أثار توصل مصر إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي بدمج المراجعتين الأولى والثانية لبرنامج الإصلاح الاقتصادي الحكومي، الذي من المتوقع تحديده قبل نهاية 2023، تساؤلات بشأن توقيت التأجيل لما بعد الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها خلال 3 شهور، وما ينطوي عليه من أبعاد وإجراءات اقتصادية قاسية على المصريين.

وأجل صندوق النقد الدولي المراجعة الأولى في آذار/ مارس الماضي عدة مرات؛ بسبب عدم التزام الحكومة المصرية في الوفاء بشروط الصندوق في إطار اتفاق موسع مدته 46 شهرا بقيمة ثلاث مليارات دولار لمصر على أن يخضع البرنامج لمراجعتين سنوياً حتى منتصف أيلول/ سبتمبر 2026، بإجمالي 8 مراجعات.



وقالت وزارة المالية المصرية، في شرح تفصيلي على موقعها الإلكتروني، السبت: "اتفق كل مـن صندوق النقد الدولي والدولة المصرية على دمج المراجعتين الأولى والثانية في توقيت واحد، مضيفة أن المفاوضات مع الصندوق تسير "بشكل مثمر وإيجابي"، وفقا لشروط البرنامج المتفق عليه.



لماذا تأجلت المراجعات
وبحسب خبراء ومحللين اقتصاد، فقد تأجلت المراجعات نظراً لتأخر الحكومة المصرية في تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية "بيع حصص من أصول الدولة"، وعدم اعتماد سعر صرف مرن للجنيه لكن السعر الرسمي ظل دون تغيير منذ آذار/ مارس الماضي عند نحو 30.90 جنيه للدولار، في حين يجري تداول الجنيه عند نحو 40 للدولار في السوق السوداء.

وكانت صحف محلية وأجنبية نقلت من مسؤولين مصريين حكومين أنه من المستبعد أن يقوم صندوق النقد الدولي بمراجعته لبرنامج مصر في أيلول/ سبتمبر الحالي كما كان مقررا سابقا، وعدم تحديد موعدا جديدا للزيارة وسط مؤشرات على احتمال خفض سعر العملة المحلية مجددا.

 وتشتكي مصر من تباطؤ المساعدات والدعم الإقليمي والدولي للاقتصاد المصري المتدهور ما حدا بوزير الخارجية المصري، سامح شكري، للتحذير من زعزعة الاستقرار في المنطقة، إذا لم يواصل الشركاء الدوليون دعم جهود التنمية في مصر، وحل الأزمات الاقتصادية "التي لم تكن الدولة سببا فيها".، على حد زعمه.

وقال شكري في لقاء متلفز بثته قناة "القاهرة نيوز" التابعة للدولة، إن هناك حاجة لتوفير مزيد من الاستثمارات في مصر، بسبب الضغوط التي تولدت ولم نكن سببا فيها، منها أزمة كورونا، وأزمة أوكرانيا التي ضاعفت المشاكل الاقتصادية في مصر.

دلالة تنفيذ توصيات صندوق النقد بعد الانتخابات
وحول وجود رابط مشترك بين موعد تأجيل مراجعات صندوق النقد الدولي بالتزامن مع إجراء انتخابات الرئاسة المصرية، أكد خبير أسواق المال، الدكتور وائل النحاس، أن "مصر دأبت على تأجيل تعهداتها مع صندوق النقد الدولي  إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية؛ مثل تحرير سعر الصرف، ورفع الدعم، وتسريع وتيرة تخارج الدولة من الاقتصاد".

وأضاف في حديث لـ"عربي21": "بالعودة إلى كل إجراءات اقتصادية جديدة كانت تظهر دعوات للخروج ما يستدعي تأهب أمني كبير، وبالتالي فإن ربط الحدثين بتاريخ واحد يجعل الدولة في وضع الاستعداد مع إعلان تلك الإجراءات من ناحية، وتمرير العملية الانتخابية بسلام من ناحية أخرى".

وبشأن تبعات هذه الإجراءات رهن النحاس نجاحها "بقدرة الدولة على فرض رقابة شديدة على الأسواق بعد تحريك سعر الصرف؛ لأن جميع التجار والمستوردين يحسبون سلعهم بأسعار السوق السوداء وأكثر بنحو 10 بالمئة إلى 30بالمئة وبالتالي يجب على الدولة منع أي احتكار أو غلاء وإلا لن سنظل ندور في دائرة مفرغة من هبوط الجنيه وارتفاع الأسعار".

وأشار إلى أن "الدولة سوف تجني ثمار هذه الإجراءات، أولا، توفير سيولة دولارية، ثانيا، وفاء الشركاء الدوليين والمؤسسات بضخ استثمارات في السوق بنحو 14 مليار دولار ، ثالثا، تقييم الأصول بسعر عادل، رابعا، جدولة بعض الديون المستحقة، خامسا، تمديد آجال استحقاق الودائع الخليجية".



ضغوط مالية ضخمة
ونشر موقع مجموعة الأزمات الدولية تقريرا، في حزيران/ يونيو الماضي، قال فيه إن مصر على الميزان، فهي تواجه أزمة اقتصادية، وقد تعرقل سياساتها المحلية والخارجية والاقتصادية، وتعمق خيبة الأمل العام، والتي قد تغذي حالة من عدم الاستقرار.

وبحسب البيانات الرسمية التي ظهرت حول معدلات التضخم في مصر، فإن الاقتصاد المصري هو الأكثر عرضة لخطر أزمة الديون في الشرق الأوسط، مع الأخذ بعين الاعتبار الدين العام، وتكاليف الفائدة، والعائد على السندات الدولارية، وفق موقع "بلومبيرغ".

‌علاقة تأجيل المراجعة بانتخابات الرئاسة
يقول الخبير الاقتصادي، الدكتور أحمد ذكر الله، إن " الأزمة الاقتصادية في مصر أصبحت أزمة مؤثرة في كل الأطراف الفاعلة في المشهد السياسي لا سيما على مستوى مؤسسة الرئاسة وخاصة مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية وبروز أسماء عديدة للترشح للانتخابات بغض النظر عن سيطرة مؤسسات الدولة على العملية الانتخابية".

وأعرب عن اعتقاده في حديثه لـ"عربي21": "لكن تبقى الأزمة الاقتصادية غير المسبوقة في مصر عاملا حاسما في هذه الأوقات لاسيما أنها أخذت أبعادا جديدة ومتطورة تهدد الاستقرار المجتمعي في أكبر بلد عربي وعدم وجود مؤشرات على انتهائها في القريب العاجل بل من المتوقع أن تمتد لسنوات".

وبحسب ذكر الله "فإن قرار دمج المراجعتين يأتي في هذا الإطار، وترى الإدارة المصرية أن تطبيق شروط صندوق النقد الدولي التي تعهدت بتنفيذها للحصول على قروض جديدة أو جدولة ديون قديمة كل هذه الإجراءات ستكون قاسية على الشعب وستؤدي إلى مزيد من الغلاء وارتفاع الأسعار والإفقار وسترفع درجة حرارة الغضب والسخط الشعبيين ضد النظام المصري، وبالتالي فإن ما يدور منذ أشهر هو محاولة تأجيل تعويم الجنيه لما بعد الانتخابات الرئاسية ورفع الدعم وغيرها من الإجراءات".



ديون متضخمة
وتواجه مصر المثقلة بالديون جدول سداد مزدحم حتى نهاية العام الجاري؛ إذ يتعين عليها سداد 55.2 مليار دولار بين ودائع وأقساط ديون، في الفترة من آذار/ مارس 2023 إلى آذار/ مارس 2024، وفقا لبيانات صادرة عن البنك الدولي.

وفي ما يتعلق بالدين الخارجي بالعملة الصعبة، فقد ارتفع إلى 165.361 مليار دولار، بنهاية آذار/ مارس الماضي، مقابل 157.801 مليار دولار بنهاية نفس الشهر من العام الماضي، بزيادة 7.560 مليار دولار، بحسب ما كشفت بيانات حكومية.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي اقتصاد اقتصاد دولي اقتصاد عربي اقتصاد عربي مصر صندوق النقد الاقتصادي الانتخابات الرئاسية الديون التضخم مصر اقتصاد صندوق النقد التضخم ديون اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد اقتصاد اقتصاد تغطيات سياسة اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الانتخابات الرئاسیة صندوق النقد الدولی بعد الانتخابات ملیار دولار فی مصر

إقرأ أيضاً:

إندونيسيا: بنك “بريكس” يحترم السيادة خلافا لصندوق النقد الدولي

الجديد برس| أكد نائب وزير المالية الإندونيسي توماس جيواندونو أن بنك التنمية الجديد الذي أنشأته دول “بريكس” لن يكون أداة للضغط السياسي على الدول، خلافا لصندوق النقد الدولي. وجاء ذلك على هامش اجتماع وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية لدول “بريكس” في البرازيل. ونقلت وكالة الأنباء الإندونيسية “أنتارا” عن المسؤول قوله: “لا أرى أن هيكل بنك التنمية الجديد مشابه لصندوق النقد الدولي، لأن نظام الحوكمة في مجموعة البريكس مختلف. فهو يحترم دائما سيادة كل دولة”. وأضاف المسؤول الإندونيسي أن البنك الجديد يضمن عدم تدخل الدول الأعضاء في شؤون بعضها البعض، مما يجعله نموذجا فريدا للتعاون المالي الدولي القائم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة. وتأسست مجموعة “بريكس” في عام 2006 وتضم روسيا، الصين، الهند، والبرازيل، وانضمت إليها جنوب إفريقيا في 2011. ومع بداية عام 2024 انضمت كل من مصر، الإمارات، إثيوبيا، وإيران، وفي يناير 2025 انضمت إندونيسيا رسميا. وتتعاون دول مثل بيلاروس، بوليفيا، كوبا، كازاخستان، ماليزيا، نيجيريا، تايلاند، أوغندا، أوزبكستان، وفيتنام مع المجموعة بصفة “شركاء”. وتولت البرازيل رئاسة المجموعة هذا العام، بعد الرئاسة الروسية العام الماضي، وستتولاها الهند العام القادم. يذكر أن بنك التنمية الجديد تأسس من قبل دول مجموعة “بريكس” بناء على اتفاقية حكومية دولية وقعت خلال القمة السادسة للمجموعة في فورتاليزا في يوليو 2014. ويهدف البنك إلى تمويل مشاريع البنية التحتية والتنمية المستدامة في دول “بريكس” والدول النامية.

مقالات مشابهة

  • البنك الدولي يتوقع نمو اقتصاد سوريا 1% وسط أزمة سيولة حادة
  • إندونيسيا: بنك “بريكس” يحترم السيادة خلافا لصندوق النقد الدولي
  • وزير الري: حماية الشواطئ أولوية لمصر.. ومشروعاتنا تستخدم حلولًا طبيعية منخفضة التكلفة
  • خبير اقتصادي يكشف أسباب تأخير شريحتي صندوق النقد وتداعياته على الاقتصاد المصري
  • البنك المركزي يجتمع وسط ارتفاع التضخم وتأخير مراجعة صندوق النقد
  • بريكس تقترح إصلاح صندوق النقد وإنهاء الهيمنة الأوروبية
  • وزراء مالية “بريكس” تسعى لنظام مالي عالمي أكثر عدالة وتمثيلاً للجنوب
  • عربية النواب: رئاسة الفاو نجاح كبير للدبلوماسية المصرية إقليمياً ودولياً
  • صندوق النقد الدولي يفاجئ مصر بقرار جديد ويؤجل صرف دفعة مالية
  • الفيومي: ثقة المستثمرين الأجانب في الاقتصاد المصري تستمد من الإصلاحات الشاملة