكدان على عدم شرعية ضم الأراضي المحتلة بالقوة، كما أنه يتعارض مع اتفاقيات جنيف التي تحظر تغيير طابع الأراضي المحتلة أو نقل سكانها، ومن ناحية أخرى وبالرغم من خطورته، الا انه لا يمثل شيئاً جديداً في إطار النهج الإحتلالي الذي تمارسه سلطات الكيان المحتل التي لم تتوانى في اتخاذ إي قرار او فعل لتدعيم سلطاتها الإستيطانية على الأراضي العربية المحتلة، إلا أن دلالاته السياسية والاستراتيجية تكشف عن تصعيد متنامي وغير مسبوق في سياسات الكيان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني، بهدف تكريس الاحتلال وإجهاض أي خطوة نحو إقامة دولة فلسطينية مستقلة.

يأتي هذا القرار في سياق إجماع متزايد داخل الائتلاف الحاكم اليميني المتطرف في إسرائيل، الذي يرفض بشكل قاطع حل الدولتين، ويعتبر إقامة دولة فلسطينية تهديدًا لما يسمى بـ“المستقبل الإسرائيلي”المبني إساساً على مستقبل شعبٍ شُّرد وطرد من أراضيه بالقوة، بعد أن مورست بحقه وأرضه أبشع أنواع القتل والتهجير والتدمير، من قبل كيانٍ محتل غاشمٍ وساديٍ وقح.

إن ذلك يعكس محاولة أخرى واضحة لفرض أمر واقع على الأرض من خلال ترسيخ السيطرة على الضفة الغربية، مستندًا إلى مبررات إيديولوجية تربط بين أحداث عملية “طوفان الأقصى” في 7 أكتوبر 2023، وادعاءات أمنية تُروج لضرورة اتخاذ خطوات "استراتيجية” لضمان هيمنة الاحتلال. وفي الواقع فإن هذه الخطوة ليست سوى إستمرار لسياسات الضم والتوسع الاستيطاني، التي تهدف إلى تهميش الفلسطينيين وتغيير الواقع الديموغرافي والجغرافي للأراضي المحتلة.

إنه تحدي سافر للشرعية الدولية، كما تعودت سلطات الكيان، لكنه يضع المجتمع الدولي أمام مسؤولية أخلاقية وقانونية جادة للتصدي لهذه الانتهاكات التي تسعى إلى تقويض كل فرص يمكن ان تحقق السلام العادل والشامل. إنه يُفاقم التوترات في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والعمليات العسكرية اليومية في الضفة الغربية، وسياسة التجويع التي تستهدف حياة الفلسطينيين وتقتل من تبقى منهم.

إن تصريحات مسؤولي الاحتلال التي تدعو إلى ضم الضفة الغربية وغزة مع تهجير الفلسطينيين الذين يرفضون الخضوع للسيادة الإسرائيلية تؤكد وتدلل على تكريس نظام فصل عنصري في الأراضي العربية المحتلة، وتنفيذ عمليات نزوح قسري واسعة النطاق.

 من ناحية أخرى فان هذا القرار يُشكل دعمًا مباشرًا لسياسات التوسع الاستيطاني، التي تتسارع عبر إخلاء مجتمعات الرعاة الفلسطينيين قسرًا، وتوسيع البؤر الاستيطانية، وهدم المنازل، ومصادرة الأراضي. هذه الإجراءات تهدف إلى تقطيع أوصال الضفة الغربية، وتفتيتها إلى جيوب معزولة، مما يجعل إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة مستحيلة عمليًا. كما يُضعف السلطة الفلسطينية، التي تُعاني أصلًا من أزمة شرعية داخلية بسبب الانقسام السياسي ومحدودية سلطتها تحت الاحتلال، مما يُعزز من حالة الإحباط الشعبي ويُعمق التوترات الداخلية.

إن الشعب الفلسطيني الذي يواصل مقاومته الباسلة بكل الوسائل المشروعة، يجد نفسه مع هذا القرار أمام تحدٍ وجودي يتطلب منه شحذ قواه واعادة تنظيم صفوفه ورصها لتصعيد المقاومة الشعبية والمسلحة للدفاع عن أرضه وحقوقه الثابتة.

وإن استمرار سلطات الاحتلال في تحدي قرارات الشرعية الدولية التي أصبحت مجرد “أحبار على ورق” أمام تعنت الكيان الصهيوني، يضع المجتمع الدولي أمام اختبار حقيقي، يتطلب استجابة دولية حاسمة تتجاوز البيانات الشكلية إلى فرض عقوبات اقتصادية وسياسية على إسرائيل، بما في ذلك وقف الدعم العسكري والمالي، وتفعيل آليات المساءلة عبر المحكمة الجنائية الدولية. كما انه يدعوا الدول المحبة للسلام الى تعميق عزلة إسرائيل دوليًا، ودعم الحملات الشعبية وحركة المقاطعة وفرض العقوبات

إن قرار الكنيست إعلان صريح لتكريس الاحتلال وإنهاء أي أمل بتحقيق العدالة للشعب الفلسطيني؛ ذلك انه يُغلق أبواب التسوية السياسية بشكل نهائي، ويُؤكد أن الصراع مع الاحتلال، انما هو صراع وجودي تؤكده كل ممارسات سلطات الكيان المحتل، إنه يستهدف استئصال الشعب الفلسطيني من أرضه، وفي مواجهة هذا التحدي يواصل الشعب الفلسطيني تمسكه بخياراته المشروعة، عبر المقاومة بكل أشكالها، للدفاع عن حقه في الأرض والسيادة والعودة. وعلى العالم أن يتحمل مسؤولياته التاريخية، ولا يكتفي فقط بإدانة هذه السياسات، بل انه مطالب باتخاذ إجراءات عملية لردع الاحتلال ودعم نضال الشعب الفلسطيني، ففي ظل إمعان سلطات الاحتلال في تحدي العالم، يبقى العمل على تعزيز صمود الفلسطينيين ومقاومتهم الباسلة، هو الرد الأقوى على هذا العدوان، والضمانة الحقيقية لاستمرار القضية الفلسطينية كقضية مركزية للعدالة والحرية في العالم.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

كلمات دلالية: الشعب الفلسطینی الضفة الغربیة هذا القرار

إقرأ أيضاً:

مدبولي: توصلنا لاتفاق لوقف إطلاق النار في غزة وإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني

وجه الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، خلال مؤتمر صحفي عقده عقب زيارته لعدد من المشروعات بمحافظة القليوبية، التحية للرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي تحمل العبء الكبير في التوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة الأمريكية وقطر وحماس وتركيا لوقف إطلاق النار في غزة، مشيراً إلى أننا نجحنا في التوصل إلى اتفاق لوقف الحرب في القطاع ووقف معاناة الشعب الفلسطيني.

وأشار إلى أن الشعوب العربية والإسلامية تعلم جيداً أهمية القضية بالنسبة لمصر، كما يعلمون موقف مصر الثابت تجاه هذه القضية منذ بداية الأزمة على مدار عامين، حيث بذلت مصر جهوداً مضنية وشهدت الكثير من حملات التشويه والشائعات المغرضة ضدها، موجهاً رسالة لكل مصري أن ما يحدث اليوم من تقدير لدور مصر الداعم للقضية الذي قامت به لتحقيق هذا الإنجاز، وخلال اليومين القادمين سيشهد العالم كله توقيع هذا الاتفاق رسمياً.

كما وجه التحية لرئيس الولايات المتحدة الأمريكية ترامب وقيادات قطر وتركيا، مشيراً إلى أن كل أجهزة مصر السيادية كانت مشاركة في هذا الأمر، وبذلت جهوداً كبيرة لإتمام هذا الاتفاق.

وكذلك وجه التحية للفتاة المصرية في ذكرى اليوم العالمي للفتاة، مثنياً بكل التقدير والإعجاب على الفتاة المصرية في كل المجالات، كما أشار رئيس الوزراء إلى رفع مؤسسات التصنيف الدولية تصنيف الائتماني لمصر، وأن مصر اجتازت برامج الإصلاح الاقتصادي، كما أشارت المؤسسة إلى أنها لديها ثقة في أن تسير الحكومة في الاتجاه الإيجابي.

كما أشار إلى أن مؤسسة فيتش أصدرت تقريراً منذ أيام بشأن تعافي الاقتصاد المصري وانطلاقته، كما أشار إلى جولته بمحافظة القليوبية وتفقده العديد من المشروعات التنموية والخدمية بالمحافظة، بدأها بمشروعات الإسكان نحو 1500 وحدة سكنية في قلب القليوبية، كانت الأراضي التي أقيمت عليها مقالب للقمامة.

وأوضح أنه لدينا العديد من الآلاف للوحدات السكنية بمختلف محافظات مصر، كما أشار إلى زيارته لعدد من المصانع في الملابس الجاهزة والأجهزة المنزلية، كما أشار إلى أن قطاع الصناعة بدأ يؤتي ثماره خلال الفترة القليلة الماضية، مشيراً إلى أن كافة البراندات العالمية يتم تصنيعها حالياً في مصر لما أصبح لدينا جودة المنتج المصري يضاهي كافة المواصفات العالمية.

كما أشار إلى أن محافظة القليوبية قبل تولي الرئيس السيسي كان الصرف الصحي لا يتجاوز 28%، يتجاوز الآن 70%، وأن القرى لم توجد بها خدمة أساسية مياه وصرف صحي.

وأشار رئيس الوزراء إلى زيارته لجامعة بنها الأهلية كنموذج تعليمي يوازي الجامعات الخاصة، حيث نستقبل حالياً أكثر من 150 ألف طالب في الجامعات الأهلية، والجامعة سوف تخرج أول دفعة لها خلال العام الدراسي الحالي بنهاية 2026، كما تفقد مشروع التطوير الجارية على الكورنيش ممشى أهل مصر ومشروعات إقامتها القوات المسلحة كنادي للمدنيين والعسكريين، كما أشار إلى زيارته لمستشفى طوخ المركزي، والمقرر افتتاحها في شهر نوفمبر القادم بعد اكتمال أعمالها.

وأشار إلى مئات الوحدات الصحية والطبية التي دخلت الخدمة في إطار مشروع حياة كريمة.

مقالات مشابهة

  • استشهاد الصحفي الفلسطيني صالح الجعفراوي على أيدي عملاء الكيان
  • تظاهرات حاشدة في 27 مدينة أسترالية تضامناً مع الشعب الفلسطيني
  • جهاد أبو لحية لـ صدى البلد: تواصل مصر دورها المحوري في دعم الشعب الفلسطيني
  • الهلال الأحمر يُثمن جهود مصر في وقف إطلاق النار ودعم الشعب الفلسطيني
  • مدبولي: توصلنا لاتفاق لوقف إطلاق النار في غزة وإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني
  • وصول الطائرة السعودية الـ66 لإغاثة الشعب الفلسطيني إلى مطار العريش
  • هل يعود الكيان للحرب‎
  • مستشار الرئيس الفلسطيني: وقف الحرب بداية جيدة.. ونوجّه الشكر لمصر التي أنقذت الدم الفلسطيني
  • رغم وقف إطلاق النار.. قصف صهيوني جنوب قطاع غزة
  • تارا عماد تساند الشعب الفلسطيني بكلمات مؤثرة