كيف تتعلم روسيا من أخطائها في حرب أوكرانيا؟
تاريخ النشر: 25th, September 2023 GMT
منذ سنة، أخفقت موسكو في تحقيق هدفها بنصر سريع في أوكرانيا، لكن الجيش الروسي يتكيف على نحو مطرد في الميدان مع تحول استراتيجيته إلى إنهاك أوكرانيا والغرب.
يقول الجنود الأوكرانيون على خط الجبهة في باخموت، إنهم يخسرون عشرات الطائرات دون طيار يومياً.
وذكرت "وول ستريت جورنال" الأمريكية، أن الأداء المتعثر للجيش الروسي في الأيام الأولى من الحرب، صدم الكثيرين في الغرب وعكس جزءاً كبيراً من التقدم الروسي.لكن موسكو تتعلم من أخطائها، وتتكيف بطرق جعلت من الصعب على أوكرانيا طرد قواتها من أراضيها. دفاعات منيعة
وبعدما اندفعت أوكرانيا بسهولة عبر الخطوط الروسية في منطقة خاركيف خلال الخريف الماضي، أمضت القوات الروسية أشهراً في تجهيز دفاعات منيعة لمواجهة الهجوم الأوكراني المضاد في الجنوب. كما أن موسكو تنشر طائرات دون طيار، لمهاجمة المواقع الأوكرانية بطريقة تكافح كييف، للرد عليها.
ونتيجة لذلك، تقدمت القوات الأوكرانية ببطء في الأشهر الأخيرة، لتواجه حقول ألغام كثيفة، بينما تعمل المروحيات الروسية والصواريخ المضادة للدبابات والمدفعية، على استهدافها.
وقال قائد سلاح الجو الأمريكي في أوروبا الجنرال جيمس هكر في مقابلة: "رأينا بضعة أماكن حيث تتكيف القوات الروسية، وطبعاً تابعنا ذلك عن قرب".
ومن المؤكد أن الجيش الروسي، الذي تكبد أكثر من 270 ألف قتيل وجريح وفقد نصف "فعاليته القتالية"، وفق تقييمات غربية قد يحتاج إلى تغييرات عميقة ليتمكن من الاستمرار في حرب تستمر سنوات.
ولا يزال الجيش الروسي يعاني من هيكلية سوفيتية تتيح مناورة محدودة للقادة عند الخطوط الأمامية وتعطي الأولوية للأهداف السياسية التي تضعها موسكو، عوض الاعتماد على قرارات نابعة من الميدان.
واستغرقت السيطرة على باخموت، المدينة التي لا تتمتع بقيمة استراتيجية عالية، أشهراً، وكبدت آلاف الأرواح، بعدما حدد الكرملين أنها هدف رئيسي. ولا تزال موسكو تنشر عشرات الآلاف من الجنود للدفاع عن المدينة، التي شكلت انتصارها الوحيد الرئيسي منذ الأشهر الأولى للحرب.
وعلاوة على ذلك، فإن روسيا في وضعية دفاعية إلى حد كبير بينما تحاول الصمود أمام الاندفاع الأوكراني، ومن السهل على الجيش الدفاع عوض شن هجمات.
ويقول محللون ومسؤولون غربيون إن روسيا استهلكت قدرتها الهجومية في الوقت الحاضر، وأخفقت في كسب أراضٍ جديدةٍ في أجزاء من شرق أوكرانيا، حيث لا تزال تحاول الاندفاع إلى الأمام.
ومع ذلك، يظهر الجيش الروسي بعض القدرة على التعلم من الأخطاء الأولية. وفي المراحل الأولى من الحرب، كانت الطائرات الروسية تطير في اتجاه الدفاعات الجوية الأوكرانية، وعانت من خسائر خطيرة، لأن موسكو أخفقت في تحقيق تفوق جوي. وأُسقطت 75 طائرة، مع تحليق بعضها "فوق مناطق تتمركز فيها صواريخ أرض جو أوكرانية" بحسب هكر.
تحليق منخفضومع ذلك، بقي سلاح الجو الروسي سليماً. وأوضح هكر أنهم "لا يطيرون الآن فوق هذه المناطق وإذا فعلوا فإنهم يحلقون على علو منخفض للحظات ثم يعودون أدراجهم". وأشار إلى أن هذا التكتيك، أعاق إلى حد كبير مهمات القاذفات الروسية في حين يبقى التفوق الجوي بعيداً عن متناول الروس.
وأضاف أن للروس قدرات توجيهية للقنابل التي تطلق من طائرات تحلق بعيداً عن مدى الدفاعات الجوية الأوكرانية، بما في ذلك من فوق الأجواء الروسية. وتكافح أوكرانيا للتعرف إليها وإسقاطها بطائرات من العهد السوفيتي.
كما نقلت روسيا مواقع القيادة ومستودعات الذخائر بعيداً عن الخطوط الأمامية بعدما استهدفتها أوكرانيا بقاذفات الصواريخ، هيمارس التي زودها بها الغرب، والتي تطلق صواريخ دقيقة إلى مدى يصل إلى 50 ميلاً.
وبعدما بدأ الأوكرانيون استخدام قنابل موجهة بالأقمار الاصطناعية، نقل الروس مواقع قياداتهم إلى مناطق أبعد. وأدت هذه الضربات إلى ادخار الروس استخدام المدفعية، وتوسيع خطوط إمدادهم وباتوا أكثر دقة في استهدافاتهم.
وتقول الولايات المتحدة الآن إنها ستزود أوكرانيا بعدد محدود من صواريخ أتاكمز في الأسابيع المقبلة، وأنها يمكن أن تزودها بالمزيد لاحقاً. ولهذه الصواريخ مدى يتراوح بين 100 و190 ميلاً، بالاعتماد على النموذج الذي يمكن أن توفره، ويمكنها على نحو مشابه أن تستهدف الخطوط اللوجستية.
ويوفر الروس الآن حماية أفضل لجنودهم ببناء خنادق عميقة ومحصنة بشكل كبير. ويخبئون دباباتهم وناقلات جندهم بين الأشجار وتحت شبكات تمويه، وينفذون طلعات جوية لقصف المواقع الأوكرانية ويتراجعون بسرعة.
وفي الجنوب، زاد الروس استخدام الطائرات دون طيار، والقنابل الموجهة لصد الهجوم الأوكراني. وتدمر الطائرات الروسية دون طيار المزودة بالمتفجرات، المدرعات الأوكرانية وفرق الإجلاء الطبي، وتعطب المدرعات ويقتلون وتشوه الجنود.
ويقول الجنود الأوكرانيون على خط الجبهة في باخموت، إنهم يخسرون عشرات الطائرات دون طيار يومياً لأن أجهزة التشويش الروسية تسقطها بنجاح فوق أراضي العدو.
ولإدامة الحرب، قال مسؤول دفاعي غربي، إن روسيا زادت الانفاق العسكري، رغم أن ذلك قد يؤثر سلبياً على اقتصادها بسبب اضطرارها إلى اقتطاعات من حقول أخرى، ما يتسبب في زيادة معدلات الفائدة.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: زلزال المغرب التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني الحرب الأوكرانية روسيا الجیش الروسی دون طیار
إقرأ أيضاً:
روسيا تضرب دنيبرو بعنف… هجوم جديد يعيد الحرب الأوكرانية لنقطة الاشتعال
#ارتفاع الضحايا إلى 4 قتلى وعشرات الجرحى في قصف روسي مفاجئ#استهداف مباشر للبِنية المدنية وسط مخاوف من تصعيد أكبر في الأيام المقبلة#فرق الإنقاذ تبحث بين الأنقاض… وأوكرانيا تتهم موسكو بمحاولة “كسر صمود الجبهة الداخلية” ضربت روسيا مدينة دنيبرو الأوكرانية في هجوم وُصف بأنه واحد من أعنف الضربات التي شهدتها المدينة في الأسابيع الأخيرة، ما أسفر عن مقتل أربعة أشخاص وإصابة عشرات المدنيين. وقع القصف في ساعة مبكرة، بينما كان سكان المدينة يحاولون استعادة إيقاع حياتهم اليومية بعد سلسلة هجمات سابقة، إلا أن الصدمة عادت بقسوة أكبر، لتذكّر الجميع بأن الحرب لا تزال بعيدة عن هدنة أو تهدئة فعلية.هجوم مفاجئ يهز المدينة
بحسب السلطات المحلية، استهدفت الصواريخ الروسية مواقع مدنية في قلب دنيبرو، ما أدى إلى تدمير مبانٍ سكنية، وتضرر منشآت خدمية، وانقطاع الكهرباء في أجزاء من المدينة. الانفجارات سُمعت على نطاق واسع، وتسببت في حالة هلع بين السكان الذين اندفعوا إلى الملاجئ.
الهجوم جاء في لحظة حساسة للغاية، إذ تشهد الجبهات الشرقية اشتباكات متصاعدة، فيما تحاول موسكو تعديل ميزان القوة ميدانيًا قبل أية تغييرات سياسية أو تفاوضية محتملة.
ما زاد من تعقيد المشهد هو أن الهجوم لم يحمل مؤشرات على استهداف منشآت عسكرية واضحة، بل كان موجّهًا نحو مناطق مدنية تضم عائلات وأطفالًا.
عمليات إنقاذ معقدة تحت الأنقاضفي أعقاب القصف، تحركت فرق الإطفاء والإنقاذ إلى موقع الهجوم وسط دمار كبير جعل الوصول إلى الضحايا أكثر صعوبة. بعض الأشخاص ما زالوا مفقودين تحت الأنقاض، بينما يعاني الجرحى من إصابات متفاوتة، بينهم حالات خطيرة.
المشاهد على الأرض تُظهر حجم الرعب؛ سيارات محطمة، واجهات مبانٍ منهارة، وألسنة لهب ما زالت تتصاعد من بقايا المنازل. كثير من السكان وقفوا بلا حول ولا قوة أمام بقايا ممتلكاتهم، بينما تحاول فرق الطوارئ السيطرة على النيران وإزالة الركام.
تصعيد روسي أم رسالة سياسية؟الهجوم أعاد طرح السؤال الأهم: هل تتحضر موسكو لمرحلة جديدة من التصعيد؟ مراقبون يرون أن الضربة ليست حادثًا منفردًا، بل تأتي ضمن نمط متكرر يعتمد على الضغط المباشر على المدن الكبرى وخلق حالة إنهاك داخلية للجانب الأوكراني.
في المقابل، أكدت كييف أن الضربة محاولة يائسة لدفع المدنيين نحو الخوف والاستسلام، مشيرة إلى أن روسيا تستغل الفراغ اللحظي في القدرات الدفاعية لبعض المدن، في ظل استمرار الاحتياجات الملحّة للدعم الجوي والدفاعي من الدول الغربية.
دنيبرو… المدينة الصامدة تحت النارلم تكن دنيبرو لأول مرة في مرمى الصواريخ، فهي من المدن التي تحمل عبء الحرب منذ بدايتها، باعتبارها حلقة وصل مهمة بين الشرق والوسط الأوكراني. ومع ذلك، يبدو أن الهجوم الأخير ضرب معنويات السكان بقوة، خصوصًا مع تكرار الضربات العشوائية على المراكز المدنية.
عدد من شهود العيان تحدثوا عن لحظة الانفجار وكيف اهتزت الأرض تحت أقدامهم، وأن موجة الضغط الناتجة عن الصاروخ كانت كافية لتحطيم النوافذ في محيط واسع. البعض وصف المشهد بأنه “أسوأ من أي هجوم سابق”.
ردود فعل دولية مرتقبةمن المتوقع أن تثير الضربة ردود فعل دولية، خصوصًا أن الهجوم يأتي في ظل تحركات دبلوماسية حساسة تتعلق بمستقبل الحرب، ومحاولات غربية لإعادة فتح قنوات اتصال مع موسكو. لكن الهجمات التي تستهدف المدنيين دائمًا ما تعرقل مثل هذه المسارات وتعيد الأجواء إلى التوتر.
الشارع الأوكراني بين الغضب والصلابةرغم فقدان الأرواح وحجم الدمار، برزت مشاهد التضامن بين سكان دنيبرو والعائلات ساعدت بعضها البعض في الخروج من الأبنية المحطمة، وتطوع سكان قريبون لتوفير الغذاء والبطانيات للنازحين مؤقتًا.
لكن الخوف من هجمات جديدة يسيطر على الجميع، خصوصًا بعد تحذيرات السلطات الأوكرانية من أن الأيام المقبلة قد تشهد موجة قصف جديدة مع اشتداد المعارك على الجبهات الشرقية.
الحرب مستمرة… والبوصلة نحو مزيد من التصعيدلا مؤشرات على تهدئة قريبة. الهجوم الأخير قد يكون جزءًا من سلسلة أكبر تستهدف بنيان المدن الأوكرانية من الداخل، وسط تجاذب سياسي وعسكري واستعدادات ميدانية من الطرفين. وبينما تستمر جهود الإنقاذ، يبقى سكان دنيبرو محاصرين بين دمار اليوم وخوف الغد، في حرب لم تتوقف منذ بدايتها عن تغيير شكل كل شيء في حياتهم