عربي21:
2025-05-14@18:23:32 GMT

هل يتكرر سيناريو أشرف غني في الضفة الغربية؟

تاريخ النشر: 8th, September 2023 GMT

لم يغادر شبح الانسحاب الأمريكي من أفغانستان مخيّلة المسؤولين الأمريكان؛ فبعد أن أنفقت الولايات المتحدة الأمريكية 88 مليار دولار على بناء وتجهيز الجيش الأفغاني، وبعد أن حرصت على دعم رجلها أشرف غني للوصول إلى منصب الرئاسة؛ تبخر الجيش الأفغاني وهرب أشرف غني وحاشيته من أفغانستان بطائرات محملة بالدولارات والذهب.



ما تم إنفاقه ورصده لضمان استقرار السلطة السياسية وولاء الأفغان منذ عهد حامد كرازي إلى عهد أشرف غني؛ انتهى إلى جيوب حفنة من المسؤولين والشركات الأمريكية المتعاقدة التي غادرت مع القوات الأمريكية بذات السهولة التي دخلت فيها، إذ لم تصمد البلاد أمام حركة طالبان أياما رغم أن السيناريوهات الأكثر تشاؤما قدرت ذلك بستة أشهر إلى عام؛ فانهارت خلال ساعات فاجأت فيها حركة طالبان ذاتها؛ بعد أن أعدت نفسها لقتال طويل مع أشرف غني وقادته العسكريين الذين فروا معه.

أمريكا تدرك بأن البنية التي أعدتها للحفاظ على نفوذها وضمان استمرارها واستقرارها مسألة محل تساؤل وشك؛ فالفساد والفوضى وانعدام القناعة بالمشروع الأمريكي، والرفض الواسع والمطلق للمشروع الصهيوني على أرض فلسطين، كفيلة بتغذية الصراع وتسريع انهيار النفوذ الأمريكي على نحو ما حدث مع أشرف غني في أفغانستان
هذا السيناريو له ما يشبهه ويدعمه في كل مكان يتواجد فيه النفوذ الأمريكي سواء في أفريقيا أو في منطقتنا العربية؛ في شرق الفرات في سوريا أو في شمال العراق في كردستان أو في الضفة الغربية، حيث أنفقت أمريكا والاتحاد الاوروبي بحسب بعض الاحصاءات ما يقارب 20 مليار دولار خلال السنوات العشرين الفائتة لضمان الأمن والاستقرار في الضفة الغربية، بإشراف من الجنرال دايتون الذي أعاد هيكلة قوات السلطة في رام الله.

سيناريو أشرف غني وجد صدى في مناطق لا تمس النفوذ الأمريكي المباشر ولكنها تعبر عن ذات الظاهرة؛ في مالي وبوركينا فاسو والنيجر مؤخرا، وإلى حد ما في تشاد حيث قُتل الرئيس السابق إدريس ديبي عام 2021 في معارك مع خصومه، ليعود شبح التمرد والانهيار إثر حادثة مقتل أحد الجنود التشاديين على يد جنود فرنسيين في قاعدة داخل مدينة "فايا لارجو" التشادية شمال البلاد.

المخاوف والهواجس عبر عنها مدير وكالة المخابرات الأمريكية وليام بيرنز؛ في محاضرة له في جامعة جورج تاون الأمريكية في شباط/ فبراير الماضي؛ قال فيها "ربما بإمكاننا الانفصال عن الشرق الأوسط، لكن لهذه المنطقة صفة سيئة بإبقائنا ضالعين فيها". جاء ذلك في معرض تعليقه على التوتر والتصعيد في الأراضي الفلسطينية المحتلة؛ فأمريكا تدرك بأن البنية التي أعدتها للحفاظ على نفوذها وضمان استمرارها واستقرارها مسألة محل تساؤل وشك؛ فالفساد والفوضى وانعدام القناعة بالمشروع الأمريكي، والرفض الواسع والمطلق للمشروع الصهيوني على أرض فلسطين، كفيلة بتغذية الصراع وتسريع انهيار النفوذ الأمريكي على نحو ما حدث مع أشرف غني في أفغانستان.

سيناريو الانسحاب الأمريكي من أفغانستان وهروب الرئيس الأفغاني أشرف غني دفع الولايات المتحدة الأمريكية لتعزيز نفوذها شرق الفرات، ومحاولة إعادة التموضع في سوريا بما يحفظ مصالحها ومصالح حلفائها القلقين من تكرار سيناريو أفغانستان، وهي جهود مقرونة بجهود مضاعفة تبذلها الولايات المتحدة لدفع عجلة التطبيع لتعزيز حليفتها "إسرائيل" من خلال إعادة هيكلة السلطة في رام الله وتشكيلها؛ فالسلطة تعاني حالة من التآكل في المكانة والشرعية ما يجعلها أكثر الأطراف قابلية لتكرار سيناريو أشرف غني في انهيار سريع يضع الاحتلال والولايات المتحدة أمام مأزق كبير، خصوصا وأن الكيان المحتل يعاني من أزمات داخلية وانقسامات تؤهله لفقدان السيطرة بدروه والعجز عن التعامل مع المتغيرات.

سيناريو الانسحاب الأمريكي من أفغانستان وهروب الرئيس الأفغاني أشرف غني دفع الولايات المتحدة الأمريكية لتعزيز نفوذها شرق الفرات، ومحاولة إعادة التموضع في سوريا بما يحفظ مصالحها ومصالح حلفائها القلقين من تكرار سيناريو أفغانستان، وهي جهود مقرونة بجهود مضاعفة تبذلها الولايات المتحدة لدفع عجلة التطبيع لتعزيز حليفتها "إسرائيل" من خلال إعادة هيكلة السلطة في رام الله وتشكيلها؛ فالسلطة تعاني حالة من التآكل في المكانة والشرعية ما يجعلها أكثر الأطراف قابلية لتكرار سيناريو أشرف غني
سيناريو أشرف غني كابوس أمريكي في الضفة الغربية لم يتحدث عنه بيرنز صراحة لكنه كان واضحا في أداء الإدارة الأمريكية والمؤسسات السيادية التي تسعى لبناء خطوط دفاع متقدمة؛ تبدأ من نهر الفرات إلى القنيطرة في سوريا، لتنتهي عند حدود غزة ورام الله في الضفة الغربية مرورا بعواصم الإقليم العربية في الخليج العربي (الرياض وأبو ظبي والمنامة).

الاستراتيجية الأمريكية كان لها ما يماثلها في أفغانستان إذ أعدت خطوط دفاع تبدأ بطاجيكستان وقرغيزستان إلى إقليم بنجشير بالتعاون مع نيودلهي في الهند والخليج العربي، حيث تنشتر القواعد والأساطيل الأمريكية، غير أن ذلك لم يغير شيئا ولم يوقف الانهيار في النفوذ الأمريكي.

ختاما.. سيناريو أشرف غني يلقي بظلاله على الضفة الغربية وعلى السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي وأمريكا، وهو قابل للتطبيق بصور وأشكال متعددة ما دفع أمريكا لـ"أسرلة" سياساتها بالكامل في المنطقة لحماية الكيان الإسرائيلي وتمثيل مصالحه في كل المحافل. فهل تنجح أمريكا في وقف الانهيار؛ أم في إبطائه في ظل التحولات العميقة في الأراضي المحتلة والإقليم، التي يدعمها تاريخ طويل من المواجهة مع المحتل لا تختلف عن تاريخ الأفغان في مواجهة القوى الإمبراطوريات الروسية والأمريكية والبريطانية؟ فهل يتكرر مشهد الهروب والانسحاب مجددا من الضفة الغربية أم أن التفاصيل والخصوصية الفلسطينية ستغيب هذه الصور وتخفيها في منطقة الظل؟

twitter.com/hma36

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الفلسطينية امريكا فلسطين محمود عباس افغانستان مقالات مقالات مقالات اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد اقتصاد مقالات صحة رياضة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة فی الضفة الغربیة النفوذ الأمریکی من أفغانستان فی سوریا

إقرأ أيضاً:

عضو الحزب الجمهوري الأمريكي: استمرارية النزاعات الإسرائيلية تضر بالمصالح الأمريكية


علقت جينجر تشابمان عضو الحزب الجمهوري الأمريكي، على إعلان إذاعة جيش الاحتلال  بأن من أبرز مؤشرات تدهور العلاقة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هو قرار ترامب بقطع الاتصالات مع نتنياهو. جاء ذلك بعد أن أبلغ مقربون من ترامب بأن نتنياهو كان يتلاعب به.

حماس أطلقت سراحه.. المحتجز الأمريكي عيدان الكسندر في طريقه إلى إسرائيلإسرائيل تطلب من الجنائية الدولية سحب مذكرة اعتقال نتنياهوإعلام عبري: إسرائيل توافق على دخول المساعدات لغزة مقابل الإفراج عن الجندي عيدانإسرائيل تجهز ممرًا آمنًا لتسلم عيدان ألكسندر دون وقف لإطلاق النار


وقالت خلال تصريحات مع الإعلامية مارينا المصري، مقدمة برنامج "مطروح للنقاش"، عبر قناة "القاهرة الإخبارية": "هذه الخطوة تشير إلى تطور الخلافات بين البلدين، مشيرًا إلى أن هذا الوضع ينعكس بشكل واضح على تدهور العلاقات بين واشنطن وتل أبيب".


وأضافت تشابمان أن ما يحدث في العلاقات بين ترامب ونتنياهو يشير إلى أزمة أكبر، حيث نوه إلى العديد من المؤشرات التي توضح هذا التوتر. على سبيل المثال، لفت إلى إقالة مايك وتز، الذي كان يعمل خلف الكواليس مع نتنياهو لتنفيذ خطط لضرب إيران.


وأوضحت تشابمان أن هذا التحرك يعكس عدم رغبة الولايات المتحدة في الدخول في نزاع مع إيران بناءً على مصالح إسرائيلية، وهو ما قد يؤدي إلى تصعيد المواجهات على مستوى عالمي.


من جهة أخرى، أشارت تشابمان إلى أن ترامب بدأ في اتخاذ خطوات لتخفيف التوترات في مناطق أخرى، مثل اليمن، حيث كان يتفاوض على وقف إطلاق النار مع الحوثيين. وهذه الخطوة، وفقًا لتشابمان، تعد بمثابة محاولة لعزل نفسه عن سياسة نتنياهو العسكرية في المنطقة، خاصة في ظل التباين الكبير بين المصالح الأمريكية والإسرائيلية، متابعًا، أن ترامب يبدو وكأنه يسعى لتحجيم التدخل الأمريكي في النزاعات التي لا تخدم مصلحة الولايات المتحدة.


وشددت تشابمان على أن الوضع الحالي يكشف عن حقيقة مريرة، وهي أن استمرار إسرائيل في نزاعاتها الإقليمية يتسبب في تآكل الموارد العسكرية الأمريكية، حيث إن الولايات المتحدة قد أنفقت أكثر من مليار دولار الشهر الماضي فقط في محاولة للتعامل مع الحوثيين في اليمن، مما يعكس تأثير هذا النزاع على الميزانية العسكرية ويزيد من الضغوط الداخلية في الولايات المتحدة، حيث يرى الشعب الأمريكي أن مصلحة إسرائيل لم تعد تتماشى مع مصلحة بلاده.

طباعة شارك أمريكا اسرائيل واشنطن الاحتلال اخبار التوك شو

مقالات مشابهة

  • التسوية الإسرائيلية خنجر آخر في خاصرة الضفة الغربية
  • لا يمكن لأي سيناريو أن يُقسِّم الصين: قصة التِبْت ليست لهم ليروُها
  • عضو الحزب الجمهوري الأمريكي: استمرارية النزاعات الإسرائيلية تضر بالمصالح الأمريكية
  • مؤسسات الأسرى: العدو الصهيوني اعتقل 530 فلسطينيا من الضفة الغربية خلال الشهر الماضي
  • عباس يقرر رفع الحظر عن عمل قناة الجزيرة في الضفة الغربية
  • كابينيت الاحتلال يصادق على قرار لنهب الأراضي في مناطق سي بالضفة الغربية
  • قوات الاحتلال تنكل بعجوز وتهدم منزلا في الضفة الغربية
  • هآرتس: الأبارتايد في الضفة الغربية على الطريقة الإسرائيلية
  • إسرائيل تصادق على استئناف تسجيل الأراضي في الضفة الغربية
  • نتنياهو: سنكون قادرين على ضمّ 30% من الضفة الغربية