يمانيون |
في مشهد يعكس السقوط الأخلاقي والإداري المريع الذي بات يطبع مؤسسات الدولة في المناطق المحتلة، فجّر الإعلان عن جدول رحلات الخطوط الجوية اليمنية – فرع عدن – لشهر أغسطس موجة عارمة من الغضب الشعبي، بعد أن كُشف عن ممارسات وصفها مسافرون ومراقبون بأنها لا تمت للمهنية أو الإنسانية بصلة، بل ترقى إلى مستوى الابتزاز الرسمي الممنهج واستغلال حاجة المواطنين المرضى والمضطرين.

الجدول الجديد، الذي أُعلن عنه نهاية يوليو، كشف بشكل فج عن اختلالات كارثية في توزيع الرحلات بين القاهرة وعمّان، حيث تم تخصيص خمس رحلات أسبوعية إلى العاصمة المصرية مقابل رحلة واحدة يتيمة إلى العاصمة الأردنية، رغم ازدحام مئات المسافرين – معظمهم من المرضى القادمين من صنعاء – في مطار عمّان منذ أسابيع بانتظار فرصة للعودة.

تمييز مناطقي أم مصلحة خفية؟.. الغضب ينفجر
القرارات التي صدرت من داخل إدارة “اليمنية” بعدن، والتي يديرها محسن حيدرة ومساعدوه، وُصفت بأنها انحياز صريح وممنهج ضد المسافرين من الشمال، وخصوصاً المرضى الذين يستخدمون خط عمان كمسار طبي رئيسي للعلاج في الأردن، والذي غالبًا ما يكون أقل كلفة وأسهل من المسارات الأخرى.

وقال أحد الناشطين في منشور واسع التداول:

“بينما تُمنح رحلات القاهرة الأولوية رغم أن معظم ركابها من عدن، يتم إهمال خط عمان حيث يتكدس مئات المرضى، فقط لأنهم من صنعاء. إنها فضيحة مناطقية لا تغتفر”.

السوق السوداء تتغول داخل “اليمنية”: شبكة تنهب المسافرين علنًا
بعيدًا عن التوزيع غير العادل، تفجّرت فضيحة من نوع آخر، تتمثل في وجود سوق سوداء داخلية تعمل تحت أعين الإدارة، إن لم تكن بتواطؤ مباشر معها.

وأكدت مصادر من داخل قسم الحجز والمبيعات أن ما يُعرف بـ”سماسرة الحجوزات” صاروا يتحكمون بالمقاعد، ويبيعونها عبر وسطاء بمبالغ إضافية تصل إلى 350 دولارًا للمقعد الواحد.

وتورّدت في الاتهامات أسماء مسؤولين بارزين في القسم التجاري لـ”اليمنية” بعدن، وعلى رأسهم سامي الصوفي، الذي يُتهم بإدارة التنسيق مع وكالات خاصة أبرزها وكالة “ناس”، المرتبطة برجل الأعمال رشيد عبدالسلام حميد، نجل أحد وزراء حكومة المرتزقة.

أحد المسافرين قال في شهادته:

“دفعت 300 دولار زيادة عبر وسيط، فقط لأحصل على مقعد. لم تكن هناك أي طريقة رسمية، كلها مغلقة بوجهنا. الإدارة تعلم بكل شيء، لكنها تتظاهر بالعمى”.

شبكة فساد تتحدى القانون والرقابة
وتكشف هذه الشهادات المتكررة عن وجود شبكة منظمة من الفساد داخل الشركة، تديرها حلقات مترابطة من الموظفين والمتنفذين، تعمل وفق آلية توزيع انتقائية، تخدم مصالح ضيقة وتتربح من حاجات الفقراء والمرضى.

ويرى مراقبون أن ما يجري لا يمكن فصله عن حالة الانهيار التي ضربت مؤسسات الدولة في المحافظات المحتلة، حيث تحوّلت الشركات الوطنية إلى أدوات ربحية بيد النافذين، بعيدًا عن الدور الخدمي والمصلحة العامة.

انعدام للعدالة.. وأصوات المسافرين تعلو: “الرحمة لمن لا يملكون إلا الدعاء”
في مواقع التواصل، تضج صفحات الناشطين بالشكاوى والصرخات التي تعكس حجم الظلم الواقع على شريحة واسعة من المواطنين. أحد المسافرين كتب:

“إن لم تستحِ فاصنع ما شئت.. اليمنية باتت مزادًا علنيًا، والمقاعد تُباع للواسطة والسماسرة، أما الفقير فله الانتظار أو الموت”.

وأرفق منشوره بآية من القرآن الكريم:

﴿ولا تحسبن الله غافلًا عما يعمل الظالمون﴾، في إشارة إلى الشعور العام بغياب العدالة وسحق الفقراء أمام شبكة فساد محصنة بالسلطة والنفوذ.

مطالب بمحاسبة المتورطين ونقل إدارة الحجوزات إلى جهة محايدة
على ضوء هذا الواقع المتدهور، تتصاعد الدعوات لمحاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات، وإجراء تحقيق شفاف وموسع يكشف المستفيدين الحقيقيين من السوق السوداء، ويضمن إعادة هيكلة الإدارة التجارية للشركة بما يحمي المواطنين من الاستغلال.

كما اقترح ناشطون وحقوقيون تشكيل لجنة فنية مشتركة من مناطق محايدة تتولى مراقبة توزيع الرحلات وضمان العدالة في الحجز، خاصة أن أغلب المسافرين في هذه الخطوط هم من المرضى والمحتاجين، وليسوا من الطبقة المترفة.

ويرى محللون أن ما يجري ليس مجرد فساد إداري عابر، بل هو نتاج لمنظومة سلطوية فاسدة ترى في المرافق العامة أدوات للابتزاز والسيطرة، لا مؤسسات وطنية يجب أن تخدم كل اليمنيين دون تمييز.

المصدر: يمانيون

إقرأ أيضاً:

مرضى ضمور العضلات يحتجون على تجاهل الحكومة لـ”حقوقهم الأساسية”

أعلن مرضى ضمور العضلات وأهاليهم عن تنظيم وقفة احتجاجية حاشدة يوم الثلاثاء أمام ديوان رئاسة الوزراء بطريق السكة، احتجاجًا على استمرار الإهمال الحكومي وتجاهل مطالبهم الإنسانية الأساسية، وفق قولهم.

ومع اقتراب اليوم العالمي لذوي الإعاقة، أشار المرضى إلى أن الاحتفال باليوم العالمي لا يعكس واقعهم المعيشي الصحي والاجتماعي، مؤكدين أن المعاش الأساسي البالغ 650 دينارًا، والأدوات المساعدة، والتأمين الطبي، والإعانات المنزلية لم تُقدَّم بشكل فعلي أو كافٍ، بينما تتزايد تكاليف المرض ومتطلبات الرعاية بشكل يفوق قدراتهم، على حد تعبيرهم.

كما تساءلوا عن مصداقية الشعارات الرسمية، مشيرين إلى أن جهاز دعم وتطوير الخدمات العلاجية يتحدث عن توطين العلاج داخل ليبيا دون توفير رعاية حقيقية وملموسة، مما يجعل المرضى الأكثر حاجة إلى متابعة مستمرة دون علاج أو تجهيزات مناسبة مثل مراكز متخصصة، وفرق طبية مدرّبة، وأجهزة تنفس، وكراسي متخصصة، وفق قولهم.

وأكد المرضى أنهم منحوا الحكومة وقتًا كافيًا لتنفيذ وعودها، إلا أن الصمت والمماطلة استمرّ، ما دفعهم للخروج إلى الشارع للمطالبة بحقوقهم الإنسانية الأساسية، مؤكدين أن وجودهم ليس خيارًا ترفيهيًا ولا خطوة قابلة للتأجيل، بل ضروري لإنقاذ حياتهم وصون كرامتهم، بحسب وصفهم.

المصدر: رابطة مرضى ضمور العضلات في ليبيا

ضمور العضلاتمرضى ضمور العضلات Total 0 Shares Share 0 Tweet 0 Pin it 0

مقالات مشابهة

  • تعذيب وتجويع للأسرى الفلسطينيين في “ركيفت” و”جلعاد” وسط أقسى ظروف اعتقال
  • تركيا تضع شرطاً: حل ملف محاصري رفح قبل تسليم جثمان الجندي “غولدين”
  • شاهد بالفيديو.. الراقصة الحسناء “هجورة” تشعل حفل “طمبور” بوصلة رقص مثيرة تنفض بها “الغبار” داخل الساحة
  • الجوازات” تؤكد جاهزيتها لخدمة المسافرين لحضور بطولة كأس العرب FIFA قطر 2025
  • مصر تتولى رئاسة لجنة التواصل والنقل بمجموعة العمل الإقليمي العربي لأمن ومعلومات المسافرين
  • مصر تترأس لجنة التواصل والنقل بمجموعة العمل الإقليمي العربي لأمن ومعلومات المسافرين
  • مرضى ضمور العضلات يحتجون على تجاهل الحكومة لـ”حقوقهم الأساسية”
  • ضبط محتال باع “كوبونات وهمية” لثلاث فتيات داخل أحد مولات عمّان
  • تطورات جديدة .. موقف أشرف حكيمي، من المشاركة مع منتخب المغرب في كأس الأمم الإفريقية “الكان”
  • قرى الأطفال تطلق حملة “احنا عزوتهم” لدعم الأطفال والشباب فاقدي السند الأسري