الرؤية- سارة العبرية

مع التسارع غير المسبوق في التقنيات الرقمية وتأثيراتها على مختلف مناحي الحياة، يعتمد الملايين من مستخدمي التكنولوجيا على برامج وتطبيقات الاتصال عبر الإنترنت، في تعزيز التواصل مع أصدقائهم وعائلاتهم، علاوة على الاستفادة منها في بعض مجالات التعليم عن بُعد.

وفي السنوات الأخيرة، زاد الاهتمام بقضية حظر خدمات برامج التواصل الاجتماعي، وهي الخطوة التي تتخذها بعض الحكومات لقمع الحريات الشخصية والتحكم في تدفق المعلومات على الإنترنت، يتضمن هذا الحظر قدرات الوصول إلى منصات بعينها؛ مثل" فيسبوك، وواتساب، ومنصة "إكس" (تويتر سابقًا)، وإنستجرام، وإيمو، وغيرها من برامج التواصل الاجتماعي.

 

وأكد عبدالعزيز بن مبارك الهاشمي متخصص في الأنظمة المعلوماتية أن هذا الإجراء لم يعد مُستساغًا في ظل ثورة التقنيات التي يعتمد عليها المستخدمون لفك الحظر، وفي المقدمة عشرات وربما مئات التطبيقات برامج "VPN" وهي تقنية تساعد المستخدم على تجاوز أي حجب تقني يمنعه من الاستفادة بخدمة إلكترونية معينة أو الولوج إلى مواقع محظورة. وقال الهاشمي- في حوار خاص مع "الرؤية"- إن مثل إجراءات الحجب والحظر تثير تساؤلات حول الحريات الرقمية، وحق المستخدم في الولوج إلى ما يشاء من تطبيقات وخدمات إلكترونية، طالما لم تنطوي على مخاطر أمنية أو أخلاقية.


 

أسباب الحظر

ويقول الهاشمي إن سبب حظر خدمات برامج التواصل الاجتماعي يرجع إلى عدة أسباب مرتبط بتنظيم الاتصالات وله مجموعة أبعاد، ومنها: القانوني كعدم الحصول على ترخيص من هيئة تنظيم الاتصالات، ولا يقدم قيمة إضافية حقيقية للبلد، وبعضها مرتبط بجانب المحتوى الرقمي السيئ الذي تقمه، ولا يتناسب مع ثقافتنا ولا ديننا.

ويتابع يمكن حصول الشركات على الترخيص لتقديم الخدمة داخل سلطنة عُمان بعد إلتزامها بمجموعة من الأُطر الفنية كالبنية التحتية وخصوصية البيانات وحمايتها حسب القانون.

ويرى عبدالعزيز الهاشمي أن الحظر جاء لوجود مخاوف من احتمالية وجود عمليات تجسس من خلال تلك التطبيقات، من خلال البيانات المتوفرة على الأجهزة والتي قد تمثل جزءاً كبيراً منها معلومات تخص العمل.

ويذكر أنه تم حظر بعض برامج التواصل الاجتماعي في مجموعة من الدول كفرنسا والنرويج، وفقا لنصائح جهات استخباراتية داخل الدولة، وقد سبقتهم استراليا بقرار رسمي لمنع الاستخدام، وشمل القرار في فرنسا اثنين ونصف مليون موظف حكومي، كما منعت الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا والمفوضية الأوروبية قيام موظفي الجهات الحكومية تميل وتثبيت بعض برامج التواصل على أجهزتهم الخاصة بالعمل.

 

الآثار الاجتماعية والاقتصادية

ويعتبر -مشرف أنظمة التقنيات- أن استخدام برامج التواصل الاجتماعي يرتبط بالاكتئاب والقلق ومشاكل النوم والأكل، ولابد أن يظل مكملا للعلاقات الحقيقية لا بديلا عنها، موضحا أن هناك دراسة أشرف عليها الدكتور براين بريماك، مدير مركز جامعة بيتسبرغ للصحة السلوكية بالولايات المتحدة الأمريكية قائلا: "إن القيام بمهام متعددة كالتبديل المتكرر بين التطبيقات والانخراط في وسائل التواصل على أكثر من جهاز في نفس الوقت قد يكون مرتبطا بضعف الانتباه والإدراج والمزاج"، مضيفا قد يحدث تصور غير واقعي لدى المستخدم، يوحي له بأن الآخرين ينعمون بأوضاع معيشية أفضل وأسعد، مما قد يشعره بالانعزال. وقوة روابطنا مع الآخرين  تعد مؤشر على صحتنا العقلية وسعاتنا، ولكننا سمحنا لوسائل التواصل أن تحل محل تواصلنا المباشر معهم، وحرمنا من الاستمتاع بجوانب أخرى من الحياة وصحبة الأهل والأصدقاء. معتقدا أن الحل ليس الابتعاد التام، ولكن جعل الشخص أكثر وعيا بالمخاطر المحتملة واختيار الوسيلة الأفضل وتقليل عدد المنصات المستخدمة.

 

ويوضح عبدالعزيز الهاشمي لاشك أن برامج التواصل الاجتماعي تعد وسيلة للتواصل بين أفراد العائلة والأصدقاء ووسيلة للتجارة الإلكترونية، كما أصبحت وسيلة فعّالة لنقل الأخبار ومتابعة الأحداث في كافة الأنحاء، وأداة للتعبير عن الرأي، حيث يمكن التنقل والتعبير عن الرأي دون أي قيود، معتبرا حظر برامج التواصل الاجتماعي يقلل من حرية التعبير وحقوق الإنسان ويمكن تقييد حرية التعبير بضوابط والقيود لتنظيم استعمال هذا الحق، تجنبا لانتشار الفتن والصراعات في المجتمع ، كأن لا تتجاوز حرية التعبير حدود الأخر.

ويلفت إلى أن تقييد الوصول لبرامج التواصل الاجتماعي يمكن أي يسبب ضررا أكثر من أي فائدة، فيمكن تجاوزه بسهولة باستخدام أدوات مثل الشبكات الخاصة الافتراضية (VPN)، فباستخدام هذه التقنيات يمكن للمستخدم تجاوز القيود والاستمرار في الوصول للبرامج المحظورة، وهو ما يجعل الحظر غير فعّال؛ بل قد يكون مضراً.

 

ويتصور الهاشمي يمكن للحكومة وضع خطة استراتيجية للمحتوى المتعلق بالعرب من خلال برمجة الخوارزميات لعرضه أو إخفائه، وبدل الحظر الشامل للتطبيقات ينبغي للهيئة المنظمة التركيز على معالجة الانتهاجات من قبل التطبيقات، وإلزام التطبيقات بقوانين الخصوصية الرقمية ومعاقبتها لحماية خصوصية المستخدم والأمن القومي.

 

ويؤكد ينبغي التركيز على زيادة الثقافة الإعلامية بين المواطنين، وتعليمهم كيفية تقييم المعلومات ومدى مصداقيتها، وتعليم الثقافة الإعلامية في مناهج المدارس، لضمان نمو جيل بمهارات الإبحار بالعالم الرقمي.

وينظر عبدالعزيز الهاشمي إلى أن على الرغم بأن برامج التواصل الاجتماعي مُفيدة للبقاء على التواصل مع الآخرين إلا أنها سلاح ذو حدين، فقد تكون فرصة لمن يبحث عن معلومات شخصية لأغراضهم الخاصة، مُحذرا من نشر المعلومات الشخصية، ويوصي بشدة باستخدام إعدادات الخصوصية على المواقع والحذر من الحسابات الغريبة، كما يجب استخدام كلمات مرور قوية ومعقدة، وتجنب ربط حساباتك بتطبيقات غير موثوقة، ويفضل أيضًا استخدام عنوان بريد إلكتروني منفصل وتجنب النقر على روابط الإعلانات.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

داليا عبدالرحيم تكشف عن أخطر الوسائل الإلكترونية للجماعات المتطرفة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

عرضت الإعلامية داليا عبدالرحيم، رئيس تحرير جريدة “البوابة”، ومساعد رئيس قطاع القنوات الإخبارية بالشركة المتحدة للخدمات الإعلامية لملف الإسلام السياسي، تقريرا بعنوان “سبل مكافحة الإرهاب الإلكتروني والمساع الدولية والتشريعية لمكافحة التطرف الإلكتروني”.

وقالت “عبدالرحيم”، خلال تقديمها برنامج “الضفة الأخرى”، المذاع عبر فضائية “القاهرة الإخبارية"، إنه بعد سلسلة من الأحداث الإرهابية التي شهدها العالم سعت الحكومات والمنظمات الدولية والشركات والمؤسسات الرقمية إلى بحث سبل التعاون طويل المدى، وإمكانية سن وتبني حزمة من الإجراءات الجديدة؛ التي تهدف إلى حماية حرية التعبير، مع وضع حد لنشر المحتوى المتطرف على شبكة الإنترنت؛ لجعله أكثر أمانا لتفادي مخاطر التطرف الإلكتروني والتصدي له.

وبيّنت أنه على سبيل المثال، بعد المجزرة التي شهدها مسجدين في مدينة "كرايست تشيرش" النيوزيلندية، مارس 2019 م، أطلق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيسة الوزراء النيوزيلندية "جاسيندا أرديرن" من باريس، مع عدد من قادة العالم وأبرز مسؤول الشركات والمؤسسات الرقمية، مثل "توتير"، و"مايكروسوفت"، و"يوتيوب"، و"فيسبوك"، مبادرة "نداء كرايست تشيرش"؛ من أجل مناقشة الحلول الفاعلة من أجل استبعاد أي محتوى ذو طبيعة متطرفة على مواقع التواصل الاجتماعي، واتخاذ سلسلة من الإجراءات والخطوات الملموسة للقضاء على المحتوى الإرهابي والمتطرف والتصدي لفيروس التطرف الإلكتروني على شبكة الإنترنت.

وتابعت: أصدر مجلس الأمن قرار رقم 2370 (2017) ”يحث الدول الأعضاء على العمل بصورة تعاونية لمنع الإرهابيين من حيازة الأسلحة، بما في ذلك من خلال تكنولوجيات المعلومات والاتصالات، مع احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية والامتثال للالتزامات بموجب القانون الدولي، ويشدد على أهمية التعاون مع المجتمع المدني والقطاع الخاص في هذا المسعى، بما في ذلك من خلال إقامة شراكات بين القطاعين العام والخاص“، وفي عام 2019، نفذ مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب المرحلة الأولى من برنامج أمن الفضاء الإلكتروني لجنوب شرق آسيا وبنغلاديش، حيث قدم ورشة عمل لزيادة الوعي للدول الأعضاء المستفيدة البالغ عددها 11 دولة، كما نظم ورشة عمل تجريبية متعمقة لتايلاند وبروناي والفلبين وبنغلاديش وجمهورية لاو الديمقراطية الشعبية، وفي عام 2020، نفذ مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب المرحلة الأولى من أمن الفضاء الإلكتروني لشرق أفريقيا والوسط الأفريقي والساحل.

وأكدت أنه من بين أخطر الوسائل الإلكترونية التي تستخدمها الجماعات المتطرفة والإرهابية في تمويل عملياتها العملات الرقمية، مثل بيتكوين Bitcoin وغيرها؛ لضمان السرية، وجمع الأموال، والشراء غير القانوني للمتفجرات والأسلحة، وفي عام 2014م نُشر في الإنترنت مقال عنوانه: «بيتكوين وصدقةُ الجهاد» يروج لاستخدام عملات بيتكوين الافتراضية؛ لتسهيل الدعم الاقتصادي للإرهابيين، والالتفاف على النظام المصرفي الغربي الذي يحد من التبرعات بفرض القيود على النظام المالي، ويسرد تقريرُ تقنية المعلومات والاتصالات الصادر سنة 2018م، وعنوانه: «استخدام الجهاديين للعملة الافتراضية»، عدة حالات لجماعات إرهابية تستخدم عملات رقمية لجمع التبرعات وشراء الأسلحة؛ ففي ديسمبر 2017م وجهت محكمة فيدرالية في نيويورك اتهامات لزوبيا شاهناز من لونج آيلاند بالاحتيال المصرفي وغسل الأموال التي يُزعم أنها تدعم الإرهاب، وسرقة أكثر من 85000 دولار من العائدات غير القانونية باستخدام عملة بيتكوين الرَّقْمية وغيرها، إضافة إلى تحويل الأموال إلى خارج البلاد لدعم تنظيم داعش.

ونوهت بأنه بدأ العالم بالفعل ينتبه لمخاطر الإرهاب الإلكتروني ولابد من وضع ظاهرة الإرهاب الإلكتروني فی حجمها الحقیقي، بهدف تحقیق التوازن بین الاهتمام الإعلامي بها، وبین حجم مخاطرها على المجتمع، فلا للتهوین، ولا للتهویل؛ فالتهوین إلى درجة المبالغة في محدودیتها وضعفها هو خطأ إعلامي کبیر، تفوقه في المقابل خطورة عملیة التهویل بقوة الإرهابیین واستحالة مواجهتهم، ولهذا یبقى دور المعالجة الإعلامیة المعتدلة مقتصرًا على ترسیخ الحقائق وتوطیدها، ولیس صنع الأساطیر والأوهام ونشرها.. نعم إن الإرهاب خطر حقیقي، ولکن مواجهته ضروریة والانتصار علیه ممکن إعلامیًا.

مقالات مشابهة

  • اللحظات الممتعة قبل النوم قد تجر عليك كوابيس مزعجة.. دراسة مثيرة
  • داليا عبدالرحيم: التنظيمات الإرهابية وظفت التطبيقات التكنولوجية لتحقيق أهدافها.. باحث: مواقع التواصل الاجتماعي تُستخدم لصناعة هالة حول التنظيمات الإرهابية.. ونعيش الآن عصر الخبر المُضلل
  • داليا عبدالرحيم تكشف عن أخطر الوسائل الإلكترونية للجماعات المتطرفة
  • داليا عبد الرحيم: التنظيمات الإرهابية وظفت التطبيقات التكنولوجية لتحقيق أهدافها
  • مصر.. فيديو تبثه فتاة خادش للحياء يثير تفاعلا والداخلية ترد
  • انقطاع خدمات الاتصالات في حضرموت وأبين
  • ليبيا.. الحكم بإعدام "التيك توكر عزو الزيقرا" يثير جدلا على مواقع التواصل
  • "روس كوسموس" تطور أقمارا جديدة للاتصالات وخدمات الإنترنت
  • دراسة: 80 في المائة من المغاربة يتواصلون عبر التطبيقات والواتساب أولا
  •  انقطاع خدمة الاتصال الخلوي في رفح