صداع مستمر و«خناقة» أوروبية.. فرنسا تنشر تعزيزات أمنية على الحدود.. ألمانيا لن تقبل أى مهاجر من إيطاليا.. «ميلونى»: ماذا فعلت القارة لإيقاف الوافدين؟
تاريخ النشر: 15th, September 2023 GMT
فى غضون ٣٦ ساعة فقط، وصلت عشرات القوارب المليئة بالمهاجرين الأفارقة إلى جزيرة لامبيدوسا الإيطالية الصغيرة. وفى حين أن مخيم تسجيل المهاجرين لا يتجاوز ٤٠٠ مكان، إلا أنه كان عليه أن يستوعب تدفق أكثر من ٦٠٠٠ شخص. أو ما يعادل عدد سكان الجزيرة. وذكرت صحيفة كورييرى ديلا سيرا أن ما يقرب من ٧٠٠٠ مهاجر تم إنزالهم فى يوم واحد.
على الطرف الآخر، يبدو أن المواجهة بدأت بين الدول الأوربية، حيث أعلن وزير الداخلية الفرنسى جيرالد دارمانان عن تعزيزات على الحدود الإيطالية، كما أعلنت ألمانيا أنها "لم تعد تستقبل المهاجرين" من إيطاليا "حتى إشعار آخر"، وبررت القرار بـ"ضغط الهجرة القوى الحالى تجاه ألمانيا" وكذلك "التعليق المستمر لعمليات النقل من دبلن من قبل بعض الدول الأعضاء"، بما فى ذلك إيطاليا.. فيما ردت رئيسة وزراء إيطاليا جيورجيا ميلوني، بأنها لم تتفاجأ بقرار برلين. وذكرت فى مقابلة صحفية أن "مشكلة النقل ثانوية". وفى محاولة منها لإلقاء الكره فى إتجاه آخرين، قالت "ميلوني" إن "السؤال هو إيقاف أفواج الوافدين إلى إيطاليا. ما زلت لا أرى أى إجابات محددة".
وحول تدفقات الهجرة على جزيرة لامبيدوزا الإيطالية، قال أنطونيو تاجاني، وزير الخارجية الإيطالي، على حسابه على موقع X، إن الحكومة الإيطالية "ستبذل كل ما هو ضرورى لمساعدة سكان لامبيدوزا والمهاجرين الذين يواصلون الوصول إلى الجزيرة"، وينبغى نقل أكبر عدد ممكن من المهاجرين إلى مدن إيطالية أخرى، من أجل التخفيف من حدة مركز الاستقبال فى لامبيدوزا.
وصباح أول أمس الخميس على قناة BFMTV، قالت السياسية الفرنسية ماريون ماريشال: "هذه ليست سوى البداية".. وهذا يدل على التحدى الحضارى الهائل الذى ينتظرنا فى مواجهة "طوفان الهجرة".
دائماً، كانت لامبيدوزا، التى تقع أقصى جنوب إيطاليا وأول ميناء يطرقه من يعبرون من شمال أفريقيا، موضع خلاف فى أزمة الهجرة فى أوروبا.
وأظهرت أحدث بيانات وزارة الداخلية أن نحو ١٢٣٨٦٠ مهاجراً عبر البحر بشكل إجمالى وصلوا إلى إيطاليا منذ بداية العام. ويبلغ الرقم تقريباً ضعف الرقم المسجل فى الفترة نفسها من ٢٠٢٢.
وأظهرت لقطات عُرضت الثلاثاء طوابير قوارب متهالكة مكتظة بالمهاجرين تنتظر الرسو فى ميناء لامبيدوزا.
"منهكون ومتعبون"
وقال جيوفانى دى ليو، المدعى العام للجزيرة، إن ١١٢ قارباً وصلت الثلاثاء الماضى على متنها أكثر من خمسة آلاف مهاجر، وهو عدد يتجاوز العدد القياسى السابق البالغ ٦٣ قارباً فى يوم واحد والمسجل الشهر الماضي.
وقال رئيس بلدية جزيرة لامبيدوزا، فيليبو مانينو "جميعنا متعبون ومرهقون بدنياً ونفسياً.. أصبح الوضع خارجاً عن السيطرة وغير مُحتمل".
فى هذا السياق، قال فلافيو دى جياكومو المتحدث باسم المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة "ما يحدث فى لامبيدوزا هو أنه لأول مرة يصبح المسار التونسى شديد الازدحام... ومن العسير إدارته مقارنة بالمسار الليبي"، وأضاف دى جياكومو أن الرحلة الأقصر كثيراً من تونس تجتذب أعداداً أكبر ممن يحاولون العبور، وخصوصا بالقوارب الأصغر حجماً، مما يجعل عمليات الإنقاذ أكثر تعقيداً.
فى غضون ذلك، أعلنت ألمانيا أنها "لم تعد تقبل المهاجرين" من إيطاليا "حتى إشعار آخر"، فى ظل "التحديات الكبرى التى تواجه ألمانيا فيما يتعلق بقدرات الاستقبال والإقامة".. وتفسر برلين هذا القرار بـ"ضغط الهجرة القوى الحالى تجاه ألمانيا" وكذلك "التعليق المستمر لعمليات النقل من دبلن من قبل بعض الدول الأعضاء"، بما فى ذلك إيطاليا حيث ترفض روما تطبيق الاتفاقيات الأوروبية، وقال متحدث باسم وزارة الداخلية الألمانية إن الحكومة الألمانية أبلغت روما بقرارها "فى نهاية أغسطس".
تنص لائحة دبلن، المثيرة للجدل بين الدول السبعة والعشرين أعضاء الاتحاد الأوروبى، على أن بلد وصول المهاجر إلى الاتحاد الأوروبى يعالج طلب اللجوء الخاص به.
"الوضع متوتر للغاية"
وبموجب آلية النقل الطوعي، وافقت ألمانيا حتى الآن على نقل ١٧٠٠ طالب لجوء وصلوا إلى جنوب أوروبا، من بين ٣٥٠٠ شخص التزمت باستقبالهم. وأكد المتحدث باسم وزارة الداخلية: "نواجه اليوم وضعًا متوترًا للغاية فى العديد من البلديات فى ألمانيا".. ويتعلق هذا التعليق "حتى إشعار آخر" بـ"آلية التضامن الأوروبى الطوعية" التى تنظم نقل طالبى اللجوء من بلد الوصول إلى الاتحاد الأوروبى إلى دول أعضاء متطوعة أخرى، من أجل تخفيف العبء عن دول مثل إيطاليا واليونان، التى تعد بوابات إلى دول أوروبا.
وأكدت جيورجيا ميلوني، التى فاز حزبها اليمينى المتطرف فراتيلى ديتاليا بالانتخابات التشريعية قبل عام على وعد بوضع حد للهجرة الجماعية، الأربعاء الماضى أنها لم تتفاجأ بقرار برلين. وذكرت فى مقابلة نشرت وكالات الأنباء الإيطالية مقتطفات منها أن "مشكلة النقل ثانوية". وفى محاولة منها لإلقاء الكره فى إتجاه آخرين، قالت جيورجيا ميلونى إن "السؤال هو إيقاف أفواج الوافدين إلى إيطاليا. ما زلت لا أرى أى إجابات محددة".
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: ألمانيا المهاجرين جزيرة لامبيدوسا الإيطالية
إقرأ أيضاً:
غزة ومصر: ماذا تريد إسرائيل من مصر؟
منعطف تاريخي ولحظة فاصلة في إعادة الصراع
في ظل المشهد الإقليمي المشتعل، تعيش المنطقة لحظة مفصلية تحمل بين طياتها أبعادًا أمنية وجيوسياسية غاية في التعقيد.الحشود الغزّاوية المتزايدة على الحدود مع مصر جنوب قطاع غزة لم تعد مجرد ظاهرة مؤقتة أو تداعيات حرب مستمرة، بل أصبحت علامة إنذار أمام تحولات محتملة، تقف فيها مصر على مفترق طرق حاسم.
الحشود على بوابة رفح.. .إلى أين؟ما يجري جنوب قطاع غزة لا يمكن قراءته خارج سياق الضغط الإسرائيلي المستمر منذ السابع من أكتوبر، والذي لم يكتفِ باستهداف بنية المقاومة، بل تمدد ليطال المجتمع المدني والبنية التحتية، وصولًا إلى خنق القطاع من جميع الجهات. والآن، تتجه الأنظار نحو معبر رفح، حيث تتصاعد التوترات مع اقتراب آلاف الفلسطينيين من الحدود المصرية، في مشهد يثير أسئلة صريحة:
هل نحن أمام نكبة جديدة بنكهة "الترانسفير"؟ وهل ستُفرض على مصر معادلة الأمر الواقع، بحيث تتحمل وحدها عبء الأزمة الإنسانية في غزة؟
مصر بين شراك الجغرافيا وضغوط الجيوبوليتيكالم تكن مصر بعيدة يومًا عن القضية الفلسطينية، لا جغرافيًا ولا تاريخيًا. ولكن هذه المرة، يبدو أن إسرائيل تحاول تحميل القاهرة تبعات سياستها التوسعية والعنيفة تجاه القطاع. الرغبة الإسرائيلية في دفع غزة نحو سيناء ليست جديدة، بل هي مشروع استراتيجي قديم متجدد، يعود إلى وثائق أُعلنت قبل عقود، وها هو يُعاد إنتاجه تحت عباءة "الأمن القومي" و"القضاء على الإرهاب".
الموقف المصري الرسمي واضح في رفضه لهذا السيناريو، إذ يعتبر أي تهجير للفلسطينيين إلى الأراضي المصرية بمثابة إعلان حرب ناعمة ضد السيادة المصرية. ومع ذلك، فإن الضغوط تتعاظم، سواء من قبل تل أبيب أو من بعض القوى الدولية التي ترى في الحل الإنساني "الانتقالي" بوابة لتصفية القضية.
هل سيدخل شعب غزة إلى مصر؟السؤال المؤرق الآن: هل نشهد قريبًا دخولًا قسريًا لغزّاويين إلى الأراضي المصرية.. .؟ وهل تتحول الحدود إلى جبهة جديدة، ليس فقط بين إسرائيل وغزة، بل بين مصر والمشروع الإسرائيلي.. .. ؟
الواقع أن أي محاولة اقتحام جماعي للحدود - سواء بدفع مباشر من الجيش الإسرائيلي أو نتيجة تفاقم الكارثة الإنسانية - قد تضع مصر أمام خيارين كلاهما مرّ:
1. التصدي بالقوة ومنع دخول اللاجئين، ما قد يُظهر القاهرة بمظهر غير الإنساني ويؤجج الرأي العام العربي.
2. الرضوخ للأمر الواقع واستقبال موجات لجوء جماعية، وهو ما سيعني فعليًا مشاركة مصر، ولو بشكل غير مباشر، في مشروع تفريغ غزة، ويهدد أمن سيناء وبنيتها الديموغرافية.
إسرائيل.. .مناورات بالنارما تريده إسرائيل واضح: تحويل غزة إلى عبء إقليمي لا تتحمله وحدها، ودفع سكانها نحو الهروب أو التهجير القسري. في هذا السياق، يشكل الضغط على مصر ورقة ضغط مزدوجة، تُستخدم كورقة تفاوض في أي تسوية مقبلة، وتُمارس كاستراتيجية طويلة المدى لتصفية القضية الفلسطينية.
لكن الأخطر من ذلك هو الرهان الإسرائيلي على خلخلة موقف مصر التقليدي، سواء من خلال أدوات سياسية أو ابتزاز اقتصادي أو حتى اللعب على أوتار أمنية عبر سيناء. فإسرائيل لا تريد فقط إضعاف غزة، بل تسعى لتوريط القاهرة في معادلة تجعلها شريكًا في الأزمة لا وسيطًا أو حائط صد.
لحظة فاصلة.. .بين الموقف والمصيرما يجري اليوم ليس مجرد أزمة حدودية، بل لحظة تاريخية فارقة تعيد تشكيل طبيعة الصراع في الإقليم. فإما أن تحافظ مصر على دورها التاريخي كمدافع عن جوهر القضية الفلسطينية، وإما أن تُزج قسرًا في لعبة دولية تهدف إلى إعادة رسم خريطة غزة وسيناء على السواء.
ليس أمام مصر سوى إعادة تفعيل أدواتها الاستراتيجية، من خلال:
- تعزيز وجودها الأمني على الحدود ورفض أي اختراق ميداني.
- التحرك دبلوماسيًا في المحافل الدولية للتحذير من عواقب التهجير القسري.
- التواصل مع الفصائل الفلسطينية والقيادة الموحدة للوقوف على رؤية وطنية لمواجهة مخطط التصفية.
ختامًا: لا وطن بديل.. .ولا سيناء ملعبًا خلفيًاما يحدث اليوم ليس مجرد أزمة إنسانية على الحدود، بل محاولة لإعادة تعريف الجغرافيا السياسية في المنطقة، على حساب حق شعبٍ في أرضه، وسيادة دولة على حدودها. إن مصر، التي لطالما شكّلت صمّام أمان للقضية الفلسطينية، تُستدرج اليوم إلى فخ استراتيجي لا يهدد فقط غزة، بل يطعن في صميم الأمن القومي المصري.
السكوت ليس خيارًا، والحياد لم يعد ممكنًا. فإما أن تُكتب هذه اللحظة كصمود تاريخي جديد، تُفشل فيه مصر مخطط التهجير القسري، أو تُسجّل كمنعطف انكسار، يُمهّد لتصفية ما تبقّى من عدالة في هذه القضية.
التاريخ يراقب.
والشعوب لن تنسى.
اقرأ أيضاًترامب: قريبون جدًا من التوصل إلى اتفاق بشأن وقف إطلاق النار في غزة
عاجل.. ترامب: سنعلن تفاصيل اتفاق غزة اليوم أو غدًا
«حشد» تصدر ورقة حقائق بعنوان «الإبادة تقصّر من العمر البيولوجي لنساء غزة»